مدن وقرى هُجِّرَ أهلها.. حق العودة إليها راسخ

صحيحٌ أنهم استخدموا أسلوب التهجير القسري الذي هو وسام عار على جبينهم وجبين من وقف معهم وساندهم، ولكن كلما مضت هذه السنون، فإن الذاكرة تزداد رسوخًا بأحقية العودة للاجئين المقهورين، ومن خلال هذا التقرير نستعرض مدن فلسطينية تم تهجير أهلها قسرًا وتحت تهديد السلاح، ولكن أحلام العودة لازالت راسخة تراودهم كلما تنفسوا.
مدينة القدس المحتلة
تعد مدينة القدس من أقدم مدن الأرض في العصر التاريخي فقد هدمت وأعيد بناؤها أكثر من 18 مرة في التاريخ، وترجع نشأتها إلى 5000 سنة ق.م، حيث عمرها الكنعانيون، وأعطوها اسمها، وفي 3000 ق. م. سكنها العرب اليبوسيون، وبنوا المدينة وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام، نسبة إلى سالم أو شالم “إله السلام” عندهم، وقد ظهرت في هذه المدينة أو جماعة آمنت بالتوحيد برعاية ملكها “ملكي صادق”، وقد وسع ملكي صادق المدينة وأطلق عليها اسم “أورسالم” أي مدينة السلام.
وحملت القدس العديد من الأسماء عبر فترات التاريخ، ورغم هذا التعدد إلا أنها حافظت على اسمها الكنعاني العربي.
وتعتبر القدس ظاهرة حضارية فذة تنفرد فيها دون سواها من مدن العالم، فهي مدينة مقدسة يقدسها المسلمون فهي مصدر روحي لهم ورمزاً لطموحاتهم.
وقد شيدت النواة الأولى للقدس على تلال الظهور (الطور أو تل أوفل)، المطلة على بلدة سلوان، إلى الجنوب الشرقي من المسجد الأقصى، لكن هذه النواة تغيرت مع الزمن وحلت محلها نواة رئيسية تقوم على تلال أخرى مثل مرتفع بيت الزيتون (بزيتا) في الشمال الشرقي للمدينة بين باب الساهرة وباب حطة، ومرتفع ساحة الحرم (مدربا) في الشرق، ومرتفع صهيون في الجنوب الغربي، وهي المرتفعات التي تقع داخل السور فيما يعرف اليوم بالقدس القديمة.
وتمتد القدس الآن بين كتلتي جبال نابلس في الشمال، وجبال الخليل في الجنوب، وتقع إلى الشرق من البحر المتوسط، وتبعد عنها 52 كم، وتبعد عن البحر الميت 22كم، وترتفع عن سطح البحر حوالي 775م، عن سطح البحر الميت، وهذا الموقع الجغرافي والموضع المقدس للمدينة ساهما في جعل القدس المدينة المركزية في فلسطين.
وكانت القدس لمكانتها موضع أطماع الغزاة، فقد تناوب على غزوها وحكمها في العهد القديم: العبرانيون، الفارسيون، السلقيون، الرومانيون، والصليبيون، أما في العهد الحديث فكان العثمانيون، القدس مشرقة بوجهها العربي. بلغت مساحة أراضيها حوالي 20790 دونما، وقدر عدد سكانها في عام 1922 حوالي(28607) نسمة، وفي عام 1945 حوالي (60080) نسمة، وفي عام 1948 حوالي (69693) نسمة، وفي عام 1967 حوالي (65000) نسمة، وفي عام 1987 حوالي (130600) نسمة، وفي عام 1996 أصبح العدد حوالي (254387) نسمة.
قامت المنظمات الصهيونية المسلحة في 28/4/1948 باحتلال الجزء الغربي من القدس، وفي عام 1967 تم احتلال الجزء الشرقي منها، وفي عام 27/6/1967 أقر الكنيست الصهيوني ضم شطري القدس، وفي 30/7/1980 أصدر الكنيست قراراً يعتبر القدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني.
وقد تعرضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية تراوحت بين هدم أحياء بكاملها مثل حي المغاربة، ومصادرة الأراضي لإقامة المستعمرات، وهدم المنازل العربية أو الاستيلاء عليها، والضغط على السكان العرب من أجل ترحليهم.
وكانت أكثر الأشكال العنصرية بروزاً هي مصادرة الأراضي، فقد صادر الكيان الصهيوني ما يزيد على 23 ألف دونما، من مجموع مساحة القدس الشرقية البالغة 70 ألف دونما، منذ عام 1967، وأقيم عليها حوالي 35 ألف وحدة سكنية لليهود، ولم يتم إقامة أي وحدة سكنية للعرب. ومازال الكيان الصهيوني مستمر في مصادرة الأراضي من القدس. وتحيط بالقدس حوالي عشرة أحياء سكنية، وأكثر من 41 مستعمرة، تشكل خمس كتل استعمارية، وتعتبر القدس من أشهر المدن السياحية، وهي محط أنظار سكان العالم أجمع، يؤمها السياح لزيارة الأماكن المقدسة، والأماكن التاريخية الهامة، فهي تضم العديد من المواقع الأثرية الدينية، ففيها: الحرم الشريف، مسجد الصخرة، المسجد الأقصى، حائط البراق، الجامع العمري، كنيسة القيامة، كما تقع إلى شرقها جبل الزيتون، الذي يعود تاريخه إلى تاريخ القدس، فيضم مدافن ومقامات شهداء المسمين، وتوجد على سفحه بعض الكنائس والأديرة مثل الكنيسة الجثمانية التي قضى فيها المسيح أيامه الأخيرة، والقدس حافلة بالمباني الأثرية الإسلامية النفيسة، ففيها أكثر من مائة بناء أثري إسلامي، وتعتبر قبة الصخرة هي أقدم هذه المباني، وكذلك المسجد الأقصى، وفي عام 1542م شيد السلطان العثماني سليمان القانوني سوراً عظيماً يحيط بالقدس، يبلغ محيطه أربع كيلومترات، وله سبعة أبواب هي: العمود، الساهرة، الأسباط، المغاربة، النبي داود، الخليل، الحديد. وقد تعرض المسجد الأقصى منذ عام 1967 إلى أكثر من عشرين اعتداء تراوحت بين التدمير والهدم، والإحراق، وإطلاق الرصاص، واستفزازات الصلاة، وشهدت القدس عدة مذابح ضد الفلسطينيين ومازال الفلسطينيون وسكان القدس يتعرضوا إلى الاستفزازات والإجراءات العنصرية الصهيونية.
مدينة المجدل المحتلة
المجدل كلمة آرامية بمعنى البرج والقلعة والمكان العالي المشرف، وهي بلدة كنعانية قديمة كانت تسمى(مجدل جاد) و(جاد) اله الحظ عند الكنعانيين، تقع إلى الشمال الشرقي من غزة، وتبعد عنها 25كم قريبة من الشاطئ على الطريق بين غزة ويافا. تبلغ مساحة أراضيها 42334 دونما بما فيها مساحة المدينة 1346دونما. ويحيط بأراضيها أراضي قرى حمامة وبيت دراس والجورة ونعليا وجولس وبيت طميا وكوكبا والسوافير. قدر عدد سكانها عام 1922(5097)نسمة، وفي عام 1946(10900)نسمة.
واشتهرت المجدل بصناعة الأقمشة وكان فيها نحو 800نول لحياكة الأقمشة القطنية والحريرية التي كانت تباع في أسواق فلسطين. ويعتبر الجامع الكبير من أبرز آثار المجدل بناه “سيف الدين سلار” من أمراء المماليك عام 19300م.
وكان في المجدل مدارس للبنين وللبنات منذ بداية الاحتلال البريطاني وكان لها مجلس بلدي ابتداء من 1920. قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم (11496) نسمة، وكان ذلك في 4/ 11/ 1948 ويبلغ مجموع اللاجئين من هذه القرية في عام 1996 حوالي ( 70595)، وأقام الصهاينة على أراضيها مدينة (اشكلون).
مدينة بئر السبع المحتلة
وهي مدينة قديمة، سكنتها القبائل الكنعانية، دعيت بئر السبع على الأرجح نسبة إلى آبار سبعة قديمة بها، وقيل أنها دعيت بذلك نسبة إلى البئر التي حفرها سيدنا إبراهيم والنعاج السبعة التي قدمها لزعيم المنطقة (إبيمالك) لخلاف وقع بين رعاتها.
وازدهرت وعمرت في عهد الأنباط والرومان، وكانت محطة للقوافل التجارية التي تعبر البلاد، وكانت في القرن الثاني الميلادي قرية كبيرة بها حامية عسكرية رومانية، وقد عرفت بعد الفتح الإسلامي ببلدة (عمر بن العاص)، حيث أقام بها قصراً له. إلا أن قلة الأمطار وكثرة المحول وتحول طرق المواصلات أدى إلى تأخر هذه البلدة وخرابها، وقد أعاد العثمانيون بنائها عام 1900 وجعلوها مركزاً لقضاء يحمل اسمها، وكانت في الحرب العالمية الأولى قاعدة للجيوش العثمانية. وقد احتلها البريطانيون بتاريخ 31 تشرين أول 1917، فكانت أول مدينة فلسطينية تحتلها القوات البريطانية.
وتعتبر بئر السبع مركز للتجارة والاتصالات بين تجار القدس والخليل وغزة والمجدل والقبائل البدوية. ويقع قضاء بئر السبع جنوب فلسطين، ويحده من الغرب قضاء غزة، ومن الشرق الأردن، وجنوب البحر الميت ووادي عربة، ومن الشمال قضاء الخليل، ومن الجنوب خليج العقبة وشبه جزيرة سيناء.
وفي منتصف آيار عام 1948، تشكلت حامية للدفاع عن المدينة مؤلفة من أفراد الشرطة المحلية والهجانة، وعدد من المناضلين والشباب المتطوعين من أبناء المدينة من البدو، وتولى قيادتهم عبد الله أبو ستة. وخاضوا معارك باسلة دفاعاً عن المدينة أمام هجمات المنظمات الصهيونية المسلحة، وسقطت المدينة بأيدي الصهاينة في صباح 21/10/1948 بعد معركة ضارية وغير متكافئة.
لقد حاول الصهاينة إبعاد وتشريد البدو من الصحراء الفلسطينية (النقب) من أجل زيادة السكان اليهود، لذلك حرموا البدو من رخص البناء أو الاستقرار في المنطقة، واستمرت هذه السياسة منذ عام 1948 حتى الآن. وقد انتشرت في قضاء بئر السبع المنشآت العسكرية والمستعمرات التي تتزايد يوماً بعد يوم وتتحول إلى مدن مثل ديمونا وعراد، وإيلات، ونتيفوت، وافقيم، ويروحام، وسدي بوكر وغيرها.
وقد تطورت مدينة بئر السبع، حيث بنيت فيها داراً للبلدية ومضخة للمياه ومطحنة للحبوب ومسجد ومدرسة للبنين، وغرست الأشجار على جنباتها، إضافة إلى خط السكة الحديد الذي ربطها بباقي مدن فلسطين وحتى الحدود المصرية. ويتألف قضاء بئر السبع من مجموعة قبائل كبيرة هي: الجبارات، والعزازمة، والترابين، والتياها، والحناجرة، والسعيديين. هاجرت أعداد كبيرة منهم باتجاه غزة بعد نكبة 1948 واستقروا فيها، وبقي قسم منهم في بئر السبع.
مدينة الرملة المحتلة
إحدى المدن التي أقيمت في العصر الإسلامي -الأموي، والفضل في إقامتها يعود إلى “سليمان بن عبد الملك” الذي أنشأها عام 715هـ وجعلها مقر خلافته والرملة ذات ميزة تجارية وحربية إذ تعتبر الممر الذي يصل يافا (الساحل) بالقدس (الجبل) وتصل شمال السهل الساحلي بجنوبه.
كان أهل الرملة أول تأسيسها أخلاطا من العرب والعجم والسامريين ثم أخذت القبائل العربية تنزلها وأخذت الرملة تتقدم في مختلف الميادين حتى غدت من مدن الشام الكبرى ومركزاً لمقاطعة فلسطين يومن أعمالها بيت المقدس وبيت جبرين وغزة وعسقلان وأرسوف ويافا وقيسارية ونابلس وأريحا وعمان.
وقد بقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو 400 سنة إلى أن احتلها الفرنجة عام 1099هـ. ودخلت الرملة كغيرها مساحة أراضيها 38983 دونماً وقدر عدد سكان الرملة عام 1922 (7312) نسمة وفي عام 1945 (15160) نسمة وفي عام 1948 (17586) نسمة. والرملة كغيرها من مدن وقرى فلسطين قاومت الاحتلال البريطاني وجاهدت ضد الإنجليز والصهاينة. بعد انسحاب الإنجليز والصهاينة.
بعد انسحاب الانجليز في 14 آيار 1948 حاصر اليهود الرملة لكنهم صدوا عنها وتكبدوا خسائر فادحة. ما كادت مدينة اللد أن سقطت بعد ظهر 11/7/1948 حتى بدأت معركة الرملة، إذ قام حوالي 500 من مشاة الصهاينة بهجوم على المدينة تؤازرهم المصفحات وقد تمكن الجيش العربي ومن معهم من المجاهدين من صدهم وقتل عدد منهم وحرق 4 من مصفحاتهم. وفي يوم 12/7/1948 احتل الصهاينة القرى المحيطة الرملة وبذلك تم تطويق الرملة وانتهى الأمر بسقوط المدينة. وقد تم الاتفاق مع الصهاينة عند احتلالهم الرملة بق
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...