عاجل

السبت 04/مايو/2024

تقدير استراتيجي 19: تقرير جولدستون: الاحتمالات والتداعيات

تقدير استراتيجي 19: تقرير جولدستون: الاحتمالات والتداعيات

  ملخص

على الرغم من تعدد التقارير الدولية الداعمة للحق الفلسطيني، إلا أن تقرير جولدستون حظي باهتمام خاص لكونه يصدر عن هيئة رسمية دولية؛ وهو ما يتيح إمكانية ملاحقة إسرائيل وقادتها في المحاكم الدولية وعدد من البلدان الغربية، على جرائم الحرب والمخالفات التي ذكرها التقرير .

اتخذ السلوك الإسرائيلي تجاه التقرير الشكل المعتاد في إنكار التهم والتمرد على الإرادة الدولية، مدعوماً بالموقف الأمريكي، بينما بدا الموقف الأوروبي منقسماً وغير منسجم مع ذاته فيما يتعلق بشعارات العدل وحقوق الإنسان . أما موقف السلطة الفلسطينية فقد كان بالغ الحرج، وهدفاً للغضب الشعبي العارم، مما جعلها تتراجع عن موقفها لتنسجم مع التيار الشعبي العام . أما حماس فدفعت باتجاه دعم التقرير على الرغم من تحفظاتها الأولية عليه .

يعكس تقرير جولدستون حالة تزايد الوعي بأهمية الاستفادة من القانون الدولي والمحافل الدولية في خدمة القضية الفلسطينية، كما يضعف قدرة إسرائيل في استخدام خياراتها العسكرية والتدميرية في حروبها المقبلة، غير أنه يفتح المجال لملاحقة المقاومة وقادتها بسبب اتهامهم بالإرهاب وارتكاب جرائم حرب .

 

مقدمة :

للقضية الفلسطينية تاريخ حافل مع مداخلات الأطراف الثالثة والوسطاء والتقارير وأصحاب الشهادات الدولية . بعض هذه المداخلات تختص بتوصيف الصراع على أرض فلسطين ومحيطها بعامة، أسبابه وبواعثه وتطوراته، وقد تنتهي بمقترحات للتسوية . ومنها قديماً تقرير لجنة كنج كرين ( آب / أغسطس 1919) وتقرير اللجنة الملكية البريطانية ( تموز / يوليو 1937) وتقرير الكونت فولك برنادوت ( أيلول / سبتمبر 1948) ، وربما اندرجت تقارير وبيانات اللجنة الرباعية الدولية المعاصرة تحت هذا الباب .

هذا في حين نجد مداخلات أخرى وقد انبرت للإضاءة بقوة حول مناسبات بعينها وقضايا جزئية، فيما يشبه التحقيقات القضائية أو الجنائية الميدانية بغرض تثبيت مواقف قانونية بالإحالة إلى المرجعيات الحقوقية ذات الصلة . ومنها قديماً تقرير اللجنة العسكرية البريطانية في اضطرابات القدس ( نيسان / أبريل 1920) وتقرير اللجنة الدولية حول حائط البراق (1930) ، وهناك حديثاً تقارير جورج ميتشيل في مستهل الانتفاضة الثانية . ولعل أكثر هذه التقارير شهرة وذيوعاً، قبل تقرير ريتشارد جولدستون الذى ينتمي إلى هذه النوعية، توصية محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل الاستيطاني العنصري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ( تموز / يوليو 2004).

هذه التقارير بأنماطها أثارت في حينها أصداء وردود أفعال متباينة بين الرضا والغضب؛ القبول والرفض؛ الاتساع والمحدودية، لدى مختلف الأطراف المعنيين . وفي هذا الإطار، ربما كان تقرير جولدستون في طليعة التقارير الأوفر حظاً لجهة الأصداء والتفاعلات المتدحرجة الفارقة، من حيث الاتساع والشهرة، والاصطكاك الشديد بين المواقف ووجهات النظر والجدل، بين الأطراف المنغمسين مباشرة في القضية من جهة، وكذا بين القوى والتيارات داخل كل طرف من جهة أخرى .

في التقرير .. الأصداء والتوظيف :

السيرة الذاتية للتقرير تعود إلى إنشاء اللجنة المختصة به عن طريق مجلس حقوق الإنسان ( وهو إحدى المؤسسات الرسمية التي تتبع الأمم المتحدة، وتتكون من 47 دولة ) في نيسان / أبريل 2009 ، بهدف التحقيق في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر 2008 وأوائل 2009 ، برئاسة القاضي اليهودي الجنوب أفريقي، وإلى حين اكتمال التقرير وصدوره في منتصف أيلول / سبتمبر 2009 ، ثم الأصداء المترتبة عليه . هذه السيرة تقدم نموذجاً فذاً لاستعداد أطراف القضية الفلسطينية لتوظيف المدخَلات ( والمدخِلات ) الدولية في السجال الدائر فيما بينهما وداخلها .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات