عاجل

السبت 01/يونيو/2024

الأسيرة هبة بدير.. في انتظار لحظة عناق طفلتيها (تقرير)

الأسيرة هبة بدير.. في انتظار لحظة عناق طفلتيها (تقرير)

كانت عقارب الساعة تشير للثانية بعد منتصف الليل، أصوات الطرق على باب المنزل كانت تثير القلق.. فتح الزوج خالد الباب، وإذا بقوة صهيونية تنتشر حول البيت، جنود ومجندات وسيارات عسكرية تحيط المكان.

طلب الضابط الصهيوني هويات أهل البيت جميعهم، للوهلة الأولى ظنّ خالد أنه المستهدف بالاعتقال، وقال للضابط سأذهب لأرتدي ملابسي، لكن الضابط أجابه: “لا أريدك أنت، نحن نريد زوجتك هبه ..!”.

في تلك اللحظة لم يتمالك خالد نفسه، بدأ بالصراخ على الضابط، وحدثت بينهم مشادة كلامية حادة استمرت لنصف ساعة، حاول خلالها بأن يبعد زوجته عن دائرة الاستهداف، قال لهم هي أم لطفلتين، ومريضة وحاليا يتم متابعتها وتقديم العلاج لها، لماذا تريدوها هي لم تفعل شيئا؟!، لكن كلماته لم تجد نفعا، ولم تنجح محاولاته المستميتة لإبقاء زوجته داخل عشهما الزوجي.. واختطفت هبه بلمح البصر أمام ناظريه.

كان ذلك مطلع نيسان الماضي، وبعد جولات التحقيق وجلسات المحكمة، تم إصدار الحكم على هبه بالسجن أربعة شهور ودفع غرامة مالية بمقدار (2000) شيكل، حيث جاء اعتقالها بعد عودتها من زيارة أهلها في قطاع غزة بأربعة شهور، ووجهت لها تهمة التواصل مع جهات معادية.

الزوج خالد الذي لم يكن يتخيل أن شريكة حياته ونصفه الآخر ستتعرض للاعتقال في يوم من الأيام، ولم يتصور أنه سيفقدها في ليلة مظلمة وتختطف أمامه مقيدة لداخل جيب عسكري مخيف، يقول: “لحظة اعتقال هبه هي أقسى اللحظات التي مرت في حياتي، لقد كان الجنود يحيطون بها ويقودوها للجيب، بينما التفتت للخلف ونظرت لي وقالت: “تنساش البنات يا خالد”، فعلى الرغم من كل ما يحيطها لم يكن بتفكيرها سوى طفلتيها يارا وملاك”.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “لحظة اعتقالها كانت يارا وملاك تغطان في نوم عميق، وقد طلبت من الضابط بألا يقوموا بأي نوع من الضجيج حتى لا تستيقظان على هذا المشهد المرعب، وحتى لا تريان أمهما لحظة اعتقالها، وهما حتى الآن لا يعلمان أن أمهما بالسجن، بل تظنان أنها سافرت للأردن وتأخرت على الجسر، فهما كانتا قد سافرتا مع أمهما سابقا وتأخروا على الجسر حينها، كما أن أمهما كانت قبل اعتقالها تقول لهما أنها ستسافر للأردن وأنهما ستبقيان عندي حتى تعود، لذلك كان وقع غيابها عنهما مخففا نوعا ما”.

إلاّ أن ملاك ويارا تفتقدان أمهما التي يتعلقان بها كثيرا، خاصة في شهر رمضان والتحضير للعيد، حتى أنهما رفضتا الذهاب مع جدتهما لشراء ملابس العيد، وقالتا لوالدهما: “نريد أن ننتظر ماما حتى تعود من السفر لتشتري لنا ملابس العيد كما في كل عام”.

افتقاد الأم

أما وقت الإفطار في رمضان له معاناته الخاصة، حيث أشار خالد إلى أنه اعتاد هو وهبه وطفلتيهما تناول وجبة الإفطار سويا على شرفة المنزل، وعندما أرادوا تناول الإفطار هذه المرة داخل البيت رفضت الطفلتان معبرتان عن رغبتهما بتناوله على الشرفة كما كان الحال أثناء وجود أمهما، حيث قالت ملاك لوالدها حينها: “ألا يكفي أن أمي ليست هنا..!”.

كلمات الطفلتين وسؤالهما الدائم عن أمهما لم يكن بالأمر السهل على الوالد، الذي وجد نفسه المسئول المباشر عنهما بعد اعتقال هبه، ويعبر خالد عن ذلك قائلا: “في غياب هبه صرت أشعر بحجم المسئولية التي كانت على كاهل هبه بالعناية بملاك ويارا، أحسست بمسئولية كبيرة جدا تجاه تربيتهما والاعتناء بهما”.

لم تقف فصول المعاناة بقصة هبه لهذا الحد، ففي شقها الآخر أصيبت عائلتها في قطاع غزة بصدمة كبيرة لحظة معرفتهم باعتقال ابنتهم، وكانت الطريقة التي وصل بها الخبر للعائلة أشد إيلاما.

ففي لحظة اعتقال هبه، طلب الضابط الصهيوني الهاتف النقال الخاص بهبه، واتصل منه على والدها في قطاع غزة، وكانت الساعة حينها الثانية ليلا، فرد الوالد حينها: “نعم يا بابا” .. لكن الصوت الذي رد عليه لم يكن صوت هبه، بل صوت الضابط الذي قال له “ابنتك هبه معي الآن” وأقفل الخط وأغلق الهاتف كليا”.

ويصف خالد ذلك السلوك من الضابط بالقاسي وغير الإنساني، حيث أصيبت عائلتها بصدمة كبيرة كما أصيبت والدتها بانهيار عصبي.

أما عن الوضع النفسي والصحي لهبه داخل الأسر فيقول: “الزيارة الأولى للمحامية كانت بعد ثمانية أيام من اعتقال هبه، حيث كانت في زنازين عسقلان، وقد وصفت المحامية أحلام حماد معنويات هبه بالعالية جدا على الرغم من أنها الأسيرة الوحيدة في الزنازين حينها، وكانت تقول للمحامية “أشعر أن الله معي في كل لحظة” وطبعا كانت تكرر كلمة “البنات” كثيرا في زيارة المحامية، وتوصيني برسائلها التي تصلنا بيارا وملاك”.

وخلال فترة اعتقال هبه لم يقدم لها العلاج المناسب لوضعها، حيث تعاني من آلام حادة بالبطن، على الرغم من أن القوة التي اعتقلتها أخذت أدويتها وكل الفحوصات وصور الأشعة الخاصة بحالتها، لكن لم يقدم لها شيئا، مما ضاعف من آلامها وسوء وضعها الصحي.

منع من الزيارة

ولم يتمكن أحد من عائلة هبه من زيارتها منذ لحظة اعتقالها، حيث إن زوجها مرفوض أمنيا من قبل الاحتلال، كما أن عائلتها بغزة ممنوعون من الزيارة أيضا، مما جعل الراديو، هو الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها خالد ليسمع هبه صوت يارا وملاك، ويطمئنها على فراشتيها الصغيرتين.

ويشير خالد إلى أن ما يمده هو وزوجته بالعزيمة والصبر هي تجارب الأسيرات داخل سجون الاحتلال، معبرا عن فخره بهن وبدورهن في دعم هبه نفسيا، لافتا إلى أن تجربة اعتقال هبه ومعاناتها لا تقارن بمعاناة الأسيرة لينا الجربوني ومنى قعدان ونوال وغيرهن من الأسيرات اللواتي يقضين منذ سنوات طويلة ويقيضن أحكاما مؤبدة.

ومع اقتراب موعد الإفراج عن هبه والمقرر في الثامن من الشهر المقبل، يعد خالد الساعات، ويخطط لتفاصيل لحظة اللقاء التي ستكون على حاجز جبارة قرب الخليل، ويقول: “سأصطحب يارا وملاك معي لاستقبال أمهما، فقد طلبت مني ذلك، فشوقها لهما لا حدود له، وهي الآن كما أخبرتنا أسيرة محررة قبل فترة أنها تجهز الهدايا لهما في انتظار لحظة الفرج والفرح والعناق”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيد جديد بسبب المجاعة في غزة

شهيد جديد بسبب المجاعة في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الطفل عبد القادر السرحي (13 عاما) في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة، السبت؛ نتيجة سوء التغذية...