أوسلو … مأسسة الفساد في فلسطين

مع حلول الذكرى العشرين لاتفاقية أوسلو يستذكر المواطنون أوجها كثيرة لمعاناتهم جراء اتفاقية أوسلو المذلة؛ ففي الوقت الذي يتحدث فيه كثيرون عن تفاقم الاستيطان ومصادرة الأراضي والتهجير والقتل والحصار والتهويد، لا يغفل المواطنون الآثار الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لاتفاق أوسلو.

ويقول الباحث صلاح عيسى إن اتفاقية أوسلو أنتجت منظومة متكاملة من الفساد في فلسطين، تمثلت في الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي، حيث لم يعرف الشعب الفلسطيني هذه الأشكال من الفساد قبل أوسلو.

وأضاف في حديث لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” يركز كثيرون على الجوانب السياسية ولكن ما يغفله كثيرون عند الحديث عن آثار أوسلو هو أن الفساد في فلسطين كان أحد أهم إفرازات هذا الاتفاق؛ حيث إن مظاهر الرشوة وشراء الذمم والاختلاسات المالية وغيرها من أشكال الفساد هي مظاهر ارتبطت بمؤسسات أوسلو.

أوسلو: منظومة فساد متكاملة

وأشار إلى أن أوسلو خلق ما يمكن تسميه بـ”مأسسة الفساد” في فلسطين؛ حيث أصبح له منظومة متكاملة تحميه وتدافع عنه، ما أوجد مظاهر اجتماعية لم نكن نعرفها قبل أوسلو.

بدوره يشير الاختصاصي الاجتماعي باسل نوار إلى أن مظاهر الفساد والانحلال الخلقي مرتبطة بذهن المواطن بأوسلو؛ حيث إنها أحد إفرازاته التي لا يستطيع أن ينكرها أحد.

وأضاف في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” كثير من العائدين من قيادات السلطة بعد اتفاق أوسلو جلبوا معهم عادات وممارسات اجتماعية غريبة عن مجتمعنا، ومتناقضة مع منظومة العادات في الضفة والقطاع مما أسهم في إفساد الحياة العامة بشكل كبير.

وتابع “كازينو أريحا والذي شكل صدمة قيمية وأخلاقية في المجتمع الفلسطيني، كان إفرازا هاما لأوسلو ودليلا على أن أوسلو لم يكن مجرد اتفاق سياسي بل كان مشروعا لصهر الوعي الفلسطيني”.

أوسلو أفرز طبقات اجتماعية انتهازية

واستعرض ظاهرة نشوء طبقات في فلسطين نمت وترعرعت عقب اتفاق أوسلو وتم صهر من كانوا يسمون قيادات للعمل الوطني في الانتفاضة الأولى فيها، حيث ضمت شريحة واسعة من النخب تحولت إلى نخب انتهازية بفعل المال السياسي وأصبحت تعيش في رفاهية وامتيازات منعزلة عن باقي قطاعات المجتمع، ما أوجد شروخا مجتمعية وفوارق ثقافية سلبية وصبغ الحياة بالصبغة المادية وقضى على ثقافة العمل التطوعي.

ونوه إلى أن فلسطين في عام 2012 حصلت على درجة 3.3 في العشرة على مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد وهي درجة متدنية تشير إلى حجم المعضلة.

وأكدت الطالبة الجامعية رنا البرغوثي أن اتفاق أوسلو أوجد الانقسام الثقافي والأخلاقي والاقتصادي والمجتمعي قبل أن ينفجر على شكل الانقسام السياسي عام 2007 .

وأشارت إلى أن القضاء على أوسلو يتمثل في القضاء على جماعات المصالح، التي أوجدها اتفاق أوسلو وهو ما يمكن أن يصنعه الجيل الجديد من الشباب الذي أغلق أوسلو بوجهه كل الأبواب.