عمال الضفة يفتقدون حلاوة رمضان .. والوصول إلى مكان عملهم بداية للقمة مغمسة بالدم

مع التحضيرات لشهر رمضان المبارك، يعاني العمال الفلسطينيون على يد الاحتلال الأمرين، ويفتقدون حلاوة هذا الشهر الفضيل نتيجة اضطرارهم للعمل والمبيت داخل الأراضي المحتلة عام 48 لإطعام أولادهم في ظل البطالة وعدم توفر فرص عمل في الضفة الغربية، وفي ظل الجدار الخانق والحواجز الـ 600 عدا عن غلاء الأسعار ومستلزمات الحياة اليومية.
معاناة عامل
العامل عمر عبد الله المصري من قرية قراوة بني زيد قرب رام الله (35 عاماً) ويعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد، يقول أنه لا تسعه الحيلة في تخطي الجدار لإطعام أولاده حتى لو أدى ذلك لإطلاق النار عليه أو سجنه “فألم ساعة ولا ألم كل ساعة برؤية أولاده جوعى”، كما يقول، فيضطر للسفر من بيت لحم باتجاه بلدة الرام شمال القدس لأن هناك فتحة في الجدار يتسلل من خلالها إلى داخل جدار الفصل الذي يحيط القدس، وذلك بهدف الوصول إلي مكان عمله في الأراضي المحتلة عام 48.
عمر حاله كحال عدة آلاف من العمال الفلسطينيين، فهو لا يستطيع الحصول على تصريح عمل في الداخل للعبور بواسطته من خلال المعابر إلى مكان عمله، فهو مضطر للتسلل من خلال الفتحة وأحياناً من خلال شبكة المجاري وتصريف مياه الأمطار في مناطق التماس ما بين القدس والضفة الغربية أو تسلق جدار الفصل للوصول إلى مكان عمله في أحيان أخرى أو حتى الركض في الجبال والوديان للوصول إلى مكان عمله.
ليس الوحيد
العامل عمر كان سعيد الحظ في السابق فبعد رحلته من بيت لحم إلى الرام للوصول لعمله من خلال الفتحة وجد العشرات من الشبان ينتظرون دورهم لعبورها والتسلل من خلالها إلى خلف الجدار الفاصل ما بين الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 48.
وعندما أتي دور عمر نزل إلي الفتحة أسفل الجدار الممتد ما بين بلدة الرام والمنطقة الصناعية الاحتلالية المقامة علي أراضي أهالي بلدة قلنديا المحاطة بجدار الفصل، وعندما انهي زحفه في الفتحة ليظهر من الجهة الأخرى من الجدار دورية عسكرية كانت بانتظاره تصطاد كل من يخرج من الفتحة التي بطول مترين ونصف المتر أسفل الجدار لينهال جنود الاحتلال عليهم ضرباً.
العامل عمر كان حظه جيداً فبعد وجبة الضرب أعاده الجنود وغيره العشرات من العمال إلى الحاجز العسكري في قلنديا ـ شمال القدس ـ بعد أكثر من 5 ساعات من الحجز تحت أشعة الشمس. ع مر يقول إن ما يحصل للعمال من صعوبات لا توصف.
مشوار طويل
تلك الرحلة تكون في العادة في ساعات الصباح الباكر للعمال، الأمر الذي يضطرهم للخروج من منازلهم الساعة الثانية والثالثة فجراً وفق ما أكده العمال الذين يصلون إلى أماكن عملهم بتلك الطريقة لأنهم غير حاصلين علي تصاريح عمل تسمح لهم بالوصول إلى الداخل من خلال المعابر العسكرية المحيطة بالقدس والأراضي المحتلة عام 1948.
وأكد العديد من العمال أنهم يضطرون أثناء توجههم إلى مكان عملهم إلى السير ليلاً مسافات طويلة وسط الجبال في رحلة محفوفة بالمخاطر تحتاج حوالي ساعتين ويضطرون للمبيت في ورش عملهم لأسابيع لتجنب معاناة التسلل، وما يرافقه من مخاطر وملاحقة من قبل قوات الاحتلال.
وأضاف العمال إن المخاطر تتعدي ذلك إلى قيام قوات الاحتلال بمهاجمة ورش العمل واعتقال من لا تصريح بحوزته للدخول إلي الأراضي المحتلة سنة 1948، كما يتعرضون إلي عمليات النصب من قبل أصحاب الشركات مستغلين وجودهم بدون تصاريح، حيث يقول العامل سميح بركات من رام الله إنه حتى سائقي المركبات يستغلونهم ويقوموا بأخذ أجرة تصل إلى 200 شيكل على العامل الواحد.
حالة أخرى
أبو خالد سليمان عامل من مخيم بلاطة شرق نابلس، اعتقل أكثر من مرة بسبب تسلله إلي الأراضي المحتلة سنة 1948 للعمل في قطاع البناء، ونتيجة لما تعرض له من ضرب وإهانة قرر عدم المجازفة للوصول إلى العمل، إلا أن الفقر ينهش عائلته المكونة من 10 أفراد، لا يعمل منهم أحد كونه لا توجد فرص عمل في الأراضي الفلسطينية، وهو الآن متردد للدخول مرة أخرى ولكن على ما يبدو انه عندما يعض الجوع عائلته فلا مفر من المجازفة مرة أخرى، وتعتبر الحالتين السابقتين مثالاً على معاناة آلاف العمال الفلسطينيين غير الحاصلين علي تصاريح عمل في الداخل.
شجب واستنكار
المؤسسات الحقوقية العاملة في الضفة الغربية استنكرت وشجبت ممارسات الاحتلال بحق العمال الفلسطينيين وطالبت بمعاملتهم بإنسانية وعدم استغلالهم إلا أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط جميع مطالباتهم.
شاهر سعد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين أكد صعوبة الظروف التي تمر بها الطبقة العاملة الفلسطينية، مشيراً إلى وجود مئات آلاف من العمال بالضفة، محذراً من كارثة في نهاية عام 2009 عندما ينضم 85 ألف عامل يتسللون إلي الداخل بدون تصاريح عمل إلي جيش العاطلين عن العمل بعد أن تنتهي دولة الاحتلال من إقامة الجدار، واستنكر ملاحقة الاحتلال للعمال الفلسطينيين بلقمة خبزهم المغمسة بالدم.
وبين أن الطبقة العاملة الفلسطينية تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة جداً الأمر الذي يضطر آلاف من العمال للمجازفة بحياتهم لتأمين لقمة العيش لأطفالهم إذا وجدوا سبيلا لذلك، والكثير منهم لا يجد طريقاً للوصول إلي العمل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...