الأربعاء 15/مايو/2024

محطات مضيئة في منهج التغيير عند الشهيد الإمام أحمد ياسين (6)

د. نافذ سليمان

2-عزة النفس وعدم موالاة أعداء الله:

لقد ذكر الله من صفات حزبه الغالبين “أشداء على الكفار رحماء بينهم “(الفتح،29) “أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم” (المائدة ،54) .

فالعزة على الكافرين وعدم اتخاذهم أولياء ، بل البراءة منهم ومعاداتهم ، ومجاهدتهم من علامات الإيمان الصادق والولاء الصحيح، ومثل الشيخ وحركته نموذجاً رائعاً للولاء والبراء ومجاهدة أعداء الله اليهود ، في عصرنا الحاضر حيث بهتت هذه المفاهيم ، وأعطى كثير من المسلمين ولاءهم لأعداء الله والكافرين ، حتى ساندوهم ضد إخوانهم المسلمين ، كحالة العراق وحتى داخل فلسطين من تنسيق أمني مع اليهود المحتلين.

وللشيخ المجاهد مواقف عزة وكرامة وإباء،نذكر منها على سبيل المثال أنه عندما حضر أحد ضباط الموساد إليه وقال له إن كتائب القسام تطالب بإطلاق سراحك مقابل الكشف عن جثة الجندي إيلان سعدون  فرد عليه الشيخ بعزة وكرامة: أنا لا أقبل على نفسي أن يفرج عني مقابل جثة،صعق الضابط الصهيوني من جواب الشيخ وقال له أنت تعرف مكان الجثة   ويضيف الشيخ عساف: “جاء مدير سجن (كفار يونا) ذات مرة يطلب ود الشيخ  في جلسة حوار وكان رد الشيخ :ليس لدي وقت أضيعه معك، احمر وجه المدير الصهيوني أمام ضباطه ورجع يجر أذيالالخيبة والفشل[1].

ولم يعترف الشيخ بقانونية المحكمة الإسرائيلية التي حاكمته بل قال بعزة المؤمن” المحكمة العسكرية غير مخولة بمحاكمتي لأن الاحتلال الإسرائيلي للقطاع غير قانوني ، ولهذا فلا توجد أي صلاحية في محاكمتي لدى هذه المحكمة” ، ورفض الشيخ أن يبدي ندمه أمام القاضي بقوله ” إنني فخور بما ينسب إلي، وإنني سأخجل من نفسي لو لم أشترك في إنشاء أجهزة التنظيم لكنس الاحتلال من القطاع”[2].

وعلى مستوى مجاهدة أعداء الله فلا يخفى على كل ذي بصر الدور الجهادي الذي قام به الشيخ وحركته في مقاومة الاحتلال منذ أوائل الثمانينات إلى الآن ، حيث يمثل جهادهم الخطر الأكبر على اليهود الغاصبين.

ولم يتأخر الشيخ وحركته عن دخول ميدان الجهاد إلا لضرورة الإعداد والتربية ،رغم أن نية الجهاد لدى الشيخ نية قديمة منذ بدايات الاحتلال، وهذا ما قاله الشيخ “كنت أريد أن ابدأ العمل العسكري منذ عام 67 بمجرد مجيء الاحتلال ، لكن الظروف المحيطة لم تساعدني” ، ويذكر أنه كانت هناك محاولة لاغتيال أحد ضباط المخابرات الإسرائيليين لقتله أحد أبناء الحركة لكن لم يستطيعوا ذلك لعدم وجود تخطيط وإمكانيات.[3]

3-الحفاظ على القواسم المشتركة:

بعد مجيء السلطة الفلسطينية ، ورغم قدرة الحركة على مواجهة ظلمها إلا أن ” الشيخ أحمد ياسين كان قد أسس لتوجه عظيم سيظل يذكره له التاريخ الفلسطيني، وقد ضبط به مسيرة حماس إزاء منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية الأخرى. قام هذا التوجه على مقولة أصبحت شبه مقدسة هي أن الحرب الأهلية «خط أحمر» عند حماس”[4].

ويقول إبراهيم غرايبة :” ويمكن القول إن حماس حققت نموذجا نادراً في تاريخ العملالوطني والمقاومة، فقد استطاعت أن تتجنب النزاع الفلسطيني- الفلسطيني، وحافظت علىهدفها المباشر في المقاومة والعمل، وهو الاحتلال فقط، فلم تشارك في أعمال عنفاستهدفت أهدافا غير إسرائيلية، واقتصرت ساحة المقاومة على فلسطين فقط”.

وعلى مستوى العلاقة مع التنظيمات الفلسطينية فقد اتسمت بالمودة والتعاون كما قال الشيخ ” سياستنا في حركة حماس سياسة المودة وعدم الصدام مع كل الفصائل وحتى مع السلطة التي تعتقل وتعذب ، سياسة حشد كل الطاقات ضد العدو الواحد وسياسة عدم الاصطدام مع الأنظمة حتى في الدول العربية وتوجيه القوة كلها ضد الكيان الصهيوني لأن انتصار الإسلام في فلسطين يعني انتصاره في كل الوطن العربي والإسلامي، وبناءً عليه تبقى علاقتنا مع الفصائل الإسلامية علاقة أخوة وتعاون وعلاقتنا مع الفصائل العلمانية علاقة فيها مودة ورحمة وفيها بعض التعاون، ولكن ليس على المستوى الميداني ولكن على مستوى التنسيق في العمل الجماهيري الشعبي والمسيرات وغيرها يوجد تنسيق مع كل الفصائل الإسلامية والعلمانية ولكن على مستوى الميدان العسكري يبقى كل واحد له عمله ويبقى هناك بعض التعاون إذا بعض الفصائل طلبت مساعدة أو مساندة من بعضها أو تقنيات أو غيرها”[5].

ويشهد لهذه السياسة مهدي الدجاني حين يقول” وبالنسبة لعلاقتها بالفئات المناظرة، فقد حافظت تلك القيادة على قدر جيد من التنسيق مع قيادات الفئات الأخرى، كما سمحت لتنظيمها أن يباشر قدراً من التنسيق العسكري مع التنظيمات الأخرى حتى تلك المخالفة لها في التوجه الفكري كالجبهة الشعبية أو في التوجه السياسي ككتائب شهداء الأقصى. وقد رسخ هذا الأمر مفهوم اللحمة والمصير المشترك الذي يربط أبناء الشعب في مواجهتهم لعدوهم”

وعلى مستوى العلاقة بالأنظمة العربية يقول الدجاني ” أما بالنسبة لعلاقتها بالإدارات الأساسية في الأمة، فقد نجحت تلك القيادة في تأسيس علاقات احترام مع تلك الإدارات بما وفر قدراً لا بأس به من التأييد الرسمي الضمني أحياناً والصريح أحياناً أخرى”[6]..


[1]http://www.palestine-info.net/arabic/spfiles/yaseen2/wamadat.htm

[2]عز الدين : مرجع سابق، (93،95)

[3]مقابلة خاصة مع الشيخ

[4]خالد الحروب : مقالة في موقع المختصر على الانترنت

[5]المركز الفلسطيني للإعلام : حوار مع الشيخ

[6]موقع المختصر على الانترنت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات