الأسرى المرضى .. شهداء مع وقف التنفيذ وتوقعات بارتفاع عدد الشهداء منهم

بعد صراع طويل دام عدة سنوات مع المرض، وسط إهمال طبي مقصود استشهد الأسير جمعة إسماعيل محمد موسى “أبو إسماعيل” (65 عاماً) من مخيم شعفاط بمدينة القدس المحتلة، بعد قضاء 15 عاماً في سجون الاحتلال اقتطعها من حكمه البالغ مدى الحياة، مكث أكثر من ثلثيها في مستشفي سجن الرملة، حيث كان يعانى من عدة أمراض أخطرها مرض انسداد شرايين القلب وضيق التنفس.
ومثلما رحل رفيق دربه الشهيد الأسير (محمد حسن أبو هدوان) صاحب الرقم (175) من قائمة شهداء الحركة الأسيرة والذي امضي ما يزيد عن 19 عاماً في السجون؛ عانى خلالها الويلات حتى انتقل إلى جوار ربه في 4/11/2004، بسبب الإهمال الطبي بمستشفى سجن الرملة.
تقول وزارة الأسرى والمحررين في تقرير لها أن الشهيد جمعه رحل في نفس المكان الذي احتضن جسد رفيقه أبو هدوان في تلك الغرف المظلمة التي تسمى كذباً بمستشفى وما هي إلا أماكن للقتل البطئ، والإذلال المبرمج، بعد صراع لسنوات مع المرض دون أن يتلقى كباقي الأسرى المرضى أي علاج مناسب لحالته الصحية، ولم تراعى إدارة السجن وضعه الخاص كرجل مسن، وجسده ضعيف، ولا يتحمل تلك الأمراض الكثيرة والصعبة التي كان يعانى منها، وكان الشهيد (موسى) يشعر بقرب انتهاء اجله، وأكثر ما كان يقلقه هو أن يفارق تلك الحياة دون أن يستطيع أن يجتمع بأولاده وزوجته خارج القضبان ولو لساعات قليلة، وهذا ما حدث بالفعل حيث انتقل الشهيد إلى جوار ربه داخل السجون بعيداً عن أهله وأبنائه الستة.
وأوضحت الوزارة بان استشهاد الأسير جمعه يسلط الضوء من جديد على جرائم الاحتلال التي يمارسها بحق أسرانا داخل السجون الذين يزيد عددهم عن(11500) أسير فلسطيني وعربي، والتي تهدف في مجموعها إلى إعدام الأسرى نفسياً ومعنوياً وجسدياً بشكل بطي، وفى مقدمة تلك الجرائم ممارسة سياسة الإهمال الطبي المتعمد والذي يهدد حياتهم بالموت، ويجعلنا ننتظر الضحية الجديدة للإهمال الطبي ،حيث استشهد (49) أسير نتيجة هذه السياسة الجائرة.
واعتبر رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة بان الأسرى في سجون الاحتلال هم شهداء مع وقف التنفيذ، ففي أي لحظة قد سمع نبأ استشهاد الأسير رقم 197، حيث كان قد استشهد 196 أسيراً، منهم (119) أسيرا سقطوا داخل السجون بينهم (49) بسبب الإهمال الطبي أخرهم الشهيد (جمعه موسى) من القدس ،وسبقه الشهيد (فضل شاهين) من غزة استشهد في سجن بئر السبع نتيجة الإهمال الطبي ، وهناك (70) شهيداً سقطوا نتيجة التعذيب الشديد.
مئات المرضى
وأوضح الأشقر بأن هناك أكثر من (1450) أسير مريض يعانون من أمراض مختلفة، بينهم أكثر من (500) أسير بحاجة إلى عمليات جراحية وعلاج عاجل، ومن بينهم (170) أسير يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة للغاية منها القلب والسكري والسرطان، والفشل الكلوي والشلل بالإضافة لعشرات الأسرى المرضى الذين يعانون آلام ومضاعفات خطيرة جراء إصاباتهم أثناء عمليات الاعتقال ومن بينهم الأسير(منصور محمد عزيز موقده) من جنين والذي يطلق عليه الأسرى لقب (الشهيد الحي) نظراً لخطورة حالته الصحية، حيث كان قد أصيب بثلاثة رصاصات في البطن والحوض والظهر أثناء اعتقاله، أدت إلى إصابته بشلل نصفى وتهتك شديد في المعدة والأمعاء، له الأمر الذي اضطر الأطباء لتركيب أجزاء اصطناعية في المعدة والأمعاء لكي تستمر في العمل بشكل جزئي، ولا يمكن للأسير أن يقضي حاجته في المرحاض مطلقاً فقد وضع له كيس للبول وكيس للبراز، حتى انه لا يشعر بنفسه عند التبول أو البراز، ويتحرك على كرسي، في الوقت الذي لا تقدم له إدارة سجن مستشفى الرملة سوى الأدوية المسكنة فقط. ولا يوجد أدنى اهتمام بعلاجه على الرغم من حاجته لإجراء فحوصات دورية باستمرار، كما يحتاج الأسير إلى إجراء عملية جراحية تشكل خطرا على حياته وفق ما أفاد به الأطباء، وعلى الرغم من أن نسبة نجاح هذه العملية 1% فقط، إلا أن الأسير موقده مصر على إجراء هذه العملية رغم خطورتها على حياته ليتخلص من الألم الذي لا يحتمله إنسان.
ويعانى الأسير رامز محمد الحاج (26 عاماً) من انفصام عقلي شكاك، وهو الأمر الذي يجعله غير مسؤول عن أي تصرف يصدر عن.، لا تراعى إدارة السجن حالته النفسية الصعبة على الرغم من معرفتها للمرض الذي يعانى منه، بل تضعه في العزل الانفرادي منذ أكثر من عام، الأمر الذي يزيد من تدهور وضعه النفسي.
انتشار السرطان
وأشار الأشقر إلى انه في الآونة الأخيرة بدا ينتشر مرض السرطان داخل السجون، حيث هناك (16) أسيراً مصابين بالسرطان ومن بينهم الأسير رائد محمد درابية (35 عاماً) من قطاع غزة، والمعتقل في سجن (ايشيل ) بالسبع، الذي يعانى من وجود سرطان نادر في الظهر، وحالته الصحية خطيرة، وتتحمل إدارة السجون المسئولية الكاملة عن تدهور صحته حيث كان يعانى منذ ثلاث سنوات من الآم شديدة في الظهر، ولم تبالي إدارة السجن بحالته الصحية ولم تقدم له العلاج اللازم منذ البداية، إلى أن تدهورت صحته بشكل أكبر مما استدعى نقله إلى المستشفى وإجراء عدة عمليات جراحية له فشلت جميعها في شفائه، ويعانى الآن من تأكل في اللحم، وظهره ينزف دماً بشكل مستمر، وأن عظام ظهره مكشوفة بعد تأكل اللحم عنها، ويحتاج بشكل عاجل إلى عملية حساسة وخطيرة في النخاع الشوكى، وأن فشل تلك العملية يمكن أن يؤدى له إصابة الأسير بالشلل أو الموت.
وعلى الرغم من ذلك تماطل إدارة السجن في إجراء العلمية له مما يعرض حياته أكثر للخطر الشديد، وتقوم إدارة السجن بعزله في غرفة طوال النهار بحجة مراقبته صحياً، ألا انه في الواقع لا تقوم بهذه المتابعة ولا يقوم طبيب السجن بزيارته.
كما تعانى الأسيرة أمل فايز جمعه (36 عاماً) من نابلس بسرطان في الرحم وحالتها أيضاً خطيرة، ولا تلاقى حالياً الاهتمام الكافي من قبل إدارة السجن، علماً بان الأسيرة (جمعه) لا تستطيع الحركة، ولا تقوم إلا بمساعدة الأسيرات في نفس الغرفة، وكانت قد عانت قبل شهور من اكتشاف المرض من نزيف حاد وألام في البطن ،ولم تقدم لها إدارة السجن اى علاج أو تتابع حالتها الصحية لمعرفة سبب للنزيف إلى أن تم اكتشاف إصابتها بسرطان الرحم نتيجة الإهمال الطبي.
قتل ممنهج
وكشف الأشقر بأن غالبية المعتقلين الفلسطينيين يواجهون مشاكل في أوضاعهم الصحية نظراً لتردى ظروف احتجازهم في السجون الإسرائيلية، فخلال فترة التحقيق يحتجز المعتقلون في زنازين ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة، ويتعرضون لسوء المعاملة، والضرب والتعذيب، والإرهاق النفسي والعصبي، مما يؤثر على أوضاعهم الصحية بشكل سلبي، وهذا الزنازين عادة ما تكون مزدحمة ومكتظة وتنتشر فيها الرطوبة، ولا يوجد بها أغطيه كافية، ولا تهوية مناسبة، ولا أمكانية للاستحمام، والطعام الذي يقدم للأسرى رديء وكمياته قليلة، ويعانى المعتقلون من نقص شديد في مواد التنظيف والتعقيم مما يحول دون إمكانية تصديهم للأمراض وخاصة الجلدية التي تنتشر بكثرة بين الأسرى.
وليست الأوضاع في السجون بأحسن حالاً من الزنازين، حيث أنها تفتقر إلى العيادات المناسبة والمجهزة للعلاج، وان ما يوجد في السجون هو غرف عادية يطلق عليها عيادات لا يوجد بها أدوية أو أجهزة طبية أو مخبرية، وهى خالية أيضاً من الأجهزة اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة كالكراسى المتحركة والأطراف الصناعية، والنظارات الطبية.
وكذلك تفتقر تلك العيادات إلى الطواقم الطبية المتخصصة، وهناك بعض السجون لا يوجد بها طبيب أصلاً، وان وجد غالباً ما يكون ممرضاً وليس طبيب، أي لا يستطيع أن يشخص الأمراض أو يقدم علاج مناسب، إنما مهمته الوحيدة هو صرف حبة “الأكامول السحرية” التي يعالج بها كل الأمراض المستعصية داخل السجون ، هذا بالإضافة إلى الدور الخطير الذي يمارسه ما يسمى الطبيب الصهيوني فهو لا يختلف كثيراً رجل المخابرات بل ويقوم بدوره في كثير من الأحيان حيث يساوم الأسير المريض على تقديم العلاج مقابل الإدلاء باعترافات معينة أو الارتباط مع المخابرات، وينظر إلى الأسرى المرضى نظرة عداء وكراهية، ولا يرغب في تخفيف آلامهم أو شفاء أمراضهم.
انتهاك للقوانين
واعتبر الأشقر أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من حرمان المرضى من العلاج هو “انتهاك صارخ لكل الأعراف والأخلاق والمواثيق الدولية التي تعتبر العلاج من الحقوق الأساسية والبديهية التي يجب أن تتوفر إلى الإنسان في كل الظروف حتى في ساحات الحروب، وتحمل اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة الجهة الآسرة المسؤولية الكاملة عن توفير الغذاء والعلاج وظروف المعيشة المناسبة وكل ما يلزم الأسرى بما يتناسب مع حاجاتهم، ولكن سلطات الاحتلال تضرب بعرض الحائط تلك الاتفاقيات الدولية”.
فهي من جهة تمنع العلاج عن الأسرى ومن جهة أخرى تمنع الوفود الطبية والأطباء من الخارج من زيارة أي مريض داخل السجن والاطلاع على حالة المرضى وتوفير علاج لهم حتى لا تتكشف الجرائم التي يمارسونها بحق الأسرى المرضى .
وقد لاحقت أثار هذه الأمراض الأسرى بعد خروجهم من السجن، حيث هناك العشرات من الأسرى المحررين الذين أفرج عنهم من السجون لا زالوا يعانون من أثار تلك الأمراض التي إصابتهم داخل السجون ، بالإضافة إلى أن البعض منهم استشهد نتيجة إصابة بتلك الأمراض الخطيرة ، منهم على سبيل المثال الأسير (مراد أحمد أبو ساكوت) من الخليل كان يعانى من سرطان في الرئة في مراحل متقدمه، وبعد المئات من المناشدات قررت لجنة إسرائيلية خاصة بمستشفى سجن الرملة إطلاق سراحه لمدة 6 شهور للعلاج ، وقد استشهد الأسير في احد مستشفيات الأردن التي سافر إليها للعلاج، وكذلك الأسير السوري من هضبة الجولان (هايل حسين ابوزيد) والذي كان يعانى من سرطان في الدم وصل إلى مرحلة العلاج الكيماوي بعد تأخر حالته نتيجة عدم الكشف عنه مبكراً ، وقد أطلق سراحه ليستشهد بعد عدة شهور اثر إصابته بالمرض.
ولا زال الأسير (نور الدين العصا) من جنين يعالج في المستشفيات نتيجة إصابته بالفشل الكلوي الحاد فى سجون الاحتلال ، حيث أطلق سراحه نتيجة خطورة حالته الصحية.
إحصائيات مقلقة
وأكدت الوزارة بأن كل يوم يمر على الأسرى في سجون الاحتلال يعنى أن هناك أسرى جدد يضافوا إلى قائمة الأسرى المرضى، التي تزداد يوماً بعد يوم، ويعنى أيضاً بان اجل الكثير من هؤلاء الأسرى المرضى قد اقترب، نظراً للإهمال الطبي الذي يعانون منه، والذي يهدد حياتهم بالموت، حيث هناك أكثر من (1450) اسري مريض، من بينهم (500) بحاجة إلى عمليات جراحية، و(80) يعانون من مرض السكري، بينهم (50) أسير مصابين بالرصاص والشظايا أثناء الاعتقال وقبله، و(16) أسير يعانون من السرطان، و(17) أسير يستخدمون الكرسي المتحرك والعكاكيز في حركتهم وتنقلهم، وذلك نتيجة إصابتهم بالإعاقة اثر تدهور أوضاعهم الصحية داخل السجون وعدم تلقيهم العلاج المناسب لحالاتهم المرضية، وهناك (اثنين) أسرى يعانون من فقد البصر بالكامل، بعد إطلاق سراح الأسير الضرير (رائد سويلم )35 عاما، من مدينة قلقيلية بعد قضاء ثلاث سنوات في السجن ، كما أن هناك عشرات الأسرى الآخرين مهددين بفقد البصر إن لم يقدم لهم العلاج ال
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...