الثلاثاء 13/مايو/2025

صحفيو الضفة في دائرة استهداف أجهزة أمن عباس وسط صمت إعلامي وحقوقي مطبق

صحفيو الضفة في دائرة استهداف أجهزة أمن عباس وسط صمت إعلامي وحقوقي مطبق

صعَّدت أجهزة أمن عباس في الضفة الغربية المحتلة من هجمتها على الصحفيين بالاعتقال والتعذيب؛ حيث وصل عدد المعتقلين منهم إلى سبعة؛ بينهم ثلاثة من العاملين في قناة “الأقصى” الفضائية، وآخرون من العاملين في الدائرة الإعلامية لمكاتب النواب الإسلاميين في “المجلس التشريعي الفلسطيني”.

وهذه المرة ليست الأولى التي يتعرَّض فيها غالبية الصحفيين المختطفين للاعتقال من قِبل أجهزة أمن عباس بمختلف أجهزتها الأمنية؛ حيث إن أقلَّهم تعرَّض للاختطاف على الأقل ثلاث مرات من قِبَل مختلف أجهزة السلطة، وقضى الصحفيون في الاعتقال مددًا طويلة تعرَّضوا خلالها للتعذيب والتحقيق والإجبار على توقيع تعهُّدات بترك العمل الصحفي ومصادرة مُعدَّاتهم الخاصة.

اعتقالات شرسة

وحسب إفادات مختلفة لعدد من أقارب الصحفيين المختطفين، فإنهم تعرَّضوا للتنكيل و”الشبح” خلال اعتقالهم، ويفيد أحد أقارب الصحفي أسيد عمارنة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” بأن عناصر من جهاز الاستخبارات العسكرية قاموا بمحاصرة منزل عائلة عمارنة بمخيم الدهيشة، وحاولوا اقتحامه، لكنه لم يكن بداخله في تلك اللحظة.

وتابع أن محققًا من الجهاز اتصل بوالده، وطالبه بإبلاغ نجله بضرورة الحضور الفوري إلى مقر الجهاز، وهو ما تم بالفعل، ومن هناك تم اعتقاله، ومُنعت عنه الزيارة، دون توضيح أي سبب للاعتقال.

وهذه المرة هي الخامسة التي تعتقل فيها أجهزة أمن عباس الصحفي عمارنة الذي عمل مصورًا لقناة “الأقصى”، وتم إجباره على ترك العمل تحت تهديد الغرامة المالية الباهظة، وسبق أن اعتُقل لدى جهازَي المخابرات والأمن الوقائي على خلفية عمله في القناة، وأمضى أكثر من ثلاثة أشهر في سجونها.

وفي مدينة نابلس تم اعتقال الصحفي طارق أبو زيد للمرة الثانية من قِبل جهاز الاستخبارات العسكرية، بعد أن تمَّ إبلاغه بضرورة الحضور إلى مقر الجهاز للمقابلة، ومن هناك تم اختطافه، وقال مصدر في قناة “الأقصى” لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن محقِّقي الجهاز قاموا بسرقة البريد الإلكتروني للصحفي أبو زيد، واستغلوه في إرسال رسائل غير أخلاقية إلى عائلته وأصدقائه.

وأضاف المصدر أن عناصر من الجهاز أرسلوا عبر الهاتف رسائل إلى جوال عائلته تحوي كلمات نابية وسوقية، وهدَّدوهم بالاعتقال واقتحام منازلهم، وحاولوا تشويه سمعته من خلال تركيب صورته على صور مَشينة، ثم حاولوا ترويج هذه الصور.

 يُذكر أن الصحفي أبو زيد اعتقل خلال شهر رمضان الماضي لدى جهاز المخابرات أكثر من عشرين يومًا، بعد أن بقيَ أكثر من عام مطاردًا من قِبَل أجهزة أمن عباس على خلفية عمله مراسلاً لقناة “الأقصى”.

تعذيب وتنكيل مُتعمَّدان

وفي مدينة رام الله يواصل ما يسمَّى “جهاز الأمن الوقائي” -وللمرة الثالثة- اعتقال الصحفيَّيْن خلدون مظلوم ومراد أبو البها العاملين في الدائرة الإعلامية لمكتب نواب الحركة الإسلامية في “المجلس التشريعي” منذ عدة أشهر، وتعرَّض الصحفيان خلال هذه الاعتقالات لتعذيب شديد كاد أن يودي بحياة الصحفي أبو البها في المرة قبل الأخيرة من اعتقاله؛ الأمر الذي تسبَّب بتدهور صحته وضياع الفصل الدراسي في مرحلة الماجستير بجامعة بيرزيت عليه؛ حيث يلتحق بتخصص ماجستير علوم سياسية.

ويعاني أيضًا الصحفي خلدون مظلوم من مرارة الاعتقال لدى الجهاز نفسه، إضافة إلى تعرُّضه للتعذيب الشديد؛ حيث سبق أن اعتُقل مرتين لدى “الوقائي” والمخابرات، كما تعرض للاستدعاء عدة مرات على خلفية عمله في مكتب النواب.

وخلال فترة اعتقاله أصيب بمرضٍ جلديٍّ من جرَّاء الظروف السيئة التي يُحتجز فيها دون تهمة محددة، كما قام عناصر من سجانيه بجهاز “الوقائي” في مقر بيتونيا بحلق شعره ولحيته وتشويه معالم وجهه.

وتواصل أجهزة أمن عباس كذلك اختطاف الصحفيين: فريد السيد من مدينة طولكرم، وصدقي موسى من مدينة نابلس من قِبل “جهاز الأمن الوقائي”، وعلاء الطيطي من مدينة الخليل من قِبل “جهاز الاستخبارات العسكرية”.

تواطؤ نقابي.. وصمت إعلامي وحقوقي

وتواصل أجهزة أمن عباس إجرامها في حق الصحفيين في ظل تواطؤٍ رسميٍّ من “نقابة الصحفيين الفلسطينيين” التي يقودها المدعو نعيم الطوباسي، والتي يحيطها انقسام يكاد يعصف بها ويهدِّد بحلها، وصمتٍ من قِبل وسائل الإعلام التي تتغنَّى بما تسمِّيه “وكالة أنباء مستقلة”، ولا تأتي على ذكر أي خبر عن هذه الهجمة الشرسة، بل حتى الفضائيات العربية المختلفة تساهم بطريقة أو بأخرى عبر صمتها عما يجري في هذه الجريمة الحقوقية، ويكمل أدوار الجميع أمين عام “الاتحاد الدولي للصحفيين” “إيدن وايت” الذي تباكى على منع مؤتمرٍ غير مرخصٍ للصحفيين في غزة، بينما تناسى آلام صحفيِّي الضفة المختطفين وجراحهم، ولا تخلو أية مؤسَّسة حقوقية من وصمها بتهمة الصمت عن هذه الجرائم.

إدانات للمجزرة الإعلامية

وأصدرت بعض الكتل النقابية الصحفية بيانات إدانة لهذه الهجمة؛ حيث شجب “منتدى الإعلاميين الفلسطينيين” بشدة استمرار أجهزة أمن عباس في الضفة الغربية المحتلة في اعتقال الصحفيين واستدعائهم، معتبرًا إياه مسًّا خطيرًا وفاضحًا بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة.

وقال المنتدى في بيانٍ تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه: “إن ما تمارسه “الأجهزة الأمنية” بحق الصحافة والصحفيين بالضفة حوَّلها إلى مناطق بوليسية”، مؤكدًا أن الصحفيين يتعرَّضون لتحقيق عنيف وتعذيب شديد، متسائلاً: “ما علاقة جهاز مثل الاستخبارات العسكرية بالصحفيين؟!”.

وطالب المنتدى المؤسَّسات الحقوقية والهيئات الإعلامية بتحمُّل مسؤولياتها إزاء ما يجري من حملات إخراس الصحافة في الضفة، داعيًا رئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين” “إيدن وايت” إلى تحمُّل مسؤولياته تجاه الصحفيين، والعمل الفوري والسريع للإفراج عنهم.

كما أدانت قناة “الأقصى” الفضائية إقدام أجهزة أمن عباس على اختطاف مصور القناة أسيد العمارنة للمرة الخامسة على التوالي، إلى جانب التصعيد ضد الصحفيين في الأوان الأخير.

وأكدت القناة في بيانٍ لها تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخةً منه، أن ما تقوم به “الأجهزة الأمنية” في الضفة المحتلة بحق المؤسَّسات الصحفية وحرية العمل الإعلامي مجزرة حقيقية تستوجب وقفة من مؤسَّسات حقوق الإنسان ونقابات الصحفيين على امتداد بقاع الأرض.

وقالت القناة: “في تجاوزٍ فاضحٍ للحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية العمل الصحفي تمارس “الأجهزة الأمنية” في الضفة المحتلة منذ أسبوع حملة بشعة تستهدف أطقم قناة “الأقصى” الفضائية وكوادرها في الضفة المحتلة بأشكال وأساليب مختلفة”.

 وأشارت إلى أن الحملة بدأتها أجهزة أمن عباس باختطاف مراسل قناة “الأقصى” في مدينة نابلس طارق أبو زيد وإخضاعه للتحقيق والتعذيب، وممارسة أساليب تعذيب نفسية لا أخلاقية؛ تمثلت في سرقة عناصر أجهزة الأمن البريد الإلكتروني للزميل أبو زيد، وإرسال صور إباحية من خلاله إلى قائمة الاستضافة في بريده الإلكتروني.

وأضافت: “ثم تلت ذلك محاصرة جهاز المخابرات منزل مدير مكتب قناة “الأقصى” في الضفة محمد اشتيوي واقتحامه في محاولةٍ لاعتقاله رغم وضعه الصحي المتردِّي، ولم تكتفِ “الأجهزة الأمنية” بذلك، بل أقدمت هذا اليوم على اختطاف مصور قناة “الأقصى” الفضائية الزميل أسيد العمارنة من منزله، ونقله إلى معتقل الاستخبارات”.

وقالت إن استخدام المحققين أساليب غير أخلاقية مع الأطقم الإعلامية يعبِّر عن حجم الانحطاط والانحدار الذي وصلت إليه أجهزة أمن عباس في تعاملها مع الإعلام الفلسطيني، لافتةً إلى أن اعتقال مراسليها يجري دون أية ذريعةٍ قانونيةٍ، وبعيدًا عن مؤسَّسات القضاء الفلسطيني، ودون أن توجِّه إليهم أية تهمة على مدار الاعتقالات المتكررة لهم؛ وذلك يتطلب وقفة من السلك القضائي الفلسطيني لمواجهة حالة الفلتان الرسمي والاعتداء الصارخ على المؤسسة القضائية.

وأكدت إن صمت “نقابة الصحفيين الفلسطينيين” عما يجري في الضفة المحتلة من قمع الحريات واختطاف الصحفيين وتعذيبهم؛ لَيؤكد عدم أهلية النقابة للقيام بدورها الدفاعي عن الصحفيين وتحصيل أدنى الحقوق.

ودعت الفضائية مجموع الصحفيين إلى البحث عن مرجعية صحفية جديدة تكفل لهم الحقوق وتواجه حالة القمع القائمة في الضفة المحتلة.

وشددت على أن “أية عمليات اعتقال أو مطاردة لأطقم قناة “الأقصى” في الضفة المحتلة لن يمنعنا من أداء رسالتنا الإعلامية وإبقاء عدسة “الأقصى” مُصوَّبة نحو الضفة، وهي الجزء الغالي على قلوبنا، في مسعى إلى نقل الصورة كاملة، وما يتعرَّض له المواطن من هجمة صهيونية وقمع للأسف فلسطيني”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات