السبت 04/مايو/2024

جباليا ومخيمها .. احتضان شعبي للمقاومة وإرادة تأبى الانكسار

جباليا ومخيمها .. احتضان شعبي للمقاومة وإرادة تأبى الانكسار

“نتألم .. نعم لكننا لن ننكسر أو نستسلم ..”؛ هذا هو لسان حال جباليا ومخيمها شمال قطاع غزة، ذلك لسان حال مقاوميها ورجالها ونسائها وأطفالها وحتى حجرها وشجرهاوهي تخوض معركة الكرامة في وجه آلة الحرب الصهيونية.

ولم يمنع ارتقاء ما يقارب من 50 شهيداً ووقوع أكثر من 150 جريح خلال أقل من 24 ساعة من العدوان الصهيوني من احتضان المقاومة التي تقودها “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس” لتقدم صوراً ناصعة من البطولة والشجاعة ولتتحطم على أعتاب المدينة ومخيمها أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

احتضان المقاومة

وتكفي جولة سريعة في أطراف المدينة لمعرفة حجم التلاحم والاحتضان الذي يلقاه المقاومون من الأهالي الذين اعتادوا على مواجهة الشدائد والعدوان الصهيوني الذي يأبى بين الحين والآخر ليتوغل في مدينتهم ليعود فيما بعد ليندحر على صخرة الصمود والإباء والمقاومة التي يبديها المقاومون والأهالي.

فهذا مواطن يتقدم الصفوف ليستكشف الطريق وآخر يرشدهم لمكان الدبابات، وثالث يبادر لتقديم المشروبات وأخرى تحضر الطعام وتقسم على المجاهدين أن تشرفهم بتناول ما أعدت لهم.

ميدان البطولة

وتقع بلدة جباليا، التي تحولت منذ ساعات فجر اليوم إلى مسرحاً للعدوان الصهيوني المجرم من جانب وميداناً للبطولة والفداء من قبل المقاومة التي تمكن فرسانها من قتل وجرح ما لا يقل عن 15 جندياً صهيونياً في مواجهات أقر العدو بضراوتها على بعد 2 كيلو متر إلى الشمال من غزة وهي رقعة منبسطة من الساحل الجنوبي ترتفع نجو 35 متر فوق سطح البحر وتبلغ مساحتها 11500 دونم.

ويقول الحاج عبد الرحيم عبد ربه الذي استشهد أحد أقاربه من كتائب القسام: “لن ينجح الصهاينة في هزيمتنا .. لن يمروا إلا على أشلائنا وفي النهاية سيندحرون ليس فقط إلى خارج حدود مدينتنا ومخيمنا وإنما إلى حيث أتوا غزاة ولقطاء”.

من وحي التاريخ

ويرجع أصل تسمية جباليا إلى كلمة “زليا” وهي بلدة روانية قديمة كانت قائمة على الأرض التي عليها النزلة اليوم وقيل أنها قد تكون تحريفاً لكلمة “جبلاية” السريانية بمنعى الجبلي أو الفخاري ويقال أنها نسبة إلى الجبالية وهم أخلاط من أروام ومصريين سكنوها آخر العهد البيزنطي.

وأعجب بها الشيخ عبد الغني النابلسي الذي لم يجاف الحقيقة عندما قال إنها بلدة لطيفة الهواء وعذبة الماء في أهلها الصلاحة ومحاسن الملاحة”.

خبرة في صد الاجتياحات

ويشمخ أبناء البلدة التي طالما صدت اجتياحات صهيونية كبيرة وعديدة خلال انتفاضة الأقصى فيما كانت في السابق مركزاً لأعنف وأقوى المواجهات مع الاحتلال الصهيوني قبل أن يندحر عن غزة.

ويتقدم قادة حركة “حماس” في شمال قطاع غزة وجباليا ليقدموا أبناءهم بل إن بعضهم خاض بنفسه المواجهات مع العدو الصهيوني.

قادة حماس وأبناؤهم في المقدمة

فها هو الدكتور محمد شهاب، أحد مؤسسي حركة “حماس” والنائب عن كتلة “التغيير والإصلاح” بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وبعد لحظات من استشهاد نجله البكر المجاهد القسامي عبد الرحمن شهاب يؤكد أنّ الاحتلال الصهيوني يعاني من هزيمة قوية.

وقال شهاب “نحن بإذن الله سنواصل دربنا، كي ترى كل الأجيال الشهداء الذين يقدِّمون أغلى ما يملكون في سبيل دحر المحتل والدفاع عن كرامتها (الأجيال)”.

وأوضح شهاب أنّ الاحتلال “جُنّ جنونه وهو يرى ثبات المقاومين بأسلحتهم المتواضعة أمام الترسانة الصهيونية المدججة بأحدث وأقوى الأسلحة الفتاكة”، حسب تأكيده.

وشدّد النائب شهاب على أنّ هذه الدماء لن تذهب سدى، بل ستحمي الأجيال القادمة، مضيفاً “نحن طلبنا الشهادة وتمنّيناها، لأنّ الشهادة أقرب الطرق إلى الجنة، وهي الطريق الوحيدة للعزة والكرامة”.

معركة أيام الغضب

وتعرضت المدينة خلال الفترة من 28/9-15/0/2004 إلى عدوان صهيوني واسع شهدت معركة ضارية أطلقت عليها كتائب القسام معركة أيام الغضب استشهد خلالها 135 فلسطيني بينهم 43 من مجاهدي “كتائب القسام” قبل أن يندحر الاحتلال دون أن يتمكن من اقتحام المخيم الذي يعد نفسه للملحمة الكبرى هذه الأيام مع العدو الصهيوني.

وقاد تلك المعركة الدكتور نزار ريان الذي قدم هو الآخر كغيره من قادة “حماس” ابنه إبراهيم في المواجهة مع الاحتلال الصهيوني حيث استشهد في أول اقتحم ناجح لمستوطنة صهيونية عام 2001.

كما تعرضت لعشرات عمليات التوغل والاجتياح الصهيوني الأخرى التي انتهت بانكسار واندحار العدو الصهيوني دون أن يتمكن من الوصول لمخيمها الصامد الشامخ.

المخيم .. صخرة الصمود

ويغطي المخيم الذي يستعد هذه الأيام ليسجل صفحة جديدة في تاريخ البطولة الفلسطينية مساحة 1.4 كيلو متر مربع، وتتلاصق المساكن التي تتألف عادة من غرفتين صغيرتين أو ثلاثة ومطبخ وحمام ضيقين على مساحة لا تزيد عن 40 متر مربع. وتمتد بين المساكن الشوارع والطرقات الضيقة التي لا يزيد عرض البعض منها عن متر واحد.

ويفتقر المخيم إلى البنية التحتية الأساسية؛ ويجمع عمال النظافة بالأونروا النفايات الصلبة فيه. وتتوفر المياه من قبل البلدية المحلية أو الأونروا وينابيع المياه الخاصة.

ومعروف أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى اندلعت شرارتها الأولى في مخيم جباليا في ديسمبر/كانون أول 1987.

وتأسس المخيم عام 1954م وبلغت مساحته عند تأسيسه حوالي 1400دونم وبلغ عدد السكان آنذاك حوالي 37800 نسمة مقسمين على 5587 عائلة، وبلغ عدد سكان المخيم عام 1967م حوالي 33100 نسمة، ويقطن المخيم عام 1987م حوالي 53000 نسمة ويعود معظم سكانه بأصولهم إلى أسدود ويافا واللد بينما ارتفع العدد الآن إلى أكثر من 120 ألف فلسطيني.

قادة من المخيم

وشهد المخيم ميلاد عدد من القادة والأبطال الذين سطروا ببطولاتهم ودمائهم الطاهرة أنصع صفحات في تاريخ المقاومة منهم القائد الفذ عماد عقل ومحمد نصار ومحمد شراتحة ومحمود المحبوح الذين نقلوا المقاومة الفلسطينية نقلة نوعية من خلال عمليات اختطاف الجنود الصهاينة.

وتستعد بلدة جباليا ومخيمها بتلاحم غير مسبوق بين الأهالي والمقاومين لتلقين العدو الصهيوني بدأت بشائرها مع توالي اعترافات العدو عن سقوط القتلى وضراوة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات