عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

سلطة رام الله .. تصريحات إعلامية نارية يقابلها تنسيق أمني على الأرض

سلطة رام الله .. تصريحات إعلامية نارية يقابلها تنسيق أمني على الأرض

تناقض عجيب وممارسات غير معقولة هي تلك التي تمارسها قيادة سلطة “فتح” في مقاطعة رام الله، حيث أنها تظهر بأنها صاحبة وجهين متناقضين تماماً، فأمام الإعلام والكاميرات تدين العدوان ولو على استحياء، بينما من خلف الكواليس ممارسات تثبت بالدليل القاطع والبرهان بأن ثمة ثلة غير مؤتمنة على الشعب الفلسطيني الذي مازال يقدم الشهداء والجرحى والأسرى، فما من إدانة إلا وبعدها لقاء، وما من تصريحات إلا وخلفها استيطان.

أمام الإعلام شيء وخلف الكواليس شيء آخر

مشهد متكرر هو تلك التصريحات التي يطلقها رئيس سلطة “فتح” في المقاطعة برام الله أمام عدسات الكاميرات حيث يؤكد تارة بأنه لا حل للقضية الفلسطينية دون القدس واللاجئين، وأخرى يشدد على تمسكه بالثوابت الوطنية التي غيبتها وضيّعتها حبر الأقلام في مؤتمر أنابوليس، وهو ذاته الذي منح الشريعة للاحتلال الصهيوني بتصفية المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بموافقة رسمية من رئاسة سلطة فتح في المقاطعة برام الله.

وبينما يستعرض عباس حديثه أمام شاشات التلفزة وعدسات الكاميرات في العاصمة السنغالية داكار، أن قرارات الشرعية الدولية، ورؤية الرئيس بوش وخارطة الطريق، هي من “مستلزمات السلام الذي هو خيار أمتنا الإسلامية”، لا يزال رئيس وزراء العدو الصهيوني “أيهود أولمرت” يمنح المستوطنين في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة الحق في استمرار بناء الوحدات الاستيطانية، خاصة في مدينة القدس المحتلة، حيث أُعلن مؤخرا عن بناء مئات الوحدات الاستيطانية في المدينة المقدسة، في صفعة جديدة لخزعبلات عباس أمام الإعلام.

تجاوزات أولمرت متزامنة مع تصريحات عباس

وبطبيعة الحال فقد جاءت “تجاوزات” أولمرت كذلك متزامنة مع تصريحات عباس “النارية” بأنه ومن معه قبِل في مؤتمر أنابوليس بإجراء مفاوضات تقود إلى اتفاق “سلام” خلال عام 2008، بشرط أن تتوفر تهدئة على الأرض، ووقف كافة الأعمال العدوانية والعسكرية والتوسع الاستيطاني والاعتقالات والحواجز، فيما تعاكس التصرفات والممارسات الصهيونية ذلك على أرض الواقع بانعكاس يصل إلى 180 درجة.

وفي الوقت الذين أعلن رئيس السلطة محمود عباس إدانته للحصار والممارسات الصهيونية في قطاع غزة التي أودت بحياة العشرات من النساء والأطفال، حيث وصف ذلك بأنه مخالف لكافة القوانين والشرائع الدولية، فإنه ومن معه ممن يشاركون عمليا في الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، كما برروا العدوان الصهيوني ضد قطاع غزة حين أدانوا المقاومة ومنحوا الجلاد شهادة البراءة.

“فياض” يسير في الطريق ذاته

الحلقة لم تتوقف عند رئيس السلطة في رام الله بل إن “رئيس وزراءه” (غير الدستوري)، سلام فياض هو الآخر يعزف على الوتر نفسه، فأمام الإعلام يقول بأن “إسرائيل لم تفعل شيئا ملموسا على الأرض لمساعدة حكومته”، والحواجز تزيد والمفاوضات تتقدم ببطء شديد، بينما خلف الكواليس يواصل هو من معه لقاءاتهم السرية بقادة العدو الصهيوني، كما أُعلن عن ذلك خلال الأيام الماضية حيث اجتمع أكثر من مرة معهم، كان من بينهم اجتماعه مع وزيرة الخارجية الصهيونية.

وقد أعرب فياض عن شعور بالإحباط لما سماه “إخفاق (إسرائيل)” في تخفيف معاناة الفلسطينيين بما في ذلك إزالة نقاط التفتيش في الضفة الغربية بعد أكثر من شهرين من اجتماع “أنابوليس” الذي استضافته الولايات المتحدة، مضيفا أن المفاوضين الصهاينة و(الفلسطينيين) حققوا تقدماً ضئيلاً منذ اجتماع أنابوليس.

وقال في كلمة ألقاها الثلاثاء الماضي في معهد “اسبن” وهو مؤسسة أمريكية: “(إسرائيل) لم تفعل شيئاً ملموساً على الأرض لمساعدة حكومتي، أقول هذا وأنا حزين”، معلقاً على ازدياد حواجز التفتيش التي تنصبها قوات الاحتلال الصهيوني وعدم انخفاضها، بالتزامن مع زيادة مساعدة أجهزة أمنه وأمن عباس وازدياد وتيرة التنسيق الأمني مع أجهزة العدو الصهيوني.

عريقات يناقض ويدين نفسه

وعلى صعيد مشابه؛ فقد شدد صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الخميس (13/3)، “أن على (إسرائيل) أن تختار إما مسار السلام والمفاوضات، أو مسار المستوطنات والاعتداءات”، موضحاً أنه لا يجوز الجمع بين المسارين”، مشيرا إلى أن استمرار الاستيطان، والتصعيد الصهيوني يعني القضاء على عمليات ومعاهدات السلام خلال عام 2008.

وبيّن أن التصعيد الصهيوني وخاصة في بيت لحم يقضي على الجهود المصرية للتهدئة، مطالباً أيضا “شفيعته” أمريكا بصفتها النائبة عن أعضاء اللجنة الرباعية، بمتابعة الالتزامات بالمرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق، والعمل على وقف النشاطات الاستيطانية ورفع الحواجز، وفي المقابل مازال يمارس عريقات لقاءاته بقادة المفاوضات الصهاينة، وبالتالي فإن كلامه أمام الإعلام وفي التصريحات شيء، وممارساته وفريقه على أرض الواقع شيء آخر.

لقاءات قريع متواصلة برغم مخالفات الاحتلال

وفي السياق ذاته؛ فقد أعلن أحمد قريع رئيس طاقم المفاوضات عن جانب السلطة مراراً بأن ما أعلن عنه وزير البناء والإسكان الصهيوني زئيف بويم عن خطط التوسع الاستيطاني في القدس المحتلة ومحيطها بحوالي ألف وحدة استيطانية، وما أعلن عنه رئيس بلدية الاحتلال في القدس اوري لوبليا نسكي حول نيته ببناء عشرة آلاف وحدة استيطانية في القدس الشرقية ومحيطها “ما هو إلا استمرار لنهج الاحتلال الاستيطاني العدواني الذي مارسته وتمارسه حكومات (إسرائيل) المتعاقبة تجاه تهويد القدس وسلب الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس”.

وعلى الرغم من ذلك فلم يتوقف قريع عن لقاءاته التفاوضية مع الاحتلال الصهيوني بل ويستمر في مناقضة نفسه حيث يعلن بأنه يأمل إلى “عمل جدي ومفاوضات ذات مصداقية للوصول إلى اتفاق سلام دائم وشامل، وأن هذا الإعلان الخطير يأتي عن القيادات الصهيونية والذي بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وأيضاً إعلان حرب على عملية السلام”.

سلام حقيقي عادل وشامل؟!

وقال قريع إن الإعلان عن هذه النوايا العدوانية الممنهجة والمبرمجة جاء من قبل الحكومة الصهيونية في هذه المرحلة التي تقرع فيها طبول الحرب لعملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة والضفة الغربية، مطالبا “اللجنة الرباعية” والولايات المتحدة والرئيس الأمريكي – الذي يدعم الاستيطان- خاصة لتحمل مسؤولياتهم لوقف هذا العدوان على الأرض الفلسطينية وعلى القدس العربية والطلب إلى الحكومة الصهيونية أن تنصرف إلى عملية مفاوضات جادة تعيد الحقوق وتحفظ الأمن والسلام والاستقرار، محذراً من مخاطر هذه الإجراءات الصهيونية قائلاً: “نثق أن الهدف منها هو تعطيل بل شل أي جهد لعمل جاد حقيقي تجاه سلام حقيقي عادل وشامل”؟!.

لقاءات التنسيق الأمني متواصلة عقب الإدانات!

ولم يتوقف مسلسل عباس وزمرته الانهزامي إلى هذا الحد؛ بل إنه وعلى الرغم من المجازر الصهيونية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني، وبرغم المحرقة التي نفذها الصهاينة في قطاع غزة؛ فإن لقاءات التنسيق الأمني المشبوهة لازالت مستمرة حيث يجتمع ممثلو عباس بضباط صهاينة وفي مقر قيادة جيش الاحتلال الصهيوني في بيت إيل.

وقد فضح ذلك علنا عندما ذكرت مصادر صحفية صهيونية أن اجتماعا عقد مساء الخميس (6/3) – عقب المحرقة – بين ضباط صهاينة و(فلسطينيين) في مقر قيادة جيش الاحتلال في بيت إيل، حيث ذكرت الإذاعة العبرية مساء الخميس ذاته أن الاجتماع تناول “أعمال العنف التي شهدتها الضفة الغربية مطلع الأسبوع الحالي”، وأن “الضباط (الفلسطينيين) تعهدوا بالعمل على تهدئة الأوضاع ومنع أعمال “مخلة بالنظام العام”.

وقد حضر اللقاء قائد قوات جيش الاحتلال في الضفة الغربية البريغادير نوعام تيبون ورئيس الإدارة المدنية الصهيونية البريغادير يوئاف مردخاي، فيما ترأس الجانب (الفلسطيني) حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية في سلطة عباس، الذي يستنكر هو الآخر عدوان الاحتلال على الأرض بينما تناقض أعماله أقواله.

التصريحات الرسمية المتناقضة شكل من “العبثية”

الممارسات التي تنفذها سلطة عباس الأمنية بكل دوائرها، بحسب ما يؤكده العديد من المراقبين والمتابعين، باتت واضحة كما الشمس في رابعة النهار، أن هذه اللقاءات بقادة العدو الصهيوني وأن هذه التصريحات المتناقضة هي أشكال مختلفة من “العبثية” الرسمية التي ضيعت الحقوق الفلسطينية، وجعلت من رئيس السلطة عباس وزمرته مطية لقادة العدو الصهيوني، فكلما خرج قائد في مقاطعة رام الله يدين مجزرة صهيونية، ردت قوات الاحتلال عليه بمجزرة أخرى، ولعل المجزرة الصهيونية الأخيرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في بيت لحم ليس ببعيدة، حيث أعدمت قوات الاحتلال أربعة مقاومين بدم بارد، بينما تقف أجهزة أمن عباس موقف المتفرج، فلا تحرك ساكنا، بينما جيش الاحتلال يسرح ويمرح في المدن والقرى والمخيمات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات