عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

أسيرات الحرية.. حياة قاسية وسجان لا يعرف الرحمة

أسيرات الحرية.. حياة قاسية وسجان لا يعرف الرحمة

تُخفي قضبان سجون الاحتلال الصهويني وراءها أكثر من مائة وخمس عشرة أسيرة فلسطينية، يُحرَمن من نور الشمس، واشتمام الهواء النقي، ليحل مكانهما الأسلاك الشائكة، والأنفاس المشبّعة بالرطوبة، والارتهان داخل غرف السجن الضيقة.

وتؤكد عدد من الأسيرات في رسائل بعثن بها إلى ذويهن، أو بشهادات من أفرج عنهن حديثاً؛ أنهنّ يعشن ظروفاً قاسية في هذه المرحلة بشكل خاص، حيث تمادت إدارات السجون في التضييق عليهن وانتهاك حقوقهن وسلب منجزاتهن، إضافة إلى الحرمان المتواصل منذ فترة طويلة من الطعام والشراب بالقدر والنوعية اللائقين.

اختطافات تعسفية دون مبرر

وتؤكد جمعية نفحة للدفاع عن الأسرى، أنّ الأسيرات يواجهن تحديات كبيرة، حيث يُحرَمن من حقوقهن الأساسية، ويعانين من الحبس الانفرادي والتحقيق القاسي حول علاقة أزواجهن بالمقاومة، أو بتهمة ملفقة هي مقاومة الاحتلال أو محاولة طعن جنوده.

وتؤكد الجمعية أنّ العديد من السجون شهدت اعتقال النساء الفلسطينيات وتعذيبهنّ بشكل متزايد على مدى السنوات الأخيرة، إذ وصل عددهن إلى مائة وخمس عشرة أسيرة خلال الشهور الأخيرة، وبينهن أسيرات محكومات بالسجن الإداري، بل إنّ بعضهن دون سنّ البلوغ، وأخريات أمهات لديهن العديد من الأطفال خارج السجن، وأخريات مرتهنات مع أطفالهن داخل الزنازين.

ولتبرير اختطاف الصغيرات؛ يستعين الجيش الصهيوني بالقوانين العسكرية الصارمة للسماح لنفسه باعتقال الفتيات القاصرات وتلفيق التهم لهنّ، في محاولة لكسر إرادتهن أو النيل من ذويهن، وخاصة المطاردين.

وتوثق الجمعية العديد من حالات الانتهاك لحقوق تلك الأسيرات، حيث يتضح بشكل جلي إخضاعهن لمعاملة لا تتناسب مع أعمارهن، وإهانتهن وقمعهن لأتفه الأسباب، أو إنقاص كميات الغذاء بحرمانهن من استخدام “الكانتين” (مقصف السجن)، أو تقييد اتصالهن بأفراد الأسرة، أو حتى منعهن تماماً من ذلك.

الزيارات ممنوعة ومحدودة

ولزيادة الضغوط على عائلاتهن وتعميق معاناة المجتمع الفلسطيني جراء ذلك؛ تحرم سلطات الاحتلال عدداً من الأسيرات من حقهن في الزيارة، وترفض إصدار تصاريح لأقاربهن بزيارتهن في السجون بحجج واهية.

أما إن تمّت الزيارة؛ فتجري من وراء زجاج سميك، ويكون الحديث بواسطة سماعة لكلا الطرفين؛ الأسيرة ومن يزورها، بينما تُمنع الأمهات منهن من احتضان أبنائهن وتقبيلهم، في زيادة لوطأة الحرمان الإنساني الممارس بحقهنّ.

وفوق ذلك؛ تُمتهن الأسيرات بشكل كبير حين يتعرضن للتفتيش العاري، ومنع إدخال الملابس والاحتياجات الضرورية لهنّ.

وخلال مرحلة التحقيق؛ لا تختلف معاملة المحققين أو المحققات مع النساء عن المعاملة القاسية مع الأسرى الرجال، حيث يُمنعن من الاتصال بالعالم الخارجي، ويُحظر عليهن لقاء محاميهن لحين انتهاء فترة التحقيق، إضافة إلى أشكال الضغط النفسي التي تُوقَع عليهنّ كالتهديد والوعيد وغيرها.

أما داخل السجون فتقبع الأسيرات في غرف ضيقة تتسع لأسيرتين أو أربع، تفتقر لأدنى الخدمات، وتُغلَق نوافذ هذه الغرف ولا يُسمح لهن بالخروج لـ”الفورة” (فسحة تجوال داخل باحة السجن) إلاّ لمدة ساعتين فقط طوال اليوم، فيما يقدّم لهن طعام يوصف بأنه “لا طعم له ولا مذاق”، يقوم بإعداده سجناء مدنيون لا يعرفون سوى خلط المكونات وطبخها دون مقادير، حسب الشكاوى المجموعة.

أما مواد التنظيف فتنقطع في كثير من الأحيان، خاصة مع توقف “الكانتين”، لدرجة أنّ بعضهن أصبحن يعانين مشاكل صحية لعدم تمكنهن من شراء المنظفات، ولا يسمح بدخول الصحف إلا بعد أسبوع من إصدارها.

تحقيق وتعذيب وإهانة

وفي إفادات متلاحقة لعدد من الأسيرات اللاتي أُفرج عنهن من سجن “تلموند” الصهيوني؛ أكدت جهات تعنى بحقوق الأسرى وأوضاعهم، أنّ سلطات السجون الصهيونية تتعمّد إجراء تنقلات تعسفية بحق الأسيرات دون مبرِّر، كما يتم تعريض غرفهن للاقتحام والتفتيش التعسفي، بكل ما يصاحب ذلك من تنكيل وامتهان.

وتقول الأسيرة ميسون أبو عيشة من الخليل، والتي أُفرج عنها الجمعة (20/7)، إنه جرى إخضاعها لتحقيق قاس في سجن المسكوبية بالقدس، بتهمة محاولة طعن جندي صهيوني في الخليل، مؤكدة أنها تعرضت لأساليب تحقيق شديدة كالجلوس لفترات طويلة على الكرسي والعزل الانفرادي لأسابيع طويلة والتهديد وغيره.

أما الأسيرة راوية أسعد موسى؛ فذكرت أنها أُخضعت خلال اعتقالها سنة 2003 للتعذيب والتنكيل والإهانات اللاأخلاقية على أيدي المحققين الصهاينة وجنود الاحتلال، موضحة أنّ المحققين نزعوا المنديل عن رأسها وانهالوا عليها بالشتائم القذرة والنابية، والجارحة للكرامة والشرف.

ورغم الإفراج عن خمسة أسيرات يوم الجمعة (20/7)؛ فلا زالت نحو مائة وعشر أسيرات أخريات ينتظرن الإفراج، وينظرن إلى أبواب الغرف علّ المبشر يأتيهن بخبر التحرير من التجربة القاسية التي ينامون تحت وطأتها ويفيقون على واقعها المرير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات