الإثنين 12/مايو/2025

الفلسطيني مجدي الجبور .. نموذج للفظائع في أقبية سجون عباس

الفلسطيني مجدي الجبور .. نموذج للفظائع في أقبية سجون عباس

مسالخ حقيقية، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. هذا هو الانطباع الآخذ في التشكل في الشارع الفلسطيني مع تسرب حكايات عما يواجهه أنصار حركة “حماس” من صنوف التعذيب في سجون أجهزة الأمن في الضفة الغربية الخاضعة لإمرة رئيس السلطة محمود عباس.

حكاية المواطن الفلسطيني ماجد الجبور من نابلس في الضفة الغربية، هي واحدة من الحكايات المريرة التي تناقلها الناس كنموذج لما يواجهه الإسلاميون والمقاومون من تعذيب وتنكيل، على أيدي ضباط تلك الأجهزة وعناصرها.

فالمواطن الجبور لم يدر في خلده للحظة واحدة أنّ استشهاد شقيقه القسامي أمجد، سيكون يوماً ما سبباً كافياً لمن كان يراهم إخوة الوطن وأبناء جلدته؛ لتعذيبه والتنكيل به بطريق وحشية لم تخطر على بال أحد، ولكنّ هذا ما حصل بالفعل، فعلى مدار ستة أيام تم إخضاع الجبور لصنوف من التعذيب خرج بعدها وهو بين الحياة والموت.

بداية الحكاية

حكاية الجبور رواها همساً من بين زفرات الحياة والموت لأهله ومحبيه الذين توافدوا لزيارته ووداعه في مستشفى رفيديا بنابلس بعد أن واجه صنوف العذاب، وتتبع “المركز الفلسطيني للإعلام” فصولها. وقد بدأت الحكاية ظهر يوم السبت (17/11)، عندما توجّه إلى مقر جهاز الاستخبارات الفلسطينية في نابلس، ليسلم نفسه، إثر قيام هذا الجهاز باعتقال شقيقه أنور واشترط إطلاق سراحه بتسليم نفسه، وبقي بين أيديهم طوال ستة أيام، بدت له كستة دهور من شدة ما واجهه من تعذيب وقسوة.

ولم تنتظر العناصر الأمنية طويلاً، فما أن استلمت الجبور حتى حوّلته إلى سجن الجنيد الذي بات رمزاً ومسرحاً للممارسات الوحشية وأساليب التعذيب التي يتفنن جلادو عباس في ابتكارها، في مواجهة أنصار “حماس” وعامة المقاومين.

بحث عن مسدس شهيد

وبعد حجزه في زنزانة صغيرة مع معتقلين آخرين؛ جرى استدعاء المواطن الجبور من قبل أحد الجلادين، ليجد نفسه مباشرة أمام العقيد حسين الجبوري، مدير جهاز الاستخبارات التابع لمحمود عباس، ومعه عدد من المحققين والجلادين.

وفجّر العقيد الجبوري مفاجأة لم يتوقعها الجبور حتى في أشد أحلامه وحشية، عندما سرد سبب عملية الاعتقال مطالباً إياه بتسليم مسدس شقيقه القسامي أمجد، الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني قبل أكثر من خمس سنوات.

ولبعض الوقت بدا أنّ بطل هذه الحكاية المأساوية لم يستوعب ما الذي يريده العقيد الجبوري، وهو (الجبور) الذي اعتاد أن يلقى التقدير والتكريم كونه شقيق لشهيد مجاهد، لكنّ تكرار السؤال أعاده إلى أرض الواقع، فردّ بالنفي وعدم معرفته بأي شيء عن مسدس لشقيقه الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال في آب (أغسطس) 2002، بعدما تم اغتياله بدم بارد من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.

صفعات العقيد وألوان التعذيب

وبمجرد أن ردّ الشاب الفلسطيني المعتقل بالنفي؛ جوبه بصفعات حادة من العقيد الغليظ، لتبدأ بعدها رحلة من العذاب لم يشعر معها أنه سيخرج منها حياً.

بدأت الرحلة بالشبح والتهديد وعرض أدوات التعذيب لبعض الوقت، قبل أن يتم تقييد يديه وعصب عينيه وإلقائه أرضاً على ظهره، ومن ثم قام الجلادون برفع ساقيه بعد وضعهما في إطار سيارة، وجلس أحد الجلادين على رأسه، ووضع آخر ركبتيه على صدره وثالث رفع قدمي المعتقل الموضوعتين بالعجل ليقوم رابع بجلده على قدميه (بطريقة الفلكة) لساعات، حتى فقد وعيه. ومع فقدان الوعي تم إيقاظه عنوة برش الماء وممارسة الضغوط الجسدية عليه، ليعيدوا سؤالهم عن مسدس مزعوم كان مع شقيقه الشهيد.

إغماء من هول التعذيب

ولم يشفع سقوط المواطن الجبور مغشياً عليه عند الجلادين، فواصلوا ضربه وسكبوا الماء عليه ووضعوه في فمه بالقوة، ومن ثم بدؤوا يمارسون معه صنوفاً عجيبة من التعذيب، من خلال أجباره على المشي والوقوف والجلوس رغم حالة الإعياء التي كان يمرّ بها، وبين الحين والآخر كانوا يضربونه “فلكة” جديدة، حتى انكسرت العصي واستخدموا خراطيم مجدولة، حتى سقط مغشياً عليه مرّة أخرى.

دهس على الظهر وسحب اليدين للأعلى

ومن أشكال التعذيب الوحشية الأخرى التي تم إخضاع مجدي الجبور لها، وتم تناقل تفاصيلها عنه، أنه وبعد تعريضه لوجبات التعذيب الأولى تم إلقاؤه وهو في حالة يرثى لها على بطنه، ليقوم أحد الجلادين بوضع قدمه على ظهره وبسحب إحدى يديه المقيّدتين إلى الخلف إلى الأعلى دون أن يأبه أحد لصرخات الألم التي كان يطلقها والتي كانت كفيلة بتحريك ضمائر وقلوب أشد الناس قسوة ولكن دون جدوى، بل مع كل صرخة استغاثة كان سحب الذراعين للأعلى والضغط على الظهر يزداد قوة وشدة.

داخل الإطار والضرب العشوائي

وبعد كل الأهوال التي واجهها ذلك الشاب الفلسطيني؛ بادر الجلادون القساة بالطلب من الجبور المشي، وعندما عجز نتيجة ضربهم الوحشي قاموا بإدخال إطار السيارة أسفل مؤخرته، وقاموا بتمديده على الأرض على صدره، وعاودوا ضربه بشكل همجي لنصف الساعة تقريباً، ومن ثم أجبروه على القفز بسرعة رغم أنه أُخضع للضرب بالفلكة التي يستحيل معها الوقوف على القدمين.

ومن ثم أجبر الجلادون المعتقل الجبور على الانحناء ويداه مقيدتان للخلف، بينما أخذ أحدهم بالضغط على ظهره وسحب يديه إلى الأعلى عدة مرات، دون الاستجابة لصراخه وآلامه، حتى لم يعد يقوى على الوقوف، فقاموا بنقله إلى غرفة أخرى وألقوه على ظهره وأدخلوا ساقيه في إطار السيارة، وعادوا لضربه لوقت طويل جداً بأسلوب “الفلكة”، ومن ثم بالضرب على جميع أنحاء الجسم بواسطة عدة جلادين.

إغلاق الفم لتجنب سماع الصرخات

ولكي يتجنب الجلادون سماع صرخات الألم والاستغاثة من المعتقل مجدي الجبور؛ قاموا بإغلاق فمه بقطعة قماش سميكة وعفنة، واستمروا بضربه، ومن بعد رفعوا يديه إلى الأعلى وربطوها بنقطة مرتفعة. وبعد استيقاظه من الإغماءة التي طالت أكثر من سبع ساعات من التعليق القاسي؛ طلبوا منه استبدال ملابسه التي تبللت، ومن ثم عادوا لتقييد يديه وربطه بالباب حتى صبيحة اليوم التالي، دون أن يأبه أحد أولئك القساة لصراخه بهدف الذهاب إلى دورة المياه، ما اضطره للتبول على نفسه.

ممارسات شديدة القسوة

ورغم الجو البارد والماطر الذي ساد بعد ذلك في اليوم الثالث لاعتقاله؛ أجبره الجلادون على خلع ملابسه وقاموا بفتح النوافذ، وأجلسوه في مواجهة الهواء البارد، مع سكب الماء البارد على أنحاء على جسمه.

ومن ثم أخبرة أحد الجلادين بأنّ عليه أن يستعد، لأنه سيصاب بأوجاع شديدة في الغضروف في ثلاث مناطق، حيث قاموا بوخزه بسيخ حديدي أو مفك حاد في أماكن محددة في ظهره، ومن ثم أقدموا على شد أصابعه بالكماشة، دون أن تتحرك مشاعرهم من صرخاته الموجعة.

شبح متواصل وحرمان من العلاج

وإثر تدهور حالته الصحية؛ قام أولئك بعرضه على أطباء في “الخدمات العسكرية”، الذين أوصوا بنقله إلى المستشفى، حيث نُقل بعد ذلك، ولكنه أعيد إلى السجن بعد أقل من ساعة دون استجابة لتوصية الأطباء بإبقائه قيد العلاج والملاحظة لخطورة حالته. ولم يلتزم الجلادون بإعطاء المعتقل العلاج والحقن التي أعطاها له الأطباء، ما كاد يهدد حياته بالخطر، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بشبحه طوال ثلاث عشرة ساعة متواصلة.

شبح في سجون المخابرات

وبعد يومين من التعذيب والمعاناة، بقي السؤال الوحيد الذي يتردّد على المعتقل الفلسطيني المنكوب هو عن مسدس الشهيد الذي لا يعلم عنه أي شيء. ومن بعد قاموا بتسليمه إلى جهاز المخابرات الفلسطيني الذي بدوره عمد إلى شبحه لمدة ساعتين، وعندما تبيّن حجم العذاب وآثار ما تعرض له عند ذلك الجهاز، قاموا بتصويره وإبلاغه أنه سيبقى رهن الحجز حتى تزول آثار التعذيب التي أُخضع لها.

تحويل إلى المستشفى

ومع تدهور الحالة الصحية للمعتقل في يوم الخميس (29/11) وعدم قدرته على الحركة ومعاناته من أوجاع وآلام في جميع أنحاء الجسم؛ اضطر السجانون إلى نقله إلى مستشفى رفيديا، بعد أن أوصى بذلك الأطباء، حيث أُدخل إلى هناك لتلقي العلاج وبقي لبعض الوقت بين الحياة والموت، قبل أن تبدأ حالته بالتحسن وسط مخاوف من أن يعاود الجلادون الكرّة بحقه.

الجسد يحكي الحكاية

آثار التعذيب والتنكيل التي بدت واضحة على جسد المواطن الجبور، وحالته الصحية، أثارت الذهول لدى ذويه ومحبيه وأطبائه، الذين شعروا بفورة الغضب مع سعي أحد ضباط عباس نيل إقرار شفهي من الشاب المسجّى على سرير الشفاء بأنه لم يواجه التعذيب، رغم أنّ لسان الحال أبلغ في واقع جسده المنهك لسان المقال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....