السبت 27/يوليو/2024

محطات مضيئة في منهج التغيير عند الشهيد الإمام أحمد ياسين (7)

د. نافذ سليمان

 

4-الحكمة السياسية:

تتعدد مظاهر الحكمة في حياة الشيخ في كافة الميادين التربوية والدعوية والسياسية والعسكرية والاجتماعية ، ولعلنا ذكرنا فيما سبق طرفاً عند الحديث عن سمات الشيخ ما يؤكد ذلك ، ونود هنا أن نضيف مظاهراً جديدة تتعلق بالحكمة السياسية بشكل خاص ومن ذلك:

– إن تسمية الحركة بحركة المقاومة بدل حركة الجهاد دليل على الحكمة ” ولا شك أن مبررات ذلك هو عالمية مصطلح المقاومة ، خلافاً لمفهوم الجهاد فهو اصطلاح إسلامي صرف ، كما أن هذا الأخير يتعامل معه الآخر الأجنبي بحساسية ناتجة عن أحداث التاريخ القديم”[1]

-الموقف من منظمة التحرير،وعدم طرح حماس نفسها كبديل لها ، إنما كما قال الشيخ “أنا أعتقد أن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني لكني أتحفظ على خطها الذي يدعو إلى إقامة دولة علمانية ، والعلمانية تعني لادينية ، وأنا كمسلم وهم كمسلمين ، يجب أن يلتزموا بالإسلام ، ويجب أن يكون دين الدولة المزمع إقامتها في أي بقعة من أرض فلسطين الإسلام..”[2]

-تميز الشيخ كذلك بقدرته على إحراج إسرائيل وكشف صورتها الحقيقية أمام العالم حين بادر أكثر من مرة لعرض هدنة مع المحتل ، أو تجنب قتل المدنيين ، وأن صراعه مع إسرائيل ليس لكونهم يهودا ، بل لكونهم محتلين ،وأن الحركة داعية للسلام لأن السلام من الإسلام ، وكان في ذلك يكسب ود السلطة والوساطات العربية والعالم الغربي.

-كذلك مواقفه السياسية من احتلال العراق للكويت حيث أدان ذلك ، وفي نفس الوقت أدان التآمر الدولي بقيادة أمريكا ضد العراق ، فحافظ على التوازن في علاقات الحركة بالعالم العربي.

-وحافظ كذلك على علاقات طيبة مع الأنظمة السياسية العربية ، فلم يستعدها عليه بل جعل منها سنداً لقضيته وشعبه ، حتى إنه أدان التفجيرات في السعودية والدول العربية الأخرى.-

– ومن مظاهر حكمة الشيخ عدم نقله للصراع مع اليهود إلى خارج الوطن، لأن المعركة يجب أن تبقى داخله، وعلى الفلسطينيين أن يكسبوا العالم لنصرة قضيتهم، وفي ذلك يقول الشيخ:

“وأنا محتاج إلى من يقف إلى جانبي وليس إلى من يقف ضدي ،حتى الدول المعادية التي تقف إلى جانب الكيان الصهيوني، أنا احتاج إلى أن اعمل من جانبي ما لا يثير عداءها ضدي أو أن احصل على الأقل على وقوفها جانب الحياد ،ولذلك أنا لست في حاجة الآن لعمل منظمة عالمية لمقاتلة الكفر والعلمانية وغيرها، أنا في حاجة لعمل منظمة إسلامية ومؤتمرات إسلامية فقط لدعم القضية الفلسطينية ولدعم المقاتل الفلسطيني من أجل هذا أنا أوافق على عمل شيء عالمي ولكن ليس على أساس نقل الصراع إلى الساحة الخارجية سيبقى القتال والصراع والمقاومة على الأرض الفلسطينية حتى نصل إلى هدفنا وأنا لست في حاجة لان أثير نظاماً عربياً عليّ ولست في حاجة لان أثير نظاماً أوروبياً أو شرقياً عليّ، أنا في حاجة لان أشيع بين الناس ليتعاطفوا معي أو أن يقفوا على الحياد”[3].

وبعد هذا التحليل لسمات التحدي والمواجهة لدى الشيخ احمد ياسين -رحمه الله – سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ، تتضح لنا الصورة الوضيئة للشيخ المجاهد ، الإمام الرباني الذي كان إماماً لكل المجاهدين الصادقين ،الذين عاشوا من أجل فكرتهم وقضيتهم، حتى قضوا ولم يبدلوا أو ينكصوا على أعقابهم ، فعليه من الله سحائب الرحمة والرضوان هناك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


[1]الرقب: مرجع سابق 42

[2]عدوان : مرجع سابق ،165

[3]المركز الفلسسطيني للإعلام : حوار مع الشيخ

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات