الأردن: الإسلاميون ينسحبون من الانتخابات البلدية ويؤكدون التزوير

نفّذ أكبر الأحزاب السياسية في الأردن، حزب جبهة العمل الإسلامي، الثلاثاء (31/7) وعده الذي أطلقه قبل يوم واحد بالانسحاب من الانتخابات البلدية إذا لم تصحِّح الحكومة الأردنية ما وصفها بـ”الجرائم الانتخابية”، في حين اعتبر الأمين العام للحزب زكي سعد بني ارشيد “التزوير” الذي جرى قد أجري بـ”شفافية واضحة”، وأن ما جرى يوم الثلاثاء وقبله إنما هو عملية “إعدام للإصلاح السياسي في الأردن”.

وقد جاء ذلك في الوقت الذي طالب فيه الحزب باستقالة الحكومة الأردنية برئاسة معروف البخيت، الذي ما زالت حكومته تنفي مثل تلك التجاوزات التي يقول بها أكبر أحزاب المعارضة.

شكاوى من تدابير حكومية “منحازة”

فقد قال حزب جبهة العمل الإسلامي، في تصريح صحفي له ظهر الثلاثاء “لقد تفاجأ جمهور الناخبين صباح يوم الثلاثاء 31/7/2007م بمجزرة ديموقراطية وكارثة مسيئة بحق هذا الوطن وبحق هذا الشعب الكريم، تتمثل باجراءات رسمية وتدبيرات حكومية صارمة ومنحازة نحو مرشحين محددين، وضد مرشحين آخرين تتمثل باستغلال المؤسسة العسكرية وأفراد القوات المسلحة وحشدهم في عدد كبير من الحافلات وأمرهم بالتصويت علناً مرات عديدة في صناديق متعددة، بطريقة مكشوفة وتحت نظر جميع المواطنين كما تعمدت الأجهزة الرسمية عرقلة عملية الانتخاب وعرقلة سير المواطنين نحو الصناديق، والاعتداء على العامة بالضرب وإطلاق النار والإهانة في عمان والزرقاء والرصيفة وإربد ومأدبا”.

وأضاف التصريح “أنّ عملية التزوير الحكومي الرسمي الواضح المكشوف على هذا النحو المدبر سلفاً؛ تشكل اساءة بالغة لكل الأردنيين، وتمثل خيانة واعتداء على كرامة الوطن الشرف العسكري تستحق من كل الشرفاء والأحرار وأصحاب الضمائر وقفة وطنية حرة أبية”.

وعليه؛ أوضح حزب جبهة العمل الإسلامي لـ”المواطنين” موقفه من الانتخابات البلدية اليوم، بالقول “بعد الوقوف على هذه المهزلة، وهذا العبث الرخيص لم يعد بمقدورنا الاستمرار بهذه المسرحية الهزلية، ونعلن انسحاب مرشحي الحزب من جميع مواقع الترشيح وفي جميع بلديات المملكة. وسنبقى أوفياء للوطن وأوفياء للأمة ونخدمها بكل قوة، وما نملك من وسع وجهد”.

تزوير بشفافية مطلقة

وعلّق الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، في تصريحات خصّ بها “المركز الفلسطيني للإعلام”، على ما جرى بالقول إنّ “التزوير الذي جرى اليوم اعتداء على إرادة المواطنين واختطاف للنتيجة، ووضع المجتمع الأردني في مأزق ديمقراطي وليس في عرس ديمقراطي”، واصفاً الحكومة بأنها “مارست التزوير اليوم بشفافية مطلقة وكانت وفيه لإرادتها الرسمية؛ بأنها ستقدم على مجزرة انتخابية وجريمة في حق الوطن والمواطن”، على حد تعبيره.

وبشأن تداعيات هذه الخطوة؛ قال بني ارشيد “أعتقد أنّ الحكومة لا تجرؤ على مثل هذه ممارسات إلاّ وأن تكون قد حصلت على ضمانات أمريكية أو ضوء أخضر أمريكي للبطش بالحركة الإسلامية، تساوقا مع الحرب الأمريكية على ما يسمى الارهاب”.

وعن تداعيات الحدث على الأردن؛ القيادي المعارض البارز أنّ “التزوير الذي جرى يعني إعدام ما يسمى بإصلاح سياسي أو بعملية ديمقراطية”، كما قال.

تهديد بالانسحاب عشية الانتخابات

وكان الحزب قد عرض الاثنين (30/7) وثائق لما قال إنها تثبت “جرائم انتخابية” في عدد من البلديات التي يترشح فيها منتسبون للحزب، عارضا “آلاف العينات والنماذج والوثائق لتلك التجاوزات” التي رافقت عملية الإعداد والتسجيل للانتخابات البلدية.

ومن بين تلك الشواهد التي تم عرضها؛ “جريمة التسجيل لنفس الشخص في أكثر من دائرة في نفس البلدية، بحيث يسجل في الدائرة الأولى والثانية والسادسة مثلاً”، بالاضافة إلى “جريمة التسجيل في أكثر من بلدية، كأن يكون مسجلاً في بلديتي الرصيفة والزرقاء، أو بيرين والزرقاء وهكذا، علماً بأنّ الاسم والرقم الوطني متطابقين تماما”. وكذلك “جريمة تكرار الاسم في نفس الدائرة وبصور مختلفة، مثل تثبيت الاسم الثلاثي والتلاعب بالاسم الرباعي، أو تغيير نقطة أو حرف في أحد مقاطع الإسم، والتلاعب بالرقم الوطني بحيث يتطابق الاسم الرباعي ويتم التلاعب بالرقم الوطني”. كما تلحق بذلك الى “جريمة التسجيل لمواطنين أعمارهم أقل من السن القانوني المسموح له بالانتخاب (أقل من 18 سنة)”.

مطالب باستقالة الحكومة

من ناحيته؛ طالب مساعد الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي، نمر العساف، باستقالة الحكومة، محذراً من أنّ “التجاوزات التي حدثت لم يشهد مثيلها الأردن منذ الخمسينات”.

وعن اللحظات الأخيرة التي دفعت الحزب لاتخاذ قراره بالانسحاب؛ أوضح رئيس اللجنة المركزية في الحزب نمر العساف، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، “إنّ الاتصالات مع الحكومة والجهات المعنية بخصوص التجاوزات لم تنقطع منذ صباح اليوم (الثلاثاء)، لكن لا أحد من تلك الجهات استجاب لمطالبنا”، وفق تأكيده.

وأشار العساف، الذي يشغل موقع مساعد الأمين العام للحزب، إلى “أنّ التجاوزات التي حدثت لم تسئ لمرشحي الحزب فقط؛ بل أساءت لكل المرشحين”، مستشهداً بما جرى في إحدى قرى مدينة اربد (تبعد مسافة 80 كم إلى الشمال من العاصمة) من تكسير لصناديق الاقتراع”.

وبخصوص تصويت العسكريين قال العساف “لسنا ضد مشاركة الجيش ونحن مع اعطاء العسكريين حقوقهم السياسية الكاملة، لكننا لسنا مع استخدام العسكريين كأداة ضد الآخرين، وأن يمارسوا حقوقهم في بلداتهم وأماكن سكناهم”.

البخيت: انسحاب “العمل الاسلامي” غير قانوني

وفي أول رد فعل حكومي على انسحاب جبهة العمل الاسلامي من الانتخابات البلدية؛ اعتبر رئيس الوزراء الاردني معروف البخيت، الثلاثاء (31/7)، أنّ انسحاب مرشحي الحركة الاسلامية من الانتخابات البلدية “غير قانوني”، و”مخالف للاصول والتقاليد القانونية”، حسب قوله.

وقال البخيت للصحافيين إنّ “الانسحاب لم يتأكد رسمياً بعد، وإذا حدث فانه غير قانوني، خصوصاً أنه جاء يوم الاقتراع وعند وصول نسبة الاقتراع في بعض المناطق إلى خمسين في المائة”، وأضاف البخيت أنّ الانسحاب “مخالف للأصول والتقاليد القانونية”.

ومضى البخيت إلى القول إنّ “الانتخابات تكتسب شرعيتها من الدستور وليس من مشاركة جماعة معينة او حزب معين او عشيرة”، وقال “من ناحية قانونية؛ نعتبر أنّ مرشحيهم قائمين”، داعياً الأردنيين لأن يتحلوا بالروح الرياضية وأنّ الاحتكاكات الناتجة تدعو المرشحين لضبط الانفعال.

اشتباكات وجرحى

هذا وشهدت محافظات عديدة في المملكة أعمال شغب واشتباكات أثناء سير العملية الانتخابية، منها مراكز اقتراع في عمان كالجوفة وخريبة السوق، حيث جرح أربعة جراء تبادل اطلاق نار بين أنصار مرشحين، وكذلك إطلاق نار في معان الواقعة على مسافة مائتي كم إلى الجنوب من العاصمة.