الإثنين 12/مايو/2025

الأبعاد المسكوت عنها في رام الله بشأن دعوة عباس لإجراء انتخابات مبكرة

الأبعاد المسكوت عنها في رام الله بشأن دعوة عباس لإجراء انتخابات مبكرة
الدعوة إلى الانتخابات المبكرة التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وحشد لها المجلس المركزي لمنظمة التحرير وأخذ موافقة يسيرة عليها من ذلك المجلس الطيِّع؛ تتجاوز وفقاً لاستنتاجات مراقبين للشأن الفلسطيني ردة الفعل على الخطوة الاضطرارية التي قامت بها حركة “حماس” في قطاع غزة. كما أنّ خطوة عباس تلك لا يمكن أن تكون مخرجاً للوضع الفلسطيني المأزوم، أو للخلاف القائم بين حركتي “حماس” ومراكز استقطاب بعينها داخل “فتح” كما حاول أن يوحي بذلك عباس وفريقه.

ووفقاً لهؤلاء المراقبين؛ فإنّ هذه الانتخابات إن أُجريت فإنها قد تسهم في تكريس الانقسام السياسي والجغرافي في الجسم الفلسطيني، خاصة بعد أن رفضتها “حماس”. وبالتالي؛ يُتوقّع استحالة إجرائها في غزة حتى لو نجح عباس وتمكن من إجرائها في الضفة الغربية. أي أنّ الانتخابات في أفضل أحوالها لن تكون إلاّ جزئية، ولن تعبر عن كامل أبناء الشعب الفلسطيني داخل الضفة ذاتها.

                                 الانقلاب على الخيار الشعبي

في جانب الاختيار الشعبي؛ كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “فافو” النرويجية، أنّ 40 في المائة من الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية لن يشاركوا في انتخابات لا تشمل الضفة وغزة معاً. 

وواضح أنّ أي انتخابات مبكرة يجب أن يتوافر شرطان لإجرائها؛ هما “أولاً التوافق الوطني، لأنّ الانتخابات من دون هذا التوافق تعزز الشرخ السياسي والفصل الجغرافي بين الضفة وغزة، وأن يكون لهذه الانتخابات سنَد قانوني وشرعي”، كما صرح بذلك رئيس الوزراء الفلسطيني الشرعي إسماعيل هنية. ولعلّ ما يعزز هذا الموقف استطلاع “فافو” نفسه، الذي أشار إلى أنّ 85 في المائة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون مصالحة بين “فتح” و”حماس”، وهو ما يصبّ في هدف تعزيز التوافق الوطني الذي يُعد مطلباً جماهيرياً فلسطينياً.

ومن المفارقات التي رصدها كتاب ومحللون سياسيون؛ أنّ من يدّعون اليوم “العودة إلى الشعب للخروج من المأزق” الفلسطيني الراهن؛ هم من رفضوا الخيار الشعبي منذ أنّ أكد الشعب الفلسطيني تأييده لحركة “حماس” مطلع عام 2006، أي قبل أشهر معدودة، وعملوا بطرق شتى لإفشالها من فوق الطاولة وتحتها. وبالتالي يتساءل أولئك المتابعون عما يضمن قبول ذلك الفريق بنتائج الانتخابات التي يتحدث عن رغبته في إجرائها هذه المرة فيما لو جاءت على غير ما يشتهون، دون أن ينقبلوا عليها مرة أخرى بذرائع مختلفة، إلاّ إذا كان في نيّتهم المسبقة تزويرها، كما قالت حركة “حماس” في سياق ردها على دعوة عباس لهذه الانتخابات المبكرة. 

                                  “مرجعيات” فاقدة للشرعية

وإن كان لا بدّ لأية انتخابات من مرجعية دستورية وقانونية تكون محل توافق جميع مكوِّنات المجتمع التي هي فيه (القانون الأساسي للسلطة)؛ فإنّ عباس قفز على هذه المسلّمات الوطنية واتخذ مرجعيات خاصة به حولها العديد من علامات الاستفهام، كالمجلس المركزي لمنظمة التحرير، لتمرير مخططه، وهو ما كان محطّ استهجان واعتراض من قبل فصائل وشخصيات سياسية وقانونية فلسطينية، لأنّ ما بني على خطأ لا يمكنه أن يصحِّح خطأ قائماً أو يُصلَح اعوجاجاً ظاهراً.

ما يريده عباس أن يقفز على شرعية مجلس تشريعي منتخب، لصالح مجلس تابع له عملياً ويمكن تحريكه بالخيوط وشراء مواقفه مسبقاً، أي المجلس المركزي للمنظمة الفاقد للشرعية، وهو المجلس الذي انتهى عمره المحدّد له قبل عشر سنوات على الأقل، فضلاًَ عن أنّ نصف فصائل وتنظيمات الشعب الفلسطيني كـ “حماس” والجهاد الإسلامي وغيرهما لا تشارك فيه. ويسجل المراقبون أنّ عباس وفريقه هم من همّشوا هذا المجلس لصالح المجلس التشريعي، لأنّ الغلبة في التشريعي كانت آنذاك لفتح، ولكن بعد أن تغيّرت الخارطة وحازت “حماس” على الأغلبية فيه عادوا لإحياء رفات المجلس المركزي، بما لفتح من هيمنة عليه أيضاً، معتبرين أنها مرجعية السلطة الفلسطينية.

                                         زيت ونار

وقبل ذلك، أي عندما اتخذ عباس بعض إجراءاته السابقة كتشكيل حكومة طوارئ ثم حوّلها إلى حكومة تسيير أعمال؛ فقد كان واضحاً حجم الاعتراض الدستوري عليه، إلى درجة أنّ الواضعين الرئيسيين للقانون الأساسي الخاص بالسلطة قالوا إنّ عباس تجاوز سلطاته وإنّ عليه الحصول على موافقة المجلس التشريعي لتنصيب “حكومة” سلام فياض.

ووفقاً للمراقبين؛ فإنّ الانتخابات المبكرة التي هي ليست محل اتفاق وطني؛ لا يمكنها أن تحلّ معضلة الخلاف الفلسطيني الداخلي، بل على العكس من ذلك ربما تزيد الوضع الفلسطيني المأزوم تأزماً، وتصب الزيت على النار.

                                  ورطة واشنطن وعباس

ويرجح المراقبون أن لا يكون عباس معنياً أساساً بذلك، بقدر ما هو معني بتسويق مشروع أمريكي ـ صهيوني (يحقق له ولفريقه مصالح شخصية أيضاً)، بعد أن عجز عن تسويقه داخلياً من خلال مؤسسات السلطة الفلسطينية، وقد وجد في التطوّرات الأخيرة فرصته الذهبية، ويتلخّص هذا المشروع بنقطتين اثنتين:

ـ التخلص بصورة نهائية من الشرعية الدستورية التي تتمتع بها “حماس” منذ أكثر من عام ونصف العام، بعد أن اعتبر الأمريكيون أنهم كانوا في “ورطة” بسماحهم بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، ما أدى إلى فوز “حماس” بأغلبية ربما لم يكونوا يتوقعونها، وهو ما أهّل الحركة لتولي رئاسة الحكومة والبرلمان مع رفض للتنازل عن ثوابت الشعب الفلسطيني ومن أهمها ما يتعلق الاعتراف بالكيان الصهيوني وباتفاقات التسوية المنهارة أو نبذ المقاومة. وكان يمكن لحركة “حماس” علاوة عن ذلك ـ فيما لو أتيحت لها الفرصة ـ تقديم نموذج صالح للحكم، يكون بديلاً عن فساد “مجموعة أوسلو” الذي استمر لأكثر من اثني عاماً في السلطة، والذهاب إلى مدى أبعد من ذلك بإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني على أسس رشيدة.

ـ العودة للإنفراد بالسلطة من قبل تيار أوسلو كما كان الحال قبل عام 2006، بكل ما اعترى ذلك الانفراد من فساد مالي وإداري وأمني لا مجال للمجادلة فيه. ولا شك أنّ وصول “حماس” للحكم رغم أنها لم تُمكّن من صلاحياتها المنصوص عليها قانونياً؛ كان مثار مضايقة وإزعاج وكابوس ثقيل على صدورهم لم يكونوا يعرفون كيف سيتخلصون منه، خصوصاً بعد أن أخفقت الكثير من رهانات فريق عباس السابقة المرتبطة بالخارج.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....