الإثنين 12/مايو/2025

مزاعم أجهزة عباس بشأن أسلحة حماس .. كشفٌ لدور مشبوه هدفه خدمة العدو

مزاعم أجهزة عباس بشأن أسلحة حماس .. كشفٌ لدور مشبوه هدفه خدمة العدو
لاقت اتهامات وجهها جهاز المخابرات العامة الذي يأتمر بإمرة محمود عباس لحركة حماس بتخزين أسلحة ومتفجرات قام بضبطها في مدينة الخليل والسيطرة عليها قبل أيام قليلة، بزعم “زعزعة الأمن والاستقرار في محافظات الضفة” استهجاناً وانتقادات من فصائل وشخصيات فلسطينية، بوصفها تصب في خانة محاصرة المقاومة ومنع عملياتها ضد الاحتلال، في سياق مشروع التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني،والهروب من استحقاقات الحوار الوطني بالقاهرة.

                                      إثبات جدارة في حماية الاحتلال

وقد ربط مراقبون بين هذه الاتهامات وبين ما كشفت عنه الصحافة العبرية في توقيت متقارب، والمتصل بطلب تقدمت به أجهزة أمن سلطة رام الله “للسماح لها بنشر قوات أمنية في الخليل لكبح نفوذ حركة حماس المتصاعد في المدينة”.

فقد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” منذ أيام عن مسؤول أمن رفيع المستوى في السلطة، قوله إن الكيان الصهيوني وافق على طلب تقدمت به السلطة الفلسطينية، للسماح لها بنشر قوات أمنية في الخليل، لكبح نفوذ حركة حماس المتصاعد في المدينة.

وأوضحت الصحيفة أن السلطة الفلسطينية طلبت نشر 1000 رجل أمن في الخليل، غير أن الكيان الصهيوني، وافق حتى الآن على نشر 250 من حرس الرئاسة الفلسطينية وعدد مماثل من قوات الشرطة، في حين ترغب السلطة بإدخال 500 آخرين من قوات الأمن الوطني للمدينة. وأضافت الصحيفة العبرية إن السلطة تقدمت بطلبها من خلال قنوات دبلوماسية غربية في القدس كما تمت مناقشته خلال اجتماع رئيس الوزراء الفلسطيني مع الجنرال جيمس جونز الموفد الأميركي الخاص لشؤون الأمن في الشرق الأوسط.

وذكرت أن مهمة هذه القوة ستكون مكافحة الجهود السياسية المكثفة لحماس في المدينة والتي تصاعدت وتيرتها مع قرب انتهاء فترة ولاية الرئيس عباس، على حد تعبيرها.

واعتبر محللون سياسيون أن الاتهامات التي روجها جهاز الاستخبارات التابع لعباس بعد أن كشف عن أسلحة للذراع العسكري لحركة حماس يستخدمها لمقاومة الاحتلال، بضلوع الحركة في استهداف السلطة وزعزعة الاستقرار، إنما تأتي  محاولة منه لإثبات جدارته ويقظته لحماية الاحتلال ومستوطنيه، وبالتالي الحصول على الإذن الصهيوني بدخول المزيد من القوات للخليل.

                               هروب من استحقاقات حوار القاهرة

ووصفت حركة “حماس” على لسان الناطق باسمها الدكتور سامي أبو زهري الاتهامات الموجهة لها بأنها “ادعاءات لا تنطلي على أحد”، وشددت على أن استخبارات عباس بهذا التصرف تعمل على “منع عمليات المقاومة ضد الاحتلال”، وقالت “إن مصادرة الأسلحة واعتقال المقاومين ومصادرة سلاحهم يأتي في سياق مشروع التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال الإسرائيلي”، مشيرة في هذا الصدد، إلى اعتقال خلية من مجاهدي القسام المطاردين من قبل الاحتلال، قبل ثلاثة أسابيع وبحوزتها حزام ناسف.

وذكر أبو زهري أنه “لم يثبت – رغم كل حملات القمع الأمني- ولو في حالة واحدة استخدام حماس في الضفة السلاح ضد الأجهزة”، مضيفاً أن حركته “لا تؤمن باستخدام القوة في حل الخلافات الداخلية لا في غزة ولا في الضفة”، معتبرا أن ما حدث في غزة “كان أمراً اضطرارياً لا يعبر عن سياسة الحركة ونهجها في الضفة”.

وذهب ممثل حركة الحركة في لبنان أسامة حمدان أبعد من ذلك، في لقاء صحفي أجري معه، حين اتهم مسؤولي السلطة باختلاق القضية هروباً من استحقاقات الحوار الجاري في القاهرة، وللتغطية على ما يجري من أحداث في عكا.

                                              حيازة مشروعة

وعلى نحو متصل؛ لاحظت حركة الجهاد الإسلامي تصاعد الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية وملاحقة رجال المقاومة ومصادرة سلاحهم، ورأت في ذلك خدمة لمشاريع الاحتلال الصهيوني، فقد ذكر داوود شهاب المتحدث باسم الجهاد الإسلامي “إن كل أبناء المقاومة ورجال المقاومة ومن يؤمن بفكر المقاومة ملاحقون في الضفة الغربية إما من قبل قوات الاحتلال التي تتهددهم بالاعتقال أو القتل وإما من قبل عناصر الأجهزة الأمنية (لسلطة رام الله) التي يتباهى قادتها بذلك، وللأسف الشديد إنهم يقدمون خدمات ويتساوقون مع الاحتلال في قمع المقاومة وملاحقتها، وهذه مسألة واضحة جدا وكبار قادة الأجهزة الأمنية في الضفة صرحوا جهاراً نهاراً بذلك”.

من جهته؛ استهجن الكاتب والأكاديمي الدكتور عبد الستار قاسم، قيام أجهزة أمن السلطة في الخليل بالكشف عن مخبئ للأسلحة، قالت إنه تابع لحركة “حماس”.

وتساءل قاسم: “لمصلحة من مثل هذا العمل؟ علماً بأن هذا المعمل غير مرخص “إسرائيلياً”، بينما السلاح الذي تحمله الأجهزة الأمنية مرخص “إسرائيلياً”. مضيفا: إذا كان الجواب بأن حماس تصنع متفجرات من أجل الانقلاب على السلطة في الضفة الغربية، فمن حقنا أن نسأل: لماذا كانت السلطة الفلسطينية تلاحق السلاح والمتفجرات الفلسطينية قبل 14/حزيران/2007؟ ألم تعلن الأجهزة الأمنية مراراً عن تفكيك خلايا في رام الله ونابلس والخليل، وعن تفكيك معامل متفجرات أعوام 1996 وما بعد؟ وأشار إلى أنه من الصعب جداً على أي فلسطيني أن يقبل تبريرات السلطة الفلسطينية إلا إذا كان مؤيداً للاتفاقيات مع “إسرائيل” والتي تنص صراحة على ضرورة ملاحقة من يسمون “بالإرهابيين”.

وأضاف قاسم “من حق الفصائل وأبناء شعبنا الفلسطيني أن يصنعوا المتفجرات وأن يقتنوا السلاح ما دام هناك احتلال لأرض فلسطين”.

وانتهى إلى القول بأننا “إذا كنا نبحث فعلاً عن حوار ناجح، وعن وحدة وطنية فلسطينية، فإن مثل هذه الأعمال تجعلنا أكثر بعداً عن النجاح”.

                                          دور خيانيّ مزدوج

وتعليقاً على اتهامات السلطة لحماس؛ وصف المحلل السياسي والمحاضر بجامعة بيرزيت الدكتور سميح شبيب ما يجري على الأرض بأنه “شكل من المماحكات الداخلية والتصيّد” بين طرفي الخلاف الفلسطيني، موضحاً أن حماس في نهجها تتبنى المقاومة “والمقاومة تحتاج أسلحة وأجنحة عسكرية.

وأعرب شبيب عن اعتقاده أن حماس ليست حريصة على تخزين أسلحة في الضفة الغربية وإنما حريصة على أن يكون عملها في الخفاء وألا تخزن كميات من السلاح يمكن أن تقع بيد العدو لأن اليد الصهيونية “موجودة داخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وتدخلها في كل ليلة”.

ومما يزيد من وطأة الانتقادات الموجهة لأجهزة أمن السلطة في استهدافها للمقاومة وسلاحها، إضافة لكيلها الاتهامات (الباطلة) لها للتغطية على التنسيق الأمني الذي تقوم به مع الكيان الصهيوني بموجب اتفاقات “أوسلو” و”دايتون” التي وقعتها، لملاحقة فصائل المقاومة ومجاهديها، أنها لا تقوم بأي رد على قوات الاحتلال عندما تقتحم وتتوغل في مدن الضفة الغربية، ولا تقوم بالرد على اعتداءات المستوطنين الصهاينة.

وبسبب ذلك؛ أشارت الفصائل الفلسطينية إلى انكشاف ظهر الشعب الفلسطيني إذا كانت هذه الأجهزة تعمل “خادما” للسهر على أمن الاحتلال، وتقوم بنفس الوقت بملاحقة المقاومة التي تتصدى للاحتلال ومشاريعه، وتصادر سلاحها.  

وفي هذا الصدد؛ قال داوود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي: “للأسف لا نجد أي عنصر من عناصر الأجهزة الأمنية  في الضفة الغربية يمتلك الجرأة ليتصدى لقوات الاحتلال عندما تقتحم مدن الضفة وتداهمها، أو ترد حتى على ممارسات المستوطنين ضد أهالي الضفة”، وأضاف متسائلا: “من سيحمي أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية إذا كانت هذه الأجهزة الأمنية هناك تقوم بدور الحامي والخادم لمصالح ولمشاريع الاحتلال، كما صرح بذلك قائدها ذياب العلي وغيره عندما تحدثوا أحاديث مؤسفة ومخللة، وتعتبر وصمة عار في جبين هذه الأجهزة الأمنية “.

                                    “أرانب” في مواجهة الجيش الصهيوني

ولأن دور الأجهزة التابعة لمقاطعة رام الله لم يعد مقتصراً على التنسيق الأمني مع الاحتلال ومطاردة المقاومة استرضاء له، بل تعداه إلى كيل الاتهامات، واختلاق الأكاذيب ضدها، في محاولة للتغطية على أدوارها التي باتت مكشوفة، كما يرى مراقبون، فلم يكن مستغربا من وجهة نظرهم أن تصل الانتقادات لهذه الأجهزة إلى حركة فتح،  ولعل ذلك هو ما دفع  عضو في المجلس التشريعي عن حركة فتح عيسى قراقع لوصف قادة الأجهزة الأمنية التابعين لعباس بمدينة بيت لحم بـ “الأرانب” في مواجهة الاحتلال، وجاءت انتقادات البرلماني  الفتحاوي اللاذعة بعد قيام قوات الاحتلال بمحاصرة منطقة واسعة في بيت لحم، الأحد (12/10)، لاعتقال مطلوب فلسطيني لقوات الاحتلال، دون أن تحرك هذه الأجهزة ساكنا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات