الإثنين 12/مايو/2025

غزة..إننا قادمون.. فيلم عن أبطال كسر الحصار

غزة..إننا قادمون.. فيلم عن أبطال كسر الحصار

أثينا – المركز الفلسطيني للإعلام

“غزة.. إننا قادمون” فيلم وثائقي عن محاولات كسر الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة، يتحدث عن أبطال كسر الحصار الظالم عبر البحر؛ حيث شكل الفيلم ثمرة تعاون عربي يوناني مضنٍ، وتناول ما جرى خلف كواليس رحلات أبطال كسر الحصار.

بداية الفكرة

منتج الفيلم الصحفي الفلسطيني الأصل نسيم الأطرش، والذي يعمل بجريدة “اليفثيروتيبيّا” اليونانية، يرى أن الجديد في فيلمه هو التحضير والتنظيم لكسر الحصار، وتابع “رسختْ الفكرة في ذهني حين أدركت أن أحداً لن يعطي تجربة المشتركين في قوارب فك الحصار ما يستحقونه من اهتمام، وقد كنت أتابع جوانب عملية كسر الحصار، عبر أصدقاء كانوا يطلعونني على الصعوبات والعراقيل التي قابلتهم، وكيف كانوا يتخطونها بتصميم وإرادة، وعندها أدركت أنني أمام أناس فلسطينيين أكثر مني، وأنهم يحملون قلوباً فلسطينية صافية، وأن فلسطين أصبحت فكرة عدالة ونضال”.

وأضاف “ لقد كان يوم كسر الحصار، ودخول القاربين إلى ميناء غزة يوم حلم، كان يوماً بألف يوم، وأصبح ميناء غزة حينها أجمل نقطة في الكون، وقد أعطت التغطية المباشرة التي كانت تقوم بها قناة الجزيرة للقصة وأبطالها أبعادها الثلاثة، وسطرت في كتاب تضامن الشعوب أجمل صفحاته، وعندها أدركت أن العقل المفكر في الجزيرة قد أمسك بطرف الخيط، وأن هذه القناة العربية قد أدركت أين تكمن القصة، وعرفت من يملك أسرار المغامرة”.

بدء العمل

التقى الأطرش بعد رجوع القاربين من غزة مع أبطال بحر ايجة والمتوسط، حيث سجل قصتهم بكافة أبعادها بكاميرته الشخصية، واتصل بقناة الجزيرة وطرح عليها فكرة الفيلم، وطلبت القناة تصوراً يتضمن كافة التفاصيل الفنية والمادية، ولكن اقتراحاً كهذا يتطلب شركة إنتاج يونانية، وإمكانيات عربية فنية قادرة على التعاون مع تلك الشركة.

يقول الأطرش “أول إنسان يوناني خطر على ذهني كان (يورغوس أفيروبولوس)، وهو مخرج ذو قدرات عالية، يستطيع أن يصل بفكرة الفيلم إلى ذهن المواطن العربي، لأنه يحب غزة وأهلها، ولتأكدي من أنه قادر على كسب احترام وتقدير كادر الجزيرة، أما (يانيس كاربيديس) الذي يجمع صفات المخرج والفدائي معاً، فقد كسب ثقتي عندما ألقى وراءه كل شيء، من أجل أن يكون على متن أحد القوارب، ثم زادت ثقتي به عندما اطلعت على بعض أعماله”.

وأضاف “طلبت من زميلي (نيقولاس زيرغانوس) مساعدتي في هذا العمل، فلم يتردد لحظة رغم العبء الثقيل الذي يحمله من جراء عمله في صحيفة (اليفثيروتيبيّا)، وكان سعيداً أكثر مني بأنه سيكتب سيناريو قصة “غزة.. إننا قادمون”، ورغم أن هذا العمل كان خارج البرنامج السنوي لشركة الإنتاج، إلا أن (انستاسيا سكوبري) استطاعت أن تدير ميزانية برنامج الإنتاج المحدودة جداً بحنكة كاملة”.

وتابع الأطرش “شادي الأيوبي مراسل الجزيرة نت، والذي اكتسب ثقتي بفضل الكنز اللغوي الذي يمتلكه ولعمله الصحافي الهادف، وعليه فقد كنت متأكداً أن نجاح تعريب الفيلم يعتمد عليه”.

 

صعوبات ذلّلتها الإرادة

يؤكد الأطرش أن فترة الدبلجة إلى اللغة العربية كانت من أسعد لحظات العمل في الفيلم وأصعبها على الإطلاق، كونها نقطة اختبار لقدرة الجميع على التعاون رغم الاختلافات الثقافية والفكرية والدينية، وهي إحدى رسائل الفيلم –والكلام له-، وقال “عندما أتى وقت الدبلجة العربية للفيلم فتحت مفكرتي وبدأت الاتصال بأصدقاء عرب ورفاق درب لدعوتهم لإعطاء أصواتهم لأبطال كسر الحصار، أتى الكثير منهم، وعج مكتب الشركة والاستديو بأصوات عربية رائعة، كانت الفرحة تعم الجميع عندما كنا نعثر على صوت ملائم لصوت يوناني أو انكليزي”.

كما أكّد على تعاون العرب واليونانيين بشكل خلاق خلال العمل، رغم قدومهم من آفاق حضارية مختلفة، والتي وُضعتْ جانباً من أجل غزة وشعبها، ومن أجل أن يكسروا الحصار، ولكي تُجلَبَ الابتسامة إلى أهالي القطاع.

 المخرج (يورغوس افيروبولس) يرى أن من أهداف الفيلم توصيل رسالة إلى أكبر عدد من المشاهدين، مفادها أن “إسرائيل” تفرض حصاراً ظالماً على مئات الآلاف من الفلسطينيين، وأنه من الممكن كسره.

وقال ” وافَقتُ أنا وزوجتي مديرة شركة الإنتاج (أناستاسيا سكوبري) على فكرت نسيم الأطرش فوراً، حيث رأينا في فكرة تسجيل مهمة لم يعرف بأمرها سوى القليلين فكرة ذكية، إذ تم تنظيمها في اليونان، والمُنظمون الرئيسيون كانوا يونانيّين، فهم الذين قاموا بالعثور على المراكب وأصلحوها سرًا في أحواض صغيرة بعيداً عن الأنظار”.

وتابع “بعد مجهود كبير مع زملاء كثر شاركوا معنا، أنهينا الفيلم، وقمنا بعرض تجريبي له، وقد كانت فكرتنا بأنه إذا أَعجبَ الفيلم الأشخاص الذين عاشوا البِعثَة، فإن ذلك يعني نجاحه، وعندما انتهى الفيلم، كانت الدموع واضحة على الوجوه. فشعرنا بأننا قد حققنا شيئاً لا يقل أهمية عمّا قاموا به هم من عمل”.

ويرى (افيروبولس) في تجربته بالعمل لقناة الجزيرة باللغة العربية تحدياً كبيراً، بالرغم من أنه وفريق عمله قاموا منذ العام 2000 بعمل أكثر من 70 فيلماً وثائقياً عرضت على التلفزيون اليوناني وفي شبكات دولية كذلك، غير أنّ هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها بعمل فيلم وثائقي لشبكة عربية.

وقال “عندما حان وقت دبلجة الفيلم إلى العربية، كنت أتساءل عمّا إذا كانت ترجمة المعاني تتم بالشكل الصحيح؟ ولكن لحسن الحظ، كان بجانبي السيد شادي الأيوبي الذي أشرف على المسألة، بعدها كنت أقعد مكتفياً بسماع إيقاع ولحن تلك اللغة الجميلة. وقد كان التعاون مع الجزيرة مِثالياً. فالعاملون فيها كانوا أكثر من مُحترفين”.

ويؤكد (افيروبولس) أن ما أراده هو وجميع من شارك في عمل الفيلم، القول أن بُسطاء الناس بإمكانهم كتابة التاريخ وتحقيق إنجازات عظيمة. فهو يعتقد بأن التاريخ يكتب بيد الذين يعتبرهم المستسلمون “غير واقعيين” أو “غريبين” عنه، مشدداً على أن عملية كسر حصار غزة من أندَر وأجمل لحظات النشاط الاجتماعي في التاريخ المعاصِر.

الخوف من العواقب  

وردّاً على سؤال للمخرج (يانيس كاريبيدس)، العضو في مجموعة كسر الحصار عن غزة، ومخرج الفيلم الذي عن الخوف من عواقب مثل هذه الرحلة، أكّد بأن الخوف يتبخر عند النزول على أرض فلسطين، حيث أشار إلى الجواب الذي تلقاه من الشباب الفلسطينيين الذي استقبلوه في عرض البحر سابحين حول المركبين، غير آبهين بالخطر رغم تحذيرهم لهم.

وأردف قائلاً “لقد عايشت عن قرب أجواء غزة المشحونة بتساؤل حائر يقول، (لماذا أنتم الأجانب وليس إخوتنا العرب؟). كما عايشت الإزعاج الذي تمثل في أسئلة الموساد، واتهامهم لنا بأن دافعنا هو الربح. ولذا فإن اهتمامي كان مركزاً على توضيح الدوافع الحقيقية لأبطال هذه الرحلة”.

وأشار (كاريبيدس) إلى القصد من وراء التصوير في مدن كثيرة في اليونان مثل (سبتسس) و(اريتريا) و(كاسيلوريزو) و(فولوس) و(كوموتيني)، وعدم الاكتفاء بـ(أثينا) فقط إلى الإثبات بأن الإبحار في حوض المتوسط لم يعد حراً للمرة الأولى منذ 3000 عاماً، وأن الاتصال بين شعوبه قد أصبح تحت رحمة العربدة الصهيونية، وأن الشعب اليوناني صاحب التاريخ العريق في ركوب البحر، هو بكامله إلى جانب الشعب الفلسطيني. وأن المدن التي زارها كانت مجرد محطات في رحلته البحرية إلى فلسطين، حيث وجد دعماً بلا حدود في تلك الأماكن.

وأكد على أن مكتب الإنتاج وجميع الذين تعاونوا في الفيلم، قابلوا العمل والبشر الذين قاموا به، بما يستحقونه من احترام، واحترام خاص لي “المقاومة الموحدة” للشعب الفلسطيني.

“نيكولاس” زيرغانوس وسرية العمل

كاتب السيناريو (نيكولاس زيرغانوس) يتحدث عن السرية خلال العمل في الفيلم ويقول “علمت بأمر الفيلم قبيل الانطلاق، حيث أن اثنين من أصدقائي على الأقل كانا ضمن المشاركين، وبعد ذلك تابعت مسيرة الرحلة عبر قناة الجزيرة”.

وأضاف: “نسيم الأطرش هو من فتح لي الطريق، إذ كان يزمع إنتاج فيلم وثائقي عن الرحلة، وهو زميلي في صحيفة (إلفثئروتيبيا)، حيث طلب مني التعاون في تنفيذ الفيلم، وقد وافقت على الفور، فتحدث إلى (آفيروبولوس)، وهو صديق تعاونت معه لسنوات طويلة، فدعاني هو أيضاً للمشاركة”.

ويؤكد (زيرغانوس) استعداده الكامل للسفر إذا ما تم تنظيم رحلة مماثلة إلى القطاع، وقال “رغم أنني لم أكن على المركب، ولكنني مستعد كلما طلبوا إليّ ذلك”. مشيراً إلى أن المراكب ليست أكثر من وسيلة ضغط –حسب رأيه-، ولتحسيس المجتمع الدولي بما يحدث في غزة، خاصة وأن تلك المراكب قد تمكنت من كسر الحصار، مؤكداً أن المسألة سياسية بالدرجة الأولى، ولا تُحل بغير الوسائل السياسية.

ويؤمن بأن الفيلم في حد ذاته رسالة حول ما يحدث في غزة، رسالة تقول أنه بالإمكان كسر الحصار بالرغم من قسوته ولاإنسانيته، وأن الوضع قد وصل إلى حد لا يمكن احتماله، بل إنه تجاوز كل الحدود، وأن الحكومات الأوربية والعربية تتحمل مسؤولية كبيرة في ذلك، وإن أقل قدر من المسؤولية بطبيعة الحال، يقع على الفلسطينيين، وذلك مقارنة بمسؤولية المجتمع الدولي.

 وفي نهاية حديثه شدد (زيرغانوس) أن تجربته كانت جدّ مؤثرة، خاصة وأنه لم يشارك شخصياً في الرحلة، فقد كان ذلك نوعاً من التعويض، وقال “رغم ذلك فما زلت أشعر بالغيرة تجاه من كانوا في المراكب”.

جنود مجهولون

وخص القائمون على الفيلم مجموعة من الشخصيات التي ساهمت بمجهودها في إنجاح الفيلم، شاكرين كلاً من المفاوض الصعب زيدون البدري، ومخرجة النجاحات روان ضامن ، و السيدة (داناي ليفاذا) والصديق (اخيلئياس كوريمئنوس) لدورهم الممتاز في النسخة الانكليزية للفيلم وفي ترجمة المقابلات وكتابتها، وكذلك الرفيق المناضل (بتروس يوتيس) والصحافيين في جريدة (كوندرا) لدورهم في نقل وكتابة بعض آخر من المقابلات.

وكذل

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات