السبت 04/مايو/2024

مجلس الأمن الدولي .. مؤامرة صمت لتبرير جرائم الاحتلال ومساواة الضحية بالجلاد

مجلس الأمن الدولي .. مؤامرة صمت لتبرير جرائم الاحتلال ومساواة الضحية بالجلاد
اكتفى مجلس الأمن الدولي بعد مداولات بشأن العدوان الصهيوني على غزة بإدانة ما وصفه بالعنف المتصاعد في قطاع غزة وجنوبي الكيان الصهيوني، في إشارة إلى غارات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، وقصف المقاومة للمغتصبات المحاذية للقطاع، مساوياً بذلك بين الضحية والجلاد، رغم المجازر الدموية لجيش الاحتلال والتي أوقعت خلال أربعة أيام أكثر من 110 شهداء، ومئات الجرحى والمصابين الفلسطينيين معظمهم من المدنيين.

                                          مقارنة ظالمة

وفي البيان الذي تلاه السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية لمجلس الأمن، أعرب المجلس بإجماع أعضائه الخمسة عشر عن قلقه من سقوط الضحايا المدنيين في “غزة (110 شهداء) وجنوب إسرائيل (قتيل صهيوني واحد)”، خلال أسبوعين تقريباً، داعياً الطرفين إلى وقف جميع “أعمال العنف”، وفقا لما جاء قي البيان.

ورغم الحديث عن تقدم ليبيا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن  تطالب وفقاً لمسودته بتوجيه إدانة قوية لقتل المدنيين الأبرياء بمن فيهم الأطفال، وتدعو إلى الوقف العاجل لإطلاق النار، ـ بما في ذلك الصواريخ الفلسطينية ـ  فإن كل الدلائل تكاد تجزم بأمرين اثنين: عدم توجه الهيئة الأممية لإصدار قرار حول التصعيد الصهيوني الحالي ضد غزة والتطورات المستمرة لقصفه الجوي وإنما الاكتفاء ببيان فقط (البيان الحالي الذي صدر)، ورفض توجيه إدانة صريحة لمجازر الاحتلال، وإنما مساواة الجلاد بالضحية، رغم عدم وجود مقارنة بين حجم الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين، وبين الخسائر البشرية للصهاينة التي لم تتجاوز سوى مواطن واحد، وأقل من عشرة إصابات في سكان المغتصبات المحاذية لغزة، بسبب صواريخ المقاومة أولا، وبين من يدافع بهذه الصواريخ البدائية الصنع عن نفسه، وأرضه، رافضاً استمرار الحصار، وبين من يرتكب المجازر الهمجية لإسقاط حركة منتخبة هي حماس، تحت ذريعة لجم صواريخ المقاومة ثانيا.

                                         بيان لا قرار دولي

ولم يكن لدى الدبلوماسيين الغربيين في المجلس ردّ فوري على التحركات العربية على الرغم من قولهم إن هناك شعوراً عاما بضرورة أن يقول مجلس الأمن شيئًا ما إزاء تصاعد العنف، وقال دبلوماسي “لا يتعين أن يكون قرارا، بوسعنا أن نصدر بيانا فقط”.

وكان مجلس الأمن الدولي قد فشل يوم (29/2) في إصدار بيان صحفي حول الوضع المتدهور في قطاع غزة بسبب اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد أسابيع من فشله في إصدار البيان لإدانة الحصار الصهيوني المشدد الذي يتعرض له القطاع، بسبب اعتراضات أمريكية وأوربية ترى عدم صيغة البيان أتت بصورة غير متوازنة، وفقا لوجهة نظرها المنحازة.

وأعرب رئيس المجلس ومندوب بنما لدى الأمم المتحدة ريكاردو البرتو ارياس في تصريح صحافي – بالنيابة عن بلده، وفي أعقاب مناقشة الموضوع في المجلس- عن “قلقه العميق إزاء تزايد العنف في منطقة الشرق الأوسط”، على حد تعبيره.

وأضاف: “إننا نشعر بالقلق إزاء الأثر الذي قد يتركه العنف المتزايد على السكان المدنيين إضافة إلى تدهور الوضع الإنساني في القطاع”، وشدد على أن بلاده تدعو جميع الأطراف إلى إظهار ضبط النفس الذاتي في هذه اللحظة العصيبة والامتثال إلى الالتزامات بموجب القانون الدولي.

                                    الإدارة الأمريكية وقلب الحقائق

ولم تخف واشنطن انحيازها في المحفل الدولي إلى جانب حليفتها (الدولة العبرية)، فرغم إعرابها عن أسفها لسقوط ضحايا بين المدنيين الفلسطينيين والصهاينة، ودعوتها إلى وقف العنف بين الجانبين، فقد أكدت على حق حكومة الاحتلال في “الدفاع عن نفسها”، ووصفت الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي تطلق من جهة المقاومة الفلسطينية بأنها “إرهابية”، ضاربة بعرض الحائط أن المقاومة حق كفلته كافة الشرائع والقوانين الدولية.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جوردون جوندرو “هناك فرق واضح بين الهجمات الصاروخية الإرهابية التي تستهدف المدنيين والتحرك للدفاع عن النفس”، وفقاً لمزاعمه التي قلب بها الحقائق رأسا على عقب.

واكتفى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإدانة ما وصفه “الاستخدام المفرط، وغير المتكافئ للقوة”، وبمفهوم المخالفة فإنه لا يعترض على استخدام الدولة العبرية  المجازر ضد الفلسطينيين من حيث المبدأ، وإنما الاعتراض على زيادة جرعتها هذه المرة، وهو ما عبر عنه في بداية الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، مدينا بنفس الوقت القصف الصاروخي للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني.

                                         صفاقة صهيونية

ولعل مجمل ذلك هو ما شجع المندوب الصهيوني في مجلس الأمن لتبرير عمليات جيش الاحتلال بما وصفه “إرهاب” حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التي تستهدف المدنيين الصهاينة بالصواريخ، وقال إن بلاده “لا ينبغي أن تعتذر عما تفعله في القطاع، لأن من حقها حماية شعبها”. وأضاف بكل تبجح وصفاقة أن دولته “تتوقع من المجتمع الدولي أن يحميها”.

ويؤكد المراقبون أن هناك مؤامرة صمت دولية إزاء جرائم الاحتلال، ومحاولة غض الطرف عنها، وإيجاد المبررات لها، على نحو زاد عن المعتاد في الفترات الماضية، ولعل هذا هو ما دفع أمين عام الجامعة  العربية عمرو موسى إلى وصف هذا  الصمت الدولي إزاء ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة بأنه “معيب ويحمل نوعاً من الانحياز والخطورة لأن هذا الصمت يؤكد شلل المؤسسات الدولية في التعامل مع ما يجري في غزة”، وأعرب موسى عن دهشته من عدم قيام مجلس الأمن الدولي بوضع حد للموقف الخطير في غزة، الذي يذهب ضحيته العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني يومياً.

                                       جرائم ضد الإنسانية

وتعليقاً على بيان مجلس الأمن الذي لم يرتق بحسب مراقبين إلى الحدود الدنيا مستوى المأساة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، قالت حركة “حماس” هذا الموقف يشكل “صفعة قاسية” لكل من كان يتوهم بالاعتماد على موقف الولايات المتحدة لتحقيق التسوية السلمية في المنطقة.

وأكد ممثل حركة “حماس” في لبنان أسامة حمدان (للجزيرة نت) أن الحركة لم تفاجئ بهذا الموقف، داعياً من وصفهم بالمعولين على الإدارة الأمريكية لأن يستفيقوا من وهمهم، وأن لا ينخدعوا في قدرة مجلس الأمن الدولي على استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، مشددا على ضرورة أن يعتمد الفلسطينيون على ذاتهم وعلى أمتهم.

وكان تقرير صادر عن مؤسسة حقوقية فلسطينية قد لفت الانتباه إلى تصعيد سلطات الاحتلال لعمليات القمع ضد الفلسطينيين في فبراير(شباط) الماضي، مشيرا إلى أنها قتلت 91 شخصًا بينهم 14 طفلاً في قطاع غزة والضفة الغربية.

وذكر التقرير الصادر عن مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان أن قطاع غزة كان له النصيب الأكبر من القتلى حيث استشهد فيه ما يزيد على 83  شخصاً.

واعتبر التقرير أن هذا العدد من القتلى يدل بشكل واضح على تمادي الاحتلال في عدوانه وتصعيده له بانتهاجه أساليب تعد خارجة على نطاق القانون، والمتمثلة بسياسة الاغتيالات بحق الفلسطينيين رغم كونها من الأساليب التي تنص الاتفاقات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني على تجريمها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات