الإثنين 12/مايو/2025

حركة حماس .. محطات مضيئة في تاريخ الشعب الفلسطيني على مختلف الأصعدة

حركة حماس .. محطات مضيئة في تاريخ الشعب الفلسطيني على مختلف الأصعدة

ما بين العمل الدعوي مروراً بالنشاط الاجتماعي والتربع على عرش المقاومة وقيادتها وصولاً للعمل السياسي والبرلماني والحكومي، محطات بارزة في تاريخ حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عايشتها ولا تزال تعمل عليها بأداء آخذ في التطور يستذكرها ويتوقف عندها قادة في الحركة ومحللون ومتابعون فلسطينيون الذين يجمعون على أن “حماس” مثلت تحولاً في أداء الحركات المقاومة الفلسطينية ونجت في جميع محطاتها كجماعة دعوية وحركة مقاومة ورائدة للعمل السياسي والبرلماني والحكومي حافظت على الثوابت وبقيت عصية على الضغوط والتجاذبات ومحاولات الاحتواء وحرف المسار.

تجربة غنية

ويؤكد الشيخ مصطفى القانوع القيادي البارز في حركة “حماس” الذي عاد إلى غزة بعد سنوات طويلة من الإبعاد أن تجربة الحركة خلال عشرين عاماً من مرحلة التأسيس عندما كانت ممثلة في المجمع الإسلامي لا شك أنها تجربة غنية وثرية رعاها بعنايته.

وشدد على أن حركة “حماس” استطاعت أن تؤسس لجيل إسلامي يدافع عن أرض فلسطين والحقوق والثوابت الفلسطينية من خلال مقاومة الاحتلال وعملاءه.

وأشار إلى أن الحركة أصبحت واسعة وممتدة بعمقها العربي والإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وكل الجماعات الإسلامية المجاهدة. وأكد أن حركة حماس ومنذ تأسيسها حافظت على الثوابت والحقوق الفلسطينية ومنعت الانهيار والتنازلات والتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني وكرست أن فلسطين أرض فلسطينية عربية إسلامية وأن التنازل عن الثوابت هو خيانة وتفريط ولا يلزم الشعب الفلسطيني ولا الأمة العربية والإسلامية.

البعد الإسلامي في الصراع

ويؤكد المحلل السياسي إبراهيم أبو الهيجا أن حركة “حماس” منذ انطلاقتها لعبت دوراً بارزاً في المشروع الوطني الإسلامي، ونجحت في إعطاء البعد الإسلامي الشامل في الصراع مع الصهاينة وحققت إنجازات عديدة على المستوى العسكري في الصراع مع الكيان، حيث أجبرته على الخروج من قطاع غزة مهزوماً.

وقال إن “حماس” عملت على تأصيل مضادات فكرية وإيمانية في العلاقة مع اليهود ورفع المنسوب الإيماني لدى الشعب الفلسطيني وإعادة الاعتبار للأرض الفلسطينية وتعريف فلسطين كأرض محتلة من بحرها إلى نهرها وهو ما فشلت فيها حركة “فتح” التي أقرت بشرعية الكيان واستيلائه على أكثر من 70 في المائة من أرض فلسطين دون أن تعترف دولة الكيان بالوجود الفلسطيني.

نقطة تحول

ويرى المراقبون أن مشاركة “حماس” في الحياة السياسية الفلسطينية والانتخابات بشكل خاص إلى جانب العمل العسكري المقاومة؛ شكلت نقطة تحول وإحداث حقائق عديدة على الأرض تمثلت في إحداث نوع من الاختراق الإسلامي للعمل السياسي بعد أن كان هناك تردد ملحوظ في هذا المجال والخيار الصعب.

ويرى الدكتور وليد المدلل أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة الإسلامية أن دخول حركة “حماس” على خط العمل السياسي أوقف التدهور السياسي الذي أحدثته الاتفاقيات وشكلت تراجعاً في الثوابت والمسار السياسي الفلسطيني.

وقال إن “حماس” منذ انطلاقتها أعادت الاعتبار للأمن الفلسطيني وأحدثت نوعاً من التوازن لنظرية الأمن التي أصابها التشويه حيث كان مطلوب من الجانب الفلسطيني تأمين الأمن الصهيوني.

وأوضح المدلل أن مشاركة “حماس” في العمل السياسي أحدثت انتشاراً لها في الأوساط الإقليمية والدولية بحيث أصبحت بعض الشخصيات الإسلامية تتبوأ العديد من المواقع في ساحات العمل الفلسطيني والدولي.

اغتيال القادة

ويؤكد المراقبون أن كل المحاولات التي ارتكبها الصهاينة أو الأطراف المرتبطة بهم لم تنجح في تصفية وجود هذه الحركة الربانية فلا الاعتقالات ولا عمليات الإبعاد ولا حتى الاغتيال التي طالت القائد المؤسس الإمام الشهيد أحمد ياسين وخليفته الإمام أسد فلسطين الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وغيرهم من القادة ونجحت في كل مرة من تجاوز هذه المحن لتخرج منها بشكل أقوى لتترك بصمتها المضيئة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

بصمات بارزة

ورأى المدلل أن حركة “حماس” تركت بصمات بارزة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وقال إنها نجحت في كسر الاحتكار الذي ساد على الحياة الفلسطينية سواء الاقتصادية أو السياسية وإعادة البعد الدولي في السياق الإنساني بحيث أصبحت العديد من الدول والمحافل الدولية تنضم إلى القضية الفلسطينية إلى جانب إعادة الاعتبار للمقاومة الفلسطينية التي كانت مستهدفة وتعتبر غير شرعية قياساً بالتزامات السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني.

ويقول المدلل إن “حماس” حافظت على سلاح المقاومة ودعمها مادياً وعسكرياً وأدبياً إلى جانب تطويرها أدوات المقاومة وتكتيكات المواجهة مع الكيان حتى بات العدو يقر أنه يواجه جيشاً منظماً.

20 عاماً بعدد السنين وعقود بحجم الإنجاز

ويرى الكاتب الفلسطيني رشيد ثابت من السويد أن حركة “حماس” الفتية التي بلغت العشرين من عمرها بعدد السنين؛ قد مضى من عمرها عقود وحقب وقرون طوال إذا ما قيس العمر بالإنجاز والبناء.

وقال إن الحركة أعادت النضال الفلسطيني إلى جادة الصواب، وفجرت طاقات وآفاق جديدة للعمل المقاوم، وفوق ذلك كله صححت حركة التاريخ الفلسطيني العربي المسلم، وشرعت في إنقاذ الهوية الفلسطينية والشخصية المميزة للإنسان العربي المسلم في فلسطين من الضياع والاندثار.

ومضى يقول: “انطلاقة حماس وتعزز نفوذها هو إحياء لسنة مضت في هذه الأمة في تاريخها القديم وتاريخها القريب؛ وستبقى ماضية إلى يوم الدين: إنها سنة “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله”.

وشدد على أن ما يميز البناء الحماسي هو أنه بات الآن ضاربا في جذور الوعي الفلسطيني؛ “حتى لا تستطيع تصور مشروعٍ لتحرير فلسطين تغيب عنه حماس أو الإسلاميون!”.

شهادة بأهمية الدور

واعتبر أن اجتماع كل هذه الفرق المحلية والإقليمية والدولية على حرب “حماس”؛ بمثابة شهادة بأهمية الدور الذي تقوم به ومركزيته؛ موضحاً أن كل هؤلاء يدركون خطر حماس على مشاريعهم المعادية للأمة.

وأضاف أن “حماس” وشبابها قاموا بمهمة حمل الرسالة الإسلامية “بإبداع وإتقان لا يجعله محل أمل الفلسطينيين وحسب؛ بل يضعه على صدارة طموحات المسلمين في كل مكان”. وتابع: “عرفنا ذلك وقرأناه في كل العيون التي بكت دموعا حرَّى على شهادة الشيخين الرنتيسي وياسين .. وشاهدناه في قسمات وجوه أبناء الأمة في كل مكان .. أبناء الأمة من كل جنس ولون وعرق وإقليم…وهم يسألون عن أخبار أشباه الصحابة، وأنباء أحفاد المهاجرين والأنصار، ممن سطروا قصص عمليات الأنفاق، وأساطير العمل الاستشهادي، وجاهدوا في الله بكل ما أوتوا من أسباب، وأعتذروا لله سبحانه وتعالى والأمة والتاريخ جَهْدَهُم!”.

مراحل مهمة

من جهته؛ يؤكد الدكتور صلاح البردويل الناطق باسم كتلة “حماس” البرلمانية أن الحركة قطعت شوطاً كبيراً جداً، فمن حركة مقاومة صغيرة انطلقت مع الانتفاضة بعدما انتقلت من العمل الاجتماعي الثقافي إلى العمل المقاوم، إلى أن انتقلت لدرجة أن تكون رقماً صعباً معروفاً على الصعيد العربي والإسلامي والدولي، خطّت اسمها بدماء شهدائها وآهات مبعديها وأسراها، وتطوّرت لتنتزع مكانتها المرموقة في المنظومة السياسية على المستوى الفلسطيني والساحة العربية، حتى باتت القوة الأكبر في النظام السياسي الفلسطيني بعد الانتخابات التي فازت بها وشكّلت الحكومة العاشرة ومن ثم الحكومة الحادية عشرة والآن حكومة تسيير الأعمال.

وقال: أعتقد أنّ “حماس” قطعت شوطاً هائلاً ومبدعاً في كيفية إدارة البلاد رغم كل المعوقات والمضايقات، وأظهرت أنها عصية على الحصار والانكسار، فلم يستطع الحصار أن يضعف معنوياتها، بل على العكس “حماس” استطاعت أن تقدم نموذجاً كان مستبعداً في الذهنية السابقة عندما مزجت بين وجودها في الحكم ووجودها في المقاومة، واستطاعت أن تثبت للعالم أنه ليس من أحد في العالم ولا قوة في العالم تستطيع أن تجبر شعباً تحت الاحتلال أن يختزل نفسه في متلقي للمعونات والمساعدات، إنما هو الذي يقرِّر مصيره ومجده وحريته بيده. ومن ثم “حماس” ضربت هذا المثل في المزج بين المقاومة والعمل السياسي والبرلماني والحكومي، ونجحت في ذلك، وأصبحت تجسده (ذلك النموذج) اليوم، وأصبحت نموذجاً على مستوى العالم للصمود، وثبّتت علاقات متميزة دولية مع دول عربية وإسلامية.

في اعتقادي، بحسب البردويل، “فإنّ المرحلة القادمة ستشهد خنوعاً عالمياً أمام هذه الإرادة، ولن يستطيع أحد أن يشطب حركة “حماس” من الخارطة السياسية لأنها متشبثة في جماهيرها، لأنها بعد قوة الله عز وجل تتسلّح بقوة شعبها وقوة إرادة أبنائها وقوة تنظيمها وقوة إبداعاتها، فالمستقبل إن شاء الله لهذه الحركة ولجماهيرها وللشعب الفلسطيني الذي يحتضنها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات