عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

عملية القدس .. براعة في اختيار المكان والزمان وفي التنفيذ أيضاً

عملية القدس .. براعة في اختيار المكان والزمان وفي التنفيذ أيضاً

شكلت العملية الاستشهادية في القدس المحتلة ضربة نوعية للكيان الصهيوني وأمنه الهش بدت معالم ذلك في اختيار المكان والزمان وأتبعتهما بالبراعة في الأداء والتنفيذ، فيما عكس مشهداً لعمل بطولي وجه ضربه قاسية للاحتلال ورسم البسمة على وجه غزة التي تتعرض لـ “المحرقة”.

نوعية المكان .. معقل الإرهاب الصهيوني

فعلى صعيد المكان؛ استهدفت العملية معهداً تلمودياً في الجزء الغربي من القدس المحتلة، اشتهر منذ تأسيسه بتخريج دفعات متلاحقة من السفاحين المتدينين الصهاينة، فقتلت ثمانية من طلابها وجرحت 40 آخرين، لتمسح بعض الحزن عن وجه غزة الجريحة وتعدل ميزان الدم المسفوح فيها.

وبلا أدنى شك، وفق مراقبين، اختارت المقاومة الفلسطينية هدفها بدقة؛ فالمعهد الذي تم استهدافه وفق ما كشفت وسائل الإعلام العبرية يعتبر بكل المقاييس أهم معهد ديني يهودي وأكثرها تطرفاً وأكثرها تخريجاً لعتاة المستوطنين المتشددين في الضفة الغربية.

وتحمل المدرسة اسم “مركاز هارف” وأسست في العام 1924 من الحاخام اسحق كوك الذي يعتبر واضع الأسس الفكرية للصهيونية الدينية الحديثة وقد ترأس المدرسة بداية الحاخام أهارون برونشتين.

إرهاب في معقل الصهيونية

وبما يشبه الصدمة؛ يُقر آيتان هابر مدير مكتب رئيس حكومة العدو الأسبق إسحاق رابين بمغزى استهداف المعهد المتطرف، قائلاً: “من شبه اليقين أن المخرب (المقاوم) أو مبعوثيه اختاروا كهدف مدرسة “مركاز هراف” كي يثبتوا للملأ أن بوسع رجال الإرهاب (المقاومة) التسلل إلى لب لباب معقل المستوطنين وغوش ايمونيم، ممن يعتبرون في نظر الإرهابيين (المقاومين) رأس الحربة ضدهم”.

وبدا محبطاً وهو يشير في مقالة له اليوم الجمعة (7/3) في صحيفة “معاريف” العبرية، إلى قناعته بأن المقاومة قام بجولات وأعمال مراقبة للمعهد المتطرف ومحيطها، للتعرف على نمط حياة تلاميذها ومعلميها، وأنه خرج بعد استعدادات لزرع الموت وتنفيذ الثأر.

معهد تخريج المتطرفين

وتقول المصادر العبرية إن جميع قادة حركة (غوش ايمونيم) الاستيطانية الصهيونية هم من خريجي هذه المدرسة التي تعتبر القلب المحرك لحركة المستوطنين الصهاينة.

وخرج من المدرسة المذكورة كبار قادة المستوطنين والرابانيم في المستوطنات. حيث تخرج منها عضوا الكنيست السابقين العنصريين حنان بورات، وحاييم دروكمان، والأخير يترأس مدرسة دينية تدعى “أور عتسيون” قرب الخليل.

كما تخرج من المعهد إلياكيم ليفانون، وهو الراف الأكبر لمستوطنة “ألون مويه” المقامة على الأراضي الفلسطينية قرب نابلس. وكذلك الراف دوف ليئور، راف مستوطنة “كريات أربع” في الخليل.

ويقول الصحفي الصهيوني أفيشاي بن حاييم في تقرير له اليوم الجمعة في صحيفة “معاريف” أن منفّذ العملية في قلب القدس “قصد لب لباب الصهيونية الدينية: مدرسة “مركاز هراف” التي هي إحدى المؤسسات التعليمية ذات النفوذ الأكبر على إسرائيل بعد العام 1967″.

المعهد ومطالبته بالحرب الشاملة

وقد تولى الحاخام المتطرف تسفي يهودا كوك، نجل الحاخام كوك، المسؤولية عن هذا المعهد لعدة سنوات ومن تلاميذه الحاخام المتطرف موشيه ليفنغر واليعازر فالدمان الذي بدوره يقول “كوك كان يطالب بالحرب الدينية الشاملة باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتحقيق مجيء المسيح”.

أما الحاخام ديفيد سامسون، وهو أحد تلاميذ الحاخام تسفي كوك، فيشير إلى أن زعيم حزب (الليكود) الصهيوني بنيامين نتنياهو درس تعاليم الحاخام كوك على يد كبار الحاخامات بصورة منتظمة منوها إلى أن والد نتنياهو كان السكرتير الشخصي لجابوتنسكي الذي كان يعمل بالتنسيق مع الحاخام كوك الأب.

وبعد موت كوك الابن تولى المسؤولية عن المعهد الحاخام أبراهام شابيرا الذي تولى مسؤوليتها لحين وفاته في العام 2007 وهو معروف بتشجيعه للاستيطان في الأراضي الفلسطينية ورفضه القاطع لاتفاق أوسلو علما بأنه اصدر فتوى لجنود الاحتلال بعدم الانسحاب من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة.

وحالياً يتولى الحاخام يعقوب شابيرا، نجل الحاخام أبراهام، المسؤولية عن هذه المدرسة التي تدرس 500 طالب.

مركز تدريب وليس معهد تعليم

وتقول مصادر عبرية متعددة أن المركز متغلغل بشكل كبير في كل مستويات الجيش الصهيوني من خلال مدارس “الحسيديين: التي هي في واقع الأمر مراكز للتدريب العسكري ولدراسة تعاليم القبالة التي وضعها كوك”.

براعة الزمان ..

أما على صعيد الزمان؛ فجاءت العملية على وقع المجزرة والمحرقة المفتوحة التي تنفذها قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة بشكل خاص، والتي خلفت حتى الآن 135 شهيداً ارتقى ثلاثة منهم لحظات قليلة قبيل العملية وأكثر من 350 جريحاً، لتؤكد قدرة المقاومة الفلسطينية على اختراق أمن دولة الاحتلال التي لم يجاف الحقيقة من قال إنها أوهى من بيت العنكبوت، وتحطيم أهم معاقلها السياسية والأيديولوجية، التي طالما أنتجت مجرمي الحروب وغلاة المستوطنين، وحققت ذلك الدمج العنصري بين الديانة اليهودية والحركة الصهيونية، ولتؤكد قدرتها على استلام زمام المبادرة وتحديد الضرب في الزمان والمكان الذي تختار.

دلالات استخبارية وأمنية

وقال عدنان أبو عامر المحلل والخبير في الشؤون الصهيونية لـ “المركز الفلسطيني للإعلام”: “من الواضح أن العملية جاءت في التوقيت والمكان ذو دلالة استخبارية أمنية، إذ بعيداً عن الأحداث فالقدس والجزء الغربي منها تحديداً هو بمثابة ثكنة عسكرية من شرطة الاحتلال وحرس حدوده وغيرها من أجهزة الأمن التي تعتبر القدس “الحديقة الخلفية” الآمنة في الكيان”.

وأضاف: “تنفيذ العملية في ذروة التصعيد الصهيوني في غزة وتوقع الاحتلال له دلالة كبيرة، لذلك من المتوقع أن تطيح هذه العملية بأحد الرؤوس الكبيرة في شرطة الاحتلال لفشله الذريع في إفشالها.

وصدقت المقاومة

وكانت فصائل المقاومة الفلسطينية قد توعدت بالرد على المجزرة المفتوحة التي تنفذها قوات الاحتلال الصهيوني، وقالت بوضوح أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها العمليات الاستشهادية في الزمان والمكان الذي تحدده هي، وهو ما أثبتت هذه العملية النوعية أنه لم يكن مجرد كلام وشعارات طنانة كما كان يحلو للبعض أن يقول.

قوات الاحتلال ومخابراته كانت تعرف معنى هذا الكلام لأنها بدأت بعد عملية ديمونا الاستشهادية المزدوجة التي نفذتها كتائب القسام مؤخراً تعي معادلة الدم والرعب التي حاولت أن تسقطها من حساباتها في السنوات الأخيرة متوهمة أن جدار العزل العنصري يمكن أن يحمي هذا الكيان الهش، لذلك استنفرت قواتها وأجهزتها الأمنية وعملاءها لوقف شبح الموت القادم لا تدري من أين.

نجاح رغم 47 إنذاراً ساخناً

ويقول الصحفي الصهيوني عامي بن دافيد في صحيفة “معاريف” اليوم الجمعة إن عملية القدس جاءت فيما كانت مصادر الشرطة والاستخبارات الصهيونية تتحدث عن وجود 47 إنذاراً بوقوع عمليات ووصفت ثلاث مدن كمدن مهددة، من بينها إلى جانب بئر السبع وايلات، ومدينة القدس التي شهدت العملية النوعية وهو ما شكل صدمة وفضيحة وهزيمة قاسية لهذه الأجهزة الأمنية.

وبحسب بن دافيد فإن الإخطارات كانت تتحدث عن عمليات استشهادية، وسيارات متفجرة، وأعمال خطف ومس بالشخصيات العامة، واللافت أنه لم يكن من ضمن الأهداف المرشحة المعهد المتطرف وهو مع مجمل مشهد الواقع يشكل فشلاً استخبارياً ذريعاً لمنظومة الأمن الصهيونية.

ففي خضم هذا الاستنفار والانتظار العالي للرد الفلسطيني على استهداف الشيوخ والأطفال والرضع ضربت المقاومة عمق الأمن الصهيوني ونجح مقاوم في اختراق كل الإجراءات الأمنية، والاحترازات العسكرية، وضرب ببطولة وشجاعة وصفها المراقبون بأنها هي عملية بطولية بكل المقاييس، خاصة الزمانية والمكانية منها، لتبعث الابتهاج والفرحة العارمة في نفوس ذوي الشهداء والمكلومين ولتمتد على امتداد الشارع العربي والإسلامي.

براعة التنفيذ وإطلاق 600 رصاصة

أما على صعيد البراعة في التنفيذ؛ فلا يزال الصهاينة في حالة صدمة في شجاعة وجرأة المقاوم (الذي تقول مصادر أنه علاء هشام أبو دهيم 24 عاماً من أبناء الحركة الإسلامية) الذي انطلق من جبل المكبر في القدس المحتلة، حاملاً سلاحه في صندوق ورقي “كرتونة” مرفوع الرأس غير متردد مخترقاً كافة إجراءات الأمن الصهيونية ليصل إلى هدفه الذي حدده بدقة، يقتحم المعهد المتطرف بجسارة الأسود .. يصعد الطابق الثاني والثالث يبدأ بإطلاق النار صلية وراء أخرى ناجحاً في تجنب إطلاق النار عليه لفترة من الوقت استطاع خلالها إطلاق ما يقارب من 600 رصاصة أي ما يعادل 20 مخزناً للرصاص.

فيلم هوليودي واقعي

وبدا ما قام به الاستشهادي البطل لموشيه روزمباوم محلل شؤون الشرطة في القناة العبرية الثانية أشبه بما يحدث في أفلام الحركة في هوليود، حيث يقتحم البطل المكان ويبدأ بإطلاق النار ويغير مخازن الرصاص دون أن يأبه بما يواجهه حتى ينتصر، ولكن هذا ما حدث فعلاً كما قال بانفعال على القناة العبرية.

وقال قائد شرطة الاحتلال في القدس المحتلة الميجور جنرال أهارون فرانكو إن الاستشهادي دخل المعهد الديني قرابة الساعة الثامنة والنصف ليلا حيث أخرج بندقية من صندوق كان يحمله واخذ يطلق النار بصورة عشوائية في المكتبة التابعة للمعهد التي كانت مكتظة بالطلاب وبقي يطلق النار حتى تمكن ضابط صهيوني من قتله بعد أن قتل ثمانية صهاينة وجرح أربعين بينهم 7 في حالة الخطر الشديد.

إنجاز عال المستوى

ويقول أبو العبد وهو أحد قادة المقاومة في قطاع غزة وضابط عسكري خاض عدة مواجهات مع قوات الاحتلال جنوب لبنان لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” إن نجاح مقاوم بالتسلل إلى معهد صهيوني متطرف في قلب القدس المحتلة ومن ثم إطلاق كل هذه الذخيرة (600) رصاصة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات