الإثنين 12/مايو/2025

تصريحات دياب العلي .. تعبير صادق عن توجهات تيار دايتون المتعاون مع الاحتلال

تصريحات دياب العلي .. تعبير صادق عن توجهات تيار دايتون المتعاون مع الاحتلال
لا يمكن فصل تصريحات قائد ما يسمى بـ “الأمن الوطني” بالضفة الغربية اللواء دياب العلي التابع لسلطة محمود عباس والتي أساء فيها لنضال الشعب الفلسطيني ومقاومته ضد الكيان الصهيوني عن الإطار العام للسياسات والممارسات العملية التي يتبناها فريق رام الله على المستوى الأمني المرتبط باستحقاقات اتفاقية أوسلو، كما يرى مراقبون للشأن الفلسطيني.

                                              لغة سوقية

وحسب وجهة نظرهم؛ فإن ما صدر عن دياب العلي، يعد تعبيراً صادقاً وحقيقياً عن توجهات السلطة التابعة لمحمود عباس التي تلتزم باتفاقية “دايتون” والتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، مع انحدار العليّ في تصريحاته إلى استخدام مفردات نابية ولغة سوقية في تصريحاته، جاهر بها على الملأ، ووصلت حد الوقاحة، عند مقارنتة بما يصدر عن أعضاء آخرين في فريق رام الله.

ويرى المراقبون أن من أهم ذلك: السخرية من المقاومة والكفاح المسلح ضد الاحتلال باعتبارهما أنتجا “قتلة ومجموعة من الصبيان”، والاستهزاء من انتفاضتي الشعب الفلسطيني الأولى والثانية اللتين “جلبت لنا (للفلسطينيين) الويلات والمصائب” على حد تعبيره، والمجاهرة بأنه “ضد إطلاق النار على اليهود وضد إطلاق النار على الإسرائيليين وضد العمل التفجيري وضد الانتحاريين (الاستشهاديين)”، وتحريض جيش الاحتلال، واستعداؤه للهجوم على قطاع غزة وأهلها المحاصرين، والتبجح بأن “إسرائيل تعد لضرب القطاع، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية قبيل العدوان على العراق”، كما قال.

                                        مقاول لخدمة جيش الاحتلال

وبالمجمل؛ فإن الأجهزة الأمنية التابعة لعباس بالضفة الغربية “تحولت فعلياً إلى مقاول يخدم الجيش الإسرائيلي” كما ورد في صحيفة  هآرتس العبرية يوم (5/10) مستشهدة بمقابلة أجرتها قبل أيام مع قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال “جادي شمني”، وتتمثل هذه المقاولة بالتضييق على حركة الفصائل الفلسطينية وأذرعها العسكرية، وحظر ومصادرة أسلحة المقاومة، واعتقال مجاهدييها، وتدمير البنية التحتية للجمعيات الخيرية والإنسانية والشبابية تحت مبرر علاقاتها وصلاتها بحركة حماس والجهاد الإسلامي وغيرها، ومن ثم إغلاقها ومصادرة ما فيها، وهو جهد ما تزال تقوم به قوات الاحتلال بالتوازي والتكامل والتنسيق معها، كما تؤكد ذلك تصريحات ومواقف أمن سلطة رام الله وجيش الاحتلال.

ففي مطلع شهر أغسطس الماضي عقد قائد قوات جيش الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة “نوعم تيبون” ورئيس الإدارة المدنية “يؤاف مردخاي”، لقاء مع قادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، بـ”هدف توطيد علاقات التنسيق بين الجانبين”، وفقا لما أوردته الإذاعة العبرية.

                                       حظر وتجريم سلاح المقاومة

وخلال هذا اللقاء أعرب وفد الجانب الفلسطيني عن تقديره للحرية التي يمنحها الاحتلال الصهيوني للأجهزة الأمنية الفلسطينية من أجل ما أسماه “فرض النظام والقانون”، فيما شدد المسؤولون الصهاينة، على ضرورة استمرار العمليات الأمنية الفلسطينية لقطع دابر “الجريمة والإرهاب” في المناطق الفلسطينية، في إشارة للمقاومة الفلسطينية.

وفي وقت متزامن تماما مع هذا الاجتماع ، وبما يمثل برأي مراقبين التزاما صارما بالمطالب الصهيونية، دعا ذياب العلي إلى جمع سلاح الفصائل في الضفة الغربية المحتلة، ومنعها من حمل السلاح، مشددا على أنه لن يسمح  “إلا بسلاح أفراد الأمن” فقط، متجاهلا احتلال الكيان الصهيوني لأجزاء من الضفة الغربية، والتوغلات التي يقوم بها جيشه لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقال ضد كوادر الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية.

                                 مكافحة الاحتلال ليس من مهمة أمن رام الله

وفي مقابلة أجرتها صحيفة “هآرتس” العبرية مع المنسق الأمني الأمريكي الجنرال كيث دايتون، والذي تنسب له خطة “دايتون” أوضح أنه زار قاعدة للتدريب برفقة “وزير” الداخلية الفلسطيني (في الحكومة غير الشرعية) عبد الرزاق يحيى (والذي يتبع اللواء العليّ له)،.

وبحسب دايتون فإن الوزير الفلسطيني ألقى خطابا هناك قال فيه للمتدربين (عناصر من القوات التابعة لأجهزة عباس): “أنتم لا تتعلمون كيف تحاربون الإسرائيليين، وأنتم هنا ليس من أجل محاربة الاحتلال، وإنما لمحاربة قوى الشغب والجريمة والفوضى في فلسطين” بحسب دايتون، وهي، وفقاً لمحللين، إشارة إلى المقاومة والفصائل الفلسطينية التي تعارض نهج أوسلو واستحقاقاته.

ووفقا للصحيفة العبرية؛ فإن انهيار السلطة في قطاع غزة أدى إلى نقل مهمة دايتون إلى الضفة الغربية (بعد أن كانت متركزة في قطاع غزة أصلاً). وفي حينه طلبت منه وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، إعادة بناء قوات السلطة في الضفة. وفي هذا الصدد؛ أشار دايتون أن تشكيل حكومة الطوارئ (غير الدستورية) برئاسة سلام فياض أزالت الحواجز السياسية الأمريكية، واقتنع الكونغرس بتحويل الأموال، خشية أن يتكرر في الضفة ما حصل في قطاع غزة.

وحصل دايتون على ميزانية تصل إلى 86 مليون دولار وباشر العمل. ومنذ ذلك الحين وصل إلى المنطقة جنرالان أمريكيان آخران؛ جيم جونس الذي يبلور الترتيبات الأمنية المستقبلية، وويليام فريزر الذي يتابع تنفيذ خارطة الطريق، وكلاهما يعملان بالتعاون مع دايتون.

                                 تنسيق لمواجهة قريبة مع “حماس”

وعلى نحو متصل؛ كشف مسؤول كبير في الاستخبارات الصهيونية عن اجتماعات جرت بين قادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية ونظرائهم من قادة الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة برام الله محمود عباس  لرسم مسار مخطط مواجهة  قريبة مع حركة حماس بدعم أمريكي.

وأكد “ابراهام هليفي” رئيس جهاز الموساد السابق، والقريب من صناع القرار السياسي في الكيان الصهيوني أن مواجهة تلوح في الأفق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وأوضح في مقال افتتاحي نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية يوم (2/10) أن قادة جيش الاحتلال حلّوا- على مائدة إفطار في إحدى أمسيات رمضان الماضي- ضيوفاً على قادة السلطة، واستغلوا الحدث ليرسموا المسار المخطط له للقضاء على حماس، سواء في الضفة الغربية أم في قطاع غزة.

ولفت هليفي إلى أن هذه المناسبة الاستثنائية دعي لها صحافيون صهاينة كبار، منوها بأنه من الواضح أن قرارا اتخذ “ليس فقط بالدفع إلى الأمام بالخطة المشتركة بل وأيضاً بإعطائها فرصة العلانية”.

وذكر هليفي أن قيادات أجهزة الاستخبارات  التي تأتمر بأمر محمود عباس بدوا مفعمين بثقة عالية بالنفس بأن قواتهم ستنجح أيضاً في أن تعالج بنجاعة انتفاضة محتملة لـ”حماس” في الضفة، والعودة إلى تنصيب حركة “فتح” كحاكم وحيد وناجع، بل وإعادة النظام إلى نصابه في قطاع غزة.

ويتسق هذا المخطط الذي سربه المسؤول الأمني الصهيوني الكبير مع تصريحات صدرت عن قيادات أجهزة الأمن والسلطة برام الله ومسؤولين في حركة فتح في الآونة الأخيرة “باستخدام القوة” أو اعتماد “خيار المواجهة” مع حركة حماس لاستعادة قطاع غزة.

                                         استعادة غزة بالقوة

فقد أعلن قائد ما يسمى بـ “الأمن الوطني” ذياب العلي التابع لعباس فى مقابلة مع صحيفة “هآرتس” العبرية يوم (21/9) الماضي أن مقاطعة رام الله “لا تستبعد اللجوء للقوة من أجل احتلال قطاع غزة من أيدي حماس، وعلينا الاستعداد لهذا الخيار”، واستدرك قائلا إلا أن ذلك ” يتطلب موافقة كل من مصر وإسرائيل والأردن» على حد مزاعمه.

ولا تخفي الدوائر الأمنية الصهيونية ارتياحها من دور أجهزة سلطة عباس في المعركة التي تخوضها ضد حركة حماس وما تسميه تنظيمها على المستويين المدني والاجتماعي في الضفة الغربية، في إطار تنسيق مباشر، فقد ذكر  يؤاف مردخاي رئيس الحكم العسكري الصهيوني (الإدارة المدنية) في المنطقة الوسطى”أننا نخوض معركة حقيقية ضد تنظيم حركة حماس المدني والاجتماعي ونعمل حاليا بكل طاقتنا وبقوة ضد كل مؤسسات حماس على اختلافها، المدنية والعسكرية منها، في الضفة الغربية”. مضيفا أن “الحرب على حركة حماس عسكرية واقتصادية، وقد فهمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية (التابعة لرام الله) انه من هناك سيأتي انقلاب حماس في الضفة الغربية، والمقصود هنا ضرورة شن حرب اقتصادية على حماس ومؤسساتها”، وهو ما قامت به أجهزة عباس فعليا ضد الجمعيات الخيرية في دور مكمل للاحتلال خلال الشهور الماضية.

                                      مكافأة الاحتلال لتيار دايتون

ولدى تعليق مردخاي على الحواجز العسكرية والعوائق الترابية والإسمنتية التي وضعها جيش الاحتلال في الضفة الغربية والتي يعاني منها الفلسطينيون ، لم يخف “أن هناك 139 شخصا يحملون بطاقة يحظر على جنود الحواجز الصهاينة في الضفة اعتراضهم، وهم جميع قادة الأمن الوطني الفلسطيني وكل المحافظين (التابعين لعباس) وجميعهم يحظون بتسهيلات خاصة”، وقد رأى مراقبون أن هذه التسهيلات تعد بمثابة مكافأة من جيش الاحتلال لقادة  فريق رام الله على حسن التنسيق معه في تنفيذ المهام التي سبقت الإشارة إليها، ولتمكينهم من القيام بذلك على أكمل وجه.

                                          مخرجات لمدخلات خاطئة

وإذا كان الأمني يرتبط بالسياسي ارتباطا وثيقا؛ فإن هناك نصوصا واضحة في الاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع الكيان الصهيوني أساسا، مثل أوسلو وطابا وغيرها تحمّلها مسؤولية الدفاع عن أمن الاحتلال، وللاحتلال أن يتدخل مباشرة وبصورة غير مباشرة في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، ليضمن أنها تقوم بواجبها وفق المتطلبات الأمنية الصهيونية، كما جاء في مقال للأكاديمي والباحث الفلسطيني عبد الستار قاسم، ومن ثمّ فلا غرابة – كما يرى مراقبون – أن تخصص مقاطعة رام الله 45% من ميزانيتها لهذه الأجهزة، بينما تحصل وزارة الزراعة على أقل من 1% منها، وأن تغدق الإدارة الأمريكية من خلال خطة دايتون وغيرها من معوناتها ومساعداتها في هذا الجانب أكثر من غيره بكثير.

ويرى محللون أنه محصلة لهذا الوضع الفاسد؛ ليس مستغربا أن يرتفع صوت من صوت ذياب العلي ليهاجم الشعب الفلسطيني، بهذه الصفاقة، ويسخر من التضحيات التي قدمها عبر عقدين من الزمن، (آلاف الشهداء والجرحى والأسرى ..) من خلال الانتفاضتين الأولى والثانية وعمليات المقاومة التي نفذتها الأذرع المسلحة لكافة الفصائل الفلسطينية بلا استثناء، ضد الاحتلال، بما في ذلك الشرفاء في حركة فتح وكتائب الأقصى، منوهين أن تلك المدخلات الخاطئة أفضت إلى مثل هذه المخرجات المخجلة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....