الثلاثاء 07/مايو/2024

الاستمرار في تقديم التنازلات وحفظ أمن الاحتلال يحرق آخر أوراق فريق عباس

الاستمرار في تقديم التنازلات وحفظ أمن الاحتلال يحرق آخر أوراق فريق عباس
استغرب مراقبون مواصلة فريق سلطة رام الله لمسيرة المفاوضات الثنائية بينه وبين الكيان الصهيوني والمنبثقة عن مؤتمر “أنابوليس”، أو الثلاثية بوجود الراعي الأمريكي، والمرتبطة بالشق الأمني لما يُعرف بخارطة الطريق، رغم صفعات الكيان الصهيوني التي وجهت له مؤخراً، سواء إعلان الاحتلال الصريح مواصلته لخطته الاستيطانية، أو التوغلات والاغتيالات، وبقاء الحواجز، في الضفة الغربية.

وبرأي المراقبين؛ فإن ما آل إليه وضع “السلطة”، و”الحكومة” غير الشرعية المعينة من قبلها وأجهزتها الأمنية، يؤكد على ما ذهبت إليه فصائل فلسطينية من أنها باتت لا تملك شيئاً “سوى تقديم التنازلات تلو التنازلات عن الأرض والحقوق الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي”، ولم يعد لديها شيء تقدمه للشعب الفلسطيني.

وأكثر من ذلك؛ فإن حركة “حماس” اعتبرت في بيان صحفي صادر عنها أن إصرار فريق سلطة رام الله على التفاوض مع المحتل رغم كل التطورات الأخيرة، يحمل معنى أخطر، وهو “الإقرار والتأكيد على مشاريع الاحتلال الاستيطانية والإجرامية وتغطية على هذه المشاريع والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحفظ أمن الاحتلال الإسرائيلي فقط”. 

                                           سقوط مدوٍ

ويضيف المراقبون إلى ما سبق؛ حالة السقوط المدوي لفريق محمود عباس في نظر الشارع الفلسطيني، الذي ظهر أمامه بحالة من الضعف والارتهان للإرادة الصهيو ـ أمريكية، دون امتلاكه القدرة حتى على تعليق مفاوضات “هزلية” من هذا النوع، فضلاً عن إعلان وفاتها نهائياً، خصوصاً بعد أن ثبت لهذا الشارع، أن إعلان هذا الفريق لتعليق مفاوضاته بعد “محرقة” غزة كان كاذباً، حيث افتضح أمر محادثات سرية أجراها في هذا الصدد، بعد أربعة أيام على نهاية عدوان جيش الاحتلال على القطاع (وتحديداً بتاريخ 7/3).

كانت الصفعة الأخيرة التي تلقاها فريق سلطة رام الله تتمثل في إعلان رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت يوم (17/3) أن حكومته ستواصل بناء مساكن في الأحياء الاستيطانية بالقدس الشرقية، التي تريد إبقاءها تحت سيطرتها، في إطار ما قال إنه اتفاق محتمل مع الفلسطينيين.

وقال أولمرت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي تزور الكيان الصهيوني، غير عابئ بمفاوضيه من أركان السلطة “عندما نبني في القدس الجميع يعلم أن لا مجال لدولة إسرائيل أن تتخلى عن حي مثل هار حوما”.

وحتى بدون تصريحاته الأخيرة، فقد كان واضحاً أن السلطات الصهيونية صعدت من أنشطتها الاستيطانية بشكل كبير، منذ مؤتمر “أنابوليس” الذي عقد في الولايات المتحدة في نهاية شهر تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي.

ووفقا لتقرير وكالة “قدس برس” فإن سلطات الاحتلال ركزت تلك الأنشطة على مدينة القدس ومحيطها، حيث أصدرت عطاءات لبناء نحو 32 ألف وحدة استيطانية في الجزء الشرقي من المدينة المحتلة، وفي المستوطنات التي أقيمت في محيط المدينة، على أراضي الضفة الغربية المحتلة.

ورغم كل تعهدات حكومة الاحتلال في “أنابوليس”، التي جرت تحت إلحاح الراعي الأمريكي المتعلقة بتطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، التي تنص على تجميد الاستيطان، بما فيه النمو الطبيعي في المستوطنات القائمة، وإزالة البؤر الاستيطانية، فإن رئيس الوزراء الصهيوني إيهود أولمرت ما أن عاد من المؤتمر الذي عقد في الولايات المتحدة حتى صادق على سلسلة عطاءات لبناء أحياء استيطانية في 11 مغتصبة من الـ17 المقامة في المدينة المقدسة، كان آخرها الأسبوع الماضي.

                                       صفعات متوالية

أما الصفعة التي قبلها؛ فتمثلت في اتهام رئيس حكومة الاحتلال، ووزير حربه إيهود باراك السلطة بالعجز عن حفظ أمن الكيان الصهيوني، ومحاربة ما أسماه “الإرهاب” في إشارة إلى المقاومة، وهو الدور الذي تقوم به أجهزة أمن السلطة فعلاً، بما في ذلك حملاتها غير المسبوقة ضد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، في إطار التنسيق الأمني الثنائي مع جيش الاحتلال أو من خلال تنفيذ الشق الأمني لخارطة الطريق.

وتأتي تصريحات “أولمرت” و”باراك” لتبرير عمليات التوغلات والاغتيالات الصهيونية في الضفة والتي لم تتوقف منذ “أنابوليس”، وآخرها عملية استهداف خمسة من قيادات “سرايا القدس”، الذارع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، و”كتائب الأقصى” الجناح العسكري لحركة فتح، في بيت لحم وطولكرم ، مسببة إحراجاً شديداً لعباس وفريقه، بعد أن بات واضحاً أن عدوان جيش الاحتلال ليس مقتصراً على غزة، ولا يرتبط بصواريخ المقاومة، كما زعمت السلطة، و”حكومة” فياض غير الدستورية، ولا يحول دونه كل حملات أجهزتها المسعورة ضد المقاومة في الأشهر الأخيرة.

ورغم كل ما أقدمت عليه سلطات الاحتلال خلال الشهر الأخير سواء على صعيد توسيع وتفعيل المخطط الاستيطاني، وتصريحات “أولمرت” الأخيرة، وقبلها استمرار مخطط الاغتيالات في الضفة الغربية ضد رموز المقاومة، و”محرقة” غزة خلال العدوان الصهيوني الذي أدى إلى استشهاد 130 فلسطينياً أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، فإن جولات المفاوضات لفريق رام الله مع حكومة أولمرت(السرية منها والعلنية) تواصلت دون توقف، واستمرت لقاءات التنسيق الأمني بين الجانبين دون انقطاع، وتنفيذ الشق الأمني لما يعرف بخارطة الطريق، المطلوبة منه بفعالية. وبجردة متابعة بسيطة يتضح ذلك من خلال ما يلي:

لقاءات سرية

ـ لقاء أحمد قريع رئيس وفد رام الله التفاوضي، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الصهيونية ومسؤولة ملف التفاوض، لمواصلة مباحثات التسوية المنبثقة عن مؤتمر “أبابوليس” يوم الإثنين (17/3)، في نفس اليوم الذي صرح فيه “اولمرت”عن تواصل بناء الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية، وعدم استعداد دولته التخلي عنها في أي مفاوضات مع الفلسطينيين وتحت أي ظرف كان، وبعد أقل من أسبوعين على “محرقة” غزة، واغتيال المقاومين الخمسة بالضفة.

وكانت مصادر صهيونية كشفت النقاب عن أن مسؤولين في السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال أجروا محادثات سرية في إطار المفاوضات التي تجري بينهم منذ عقد مؤتمر “أنابوليس”، بعد أقل من أسبوع على المجزرة التي نفذتها قوات الاحتلال بقطاع غزة.

وقد كذبت هذه الأنباء التي لم ينفها فريق رام الله، مزاعم السلطة عن تعليق المفاوضات مع الكيان الصهيوني بسبب  العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقد نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول صهيوني طلب عدم ذكر اسمه أن وزيرة الخارجية في حكومة الاحتلال تسيبني ليفني والمكلفة بملف المفاوضات، وأحمد قريع مسؤول ملف التفاوض عن الجانب الفلسطيني اجتمعا سرا قبل نحو عشرة أيام ( بحدود 7/ 3 أي بعد انتهاء المجزرة ضد قطاع غزة بأربعة أيام) لكن هذه الجلسة لم يعلن عنها.

ـ لقاء التنسيق الأمني الثلاثي الأمريكي ـ الصهيوني ـ  الفلسطيني، الذي حضره سلام فياض (رئيس “الحكومة” غير الدستورية)، في القدس يوم الجمعة (14/3) بحضور المبعوث الأمريكي الجنرال المكلف بتطبيق خارطة الطريق الجنرال وليام فرايز، سلام فياض، وممثل وزارة الحرب الصهيونية عاموس جلعاد، بدلا من إيهود باراك الذي لم يحضر، لانشغاله بالمتابعة الميدانية للعدوان على الضفة وغزة، على ما يبدو،وتعبيرا غير مباشر عن رفضه لأية هدنة.

وقد اختتم اللقاء بتوجيه اتهام من المبعوث الأميركي الجنرال وليام فرايز  إلى السلطة الفلسطينية “بعدم مكافحة الإرهاب”، في إشارة إلى المقاومة، في حين اكتفى باتهام الكيان الصهيوني بعدم تسهيل حياة الفلسطينيين، دون الإشارة إلى الإخلال بأمور أخرى كالاستيطان الذي لم يتوقف رغم انعقاد مؤتمر نهاية العام الماضي، واعتداءاتها المتكررة ضد الفلسطينيين.

مصالح متبادلة مع الاحتلال

 

ـ لقاء قائد الإدارة المدنية في جيش الاحتلال العميد يوأف بولي مردخاي مع وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ بحضور مندوبي الإدارة المدنية و50 من موظفي الشؤون المدنية الفلسطينية، ووفقاً لما نقلته القناة العاشرة في تلفزيون الدولة العبرية فقد اتفق الطرفان على استمرار التعاون والتنسيق الأمني بينهما، رغم من الوضع الأمني الحالي.

ونقلت القناة العاشرة العبرية عن العميد بولي قوله للشيخ خلال اللقاء إن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية مرتبط بالوضع الأمني، وعلى الفلسطينيين محاربة “حماس” بالتعاون مع دولته “فهذه مصلحه متبادلة للطرفين من أجل تحسين الوضع في السلطة الفلسطينية” بحسب تعبير قائد الإدارة المدنية الصهيونية.

 

وقد أكدت مصادر عسكرية صهيونية بأن التعاون مع السلطة الفلسطينية لا يشمل قطاع غزة، بل الضفة الغربية فقط، بزعم أن الوضع الأمني في قطاع غزة يختلف كلياً عن الوضع في الضفة الغربية.

ـ  لقاء المسؤول الأمني الأمريكي الجنرال كيث دايتون اليوم الثلاثاء ( 18/3) ، قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ووفقاً لمصادر فلسطينية؛ فإن هدف زيارة ولقاء دايتون “متابعة تطبيق الحملة الأمنية التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية في مدن الضفة ولا سيما في مدينة الخليل”، ومعروف أن هذه الحملة تنصب في المقام الأول، على مواجهة المقاومة، سواء بسحب ومصادرة أسلحتها، أو اعتقال ناشطيها، لاسيما حركة حماس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات