هدم الأنفاق يشل عمل المؤسسات الخيرية بغزة

أثر هدم الأنفاق الحدودية بين مدينة رفح الفلسطينية ومصر على معظم مناحي الحياة وقطاعات العمل في محافظات قطاع غزة، منها الجمعيات الخيرية التي تتبنى عشرات المشاريع الدورية والموسمية.
وتحذر الجمعيات الخيرية من استمرار الحصار في ظل هدم الأنفاق وإغلاق المعابر وعدم وجود بديل ثابت ومستمر لنقل السلع الإغاثية لغزة، وتوقف حركة التضامن الواردة من خارجها.
وتشن السلطات المصرية منذ عدة أسابيع حملة على شمال سيناء بدعوى ملاحقة مسلحين مناوئين لها، ومن أبرز أشكال هذه العملية العسكرية بالنسبة لغزة هو هدم الأنفاق مع القطاع.
توقف مشاريع الترميم
أرخى إغلاق المعابر والأنفاق أثراً على كافة مستويات العمل في المؤسسات الخيرية وخاصة قسم المشاريع الذي توقفت معظمها بسبب عودة الحصار الشديد.
وذكر أحمد الكرد -مسئول ملف المؤسسات الخيرية في قطاع غزة- نماذجَ من المشاريع المعطّلة على رأسها مشاريع إعادة ترميم المنازل الفقيرة؛ حيث حال انقطاع وصول مواد البناء ومستلزمات الإنشاءات دون استكمالها.
وأوضح أن المؤسسات الخيرية تقدم الدعم والخدمة “التعليمية والصحية والإغاثية والاجتماعية” لقرابة مائة ألف مستفيد ما يعادل قرابة ثلث أسر سكان قطاع غزة، وهذا الثلث الأشد فقراً.
وأضاف: “عدم دخول الوقود أدى لتوقف المولدات الكهربية في معظم المؤسسات الخيرية والمراكز، ما أدى لانخفاض ساعات الدوام في تلك المؤسسات وانخفاض مستوى الخدمة والإعانة المقدمة خاصة في المراكز الصحية والتعليمية”.
واعتبر الكرد إغلاق الأنفاق عملاً لا إنسانياً، مشيراً إلى أن تدمير الأنفاق لابد أن يتلوه توفير بديل كافٍ لضمان سير العمل الخيري ووصول المواد اللازمة للعمل الخيري من فوق الأرض بدل وصولها من تحت الأرض من جهة الحدود المصرية.
وتابع: “كانت أجواء حصار سنة 2007 سبباً لظهور الأنفاق وتوفير المواد الأساسية للحياة في غزة، واليوم إذا استمر إغلاقها وتشديد الحصار ستعجز المؤسسات الخيرية عن الخدمة ولعل خدمة المواصلات في نقل الأطفال والموظفين في المؤسسات الخيرية أبرز معالمها الحالية”.
الجمعيات الخيرية
في المقر الرئيس لجمعية الصلاح الإسلامية بدير البلح يجدون صعوبة في تسيير العمل؛ فهم يكفلون خمسة وعشرين ألف يتيم و3500 أسرة فقيرة ويدرس في مدارسها الخيرية ألف طالب ولها مستشفى وثلاث محطات تحلية وأربعة مراكز صحية.
وأكد أحمد الواوي أمين سرّ جمعية الصلاح الإسلامية أن هدم الأنفاق أثر بالسلب على سير العمل في جمعيته وأوقف العمل في المشاريع الخيرية في كافة الفروع ما طال كافة الشرائح الفقيرة.
وأضاف: “أكثر ما أثر علينا هو نقص الوقود؛ فمثلاً تقلّص العمل في مخبز الجمعية الذي يوزع الرغيف الخيري على الأسر الفقيرة، وكذلك نعاني مشكلة في نقل طلاب مدارس الصلاح الخيرية وباصات رياض الأطفال وتوريد المواد الإغاثية عبر الموردين”.
وفي صورة جلية ومعاصرة لتضرر المشاريع الخيرية؛ قال الواوي إن مشروع الحقيبة المدرسية الذي نفذ قبل أسبوعين مع انطلاق الدراسة تضرر بشكل كبير لأن كثيرًا من المتبرعين تصل الجمعية تبرعاتهم العينية عبر الأنفاق بينما يتوقعون موسم أضاحٍ سيئًا قريباً.
وتابع: “نستورد المواشي عبر الأنفاق من مصر من خلال التنسيق مع الجهات المتبرعة والإغلاق الحالي سيرفع أسعار الأضاحي، كما أثر الإغلاق وعبر عدم وصول الوقود المصري الأقل سعراً على مراكزنا الصحية فلم نعد نقدر على تشغيل كثير من الأجهزة الطبية في العيادات”.
متضامنون ومساعدات
أما جمعية الوئام الخيرية شمال قطاع غزة فتكفل ألفي يتيم ومائة أسرة فقيرة وتقدم مساعدات دورية لقرابة خمسة آلاف أسرة علاوة على مشاريع المواسم الخيرية والسنوية التي تغطي عددًا بعشرات الآلاف من المستفيدين والمحتاجين في شمال قطاع غزة.
وأكد محمد أبو مرعي رئيس جمعية الوئام الخيرية أن الشلل أصاب العمل في جمعيته لأن السلطات المصرية أغلقت المعبر الوحيد والأنفاق وهي المنافذ الرئيسة التي كانت جمعيته تتلقى المساعدات ومواد المشاريع عبرها.
وأضاف: “لسنوات شكلت الأنفاق بديلاً عن المعابر؛ فعن طريقها استقبلنا مواد عينية وإغاثية، أما الآن فقد انقطع وصولها وبتنا نعيش في مرحلة خطر تهدد العمل الخيري وضياع مستقبل المحتاجين”.
وأوضح أن جمعيته كانت في الأيام القليلة الماضية بصدد استقبال قافلة خيرية محملة بالأدوية والمعدات الطبية من الجزائر وهي جاهزة تنتظر فتح المعابر وعودة التنسيق مع الجانب المصري، منوّهاً لخطورة بقائها محجوزة لأن قيمتها خمسة ملايين دولار ولها صلاحية محددة.
أسوأ سنوات الحصار
وتعاني الجمعيات الخيرية في قطاع غزة من مشكلة بدأت قبل سنوات وهي مشكلة الحوالات المالية؛ حيث ترفض معظم البنوك نقل حوالات المشاريع الخيرية والتعامل معها ما حال دون وصول كثير من الدعم المالي.
كما تعطلت أيضاً زيارات كانت معدة مسبقاً بين جمعية الوئام الخيرية ووفود من المتضامنين مع غزة المحاصرة والشعب الفلسطيني من جنسيات شتى يحملون في جعبتهم مساعدات إغاثية.
واعتبر أبو مرعي ظروف العمل الخيري الحالية بأنها الأسوأ على الإطلاق منذ دخل هذا المجال والأسوأ من سنة 2006 التي كان يعتقد أنها الأصعب حتى جاء هدم الأنفاق فتفوق عليها صعوبةً.
وأضاف: “هذا الحصار الآن أشد ضراوة؛ فعدم دخول الأسمنت ومواد البناء أوقف عملنا في مشاريعنا، حتى مشاريعنا التي افتتحناها لم نتمكن من استكمال العمل فيها بسبب هدم الأنفاق”.
بديل اقتصادي
واعتبر الدكتور محمد مقداد الخبير الاقتصادي بغزة أن الأنفاق شكلت منفذا اقتصاديا وشريانا ساهم في إدخال السلع لغزة التي لا يمكن إدخالها في ظل إغلاق المعابر الرسمية، وفي الوقت ذاته أدى إدخال السلع عبر الأنفاق لارتفاع تكاليف السلع واستنزاف الاقتصاد الفلسطيني.
وأشار إلى أن تجارة الأنفاق بشكلها السابق غير مجدية وأن المجدي هو التجارة الرسمية عبر المعابر بشكل حر بين مناطق متجاورة مثل مصر وغزة بعيداً عن سلطة الاحتلال الصهيوني، لكن الأنفاق شكلت بديلا رغم سلبياتها.
وأضاف: “الإغلاق الأخير زاد من البطالة وحجز وصول المواد الخام عن قطاع الإنشاءات والصناعة، وكذلك تضرر قطاع النقل والمواصلات وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية ما يعزز الفقر ويخل بميزان الأمن الغذائي، لذا على الحكومة حل المشكلة مع المعنيين مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وإلا ستقع كارثة”.
وحال استمر إغلاق الأنفاق؛ يتوقع الخبير مقداد تفاقم معاناة المواطن دون أن يجوع أو يموت من تشديد الحصار، مبيّناً أن الإنسان الفلسطيني الذي عاش الحصار أبدع وابتكر بديلاً لضمان استمرار الحياة فاستخدم الأنفاق رغم ارتفاع كلفتها المالية بإمكانه ابتكار وسيلة جديدة مستقبلاً.
ويرى مقداد أن الحل يكمن في أمرين؛ إما نجاح الحكومة في التواصل مع المؤسسات المهمة والمعنية على المستوى العربي والدولي، أو ابتكار طريقة جديدة لاختراق الحصار، لكن الوصول لإجابة محددة حول مستقبل غزة أمر ليس سهلا لا يمكن لأي خبير اقتصادي أن يرسم ملامحه، كما قال.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....