الثلاثاء 13/مايو/2025

الفصل التعسفي في الضفة يفاقم الوضع الإنساني

الفصل التعسفي في الضفة يفاقم الوضع الإنساني

لم تكن أسباب فصل موظفي الضفة الغربية بسبب تقصيرٍ في أداء المهام، ولم يوجَّه إلى أيٍّ من المفصولين لفْت نظر، بل كانوا يؤدون مهامهم على أكمل وجه، وحتى الموظفون في نفس الدوائر كانوا يُشهَد لهم بالإخلاص والتفاني في العمل والرقي والتميُّز، وكانوا ممن يحملون شهاداتٍ تؤهلهم للعمل في المجال الذي كانوا فيه، ناهيك عن الخبرة التي يتمتعون بها، والتي تؤهلهم للمزيد من الإبداع.

إن أسباب الفصل الحقيقية معروفةٌ لدى الجميع، إنها الانتماء إلى حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ومناصرتها، ناهيك عن الكثير الذين تم فصلهم في الضفة الغربية، والذين تعرَّضوا لضغوطٍ من “الأجهزة الأمنية” للعمل معهم كمندوبين ضد من يمارس نشاطًا سياسيًّا مقابل الاستمرار في الوظيفة.

وذكر المواطن “ر.ع”  أنه لا ينتمي إلى أي طرفٍ سياسيٍّ وليست له عضوية في أي تنظيم، وقد تم استدعاؤه لدى مقرَّات “الأجهزة الأمنية”، وطلبت منه العمل معها كمندوب؛ حيث كان يعمل في إحدى المدارس، ورفض رفضًا قاطعًا العمل معها فهدَّدته بالفصل من الوظيفة، فلم يخضع لضغوطها فتم فصله من مجال عمله.

الكثير من المفصولين كانت “تهمتهم” أن أحد أقاربهم من حركة “حماس”؛ والكثير من هذه الأصناف توجد في الضفة الغربية؛ حيث ذكرت لنا “ف.ن” أنها فصلت من مديرية التربية والتعليم لأن زوجها اعتقل بـ”تهمة” الانتماء إلى حركة “حماس”، وكانت الإجابة عن سبب الفصل هي “راجعي الجهات الأمنية”.

الوظيفة في الغالب هي مصدر الدخل الوحيد لعائلات المفصولين، وأدَّى فصْلهم من وظائفهم إلى إلحاق الضرر الفادح بهم وبعائلاتهم.

يقول “م.ر”: “قبل فصلي من وظيفتي كنت أوفر لعائلتي كل متطلبات الحياة الكريمة، وأنا الآن بعد فصْلي من الوظيفة أبحث عن لقمة العيش بصعوبة؛ حيث إني عاطل عن العمل، ولم يدخل المعاش بيتي منذ فصلت في عام 2008، ناهيك أن هناك الكثير من المفصولين لهم أبناء في الجامعات والمدارس، وبحاجةٍ إلى توفير الأموال لقضاء حوائجهم وأقساطهم”.

مفصولٌ مع وقف التنفيذ!

إبداع أجهزة دايتون في الضفة أفرز حالات غريبة؛ فمثلاً “ع.ق” كان يعمل مدرسًا في إحدى المدارس فتم استدعاؤه وإبلاغه أنه مفصول ولن يتقاضى راتبًا، لكن عليه الاستمرار في عمله؛ لأنه لا يوجد تخصص مشابه متوفر ليسد حاجة المدرسة، وبقي ملتزمًا بعمله على أمل حدوث انفراج أو تغيير، إلا أنه بعد أكثر من عام جاءه قرار الفصل النهائي دون تلقِّي أي راتب عن شهور الخدمة السابقة، والسبب أنه تم إيجاد بديل على مقاس “الأجهزة الأمنية” من أبناء حركة “فتح”.

ويقول “م.ع” إنه مدرس منذ ثلاث سنوات، وإن جميع من وظِّفوا معه حصلوا على التصنيف والتثبيت من وزارة المالية، وبقي هو محرومًا من هذه الحقوق، وبعد فحصٍ وتمحيصٍ وبحثٍ في أروقة وزارة المالية في رام الله اتضح له أن العائق تقريرٌ لأجهزة أمن عباس يشير إلى أن قريبه “متهم” بالانتماء إلى حركة “حماس”؛ ما يشكِّل خطرًا على منظومة الوزارة التعليمية، على حد زعم التقرير.

موظفو الحكومة العاشرة

عدد من الموظفين في الضفة والقطاع عُيِّنوا في عهد الحكومة العاشرة سدُّوا شواغر كانت الوزارة طالبت ملأها من فترات طويلة بقصد إنجاز الأعمال المتراكمة بسبب نقص الموظفين، واستمرَّ عملهم عدة أشهر مع انقطاع الرواتب، وواظبوا على أعمالهم، وشهد لهم زملاؤهم من الموظفين السابقين بكفاءتهم وحسن خلقهم وانضباطهم في العمل، هذا إضافة إلى ما يحملونه من مؤهلات القيام بعملهم على أكمل وجه، واستمروا حتى الحسم العسكري في حزيران (يونيو) 2007 في قطاع غزة؛ حيث فصلوا من أعمالهم وألقي العديد منهم في سجون السلطة، ومنهم من حصل على وظيفة معلم في التربية بعدها وتم فصله مرة أخرى، وهناك من هذه الحالات الكثير.

وقد توجَّه هؤلاء الموظفون بالشكوى إلى العديد من مؤسسات حقوق الإنسان في الضفة، ولكن مرَّت أكثر من ثلاث سنوات حتى الآن، ولا مجيب!.

كما تم إرسال مكاتبات إلى أعضاء “المجلس التشريعي الفلسطيني” وحكومة السيد إسماعيل هنية؛ يناشدون فيها أن تبقى قضيتهم أولوية؛ شأنها في ذلك شأن القضايا المهمَّة في الحوار؛ لأنها تتعلَّق بأرزاق الناس ومستقبلهم وقوت عيالهم، وطالبوا بأن يسريَ عليهم ما يسري على موظفي غزة من تثبيت واعتراف بالحقوق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات