عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

مرتكزات استراتيجية «إسرائيل» للمرحلة المقبلة

مرتكزات استراتيجية «إسرائيل» للمرحلة المقبلة
اذا ما توقفنا امام المشهد الاسرائيلي المثخن بالمآزق والمشاكل والسيناريوهات ، وامام احدث التصريحات المتشددة لاولمرت واقطاب المؤسسة الاسرائيلية على اختلافهم تجاه الفلسطينيين ، يمكننا ان ان نقرأ اهم واخطر المرتكزات المحتملة للحكومة الاسرائيلية للمرحلة المقبلة :

اولا: مواصلة النهج الحربي العدواني والقيام بعمليات عسكرية ضخمة ، ومواصلة الحصارات والاغلاقات والاطواق ومواصلة قصف ودك وتدمير مقومات البنية التحتية الفلسطينية الهشة واغتيال الشخصيات السياسية والمقاومة الرئيسية.

ثانيا: الاستنزاف: من المؤكد أن الهجمات العسكرية جزء من حملة استنزاف إسرائيلية ترمي إلى أضعاف المقاومة الفلسطينية مع مرور الوقت لكن السياسات بعيدة المدى ، الأقل وضوحا ودراماتية ليست أقل فعالية فهدم البيوت ومصادرة الأراضي والاغلاق الدائم ومنع تجول طويل الأمد ، وتقييد حرية التنقل ، والإفقار والحرب الاقتصادية بكافة أشكالها مثل تخريب الحقول واقتلاع الالاف من أشجار الزيتون والفواكه ومنع السكان من جني المحاصيل ومصادرة المواشي ومنع تسويق المنتوجات ، وعمليات الترحيل البيروقراطية الهادئة والحرب القذرة باستخدام المتعاونين ، كل هذه وغيرها تقوض نسيج المجتمع الفلسطيني وتضعف قدرته على الصمود أمام الاحتلال ، وترمي الحملة إلى كسر عزيمة الشعب الفلسطيني وإرادته بل إلى نسف تأييده للسلطة الفلسطينية على أمل تؤدي هذه الأساليب إلى بروز قيادة أكثر مهادنة.

ثالثا: خلق حقائق لا رجعة عنها على الأرض: ان المشروع الكبير لبسط سيطرة إسرائيل على الأراضي المحتلة والذي يتم انتهاجه بشكل منهجي وفقاً “للخطة الأصلية” التي طرحها شارون لبيغن في عام 1977 ، على وشك الاكتمال ، وهي – اي اسرائيل – الآن تكرس جهودها لاكمال أعمال البنية التحتية المطلوبة لأحكام قبضتها على المناطق المحتلة ، وهناك شيء لا يلاحظه أحد ، وهو إنشاء 450 كيلومترا من الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات ببعضها لكنها تخلق حواجز ضخمة أمام الحركة الفلسطينية ، وقد وافق الأمريكيون على هذه المشاريع الرئيسية للبنية التحتية التي تشكل العنصر الرئيسي الأخير في خطة السيطرة التي رسمتها إسرائيل للاراضي المحتلة ، وتعمل الجرافات بلا توقف لاسكمالها.

رابعا: تكتيكات التأخير: تأخير استئناف المفاوضات لشهور وسنوات ، فالازمات يتم اصطناعها مرة بعد مرة ، وتكون غالبا بعد عمليات اغتيال دون استفزاز ، أو هدم البيوت أو أعمال أخرى من جانب إسرائيل ، مما يوفر ذريعة لعدم تطبيق الاتفاقيات أو العودة إلى المفاوضات.. كما أن الاشارات العريضة من قبل الزعماء السياسيين الإسرائيليين بأنهم لن يسعوا الا إلى اتفاقيات مؤقتة طويلة الأجل وليس إلى تسوية للوضع النهائي ، سوف تترك إسرائيل مسيطرة فعليا على الأراضي المحتلة أو على الأقل مسيطرة لفترة كافية لاسكمال خطة السيطرة التي لا رجعة عنها.

خامسا: تجريد السلطة الفلسطينية من الشرعية: فمنذ الحادي عشر من أيلول 2002 ـ ، تعمل الحكومة الإسرائيلية بلا كلل أو ملل لاظهار السلطة الفلسطينية على انها جزءا متكاملا من “الإرهاب العالمي” وقد وصف شارون عرفات – في عهده – بأنه “ابن لادننا” وفي أعقاب الهجمات التي وقعت في القدس وحيفا صنفت الحكومة الإسرائيلية السلطة الفلسطينية بأنها “كيان يرعى الإرهاب” آملة في تجريد الفلسطينيين من الشرعية الدولية ، مثلما يحصل مع المنظمات الإرهابية الأخرى المعروفة – ترجمة عن صحيفة الرأي الأردنية 15 ـ 12 ـ 2001″.

أما الاستراتيجية المعتمدة من قبل حكومة الاحتلال فتتكون من خمسة عناصر أساسية لخصتها الكاتبة ايلين هاغوبيان (أستاذ شرف لعلم الاجتماع في كلية سيمونز ـ بوسطن) ، وفي الحقيقة هذا هو الملخص المكثف للحكومة الاسرائيلية ، ويكمن في صميم هذا البرنامج كما تثبت الباحثة “هاغوبيان” الرفض القاطع لمشاركة الفلسطينيين في البلاد في دولة أو دولتين ، لكن إسرائيل تحتاج إلى دولة “لتخليصها” من الثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني ، أبناء الأراضي المحتلة الذين لا تستطيع استيعابهم.

كل السيناريوهات تتحدث عن حرب.. ولذلك تتربص دولة الاحتلال دائما وتستثمر اللحظات المناسبة للانقضاض على الفلسطينيين ، فكتب أليكس فيشمان ، المعلق العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” في هذا المعنى يقول: “أن إسرائيل تجلس على السياج وتقضم أظافرها وتعد صواريخ القسام وترى بعيون شاخصة قطاع غزة وهو يتسلح حتى الثمالة ويستعد للمواجهة ، و”إذا لم ننزل عن السياج ونقوم بعملية ما – أمنية أو سياسية – فسنجد أنفسنا ، مرغمين ، في الحلبة أمام آلاف الجنود والدبابات والسيارات المدرعة” ، وأضاف فيشمان: “كل السيناريوهات تتحدث عن حرب في قطاع غزة ، والجيش يستعد لأي احتمال ، وبدا الأمر كما لو أنه قدر لا رادّ له ، أي عملية متدحرجة لا يمكن التراجع عنها”.

وحول ذلك تحدث عمليًا رئيس جهاز الأمن العام (شاباك) ، يوفال ديسكين ، يوم (13 ـ 3 ـ 2007) ، حيث قال انه لم يأتً – امام الحكومة والبرلمان – لطرح معطيات حول التسليح وإنما للحثّ على ضرورة اتخاذ قرار والقيام بشيء ما ، سياسي أو إحباطي ، وإلا فسنتدهور نحو مواجهة واسعة لا يمكن التحكم فيها”.
وختم: “في جهاز الأمن يشعرون بأن القيادة السياسية باتت مسلمة بأن العملية العسكرية شبه حتمية”.

وحسب توقعه فانه “سيكون 200 ألف إسرائيلي منذ هذه السنة في دائرة تهديد الصواريخ من غزة ، وقد أعدوا في قيادة الجبهة الداخلية خطة تبلغ كلفتها حوالي 15 مليار شيكل لتحصين البلدات التي تقع على بعد حتى مسافة 20 كم من القطاع”.

وفي السياق المتعلق بالاجتياح الشامل قال المحلل الاسرائيلي ارنون ريجيولر وهو مختص بالشؤون الفلسطينية: “ان اجتياح قطاع غزة مسألة وقت ، وان اسرائيل تنتظر اطلاق سراح الجندي شاليط قبل بدء هجومها الواسع ـ عن الحياة الجديدة ـ 2 ـ 4 ـ 2007”.
واعتبر ريجيولر “ان مسألة الاجتياح امر محسوم بالنسبة للكثير من القادة السياسيين والعسكريين على السواء ، نظرا لتعاظم القوة العسكرية الفلسطينية هناك وتهديدها الكبير لاسرائيل”.

واستكمالا للاستعدادات الاسرائيلية المبيتة ضد غزة كشفت صحيفة هآرتس العبرية ـ 8 ـ 5 ـ 2007 ـ النقاب نقلا عن مصادر أمنية اسرائيلية قولها “إن جهات عسكرية قدمت مؤخرا للمستوى السياسي الإسرائيلي خطة للرد على غزة تتضمن خمس نقاط تتلخص في توسيع مدى العمليات العسكرية ضد مطلقي الصواريخ ، وتشمل مهاجمة واغتيالات مباغتة وإطلاق النار من بعيد ضد مطلقي الصواريخ ، دون إعادة احتلال كبيرة لمخيمات ومدن قطاع غزة” .

والنقاط الخمس التي اشتملت عليها الخطة التي أشرف على إعدادها قائد الجيش الإسرائيلي في المنطقة الجنوبية يوئاف جالنوت هي :

اولا: خلق منطقة مرفأ (رأس حربة) داخل قطاع غزة وبالقرب من جدار الفصل من دون أن يكون فيها قوات دائمة إسرائيلية وانما تكون بوابة طارئة للعمل الثقيل ضد المنظمات الفلسطينية.
ثانيا: تشديد العمليات وقوة رد الفعل الإسرائيلي عقب إطلاق الصواريخ لتدفيع الفلسطينيين ثمنا باهظا وليعرفوا أن إطلاق الصواريخ (مشروع خاسر) للفلسطينيين.
ثالثا: تجديد عمليات الاغتيال الجوية ضد نشطاء المنظمات.
رابعا: تطوير تكنولوجيا راقية لكشف وإبادة الأنفاق التي تستخدم في التهريب.
خامسا: تحسين القدرة الاستخبارية وجمع المعلومات. وعلى نحو مكمل اكد افرايم سنيه نائب وزير الحرب الإسرائيلي في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم ـ 17 ـ 5 ـ 2007 “بأن إسرائيل آجلاً أم عاجلاً ستدخل بجيشها مره ثانيه لأراضي قطاع غزه”.
وقال سنيه “إن المكان الذي انسحبت منه إسرائيل دون اتفاق أو تسويه مع الفلسطينيين يمكن العودة له في نهاية الأمر”.

 
* صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات