عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

عباس يناور رغم إفلاسه السياسي.. وقراره عدم الترشح غير مأسوف له

عباس يناور رغم إفلاسه السياسي.. وقراره عدم الترشح غير مأسوف له

طالب النواب الإسلاميون في الضفة الغربية محمود عباس بالخروج ومصارحة الشعب والحديث عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى عدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة، واعتبروا أن موقف عباس أتى بعد أن وصل إلى مرحلة الإفلاس السياسي، خاصة مع الفشل الذريع الذي مني به في مسيرته التفاوضية عبر 17 عامًا من التفاوض.

وأوضح النواب في تقريرٍ للدائرة الإعلامية للنواب الإسلاميين في الضفة الغربية، وصلت “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه اليوم الثلاثاء (10-11)؛ أن ما يقوم به عباس عبارة عن مناورة تهدف إلى تلميع صورته التي باتت في الحضيض بعد الويلات التي جرَّها عهده على الشعب الفلسطيني.

حرية شخصية

وأكد النواب في تقريرهم أن قرار الرئيس عباس عدم ترشيح نفسه يدخل في باب الحرية الشخصية، وهو قرارٌ داخليٌّ خاصٌّ بحركة “فتح”، معتبرين ألاَّ خلافات شخصية تربطهم بالرئيس عباس، وأن نقطة الخلاف هي البرنامج الذي تتبناه حركته.

من جانبه قال الدكتور محمود الرمحي أمين سر “المجلس التشريعي الفلسطيني”: “إن عدم ترشيح الرئيس عباس نفسه أمر داخلي، ونحن نختلف معهم خلاف برنامج ومنهاج لا خلافًا شخصيًّا”، وهو ما تحدث به النائب ياسر منصور حين قال: “أظن أن هذا الأمر شأن داخلي يخص الأخ أبو مازن، وموضوع الانتخابات يعزز الانقسام ويزيد من الفرقة.. المخرج ليس بتحديد موعد الانتخابات، وإنما بإنهاء حالة الانقسام، وبعدها تعالج كافة القضايا على طاولة الحوار”.

وطالب النائب أحمد الحاج عباس بتغيير هذا النهج الذي يُهين الديمقراطية قائلاً: “أولاً ما قام به أبو مازن حرية شخصية، وثانيًا الظروف غير مناسبة لإجراء انتخابات، هو بهذا الشكل يُهين الديمقراطية، وأطالب محمود عباس بضرورة تغيير النهج الذي يسير عليه”.

وأدخل النائب داوود أبو سير قرار الرئيس في باب المصلحة الوطنية؛ حيث قال: “أي تصريح يصدر من موقع المسؤولية تمليه بالضرورة مصلحة الوطن والمواطن التي هي مقدَّمة على المصالح الفردية”.

فشل المفاوضات والخروج من الباب الخلفي

وفي ذات السياق عزا الكثير من النواب سبب عدم ترشيح الرئيس عباس نفسه إلى فشل المسار التفاوضي الذي امتدَّ إلى أكثر من 17 عامًا؛ الأمر الذي أظهر حجم الورطة التي بات فيها عباس.

وقال النائب حاتم قفيشة: “هذا التصريح يعتبر خروجًا من الحياة السياسية الفلسطينية من الباب الخلفي، وهذا دليل قاطع على أن المسيرة السياسية التي قادها عباس من “أوسلو “حتى الآن أثبتت فشلها، وأن عدم لقيانه آذانًا مصغية رغم التزامه بالاشتراطات ولَّد صدمة كبرى لديه وأجبره على اتخاذ مثل هذا القرار الذي أثبت أنه -حسب اعتقادي- لن يتراجع عنه”.

وهو ما أكده النائب سمير القاضي قائلاً: “واضحٌ أن هناك فشلاً ذريعًا في المسيرة السلمية والمفاوضات؛ حيث إنها لم تؤدِّ إلى أية نتيجة خلال ولاية أبو مازن السابقة؛ ما يعني أنه لا يستطيع أن يستمر في هذا النهج”.

في حين اعتبر النائب عماد نوفل القرار آخر نفسٍ في مسيرة التفاوض قائلاً: “إن إعلان محمود عباس نيته الاستقالة دليلٌ واضحٌ يبرهن عمليًّا على أن نهج المفاوضات ومسار التسوية الحاليَّ يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن حصيلة سنوات من التفاوض واللقاءات والجولات ما هي إلا سراب كبير ووهم ضخم، وهي إعلان عن فشل هذا الطريق، وإن كان جاء متأخرًا”.

وقال النائب وائل الحسيني: “شعور عباس بالفشل الذريع في المفاوضات هو ما دفعه إلى هذا القرار، وما زاد في حرجه أنه حاول أن يضغط على أمريكا بقراره، لكنها أدارت ظهرها له”.

مناورة سياسية مكشوفة

لا يخفى على اللاعب في الساحة السياسية الفلسطينية طبيعة المناورات والألاعيب التي قد تطرح؛ حيث أدخل النواب قرار عباس في باب المناورات الكثيرة التي تلجأ إليها الأنظمة في العالم العربي.

يقول النائب حامد البيتاوي: “إعلان عباس عدم ترشحه جاء مناورة كما هو الحال عند بقية الحكام العرب؛ حتى يطلب الناس منه النزول عند رغبتهم ثم يتراجع عن قراره نزولاً على رأي الجماهير، كما سيعلل ذلك”.

وتحدث البيتاوي عن الويلات التي حلَّت في عهد عباس؛ حيث قال: “قرار عباس عدم الترشح غير مأسوف له؛ ففي ظل عباس حصل الانقسام والتشرذم بين “حماس” وفتح”، وعباس أول من تجاوز الشرعية عندما لم يسلم للحركة الإسلامية فوزها، وفي عهده تم اعتقال واستدعاء أكثر من عشرة آلاف من أبناء الحركة الإسلامية في سجون السلطة الفلسطينية، ومنهم من استشهد تحت التعذيب في هذه السجون”.

في حين اعتبر النائب خليل ربعي الأمر ورقة للضغط على الأمريكان و”الإسرائيليين”؛ حيث قال: “عدم ترشح أبو مازن يُعتبر أسلوبًا للضغط على الأمريكان و”الإسرائيليين”؛ علَّهم يعطون ضمانات معينة باستئناف المفاوضات مع “إسرائيل”، وضغطًا على الساحة الدولية مع الموقف الأخير وزيارة “كلينتون التي قالت إن “الاستيطان” شيء حيوي لـ”إسرائيل”، وطالبت بعودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، ومن جهة أخرى كان هذا العمل لاستثارة الساحة الفلسطينية لصالحه؛ حتى تعود شعبيته بعد تدنيها في الفترة الأخيرة بعد سحب (تقرير غولدستون)”.

بدوره أوضح النائب محمود الخطيب أن القرار أتى لرغبة “فتح” في الإبقاء على عباس، قائلاً: “استقالة الرئيس تأتي لإثارة الشارع وجس النبض، في محاولةٍ من حركة “فتح” للإبقاء على شخص عباس”.

وأكد الرمحي الأمر بالقول: “ما قام به أبو مازن مناورة سياسية واضحة ومكشوفة، خاصة بعد فشل المفاوضات وتزايد الضغوط الأمريكية فيما يتعلق بالقدس و”الاستيطان” و”تقرير غولدستون”، وأيضًا فشله في ملف المصالحة، وهو ما سيسجِّله التاريخ في صفحات عباس”.

قرار غير مأسوف له

من جانبهم أبدى النواب استياءهم مما جرى على الساحة الفلسطينية في عهد عباس، واعتبروا قراره متأخرًا مقارنة بحجم الويلات التي مني بها الشعب وقضيته.

وقال النائب محمد ماهر بدر: “على إثر الفضائح التي منيت بها السلطة -وخاصةً الاتهامَيْن اللذَيْن وجِّها إليها بخصوص حرب غزة و”تقرير غولدستون”، وظهورها أقل من مستوى آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته- بات واضحًا أن محمود عباس الذي يمثل هذه السلطة، لا يستحق أن يبقى رئيسًا للشعب الفلسطيني، وليس جديرًا بذلك، فأراد أن يقوِّيَ من شعبيته ويجمِّل صورته كي ينتخبه الشعب الفلسطيني في دورة قادمة، فقام بمثل هذه الخطوات لكسب الأصوات ورد الاعتبار”.

وطالب الدكتور إبراهيم أبو سالم عباسَ بأن يفتح المجال للكفاءات الكثيرة الموجودة كي تأخذ دورها، قائلا: “لا أتمنى أن يتراجع عباس عن قراره؛ حتى يتيح الفرصة للكفاءات الكثيرة الموجودة كي تتحمَّل المسؤولية، ولأني أرى أنه يشعر بأعباء كثيرة عليه، ويجب أن يريح نفسه منها، لكن أتوقع أن يتراجع عباس عن قراره؛ لأنه -ككل الأنظمة العربية- يحكم حتى يموت، ويورثها أبناءه.. أيضًا عباس ابن حركة “فتح”، والحركة لها مؤسسات، وإن طالبته بالعدول عن قراره -وهو ما أتوقعه- فإنه سيأخذ برأيها”.

دعاية وتلميع للصورة

أما فيما يخص زيارات عباس إلى المدن الفلسطينية، خاصة بعد إعلانه عدم رغبته في الترشح، فقد اعتبرها النواب جزءًا من الدعاية الانتخابية التي يمارسها عباس لتلميع صورته أمام الشعب؛ حيث تقول النائب سميرة الحلايقة: “مشاركة أبو مازن في الانتخابات القادمة أو عدم مشاركته لا تعني لنا الكثير، ولا أرى فيما يجري الآن من محاولات الضغط التي تمارس لإجبار أبو مازن على العدول عن قراره، إلا جزءًا من الدعاية الانتخابية لفريق السلطة، وهذه الفبركات الإعلامية تعبِّر عن واقع مأزوم لفريق السلطة، وعن حجم الصراعات داخل القيادات السياسية في السلطة وحركة “فتح”.. إذا كان أبو مازن لا يريد ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية فلماذا يطوفون به في المدن والقرى الفلسطينية ويعلقون له الصور واللافتات؟!”.

من جهته اعتبر النائب محمد مطلق أبو جحيشة قرار عباس مسرحية لتعزيز مكانته، قائلاً: “هذه مسرحية منه ليعزز مكانته التي باتت في الحضيض، وليس أدل على ذلك من الجولات التي يقوم بها في محافظات الوطن، كما فعل في الخليل؛ حيث تعالت بعض الأصوات غير المسؤولة المؤيدة له، وهو بذلك يسلك النهج الذي انتهجه بعض الحكام العرب لتعزيز مكانتهم، كما حصل في مصر بعد هزيمة 1967م، أو أن الرجل أحرق سفنه ولم يحصل على شيء، ولم يعد ذا قيمة عند الأمريكان و”الإسرائيليين” -ولها دليلها من تصريحات “روبرت غيتس” وكلينتون والتي قالت إن أمريكا ستتعامل مع عباس سواء كان في الحكم أو لا- فقام بهذه الخطوة تعليقًا عليها، وجمعًا بين الرأيين نقول إنه أراد أن يعزز مكانته ليستمر في نهجه”.

وأضاف: “كان من الأولى أن يصارح أبو مازن شعبه، ويكشف الأوراق بجدية، ويعلن أن النهج الذي سلكه لن يجنيَ منه شيئًا، أو أن يدعوَ “المجلس التشريعي” -وهو الذي صرَّح قبل يومين في لقاء على فضائية “أبو ظبي” بأنه يحترم القانون والدستور- فيطالب بانعقاد المجلس ويخبر أعضاءه بالطريق المسدود الذي لم يحقق منه شيئًا”.

وأرجعت النائب منى منصور الأمر إلى الموقف المحرج الذي وضعه الصهاينة والأمريكان فيه قائلة: “عباس لا يملك أوراق قوة، ويحارب المقاومة، فآثر الخروج بنفسه حتى يضع حلفاءه في مأزق ليجدوا بديلاً له، في خطوةٍ تكتيكيةٍ ليرفع شعبيته ويحقِّق بعض المكاسب السياسية التي لم يحققها في المفاوضات، لكن الأمريكان و”الإسرائيليين” وضعوه في موقف محرج أكثر أمام شعبه؛ فلم يقدموا إليه أية تنازلات من أجل إعادة المفاوضات السلمية التي لم تحقق للشعب الفلسطيني أي حلم بالدولة، رغم أنه حاول تطبيق كل ما طُلب منه خلال الاتفاقيات من “خارطة الطريق” إلى “أنابوليس” وغيرهما دون مقابل”

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات