الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال.. ثبات وصمود في برد الشتاء القارس

لا تزال قضيتنا المركزية التي تؤرق بالنا وتشغل تفكير كلٍّ منا هي مصير أسرانا الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الصهيونية؛ فلا تزال قضيتهم حية على الرغم من قلة المعلومات عنهم.

الأسرى الشهداء الأحياء الذين قدموا دماءهم وأوقاتهم رخيصة فداءً لفلسطين وللقدس وللعروبة؛ جاءهم الشتاء وهم محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية والملابس والأغطية وغيرها؛ فحرمانهم يؤكد الحقد الدفين للسجان الصهيوني، فرغم كثرة الإجراءات ضدهم يعلِّمون الأحرار طرق العزة والكرامة.

فبعد أن منع الأسرى من الزيارات جاءهم الشتاء والبرد القارس، وأبناؤهم محرومون من دفئهم وحنانهم؛ فمن جديد تظهر معاناتهم داخل السجون من خلال الحديث مع المؤسَّسات وأهالي الأسرى في التقرير التالي.

برودة الطقس

“مركز الأسرى للدراسات” أكد أن الفصل الشتوي سيؤثر في صحة الأسرى في ظل نقص الملابس والأغطية، موضحًا أنهم يتعرَّضون لموجة من البرد والمطر وسط حرمان من الحاجات الأساسية من الملابس والأحذية والأغطية.

وأضاف المركز أن هنالك قلقًا جديًّا -عند الحديث عن الأمطار- يساور أهالي الأسرى عامة والممنوعين من الزيارات على وجه الخصوص، مشيرًا إلى أن “الأهالي يتساءلون عن كيفية تلبية حاجات أبنائهم في السجون من ملابس وأغطية بعد دخول الشتاء”.

وأوضح المركز أن منع أهالي الأسرى من زيارة أبنائهم فترات طويلة بحجج أمنية واهية؛ يهدف ‘اة تلضغط النفسي علي الأسرى وأهاليهم.

صمود متواصل

أم أحمد زوجة الأسير نافذ حرز من منطقة الدرج شرق مدينة غزة، قالت لـ”شبكة فجر الإعلامية” إن زوجها الأسير نافذ أحمد حرز اعتقل في (24-11-1985)، وخلال الشهر الحالي سينهي عامه الرابع والعشرين ويدخل في الخامس والعشرين.

وأضافت أم أحمد أن “التهم الموجَّهة إلى زوجي الأسير هي الانتماء إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وقتل جندي صهيوني قبل الانتفاضة الأولى، وقد حكمت عليه المحكمة “الإسرائيلية” بالسجن مدي الحياة”.

وأكدت أم أحمد أن سلطات الاحتلال منعتهم من زيارة الأسير منذ ثلاث سنوات، وأنهم في الفترة السابقة لم يستطيعوا أن يزوروا الأسير كثيرًا، مضيفة أنه منذ عام 2002 حتى الآن لم تر زوجها الأسير سوى ثلاث مرات.

صعوبة الأوضاع

وأوضحت أم أحمد أن وضع الأسرى داخل السجون صعب جدًّا؛ حيث إن الصليب الأحمر لا يزور الأسرى دائمًا، وإنما يلتقي بممثلين لهم فقط.

وقالت أم أحمد: “أما نحن كعائلة أسير فلدينا تواصل مع محامين في مدينة القدس، وهم الذين يطمئنوننا عليه بصورة مستمرة”، مؤكدة أن آخر مرة زار فيها الصليب الأحمر زوجها الأسير كانت أثناء الحرب علي قطاع غزة.

وبخصوص الحالة الصحية لزوجها بيَّنت أم أحمد والدموع تنهمر من عينيها أن زوجها كباقي أسرى الشعب الفلسطيني؛ كان يعاني من عدة أمراض، وقد نقل على إثرها إلى “مستشفى الرملة”، وقد تحسنت بعد ذلك حالته الصحية.

قلة التواصل

وعن آلية التواصل مع الأسير قالت أم أحمد: “نحن نتواصل مع أبو أحمد عن طريق الرسائل التي تصل من الصليب الأحمر، أما بالنسبة للأموال التي نرسلها فهناك صعوبة كبيرة عند كل سكان قطاع غزة في إيصال الأموال إليهم، وهذه الصعوبة متعلقة بإدارة السجن”.

وأكدت أن أهاليَ الأسرى -ومن خلال الوقفة الأسبوعية لهم أمام الصليب الأحمر- طلبوا منهم معالجة إدخال اللوازم والاحتياجات والأموال لأسراهم، وقد وعدت ممثلة الصليب الأحمر في غزة بالعمل على معالجة هذه الأمور، وخاصة أن الأسرى بحاجة ماسة إلى الأموال واللوازم اللوجستية داخل السجن.

أحكام جائرة

وفي نفس السياق قال محمد الشوا شقيق الأسير أيمن أسعد الشوا إن شقيقه أيمن معتقل منذ عام 1993م بتهمة الانتماء إلى “كتائب القسام” ولشروعه في قتل عدد من الجنود والعملاء، وقد حكمت المحكمة الصهيونية عليه بالسجن 550 عامًا.

ومضى يقول إن شقيقه رفض أن يعرض على المحكمة، “وقال لرئيس المحكمة: أنت لا تصلح لكي تكون في هذا المقام، وسيأتي اليوم الذي أحاكمك أنا فيه في مثل هذه المحكمة؛ ما دفعهم إلى أن يزيدوا فترة الحكم عليه 50 عامًا”.

وأكد محمد الشوا أن عائلته ممنوعة منذ بداية الانتفاضة السابقة من زيارته، موضحًا أن وضع الأسرى داخل السجون يرثى له؛ لأنهم يتعرَّضون لمضايقات كثيرة، ولتفتيش مفاجئ، بالإضافة إلى حاجتهم الآن بعد دخول فصل الشتاء إلى المستلزمات والملابس الشتوية، ولكن قوات الاحتلال لا تسمح بإدخال اللوازم لهم.

الاحتياجات الشتوية

من جانبه قال عبد الله قنديل الناطق باسم جمعية “واعد للأسرى والمحررين”: “نحن في جمعية “واعد” نعمل على التواصل مع المؤسَّسات والجمعيات الدولية من أجل فضح الممارسات التي تقوم بها “دولة “الاحتلال ضد الأسرى”.

وأضاف قنديل أن عدد الأسرى داخل السجون بلغ أكثر من عشرة آلاف أسير، وهذه إحصائية غير نهائية ومتغيرة بين لحظة وأخرى، كما يوجد بداخل سجون الاحتلال من قطاع غزة ما يزيد عن 800 أسير.

وتطرَّق قنديل إلى وضع الأسرى داخل السجون قائلاً: “وضع الأسرى داخل السجون صعب جدًّا، وخاصة أن منهم مرضى، كما أننا دخلنا على فصل الشتاء والأسرى بحاجة إلى الملابس واللوازم الشتوية”.

وقال قنديل: “إن سلطات الاحتلال حتى هذه اللحظة لم تسمح بدخول الاحتياجات الشتوية للأسرى”، مضيفًا أن جمعية “واعد” تتواصل مع عدد من المنظمات الدولية والعربية لشرح معاناة الأسرى بالتفصيل.

ولفت قنديل إلى أن جمعيته تتواصل مع كل المنظمات والمؤسسات الأهلية، ولكن كل ذلك يحتاج إلى وقت لإجبار الكيان الصهيوني على الاستجابة لمطالب الأسرى الفلسطينيين.

ومع كل هذه الإجراءات التعسفية ضد الأسرى الفلسطينيين فإنهم لا يزالون يمثلون أروع أسطورة في الصمود داخل السجون، ولسان حالهم يقول” “لو منعوا عنا كل شيء ولو منعوا عنا الهواء سنبقى صامدين ولن نستسلم للسجان الغاصب”.