الأحد 11/مايو/2025

أحداث عكا .. صمت مريب لسلطة رام الله وغياب للنظام الرسمي العربي

أحداث عكا .. صمت مريب لسلطة رام الله وغياب للنظام الرسمي العربي
ما يحدث في عكا من اعتداءات صهيونية ضد فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 هذه الأيام، ليس مجرد حدث عرضي، أو انفلات من متطرفين يهود أو مجموعة شاذة من المغتصبين، وإنما هو مخطط صهيوني يعد مقدمة لطرد الفلسطينيين الذين بقوا متشبثين بأرضهم، في إطار تجدد الحديث عن يهودية الدولة العبرية، ومؤامرات اتفاقات التسوية المرتبطة بـ “أنابوليس”، هذه خلاصة ما حاولت شخصيات من الداخل الفلسطيني لفت الانتباه إليه، في ظل صمت السلطة الفلسطينية (الذي وصفوه بالمحزن المخجل) عما يحدث، وعدم صدور موقف عن النظام العربي الرسمي، أو جامعة الدول العربية.

                                     سياسة صهيونية فاشلة

وفي كلمة ألقاها الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 عبر الهاتف خلال مؤتمر شعبي نظمه مركز فلسطين للدراسات والبحوث للتضامن مع أهالي مدينة عكا بمدينة غزة يوم (12/10) قال: “إن ما حدث في عكا من اعتداءات على السكان العرب لم يكن مجرد انفلات من متطرف يهودي أو مجموعة شاذة من المستوطنين، إنما كان نتيجة تمهيد متواصل مارسته قيادات دينية وسياسية في دولة الاحتلال تسعى لإثارة هذه الأجواء، وفق مخططات سوداء لفرض ترحيل العرب من عكا، كخطوة أولى لتهجير كل الفلسطينيين من أرضهم في الداخل”.

وأضاف “إن القرائن تبين لنا أن كيدهم الأسود بدأ يضع في مخيلتهم السوداء عكا أولاً، بهدف تطهيرها من الوجود الفلسطيني، طامعين في الانتقال لما بعدها من مدن ساحلية مثل يافا وحيفا واللد والرملة”.

وقال النائب الفلسطيني في الكنيست الصهيوني واصل طه “إن هذا المخطط يستهدف طرد المواطنين العرب من فلسطين التاريخية ولأن السياسة الصهيونية فشلت حتى الآن في ذلك، فإنها تقوم بهذه الاعتداءات العنصرية، فقد ثبت للمؤسسة الصهيونية أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين العرب تعود إلى جذورها في هذا المدن، وهذا أكبر دليل على فشل السياسة الصهيونية التي تقوم على ترحيل العرب وطردهم”.

                                       خطأ ينبغي تصحيحه!

من جهته؛ أكد رئيس التجمع الوطني التقدمي هاشم محاميد “أن ما يجري في مدينة عكا المحتلة هو عبارة عن سياسة صهيونية قائمة على العنصرية، ترى في الوجود العربي خطأً تاريخياً يجب تصحيحه لتبقى الدولة يهودية نظيفة من الفلسطينيين”.

وكان الشيخ رائد صلاح على هامش إحياء فلسطينيي الداخل  ذكرى هبة القدس والأقصى التي اندلعت في أراضي الـ 48، في بداية تشرين أول (أكتوبر) عام 2000، تضامناً مع انتفاضة الأقصى في الضفة والقطاع، واحتجاجاً على زيارة زعيم حزب “الليكود” ورئيس حكومة الاحتلال آنذاك آرائيل شارون للمسجد الأقصى، حذر مما وصفه “توافقاً” عالمياً وعربياً ودولياً، لتهجير فلسطينيي الداخل، في ظل الحديث المستمر عن تبادل سكاني بين السلطة برام الله وحكومة الدولة العبرية، في حال التوصل إلى اتفاق تسوية فلسطيني ( يقوده فريق رام الله) صهيوني، مشيراً إلى أن المؤسسة الصهيونية تعتبر فلسطينيي الداخل خطراً استراتيجياً على الدولة ويهوديتها.

                                       تبادل الأرض والسكان!

وأشار الشيخ صلاح في هذا الصدد، إن الذي “قرأ مسودة النقاط الثمانية التي تعتبر مبادئ الاتفاق الذي تم في أنابوليس، يجد أن أحد هذه النقاط تتحدث بشكل واضح ومكشوف عن تبادل أرض، تبادل سكان، وهذه الوثيقة كما نعلم يروجون لها حتى تأخذ مصادقة على صعيد القيادة الأمريكية والقيادة الأوروبية وقيادات عربية وقيادات فلسطينية إسرائيلية”.

ويرى مراقبون أن أحد أسباب صمت المقاطعة برام الله عما يجري من أحداث تستهدف الفلسطينيين في عكا يعود إلى أنها  قد تقدم على التوقيع على هذه التسوية، التي تنص على تبادل الأرض والسكان.

وبسبب الصمتين صمت السلطة وصمت الأنظمة العربية أعرب فلسطينيو الداخل عن حزنهم لتجاهلهم، وتركهم وحيدون لمواجهة العدوان الصهيوني الرسمي والشعبي، دون فضح الكيان الصهيوني سياسياً أو دبلوماسياً أو إعلامياً وذلك أضعف الإيمان، فقد أعرب واصل طه عن حزنه العميق وأسفه لعدم صدور أي موقف رسمي عربي سواء من الجامعة العربية أو من أي زعيم عربي ولا حتى فلسطيني مما يجري في عكا، حتى أن السفراء العرب لدى دولة الاحتلال لم يكلفوا أنفسهم الاتصال بنا لمعرفة حقيقة الأوضاع، على حد وصفه، لكن بالمقابل قدم  طه الشكر لكل الجماهير العربية والفصائل والشخصيات الفلسطينية التي تساند وتدعم الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني.

                                            الاستثناء الوحيد

وكان الاستثناء الوحيد على المستوى الرسمي ما صدر عن الحكومة الفلسطينية الشرعية، إذ طالب رئيس الوزراء إسماعيل هنية، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل من أجل حماية الفلسطينيين داخل عكا وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، من السياسات القمعية الاسرائيلية التي يتعرضون لها على كافة الأصعدة والمستويات.

وقال هنية في تصريحات أدلى بها للصحفيين يوم (13/10) أن حكومته تتابع بقلق بالغ ما يجري في مدينة عكا وما يتعرض له العرب الفلسطينيون من اعتداءات وحشية من قبل المستوطنين الصهاينة، معتبراً أن هذه الاعتداءات سياسة مبرمجة لدفع الفلسطينيين للخروج من أرضهم ومن ديارهم.

                                خطة استراتيجة لدعم فلسطينيي الداخل

وتلفت هذه الأحداث، برأي مراقبين، إلى ما تتعرض له مدن الداخل الفلسطيني من مخاطر التهويد على يد الحكومة الصهيونية وإن كانت الأضواء لا تسلط عليه بفعل التعتيم الصهيوني وضعف إمكانات فلسطينيي الداخل، وهو ما يؤكده الباحث الفلسطيني إياد البرغوثي في دراسة له بعنوان “التهويد يحاصر عكا” أن المؤسسات الصهيونية تسعى إلى تهويد المكان والثقافة والتاريخ في عكا من خلال مخططات إسكان ومشاريع تطوير على حساب الوجود العربي في المدينة وعلى حساب سكانها الأصليين.

ويشدد مراقبون على أن الأوضاع التي تعيشها المدن المحتلة منذ عام 1948 تهويداً وسعياً لتهجير السكان الفلسطينيين عنها؛ تتطلب خطة استراتيجية عربية للتوعية بالمؤامرة الصهيونية ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، ومواجهة ما يتهددهم من خطر التهجير والترحيل والطرد، وتغول الاحتلال ضد كل ما هو عربي وإسلامي، ودعم تشبثهم بالأرض، والتصدي لمؤامرات التهويد بكافة أشكالها، لأن المؤسسة الصهيونية تعتبر فلسطينيي الداخل خطراً إستراتيجياً على الدولة ويهوديتها.  

وإذا كان الفلسطينيون في الداخل قد أفشلوا قبل عقود من الزمن محاولات تهجيرهم فإن موقفهم وتصريحاتهم تظهر اليوم صموداً أكبر وعزماً أكبر على البقاء في أرضهم مهما كلفهم ذلك من ثمن وتضحيات.

                                       مشهد الرحيل لن يتكرر

وبلغة واثقة قال الشيخ رائد صلاح مخاطباً الاحتلال “إما أن نعيش على أرضنا أحياء، أو ندفن فيها أمواتاً، ولن نرحل عنها”، منوهاً إلى أن  “مشهد الرحيل الذي شهدناه عام نكبة شعبنا في 1948 لن يتكرر، ومن لم يعجبه وجودنا من الإسرائيليين فليرحل غير مأسوف عليه”.

وعلى نحو متصل؛ شدد رئيس التجمع الوطني التقدمي هاشم محاميد على أن الشعب الفلسطيني سيبقى صامداً فوق أرضه وسيواجه كل المخططات الصهيونية الهادفة لتهجيره وترحيله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....