عاجل

السبت 04/مايو/2024

وجهوا لها انتقادات لاذعة .. عملية الشتاء الساخن الفاشلة بعيون صهيونية

وجهوا لها انتقادات لاذعة .. عملية الشتاء الساخن الفاشلة بعيون صهيونية
“عملية الجيش (الصهيوني) في شمال غزة قد فشلت، سجلوا هذه الكلمة أمامكم (ف ش ل ت)، ولم تحقق أي هدف حقيقي”؛ هذا الانتقاد الواضح والصريح ليس لكاتب فلسطيني أو عربي، أو صحفي أو مراقب دولي نزيه بل هي لكاتب صهيوني انتقد عملية “الشتاء الساخن”، وهو غيض من فيض الانتقادات الشديدة التي وجهها كتاب وخبراء صهاينة لمسؤوليهم السياسيين والعسكريين بغض النظر عن الدوافع التي ينطلقون منها.

الانتقادات للعملية العسكرية توزعت بين اتهام للجيش بالعجز والضعف، وعدم الاستعداد للقتال، لا سيما في المناطق المأهولة في السكان، وبين من يصفها أنها “بدون هدف حقيقي” وخالية من أي نظرة استراتيجية، أو أنها “لن تؤدي إلى نتيجة”، أو أن زمام المبادرة باتت بيد حماس في إملاء “قواعد لعب حرب الاستنزاف الحالية”، وكان واضحاً أن عدداً من هذه الانتقادات شددت في نهاية المطاف على أنه لا حل للمشكلة إلا بالحوار مع “حماس”.

                                          خرجوا مثلما دخلوا!

الكاتب الصهيوني أمير تسوريا قال في مقال له نشر في الصافة العبرية معلقاً عن انسحاب قوات الاحتلال من جباليا (شمال قطاع غزة) بقوله “مثلما دخلوا خرجوا !! واستمرت حماس حتى خلال الحرب بإطلاق الصواريخ بما في ذلك من داخل مناطق التواجد العسكري بمعدل من 40 ـ 50 صاروخا يومياً، وعدد القتلى من عناصر حماس قليل جداً”.

وأضاف مركزاً على الخلل في جيش الاحتلال “الجيش غير مستعد في هذه الأيام من ناحية بنيوية لخوض قتال طويل ومستمر داخل المناطق المأهولة، وأن طريقة الضربة السريعة التي نجحت خلال عملية (السور الواقي) في الضفة الغربية لم تعد مجدية” كما قال، وكان قد افتتح مقاله بالقول بأن عملية “الشتاء الساخن” قد فشلت بكل المقاييس.

أما الكاتب بن كاسبيت في صحيفة “معاريف” العبرية فرأى أن العملية “استنفذت نفسها” مشيراً إلى أن “المقاومة الفلسطينية تعرفت على نجاعة سلاح (الجراد)، وذاقت طعم إمكانية شل مدينة كبيرة في إسرائيل هذا الطعم خطير يمكن للمرء أن يدمن عليه”، على حد تعبيره.

                                         غزة وزمام المبادرة

وشدد الكاتب الصحفي في “معاريف” أيضاً أن زمام المبادرة صار بيد المقاومة الفلسطينية في مسألة استنزاف قوات كيانه بقوله: “غزة هي التي تبادر وتملي قواعد لعب حرب الاستنزاف الحالية، التي تشكل عنصرا طبيعيا في مفهوم “المقاومة” لديها لدولة إسرائيل”.

وانتهى الصحفي كوبي نيفإلى نتيجة مؤداها فشل جيشه في تحقيق أي من أهداف العملية التي شنها، لأنها برأيه غير قابلة لتحقيق على أرض الواقع، حيث ذكر بأن وزير الحرب الصهيوني أيهود باراك حدد أربعة أهداف وضعها لنفسه جهاز الأمن استعداداً لـ “العملية الكبرى”، المحتمة ظاهراً، في قطاع غزة، وهي: “وقف نار القسام على إسرائيل، وقف التهريبات في محور فيلادلفيا، إضعاف حكم حماس بل وإسقاطه، استكمال فك الارتباط عن قطاع غزة”.

 
وأضاف “للوهلة الأولى، أهداف جديرة وجدية، ولكن المشكلة هي أنها جميعها ليست قابلة للتحقيق، نحن والفلسطينيون مرتبطون جسديا، إذ أننا نعيش على ذات قطعة الأرض، وهكذا سنبقى طالما هم ونحن موجودون”.

وقال ساخرا من ادعاءات وزير الحرب إيهود بارك “لا يمكن فك الارتباط عن غزة إلا من خلال بتر عميق، يقطع قطاع غزة من قلب الكرة الأرضية، ونضعه في جزيرة نجعلها تبحر عبر قناة السويس نحو المحيط الهندي، لنغرسه في مكان ما بين الهند وتايلندا”.

                                     غياب التفكير الاستراتيجي

من جهتهم؛ فإن أكاديميين وخبراء صهاينة تحدثوا قائلين “لا شيء يسمح لهيئة الأركان وحكومة الاحتلال بالابتهاج، أو ادعاء تحقيق انتصار. البروفسور مناحيم كلاين من جامعة بار ايلان في “تل أبيب” (تل الربيع)، ركز على غياب التفكير الاستراتيجي في هذه العملية، والآثار السلبية التي ستخلفها على مصالح الكيان الصهيوني.

وقد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عنه قوله: “إن إسرائيل تتصرف كعملاق أعمى يضرب بقوة دون هدف سياسي، إنه مفهوم خاطىء خال من أي فكر استراتيجي لا يؤدي إلى شيء”.

واعتبر هذا الأكاديمي الصهيوني المختص بالصراع الصهيوني ـ العربي، وقال إن “كل هذه العملية لم تكن مجدية، فهي لم توقف إطلاق الصواريخ، وأضعفت محمود عباس بشكل كبير، وتظهر مرة أخرى أن إسرائيل لا تفهم الفلسطينيين”، على حد تعبيره.

وأيد الجنرال في الاحتياط والمسؤول الكبير في الاستخبارات العسكرية سابقاً ياكوف اميدرور هذا الكلام مضيفاً “أن حكومة أولمرت لم تتخذ بعد قرار وقف إطلاق الصواريخ بالقوة المسلحة”، وفقا لما صرح به.

وأوضح “أن القرار الوحيد المتخذ حتى الآن هو أن تظهر لسكان غزة ولحماس وللعالم أنه ستكون هناك عملية أكثر دموية أيضا في حال لم يكن هناك خيار آخر”.

وقال “ينبغي بالتالي توقع عمليات أخرى إلى أن تفهم الحكومة أن ذلك لا يؤدي إلى نتيجة، وعندما نصل إلى هذا الحد سيتعين البدء بمفاوضات مع حماس أو إعادة احتلال غزة”.

                                      ذعر من صواريخ المقاومة

ورأت إيمانويل سيفان المهتمة بقضايا الاستشراق ضرورة التفاوض مع “حماس” حتى ولو كان ذلك من أجل التفاهم بشأن صواريخ المقاومة التي تطلق على المغتصبات الصهيونية، وتثير ذعراً في أوسط سكان هذه المغتصبات، وقالت في حوار مع القناة العاشرة (خاصة) “إن الحل الوحيد هو التفاوض مع حماس ليس بهدف اتفاق سلام، وهو أمر مستحيل بالنظر إلى مواقف هذه الحركة وإنما بهدف وقف إطلاق نار لمصلحة الطرفين”، وفقا لمزاعمها.

وكان مسؤولون في حكومة الاحتلال الحالية قد انتقدوا الحملة العسكرية “الشتاء الساخن” التي نفذها جيش الاحتلال، والتي خلفت أكثر من 120 شهيدا وأكثر من 350 جريحاً أغلبهم من المدنيين الفلسطينيين، ودعوا للحوار مع حماس، فالوزير بدون حقيبة في حكومة الاحتلال ورئيس “الشاباك” سابقاً عامي أيلون أكد أن الحملة الحالية “عجزت عن خلق واقع سياسي أفضل”، وتساءل: “هل ما فعلناه في غزة خلق لنا واقعاً كهذا؟”، ودعا أيلون للإسراع في محاورة المقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق الصواريخ على “سديروت” والنقب الغربي ومدينة عسقلان.

                                   دعوات لم تأت من فراغ

وفي الاتجاه نفسه؛ دعت يولي تامير وزيره التعليم الصهيونية حكومتها للتحاور فوراً مع فصائل المقاومة الفلسطينية كي توقف إطلاق النار، مبيّنةً أن الوضع جنوب الكيان الصهيوني “بات لا يطاق نتيجة تواصل إطلاق الصواريخ”.

وبرأي مراقبين؛ فإن الانتقادات التي وردت على ألسنة الخبراء والكتاب الصهاينة لمسؤوليهم بسبب “الشتاء الساخن”، ودعوتهم لحوار حركة “حماس” لم تأت من فراغ، وإنما بسبب ما ترسخ في قناعتهم بناء على المعطيات السياسة والعسكرية والأمنية من حالة العجز والإحباط  التي وصلت إليها قوات الاحتلال، والتي لم تستطع حتى إنجاز أبسط الأهداف التي أعلنت عنها، وهو تقليص أو منع القصف الصاروخي، فضلاً عن التفكير بالقيام بعملية عسكرية برية واسعة النطاق في غزة، وإسقاط حكم حركة “حماس” في غزة، وضرب الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة.

وفي الوقت ذاته إقرار بعدم إمكانية القضاء على “حماس”، أو لجم مقاومتها، أو الصواريخ التي تطلقها، حتى ولو استخدمت في مواجهتها أرقى الأسلحة، لأنها تنظيم سياسي عقائدي ولد من رحم المقاومة التي تدافع عن الأرض والحقوق والمقدسات الفلسطينية، وتجدر في الوجدان الشعب الفلسطيني بقوة نظرا للقناعة بفكرها وأطروحاتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات