عائلات الضفة تستقبل فرحة العيد مطحونةً بين فكي الوقائي والمخابرات
كعادتها في مراحل استعدادها للتنغيص على حياة الفلسطينيين، وخاصة في المناسبات الكبيرة، صعدت أجهزة أمن عباس من حملتها ضد عناصر حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وكوادرها في الضفة الغربية قبيل أيام من عيد الأضحى المبارك، لتشمل عشرات الفلسطينيين بينهم أعضاء بلديات وأبناء قيادات وأعضاء في “المجلس التشريعي الفلسطيني” وصحفيين وأبناء “الكتلة الإسلامية” في مختلف جامعات الضفة، وذلك من أجل استخدامهم كورقة ضغط للتوقيع على ورقة المصالحة التي بادرت بها مصر.
حملات اختطاف متزايدة
ومنذ بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي مارست أجهزة أمن عباس حملة اختطافات واسعة، فيما تقوم بإعطاء المئات من مناصري حركة “حماس” بلاغات حضور إلى مقرات “الأجهزة الأمنية” وبشكل يومي.
كما اشتكى العشرات من أبناء حركة “حماس” ومناصريهم من حملة الاستدعاءات اليومية التي تقوم بها أجهزة أمن عباس، حيث يتم اختطاف بعضهم، ويُستجوب آخرون، فيما يؤجل الاستجواب مع البعض الآخر.
نواب الشعب تحت التعقب والمطاردة
النائب الدكتور ناصر عبد الجواد أكد أن عناصر من أجهزة أمن عباس قاموا بفرض رقابة على بيته وأسرته على مدى أربع وعشرين ساعة خلال الأربعة أيام الماضية، وأكد عبد الجواد أن عناصر أجهزة الأمن قامت -وبشكل واضح- بملاحقة سيارته الخاصة أثناء دخوله مدينة سلفيت شمال فلسطين المحتلة وخروجه منها، وكذلك مراقبة دخوله منزله وخروجه منه، إضافة إلى مراقبة أفراد أسرته.
وأضاف أن عناصر أجهزة الأمن لاحقته أثناء خروجه من بيته في محافظة سلفيت وصولاً إلى مدينة رام الله، وخلال مروره بالقرب من مغتصبة “حومش” كانت سيارة فلسطينية وبها عدد من عناصر أجهزة أمن عباس تلاحقه، حيث اعترضه حاجز صهيوني فجائي، في الوقت الذي اعترضت طريقه سيارة تحمل لوحة تسجيل صهيونية، وأوضح الدكتور عبد الجواد “أن شخصين يرتديان زيًّا مدنيًّا صهيونيًّا ويتحدثان العبرية ترجلا من السيارة، وأخذا يتحدثان مع بعضهما، حيث قال أحدهما: نريد أن نعتقله، وقال الآخر: بل نريد احتجازه، واستمرت العملية لربع ساعة تقريبًا، ثم تركاني، فيما واصلت سيارة “الأجهزة الأمنية” الفلسطينية ملاحقتها لي حتى وصلت إلى مكتب نواب رام الله، وبقيت تنتظرني حتى خرجت، وفعلت الدور نفسه أثناء عودتي”.
وكان الدكتور عبد الجواد -عضو المجلس التشريعي- قد خرج مؤخرًا من سجون الاحتلال بعد أن أمضى 40 شهرًا فيها.
كما اعتُقل لدى سلطات الاحتلال في وقت سابق، وأمضى فيها 12 عامًا بفارق ستة أشهر بين الاعتقال الأول والاعتقال الثاني.
وفي السياق ذاته قامت أجهزة أمن عباس خلال الأسبوع المنصرم باختطاف نجل النائب حسن يوسف ونجلي النائب الشيخ حامد البيتاوي فضل وأحمد، كما اختطفت ابن عضو “المجلس التشريعي الفلسطيني” أحمد رياض رداد من بلدة صيدا، لتضاف هذه المعاناة إلى المئات من الاعتداءات التي نُفذت بحق النواب.
واستمرارًا للاعتداءات التي لا تنتهي اختطفت أجهزة أمن عباس مدير مكتب الدكتور عمر عبد الرازق عز الدين فتاش، وإبراهيم عبد الله مرافق الدكتور ناصر عبد الجواد.
فيما مارست عناصر أجهزة الأمن التابعة لعباس ضغوطًا غير طبيعية على حياة النائب منى منصور، حيث قامت بملاحقتها وتصويرها وأبنائها، واقتحمت مكتبها بشكل استفزازي.
كما قال النائب حسني البوريني أن جهاز المخابرات يقوم يوميًّا باستدعاء ابنه أنس إلى مقر المخابرات، حيث يتم احتجازه من ساعات الصباح حتى المساء بدون توجيه أي سؤال له.
إعلاميون مع وقف التنفيذ
خلال أقل من أسبوع اختطف ما يسمى “جهاز المخابرات” و “جهاز الأمن الوقائي” عددًا من الصحفيين؛ ليصبح عدد الصحفيين المختطفين في سجون عباس أحد عشر صحفيًّا، بينهم محمد اشتيوي مدير مكتب قناة “الأقصى” الفضائية، ومصورها أسيد عمارنة من بيت لحم، ومراسلاها علاء الطيطي من الخليل، وطارق أبو زيد من جنين.
كما اختطفت الصحفي سامر يونس، فيما لا يزال الإعلاميان خلدون المظلوم ومراد أبو البهاء -وهما من مدينة رام الله- مختطفَين منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى صدقي موسى وأحمد البيتاوي وبلال الظاهر من نابلس، وفريد السيد من طولكرم.
وكانت عائلات الصحفيين المختطفين وجهت نداء مناشدة إلى نقابة الصحفيين للخروج من هذا الصمت الذي تنتهجه، وعمل أي شيء لإنقاذ أبنائهم من سجون السلطة.
واستهجنت عائلات الصحفيين هذا الموقف اللا مبالي حيال ما يجري لأبنائهم، وطالبت بموقف جدي يعبر -على الأقل- عن موقف دفاعي عن حرية الصحفي الفلسطيني وكرامته.
واتهمت “كتلة الصحفي الفلسطيني” مجلس إدارة “نقابة الصحفيين الفلسطينيين” والقائمين عليها بالتواطؤ والاشتراك مع أجهزة أمن عباس في تنفيذ حملة استهداف الصحفيين والإعلاميين وملاحقتهم في محافظات الضفة.
ودعت كتلة الصحفي إلى أوسع حملة تضامن مع هؤلاء الإعلاميين الذين سخَّروا حياتهم لفضح ممارسات الاحتلال، وطالبوا أيضًا بفضح ممارسات أجهزة أمن عباس بحقهم.
أعضاء البلديات.. لم يسلموا من بطش الميليشيا
على ذات المنوال عمدت أجهزة أمن عباس إلى اختطاف أعضاء البلديات، وخاصة أعضاء بلديات فازت فيها قائمة “حماس”، ففي مدينة حلحول اختطفت أجهزة أمن عباس عضو بلديتها علي عقل، والذي خرج من سجون الاحتلال قبل عدة أشهر، ولا تزال أجهزة الأمن تختطف عضو بلدية سعير الأستاذ حكيم شلالدة، والذي اختُطف بعد خروجه من سجون الاحتلال بأسبوع، حيث لا يزال في مقر المخابرات في مدينة الخليل.
وفي بداية الأسبوع الحالي اختطف “جهاز المخابرات” الشيخ أحمد عيايدة عضو بلدية الشيوخ وإمام المسجد القديم فيها.
وفي تجاوز خطير لقرارات “محكمة العدل العليا” عين “وزير الحكم المحلي” خالد قواسمي هيئه جديدة لبلدية بيت أمر بعد أن أقال هيئة سابقة معينة برئاسة نصري صبارنة، في الوقت الذي حصلت بلدية بيت أمر المنتخبة عام 2005م على قرار بالعودة لمهامها من “محكمة العدل العليا” ورفْض قرار “الوزير”.
طلبة جامعات وأئمة مساجد وأسرى محررون.. والقائمة تطول
ما تزال الحملة مستمرة ضد أئمة المساجد، وأبناء “الكتلة الإسلامية” في الجامعات، والأسرى المحررين، حيث واصلت أجهزة أمن عباس اختطاف الشيخ محمد الدحلة إمام مسجد بيتونيا الكبير، واختطفت أيضًا براء يوسف كفاية لينضم إلى والده يوسف كفاية في سجن “الوقائي” برام الله، علمًا بأنهم اقتحموا عدة مرات سكنات الطلبة في جامعة بيرزيت وجامعة القدس أبو ديس، واختطفوا الطالب شريف الرجوب.
وفي سياق متصل اختطفت أجهزة أمن عباس الشاب علاء الأعرج من عنبتا، فيما لا تزال تختطف المهندس وجيه أبو عيده منذ أربعة أشهر، واختطفت كذلك لقمان الجدع من بلدة حبلة في محافظة قلقيلية، وعبد المجيد الخضور من بلدة بدو.
رغم الوعود.. التعذيب لم يتوقف
نفى شهود عيان خرجوا للتو من سجون عباس أن تكون حملات التعذيب في سجون المخابرات والأمن الوقائي قد توقفت، وأكد الشهود أنهم تلقوا وجبات طويلة من “الشبح” والضرب في سجون “المخابرات”، خاصة مركز توقيف البالوع وسجن الخليل وجنيد.
وأشار الشهود -وبعضهم يقطن بالقرب من تلك المراكز- أنهم سمعوا وبشكل جنوني صرخات المشبوحين، وشاهدوا أجسادهم المعلقة ترتجف تحت سياط جلاديهم من عناصر هذه الميليشيا.
وكانت مؤسسات حقوقية وإنسانية حصلت على تعهد من سلام فياض رئيس “حكومة” رام الله اللا شرعية بإيقاف كافة أشكال التعذيب في سجون المخابرات و”الوقائي”، إلا أن شهادات كثيرة وصلت إلى مكاتب تلك المؤسسات ومكاتب النواب في الضفة تؤكد عدم التزام هذه الأجهزة بأي من تلك القرارات.