الإثنين 12/مايو/2025

اللاجئون في غزة.. حكايات الوطن وحنين العودة

اللاجئون في غزة.. حكايات الوطن وحنين العودة

لا عودة إلا بالعودة.. شعارٌ رفعه أهالي غزة على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم السياسية للتعبير عن مشاعرهم تجاه وطن لم يره أغلبهم ممن ولدوا في مخيمات اللجوء، وسمعوا عنه من أجدادهم وأقاربهم.. تجذر حب الوطن في نفوسهم مذ كانوا أطفالاً، وزاد هذا الشوق والحنين لأرضٍ رأوها بعيون آبائهم وحكايات الجدات.

البيدر والحقل وأيام الحصاد، وسنابل لم يحصدوها، وعجنة خبز لم يخبزوها بعد.. رائحة البرتقال في يافا، وعبق الأرض في مواسم الزيتون والزعتر.. كوفية وثوب مطرز.. بقايا تراث قديم.. هو ما تبقى لديهم من ملامح عن أرض سليبة تقع على مرمى النظر حين يتوجه الغزي شمالاً ليصل إلى معبر بيت حانون أو ما يطلقون عليه معبر “إيريز”، فيرى على امتداد البصر مدينة المجدل وأسدود وغيرهما من المدن الساحلية المغتصبة.

“تاريخ عريق تحمله هذه الأرض، وعناوين مواقع لا يزال التاريخ يشهد على ضراوتها دارت بين الغزاة وأصحاب الأرض، فاندحر الغزاة وبقيت فلسطين حرة أبية”.. بهذه الكلمات حدثنا الشاب المعتصم منصور (22 عامًا)، وهو يعمل منسق مشاريع بمؤسسة غزية، فيقول: “وُلدت خارج فلسطين في المملكة السعودية؛ حيث اضطر أبي وأمي إلى البحث عن مصدر رزق لعائلتهم الصغيرة كأي غزي في ثمانينيات القرن الماضي، كانت تربطني بالوطن وشائج حنين لا تنتهي؛ حيث كان أبي يحدثنا كثيرًا عن قريتنا (البطانة الشرقي)، عن عادات أهلها في الفرح والمأتم ومواسم الحصاد، كان قد سمع ذلك من أبيه وأمه؛ حيث وُلدا في القرية وهاجرا منها، ولا يزال حلم العودة إليها يراودهما دائمًا”.

ويتابع منصور: “تشربت حب هذه الأرض من أبي الذي كان يقرأ علينا دائمًا ما يكتبه من أشعار تتغنى بفلسطين الحبيبة، ووعد العودة الذي كان يقطعه على نفسه في نهاية كل قصيدة له، إلى أن اتخذ قراره يومًا بالعودة إلى أرض الوطن، فحضن الوطن أدفأ كثيرًا من نيران الغربة كما كان يقول”.

ويضيف المعتصم: “كانت لحظة عودتنا إلى غزة من أروع اللحظات؛ حيث اعتبرت أن هذه العودة المصغرة بداية لعودة حقيقية إلى الأرض السليبة التي لا يزال أبي يحدثنا عنها، ولا يزال حتى اليوم يكتب لها أشعاره”.

على أمل الرجوع

دعاء بدر (20 عامًا) طالبة رياضيات في جامعة الأقصى، تتحدث بحماس عن المدينة التي ينتمي إليها جدَّاها؛ مدينة اللد التي تقع وسط فلسطين وشهدت الكثير من البطولات على أرضها؛ حيث روت حاميتها الأرض بدمائها، ودخلها اليهود بعد مجزرة مروعة في مسجدها الكبير، فتقول دعاء: “رغم كل ما يحدث من مفاوضات وتنازلات عن القدس وحق العودة، وما نسمعه في وسائل الإعلام من تصريحات في الكنيست الصهيوني عن إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإننا متمسكون بهذا الحق حتى لو سقط كل أبنائنا.. يقيننا أننا سنعود يومًا هناك، وسيعود أبناؤنا إلى الأرض يزرعونها من جديد.. صحيح أنني ولدت في مخيم في قطاع غزة، إلا أنني أعلم أن لي بيتًا هناك ينتظرني”.

حلم العودة.. حلم مشروع

“منذ كنت صغيرة كان جدي يخبرنا عن رغبته في العودة إلى غزة؛ حيث إنه جهز حقيبته للسفر على أمل أن يعود في يوم من الأيام”.. هكذا استعادت الإعلامية ديما ماجد (23 عامًا) من مدينة غزة ذكرياتها مع جدها أديب الذي شربها حب الوطن فصمَّمت على العودة إلى غزة.

وتضيف ديما: “كان جدي يفتح الحقيبة كل مرة ليرينا ما فيها ثم يغلقها، ويضعها عند باب غرفته وكأنه سيسافر غدًا.. مرت الأيام وعدت إليها فكنت الحفيدة الوحيدة التي عادت إلى ديارها من العائلة، وكل مرة عندما أهاتف جدي وأكلمه عن غزة يقول لي: لقد جهزت حقيبتي للسفر، وأنتظر أن أعود.. لا يزال لديه أمل كبير في أنه سيرجع إلى أرضه”.

وتستطرد في الذكريات: “كثيرًا ما كان يحدثنا عن غزة وعن طفولته فيها، ويصف لي شوارعها وأزقتها، حتى عدت إليها ورأيت وصفه بعيني، وأتمنى أن يعود هو أيضًا ليراها ويرى منزل والده”.

أما الطفلة راما وليد شمعة (6 سنوات) من مدرسة دار الأرقم النموذجية، فقد قالت لمفوض الأمم المتحدة في مسيرة أجيال العودة التي نظمت اليوم الخميس في غزة؛ حيث سلموه رسالة الشعب الفلسطيني: “جدي حكا لي إنه إلنا بيت في المجدل ولازم نرجع عليه”!!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات