عاجل

السبت 04/مايو/2024

بعد أن عجز العالم عن إدانة المحرقة ضد غزة .. عملية القدس تنتقم وتشفي صدور الثكال

بعد أن عجز العالم عن إدانة المحرقة ضد غزة .. عملية القدس تنتقم وتشفي صدور الثكال

مرّ أكثر من أسبوع على “المحرقة” الصهيونية في قطاع غزة، والتي اعتبرت أكبر مجزرة ترتكب خلال يوم واحد منذ نحو أربعة عقود في فلسطين، دون أن يسمع الشعب المحاصر من يدين ويندد بهذه المذبحة من قبل دول العالم والمجتمع الدولي وحتى الدول العربية، بل إنهم حمّلوا المقاومة التي تدافع عن الشعب بوسائل بدائية المسؤولية.

وأمام ذلك؛ انتقمت المقاومة الفلسطينية بشدة لأهالي الشهداء، الذي تجاوز عددهم في تلك المحرقة 130 شهيداً، بينهم عدد كبير من الأطفال والرضّع، بعملية استشهادية كبيرة في قلب مدينة القدس الغربية، فجندلت ثمانية مغتصبين صهاينة على أقل تقدير، وجرحت ما يزيد عن أربعين آخرين (خمسة منهم في حالة موت سريري).

فقد تقدّم مقاوم فلسطيني، تملؤه العزيمة والإقدام والغضب، للرد على المجازر الصهيونية التي بلغت حدوداً غير مسبوقة في ظل صمت عالمي مريب، ليس في أي مكان وإنما في قلب معهد ديني يخرّج قيادات المستوطنين وقيادات جيش الاحتلال الصهيوني في قلب مدينة القدس الغربية المحتلة والتي تشهد في العادة إجراءات أمنية غير اعتيادية، كونها تضم مقرات الحكومة الصهيونية بما فيها وزارة الحرب.

مجلس الأمن انعقد بعد ساعات من العملية

فور وقوع العملية؛ انعقد مجلس الأمن الدولي في جلسة عاجلة دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية، للتنديد بالعملية الاستشهادية الجريئة في القدس الغربية المحتلة، حيث وزّع خليل زاد ممثل واشنطن في مجلس الأمن، قبيل الاجتماع العاجل، مشروع الإعلان الرئاسي الذي ينص على إدانة الهجوم الذي وقع بالقدس الغربية الليلة الماضية “بأشد العبارات”، دون أن يتطرق لا من قريب أو بعيد بالمجازر الصهيونية المتواصلة.

وبالرجوع لأيام مضت، أيام المحرقة الصهيونية في غزة، بدأ التحرّك لعقد جلسة لمجلس الأمن بطلب بعد مرور عدة أيام على وقوع المجازر وارتقاء العشرات من الشهداء الفلسطينيين والجرحى دون أي تنديد من أي جهة كانت، بل ما زاد الطين بلة هو تحميل فصائل المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن المجزرة، بما في ذلك فريق السلطة (الفلسطينية) في رام الله.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العملية الاستشهادية في القدس جاءت عقب المجازر والمذابح الصهيونية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الأهالي والمواطنين في محافظة شمال قطاع غزة، حيث استشهد خلال المحرقة، التي استمرت بشكل مكثّف لمدة خمسة أيام، قرابة مائة وثلاثين فلسطينياً وأصيب قرابة 350 مواطناً، وصفت الكثير من الحالات بأنها بالغة الخطورة، كما أن معظمهم المستهدفين هم من النساء والأطفال.

يشفي صدور الثكالى

“الله أكبر .. الله أكبر .. دماء شبابنا وأطفالنا ونساءنا .. ليست رخيصة يا أولمرت ويا باراك .. كل أولادي وأولاد أولادي فداكي يا فلسطين ..”؛ هذا لسان حال امرأة فلسطينية مسنّة كانت شاهدت على سلسلة من مجازر وجرائم الاحتلال الصهيوني على مدى عقود.

المرأة التي كانت تكبر بأعلى صوتها والدموع بللت وجنتيها الحزينتين، وجهت رسالة للمقاومين قالت فيها: “اضربوهم يا أحبابي، اقتلوهم كما قتلوا محمد البرعي (5 أشهر) وأميرة أبو عصر (20 يوماً)، كما قتلوا عائلة عطا الله، لا ترحموهم لأنهم لم يرحمونا ولا حتى أطفالنا”.

وفور سماع نبأ العملية الاستشهادية في مدينة القدس المحتلة فقد خرج الآلاف من المواطنين والأهالي مكبرين ومهللين فرحا بالعملية الاستشهادية “القوية والجريئة” التي أوقعت ما يزيد عن ثمانية قتلى صهاينة، فيما ذهب آخرون يوزعون الحلوى على بعضهم البعض ابتهاجا بالعملية الاستشهادية ذاتها.

وقد امتلأت شوارع المدن في قطاع غزة بالمسيرات العارمة العفوية، حيث توجهت هذه المسيرات السعيدة إلى بيوت أهالي وذوي الشهداء الذين قتلتهم قوات الاحتلال الصهيوني في المحرقة الصهيونية لتهنئتهم بالعملية والتأكيد على أن دماء أبنائهم لا ولن تذهب هدار، كما بدأت مكبرات الصوت في مساجد قطاع غزة بالتكبير والتهليل، في إطار الاحتفال بالعملية الاستشهادية البطولية.

وتبادل المواطنون الاتصالات عبر الهواتف الأرضية والنقالة ابتهاجاً بالعملية الاستشهادية، وفيما انشغلت شبكة “الجوال”، اكتفى الكثيرون بتبادل رسائل التهاني والتبريكات بالعملية البطولية من خلال رسائل الهواتف النقالة والتي جاء في أحد هذه الرسائل: “هاهي دماء الأطفال قتلتهم، وأنات الثكالى جندلتهم وبثبات الرجال ودعاء الركّع جاء النصر”.

فرحة شعبية عربية عارمة

ولم تقتصر الفرحة بوقوع هذه العملية، التي ردت على المجازر الصهيونية المتصاعدة، على الفلسطينيين داخل قطاع غزة، بل امتدت لتصل إلى الضفة الغربية وأبعد من ذلك لتعم جزءاً كبيراً من الشعوب العربية التي كانت خرجت خلال الأيام الماضية في مسيرات عارمة تطالب المقاومة بالرد.

فمطالبات العرب الغاضبين، الذين هبوا في مظاهرات ضخمة في معظم العواصم العربية، بالرد على المجازر الصهيونية في قلب القدس، قد تم تلبيتها سريعاً.

والملاحظ لدى تصفّح مواقع الانترنت التي نشرت معظمها خبر العملية الاستشهادية وجود مئات التعليقات على هذه العملية المؤيدة والمباركة لها، بل وصل الحد ببعضهم بالإعلان عن الملأ أنه على استعداد للاستشهاد فدى فلسطين ورداً على المجازر الصهيونية، وآخرون طالبوا بالمزيد من هذه العمليات.

وتأتي هذه العملية أيضاً في وقت ظن الكثيرون بأن العمليات الاستشهادية في العمق الصهيوني، كما كانت من قبل، قد أصبحت أمراً مستحيلاً، فقد تم ضرب أكثر المناطق تحصيناً في فلسطين المحتلة سنة 1948، والتي يتخذها العدو الصهيوني مركزاً أساسياً له.

لن تكون الأخيرة

وقد أثنت “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” على العملية الاستشهادية الجريئة التي وقعت في معهد للمتشددين اليهود في مدينة القدس الغربية المحتلة مساء الخميس (6/3) وأوقعت ثمانية قتلى ونحو أربعين جريحاً على الأقل.

وقالت الكتائب في بيان عسكري، تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه: “نبارك لشعبنا الفلسطيني المجاهد الصابر المظلوم عملية القدس الاستشهادية البطولية، والتي تأتي رداً طبيعياً على ضخامة الإجرام الصهيوني البربري النازي، الذي يستهدف الأطفال والنساء والمساجد والبيوت الآمنة، ورداً على محرقة العدو الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية”.

وأكدت “كتائب القسام”، على أن هذه العملية، والتي لم يعلن أي فصيل فلسطيني حتى الآن مسؤوليته عن العملية بشكل رسمي، “لن تكون الأخيرة للرد على مجازر الاحتلال”.

عملية متوقعة

بدورهم؛ اعتبر العديد من المحللين السياسيين والمراقبين للشأن الفلسطينية أن تنفيذ العملية الكبيرة في مدينة القدس المحتلة كانت رداً طبيعياً، بل كان أمراً متوقعاً، فعدد الفلسطينيين الذين ارتقوا خلال أيام قليلة فاق ما يتصوّره العقل.

وأكدوا أن هذه العملية تأتي رداً أيضاً على صمت العالمين العربي والإسلامي، والذي ندد بخجل، بجرائم الاحتلال في قطاع غزة، كما أنها تأتي صفعة قوة في وجه العالم أجمع لكي يستيقظ ويتحرك لما يجري في قطاع غزة من مذابح ومن حصار يهدد حياة مليون ونصف المليون فلسطيني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات