الأحد 11/مايو/2025

التحركات المريبة لمندوب سلطة عباس لدى الأمم المتحدة .. الأبعاد والمخاطر

التحركات المريبة لمندوب سلطة عباس لدى الأمم المتحدة .. الأبعاد والمخاطر

اعتبر مراقبون أن محاولة فريق “رام الله” لاستصدار قرار دولي من الأمم المتحدة (يوم 8/11 الجاري)، عبر مندوبهم رياض منصور، يجرّم منظمات المقاومة الفلسطينية في غزة بصفة عامة، وحركة “حماس” بصفة خاصة، وينعتها بالإرهاب، ويدين إطلاق الصواريخ على المغتصبات والمدن الصهيونية شمال قطاع غزة، توجهاً بالغ الخطورة على مصالح الشعب الفلسطيني، والأمن القومي العربي، وتناغماً مع التوجهات الصهيو ـ أمريكية في حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه، والتهديد باجتياح جزء من أراضيه.

تدويل الخلاف الفلسطيني

وأشارت متابعات المحللين وبيانات الفصائل الفلسطينية إلى أن أهم أوجه الخطورة في هذه المحاولة، تتمثل في السعي إلى تدويل الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني، وإقحام البعد الدولي في الشأن الداخلي، وهو ما يعني ضمنا استعداء ما يعرف بالمجتمع الدولي، وتجييشه، ضد فصائل الشعب الفلسطيني، ووصمها بالإرهاب لشرعنة ملاحقتها، وشن حرب عليها باعتبارها مجموعات “غير شرعية وخارجة عن القانون”.

وبرأي مراقبين؛ فإن هذه المحاولة ليست الأولى من نوعها، فقد سعت سلطة رام الله منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي لاستجلاب قوات دولية إلى قطاع غزة، لكن هذا المسعى اصطدم بعوائق كثيرة، فحماس والحكومة الشرعية التي يرأسها إسماعيل هنية هددتا ـ حينها ـ بالتعامل معها على أساس أنها قوات معادية قي حال قدومها مثلها مثل جيش الاحتلال، ودول عربية ـ خصوصا الدول المجاورة ـ أبدت معارضتها للفكرة، والمنظمة الدولية لم تكن على استعداد لتعريض جنودها للخطر خصوصا أن أحد أطراف النزاع (حماس وحكومة هنية) ضدها من الأساس ..، وتلا ذلك محاولة خروج بعض الأصوات التي تدعي وجود تنظيم “القاعدة” في قطاع غزة على أمل استحضار قوات مماثلة، لكنها فشلت مرة أخرى لزيف الادعاء.

القفز من الحضن العربي

وينبني على التحرك الأخير لفريق السلطة في المنظمة الأممية مخاطر أخرى أهمها:

ـ قطع الطريق على أية محاولات فلسطينية أو عربية لإصلاح الخلل القائم في الساحة الفلسطينية، وحلّ الخلاف بين حركة حماس، وبين السلطة والتيار الانقلابي في حركة فتح، والذي شهدت أوج تأزمه بعد أن لفظ قطاع غزة هذا التيار في شهر يونيو الماضي، وبالتالي فقد عدّت أطراف فلسطينية ما أقدمت عليه السلطة “تجاوزاً خطيراً على العلاقات الوطنية”، بحسب بيان لحركة الجهاد الإسلامي.

ومعروف أن فريق “رام الله” هو الذي يضع اشتراطات مسبقة، لاستئناف الحوار مع “حماس”، وهو يتوافق مع الرغبة الأمريكية التي لم تعترف بشرعية “حماس” المنتخبة بأغلبية في انتخابات شرعية نزيهة، ومع ضغوط وزيرة الدبلوماسية الأمريكية على أطراف عربية لعدم التوسط بين طرفي الخلاف. 

ـ القفز من الحضن العربي، الذي يعتبر العمق الطبيعي للقضية الفلسطينية، وإدارة الظهر له، ومما يزيد الطين بلّة أن هذا التحرك يأتي في وقت يتم فيه وضع كل البيض الفلسطيني في السلة الأمريكية والأوربية، وهو ما يوجه طعنة للأمن القومي العربي من الخلف، والذي يعد كلاً لا يتجزأ.

ومن التقارير التي أوردتها وسائل الإعلام؛ يتضح بجلاء أن رياض منصور مندوب السلطة لدى الأمم المتحدة قام بالتشاور مع الدول الأوروبية حول صيغة مشروع القرار، قبل التشاور بشأنها مع نظرائه العرب الذين ذهب إليهم، وطلب دعمهم لمشروع القرار فيما بعد، والأخطر من ذلك أنه غضب غضباً شديداً عندما اعترض المندوبون العرب على مشروعه هذا، وأبدوا عتباً شديداً عندما علموا أنه تشاور مع الأوروبيين، قبل أن يلجأ إليهم في سابقة غير مألوفة، ووصل به الأمر إلي القول إن الدعم الأوروبي لمشروع القرار أهم من الدعم العربي بالنسبة إليه، حسب ما أورته صحيفة “القدس العربي” وغيرها.

سبب الاعتراض لا ينحصر ـ كما يظهر ـ في طريقة عرض مسودة مشروع القرار، بل في صميم جوهره، لأنه في حال إقراره سيعني تحويل منظمات المقاومة الفلسطينية إلي منظمات “إرهابية”، الأمر الذي سيشكل ضربة قاصمة للحق الفلسطيني المشروع في الكفاح بكل الطرق والوسائل، بما في ذلك المقاومة المسلحة لتحرير أرضه، كما أوضح ذلك السفير المصري لدى المنظمة الأممية، وقد وجد هذا الموقف تأييداً من عدد من المندوبين العرب.

الموقف العربي بدا مختلفاً ومبتعداً عن مواقف السلطة المدعومة أمريكيا وصهيونياً قبل هذه الواقعة، ومن أبرز هذه الاختلافات، عدم إقرار السلطة على رغبتها في عدم الحوار أو استئنافه مع “حماس” على أساس من اتفاق مكة، واتفاق القاهرة، ووثيقة الوفاق الوطني، أو التعامل معها عربياً، ومعارضة مطالبتها بإدخال قوات دولية إلى قطاع غزة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

توفير مظلة لاجتياح غزة

ـ توفير غطاء لقوات الاحتلال عبر الأمم المتحدة من أجل اجتياح غزة وارتكاب المجازر والجرائم بحق أبنائها، هي ضمن مخاطر تحرّك السلطة الأخيرة، لا سيما وأنه يأتي في وقت تتزايد فيه تهديداتهم لإنجاز هذه المهمة بعد مؤتمر “أنا بوليس”، فصيغة القرار “تحرض المجتمع الدولي ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة، ويسعى لتدويل الخلاف الفلسطيني الداخلي”، على حد ما جاء في تصريح على لسان عزت الرشق القيادي في حركة حماس.

وبالوقت نفسه؛ فإن مواقف رئاسة السلطة في هيئة الأمم المتحدة والتهديدات الصهيونية الأخيرة، تكشف عن مأزق الطرفين المتمثل في فشل الرهان على إسقاط حكومة إسماعيل هنية الشرعية، من خلال الحصار والتضييق، وإغلاق المنافذ، ومنع مرور الأدوية ومواد الغذاء، وقطع الكهرباء والوقود عن قطاع غزة، وهو ما يفسر توافقهما المشترك على “ضرورة إجهاض الإنجازات التي تحققت في قطاع غزة في ظل إدارة حكومة هنية، خاصة على صعيد توفير الأمن الداخلي، وحماية السلم الأهلي”، على حد تعبير عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”.

وقريباً من الموضوع ذاته؛ فإن القرار يأتي منسجماً ومتساوقاً مع تعهدات الثنائي عباس ـ فياض للجانبين الصهيوني والأمريكي بضرورة تصفية المقاومة، وسلاحها، التزاماً منهما بتطبيق المرحلة الأولى من “خارطة الطريق”، قبيل الذهاب إلى مؤتمر الخريف حول الشرق الأوسط، والإيفاء بمتطلبات تعزيز الجوانب الأمنية مع جيش العدو الصهيوني وأجهزته الاستخباراتية، والتي ينسق لها الجنرال الأمريكي كيث دايتون.

وفي هذا الصدد أوردت الإذاعة العبرية، الجمعة (9/11)، نقلاً عن أوساط حكومية صهيونية في القدس المحتلة، أنّ فريق رئاسة السلطة الفلسطينية أبلغ الجانب الصهيوني ، بـ”التزامه بمكافحة الإرهاب (المقاومة) لأنّ الفلسطينيين يدركون الآن أن هذا هو شرط أساسي لإقامة الدولة الفلسطينية”.

وبرأي المراقبين؛ فإن المسار الذي يتحرك فيه فريق أوسلو برام الله، وبخطى متسارعة غير مسبوقة وطنياً، سواء ما يتعلق منه بتأليب المجتمع الدولي على الشعب الفلسطيني، أو منح الاحتلال مظلة لارتكاب مجازر بحقه، أو التفريط بثوابت الشعب الفلسطيني، والنيل من فصائله المقاومة، سوف تكون له عواقب أخرى أخطر على المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، أو على الأمن العربي في المرحلة القادمة ما لم تتحمل الفصائل والفعاليات الفلسطينية، والشعوب والدول العربية مسؤولياتها، وتتحرك لوضع حد لها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....