الأربعاء 08/مايو/2024

في بيت حانون .. موائد الإفطار ممزوجة بغبار آليات الاحتلال

في بيت حانون .. موائد الإفطار ممزوجة بغبار آليات الاحتلال

لا يهدأ الغبار المتصاعد بكثافة عند المناطق الشرقية لبلدة بيت حانون، فآليات الاحتلال تتمركز على المناطق المرتفعة المطلة على المنطقة، في ظل حشودات أعقبت تهديدات الحكومة الصهيونية بشنّ عملية عسكرية على شمال القطاع.

ويمتزج طعام الإفطار في المناطق الشرقية لبلدة بيت حانون برائحة الغبار الذي تخلفه حركة الدبابات، وبمفعول الجرافات التي تقوم بعمليات تجريف للأراضي القريبة من منازل المواطنين الفلسطينيين في المنطقة.

تحركات على الأرض

وفي غضون ذلك؛ بدأت تهديدات الاحتلال في التجسّد على الأرض بشكل تدريجي حول بلدة بيت حانون، فالجرافات تنقدم إلى منطقة الفرطا الواقعة في نهاية شارع زمو، والقوات الصهيونية تحاصر وادي النزازة وتجبر سكانها على الخروج من منازلهم، ويجري كذلك فتح تحقيق ميداني مع الرجال، وهي المفاجأة التي استيقظ عليها المواطنون في الأيام الأوائل لشهر رمضان، قبل أن يفكروا في تناول سحورهم.

من بين هؤلاء الذين داهمتهم خطوات جيش الاحتلال؛ المهندس زياد الكفارنة، الذي يسكن في منطقة الفرطا إلى الشرق من بيت حانون، ويبعد منزله مسافة 500 متر عن خط التحديد الشرقي لقطاع غزة، فقد استيقظ وعائلته لتناول طعام الإفطار فسمع أصوات الدبابات ووقع جنازيرها التي تتقدم إلى المنطقة.

حاول الكفارنة تحديد مكان الدبابات إلا أنه لم يتمكّن، وذلك في الوقت الذي لم يسمع فيه صوت الابتهالات والقرآن من المسجد القريب من منزله، حتى تيقن أنّ قوات الاحتلال قريبة من منطقة سكناه.

قوات الاحتلال التي بدأت في تجريف المنطقة القريبة من وادي النزازة؛ أقامت موقعاً عسكرياً يطلّ على المنطقة، في إشارة منها إلى أنّ عمليتها ستتواصل لأيام في المنطقة ولن تنتهي بوقت سريع.

ويفيد الكفارنة أنّ قوات الاحتلال حاصرت المنازل في المنطقة وأمرت سكانها بالخروج، وبدأت عملية تفتيش وتجريف واسعتين، موضحاً أنها ربما تكون للبحث عن أنفاق، حسب ما رأى.

سحور تحت مدافع جيش الاحتلال

اعتادت قوات الاحتلال على القيام بعملية عسكرية في شهر رمضان من كل عام، حيث بدأت عمليتها هذا العام مع الأيام الأولى من الشهر، وبدأ المواطنون الفلسطينيون يترقبون ما ستئول إليه هذه العملية في ظل التهديدات المتزايدة بالاجتياح، التي تطلقها المستويات الأمنية المختلفة في الكيان الصهيوني.

لقد عاد الكفارنة الذي يعيش مع أخوته في منزل واحد، يزيد عدد قاطنيه عن خمسة عشر شخصاً، ليتسحّر على وقع طلقات النار، وقذائف الاحتلال، في جو ممتلئ بالخوف الذي خيم على الأطفال الصغار، ويقول “نخاف أن نخرج لكي نصلي الفجر في المسجد خشية أن تكون قوات خاصة منتشرة في المكان، فنحن في وضع لا نُحسَد عليه”.

قوات خاصة

ما أن يسدل الليل ستاره حتى تبدأ القوات الصهيونية الخاصة بالانتشار في المنطقة الشرقية لبيت حانون، حيث أكد المواطن صلاح أبو صلاح أنّ حشودات الاحتلال تتمركز في نهاية شارع زمو، فيما تنتشر القوات الخاصة في المنطقة كل ليلة، وتابع “قوات الاحتلال تطلق بين الحين والآخر قذائفها باتجاه المناطق التي تتوقع أنها تُستَخدم لإطلاق الصواريخ على “سديروت”، بينما تتقدم الآليات مع بداية كل ليلة مصحوبة بالجرافات التي تقوم بعمليات تمشيط في المنطقة”.

أما المواطن حاتم أبو عودة، الذي يقع منزله في منطقة بورة جميل، المطلة على خط التحديد الشمالي الشرقي لقطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948؛ فيشير إلى أنّ الدبابات الصهيونية لم تفارق منطقة التحديد، وتُسمَع أصوات القذائف من حين لآخر، لافتاً الانتباه إلى أنّ رمضان يأتي في ظل تزايد التهديدات التي يمثلها جيش الاحتلال، ما يدفع المواطنين إلى عدم الخروج إلى صلاة الفجر خوفاً على حياتهم من أن تكون قوات الاحتلال قد انتشرت في المنطقة ليلاً.

من جانبه؛ يؤكد المواطن جميل نعيم، وهو أحد سكان بيت حانون، أنّ المواطنين متخوفون من قيام جيش الاحتلال بعملية عسكرية واسعة يكونون ضحيتها كما في كل سنة، حيث شهدت بلدة بيت حانون توغلات عدة كان آخرها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، عندما أقدمت قوات الاحتلال على عملية واسعة وحاصرت مسجد النصر، ومن ثم ارتكبت مجزرة دامية بحق عائلة العثامنة في البلدة.

يُشار إلى أنّ قوات الاحتلال تقوم بعمليات تقدم بشكل شبه يومي في الأراضي المحررة شمالي القطاع، بما في ذلك المناطق الواقعة إلى الشرق من جباليا وبيت حانون.

المقاومة متأهبة

وفي ظل هذه التطوّرات الميدانية؛ فإنّ المقاومة الفلسطينية المرابطة على ثغور شمالي القطاع؛ أكدت جاهزيتها للردّ على أي عدوان محتمل على المنطقة، حيث قامت “كتائب عز الدين القسام” ليلة السبت الماضي (15/9) بمناورة عسكرية تأهّباً للعدوان، مؤكدة أنها ستفاجئ الاحتلال في حال “أقدم على ارتكاب حماقة جديدة” بحق المواطنين.

وهدّدت “كتائب القسام” باختطاف جنود صهاينة لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، وقال “أبو عبيدة”، الناطق باسم الكتائب؛ إنّ إقدام جيش الاحتلال على اجتياح قطاع غزة “يبشِّر بأصدقاء جدد لشاليط في قبضة القسام”، في إشارة إلى الجندي الصهيوني الذي تأسره المقاومة الفلسطينية في القطاع.

وأعلن “أبو عبيدة” عن خطة أعدتها كتائب القسام للدفاع عن قطاع غزة، قائلاً “إنها ستذهل الاحتلال وتربك حساباته”، دون أن يكشف عن تفاصيل الخطة.

وكانت أصوات قد تعالت في الكيان الصهيوني تدعو لشنّ هجوم واسع على قطاع غزة، بعد إصابة قرابة السبعين جندياً في جيش الاحتلال جراء سقوط صاروخ فلسطيني على قاعدة “زيكيم” العسكرية جنوب مدينة عسقلان.

وأشار “أبو عبيدة” إلى أنّ تنفيذ الخطة سيبدأ مع أول خطوة يخطوها العدو داخل قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ “القسام” استنفرت عناصرها واتخذت جاهزيتها للرد على أي عدوان على القطاع، بينما أعلنت عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية عن استعدادها للتصدي لأي اجتياح.

وحذّر الناطق باسم “كتائب القسام” الكيان الصهيوني من أنّ أي عدوان سيفتح الباب على مصراعيه أمام خيارات جديدة لم يحسب لها أحد حساب، داعياً رئيس حكومة الاحتلال إيهود أولمرت، لأن يستعد للمثول أمام “لجنة فينوغراد الثانية” بعد خروجه من قطاع غزة يجر أذيال الخزي والهزيمة، كما ذكر في إشارة إلى لجنة فينوغراد الأولى التي تم تشكيلها لبحث الإخفاق الميداني لعدوان صيف 2006 على لبنان.

وبانتظار مواجهة عاتية؛ يترقب المواطنون في شمال القطاع في أجواء شهر رمضان التطوّرات التي ستشهدها الأيام، وربما الساعات، المقبلة، بحذر بالغ، لكنهم لا يفرِّطون بثباتهم وإرادة الصمود التي لا تتزلزها آليات الاحتلال ولا تغطي عليها الغبار المنبعث من تحركاتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 3 جنود صهاينة في غزة خلال 24 ساعة

إصابة 3 جنود صهاينة في غزة خلال 24 ساعة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت قوات الاحتلال الصهيوني - اليوم الأربعاء- إصابة 3 جنود صهاينة باشتباكات في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية....