عاجل

الإثنين 06/مايو/2024

ملابسات أحداث حي الشجاعية بغزة .. فضيحة مدوية وهزيمة نكراء لفتح وفريق رام الله

ملابسات أحداث حي الشجاعية بغزة .. فضيحة مدوية وهزيمة نكراء لفتح وفريق رام الله
“انقلب السحر على الساحر”؛ هذا خلاصة ما يمكن قوله إزاء أحداث حي الشجاعية بغزة، والتي أفضت بحسب مراقبين إلى فضيحة مدوية وهزيمة نكراء لحركة “فتح”، ولفريق السلطة وأجهزتها الأمنية برام الله، ممن كانوا يحرّضون ويوجّهون تحركات الانفلات الأمني والفوضى الأخيرة في القطاع، رغبة منهم في توجيه ضربة مؤثرة لتجربة حماس بعد عام من الحسم الذي اضطرت إليه، وفي توقيت لا يخلو من دلالات مهمة.

                              دلالات  توقيت تحرك الفلتان الأمني

وبرأي محللين؛ فإن تحرك ميليشيات الفلتان الأمني الذين يرتبطون بـ “فتح” والقيادات الأمنية برام الله يأتي في إطار محاولة لخلط الأوراق، وإشغال الشارع الفلسطيني بفتنة داخلية تغطي على الفشل الذريع لمشاريع السلطة، وانكشاف سراب التسوية، الذي حاولوا ضخ الدماء فيها من خلال “أنابوليس”، مع قرب رحيل الرئيس الأمريكي بوش واستقالة رئيس حكومة الاحتلال إيهود أولمرت، وفضائح التنسيق الأمني الصهيو ـ أمريكي المرتبطة بتفاهمات “دايتون” ضد فصائل المقاومة والتنظيمات الفلسطينية الرافضة لتحركاتها، مقابل ما حققته حماس من نجاح على مستوى بسط الأمن والاستقرار والمحافظة عليهما، واتجاهها بثقة نحو تحقيق عدد من الإنجازات السياسية المهمة كملف التهدئة وتبادل الأسرى.

ولم يستبعد مراقبون للوضع الفلسطيني أن يكون لمسؤولين سياسيين وأمنيين في الكيان الصهيوني يد في ما حصل، من خلال تيارات فلسطينية من فتح على صلة بهم.

                            هروب الاحتلال من استحقاقات التهدئة

وبحسب تقديراتهم؛ فإن الاحتلال الذي يتهرب حالياً من استحقاقات التهدئة بعد أن نجحت حماس بالتفاهم مع الفصائل الفلسطينية الأخرى من ضبط إيقاعها، سعى إلى تشجيع إثارة مواجهة مع حماس، لإلهائها بمعارك جانبية تسهم في خرق التهدئة، أو تصرف النظر عن استحقاقاتها، بدلا من الظهور بمظهر من يخرقها بشكل مباشر.

ومما يدعّم دور الاحتلال في ما حصل، وفقا لهذه التقديرات، سرعة توجه الهاربين من ميليشيات الفلتان الأمني بمن فيهم، عضو المجلس الثوري لفتح “أحمد حلس” إلى الطرف الصهيوني، بعد هزيمتهم على يد قوات وزارة الداخلية، وتوسط وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك لدى سلطة رام الله، وتحديدا لدى محمود عباس ورئيس “الحكومة” غير الشرعية سلام فياض، لإدخال الهاربين الذين قدر عددهم بـ 180 شخصا إلى رام الله، بدلا من إعادتهم إلى غزة، بحجة أنهم قد يتعرضون للاعتقال على يد حماس، بحسب ما أوردته الإذاعة العبرية يوم (4/8).

وبحسب مراقبين؛ فإن عملية الشجاعية، بقدر ما ارتدت بشكل سلبي على حركة فتح، وعلى الاحتلال الذي دعمها بشكل غير مباشر، وشكلت مقتلا مفصلياً، يضاف إلى إخفاقاتهم السابقة، فإنها شكلت نجاحاً إضافياً لحركة “حماس” والحكومة التي يرأسها إسماعيل هنية لأكثر من سبب: 

                               نجاح في معركة بسط الأمن والأمان

ـ تكريس لنجاح حركة حماس والحكومة الشرعية في بسط الأمن والأمان في ربوع قطاع غزة، والذي كان إحدى المعالم الفارقة للحسم الاضطراري قبل ما يزيد عن عام، خصوصاً بعد أن تم إخضاع المربع الأمني لحي الشجاعية الذي كان يعد مأوى للخارجين عن سلطة النظام القانون، ولمرتكبي بعض الجرائم في القطاع، والقبض على مرتكبي التفجيرات الأخيرة، لا سيما من قام بالتفجير الذي أودى بحياة خمسة مجاهدين بارزين من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة وطفلة، الشهر الماضي.

ويوجه ما حدث رسالة مؤداها أنه “آن لكل من يفكّر بلعب دور تخريبي في الساحة الفلسطينية أن يدرك أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وأن زمن الفوضى والبلطجة قد ولّى، ولم يعد هناك مكان لتجّار الدماء الطواغيت” في غزة ، كما كان عليه الحال في ما قبل صيف عام  2007،  وأن “معركة فرض الأمن والنظام لا تعرف نظام العائلات أو القبائل أو الفصائل، فالجميع يجب أن يكونوا أمام القانون”، على حد بيان أصدرته كتائب القسام مباركة إنجاز وزارة الداخلية وقوات الشرطة في القطاع.

                                 أضغاث أحلام سلطة رام الله

ـ القضاء على كل أحلام حركة فتح، والأجهزة الأمنية التي تخضع لسلطة رام الله في إعادة السيطرة على غزة، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مسؤول صهيوني قوله إن أحداث غزة الأخيرة تؤكد الفهم القائل:” أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يملك أي فرصة لإعادة السيطرة على القطاع”.

ولفتت الصحيفة على موقعها الإلكتروني، إلى أن الأسرة الدولية اقترحت أن يعود رجال أبو مازن إلى المعابر الأمر الذي سيسمح بإعادة فتحها “ولكن “فتح” ضعيفة وقد زاد ضعفها، والمعابر ستسيطر عليها حماس عملياً، وهذا يجعل الحل الدولي غير واقعي”، كما أشارت.

ويبدو أن فريق رام الله كان يعول كثيراً على تحرك ميلشيات الفلتان الأمني مع عائلة حلس التي تضم مجاميع من حركة فتح، ويعتقد أن ما تختزنه من سلاح عائلي لديها، وتحصينات خارجة عن القانون، يمكن أن تؤثر في  إثارة قلاقل أمنية جدية، من شأنها إحداث واقع جديد يمكن أن تستفيد منه، ولكنها سرعان ما فوجئت بتهاوي الجيب الأمني في أقل من يوم، وهزيمة من كان فيه إلى الطرف الصهيوني من خلال معبر “ناحال عوز”.

                                 تعزيز الانقسام في صفوف “فتح”

ـ ومن شأن ما حدث أن يعزز الانقسام في حركة فتح، بعد رفض سلطة رام الله، و”حكومة” سلام فياض غير الشرعية، والمحيطين برئيس السلطة محمود عباس، في بادئ الأمر، وقبل التدخل الصهيوني، من استقبال الفارين من غزة  عائلة “حلس”، وهو ما أدى إلى إعادة 30 من هؤلاء الفارين بالفعل إلى غزة.

وكانت مصادر مطلعة مقربة من حركة “فتح” في رام الله قد ذكرت أن حركة فتح بهيئاتها المختلفة في الضفة الغربية أجمعت على رفض استقبال الهاربين من غزة تحت أي مبرر.

وذكرت المصادر أن رئيس السلطة كان على اطلاع بالقرار الذي دفعت باتجاهه قيادات “فتح” في الضفة الغربية التي قالت إنها ترفض أن تتحول مدن الضفة الغربية مقراً “للزعران والمنفلتين على حد تعبيرها”.

وأكدت أن حالة من الاستهجان أثارت قيادة فتح مع تدفق الهاربين عبر الحدود، وقال أحد قيادات فتح في الضفة: “كيف يمكن أن نستقبل هؤلاء الهاربين الجبناء، وماذا سنستفيد منهم”.

وأفادت المصادر أن قيادة فتح تشعر بخيبة الأمل من كوادر فتح الذين كانوا يتمركزون في المربع الأمني لعائلة حلس وكانوا يعولون عليهم الآمال الكبيرة ولكنهم خيبوا الأمل مرة ثانية.

وأشارت إلى أن حركة فتح في الضفة وقيادات بارزة من قيادة “فتح” في غزة رفضت حتى استقبال القيادي أحمد حلس واعتبرت أنها لا يمكن أن تؤويه بعدما زعمت تخليه عن حركة “فتح” طوال الفترة الماضية وتخاذله وهروبه عند أول مواجهة على حد تعبير تلك المصادر.

ومن شأن ما حدث أن يعزز شكوى العديد من الفارين من غزة الذين هربوا منها بعد أحداث يونيو 2007، من حركة فتح، ويعانون بشدة مما يعتبرونه تجاهلهم وعدم الاهتمام بهم من قبل قيادة سلطة عباس، التي عبر مسؤولوها أنه لم يعد لهم أهمية وأنهم باتوا يشكلون عبئاً على السلطة وفتح.

                                  افتضاح ارتباطات “فتح” بالاحتلال

ـ فضح ارتباطات تيارات في حركة فتح بالاحتلال سواء من هي ضمن فريق سلطة رام الله أو من عائلة حلس بغزة، فقد فضل الخارجون عن القانون من آل حلس الهرب إلى الكيان الصهيوني على البقاء في غزة، وآثر “أحمد حلس” القيادي البارز في غزة الهروب والعلاج في مستشفى صهيوني على البقاء في وطنه، رغم الأمان الذي منحته له وزارة الداخلية، باعتباره غير مطلوب لشرطتها.
 
وفي هذا الصدد أكد المهندس إسماعيل الأشقر، رئيس لجنة الداخلية والأمن والحكم المحلي في المجلس التشريعي، الذي تدخل بعد إصابة أحمد حلس من قبل الاحتلال عقب توجهه إلى معبر “ناحال عوز” لإسعافه في غزة، أن ماهر ابن أحمد حلس “اقتنع بذلك ولكن تدخل بعض الشخصيات المتنفذة الهاربة من عائلة حلس رفضت هذا التنسيق، وأصرت على التنسيق مع الاحتلال الصهيوني ومن ثم نقله ( أحمد حلس) إلى مستشفى سوروكا في الأراضي المحتلة عام 1948م”.

أما على مستوى فريق رام الله ؛ فقد كشفت الإذاعة العبرية أن وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك تدخل وأقنع رئيس السلطة محمود عباس باستيعاب الفارين من غزة من حركة “فتح” وعائلة حلس في رام الله بالضفة الغربية بزعم حمايتهم من مصير الاعتقال الذي ينتظرهم في غزة، بعد أن اتخذت قرار حركة فتح والسلطة قرارا بإعادتهم لغزة.

وكان نائب رئيس الحكومة الصهيونية حاييم رامون قد اعتبر أن قرار مساعدة عناصر “فتح” الفارين من غزة يأتي انطلاقاً من موقف مبدئي “يقضي بضرورة التعاون ومساعدة الفلسطينيين الذين يحاربون الإسلام المتشدد ويرفضون الإرهاب ويدعمون مفاوضات السلام”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات