عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

السيناريو القادم على الجبهتين السورية والفلسطينية

السيناريو القادم على الجبهتين السورية والفلسطينية

“أنا أنوي مفاجأتكم، ستفاجأون كثيرا مني”، هكذا يعد ايهود اولمرت، ويكرر الوعد، للقادة العرب المختلفين في أحاديثه اليهم، في هذه الأثناء يحصر اهتمامه في إنشاء التوقعات وبث الوعود، يزعم في أحاديث مغلقة قائلا “قبلت المبادرة السعودية، مع تحفظات في شأن اللاجئين، هذا شيء لم يفعله أحد قبلي”.

في مقابلة ذلك، يُجيز لحاشيته أن يُسخنوا في كل مرة من جديد المسار السوري، وفي ذات الوقت ينحني تحت الضغط الأميركي ويجدد لقاءاته مع أبو مازن، في نهاية الأمر، واستعدادا للقائه المتوقع هذا الشهر مع جورج بوش، سيضطر اولمرت لأن يقرر إلى أين يتجه: هل إلى الشمال ضد سوريا، أم إلى الشرق باتجاه السعودية، أم إلى الداخل نحو غزة ورام الله، وإمكانية أخرى هي التأليف بين جميع هذه المسارات، في إطار مبادرة سياسية دولية جديدة، ويأمل أن يكون جزءا من مبادرة كهذه، لا ضحية لها.

أولا: المسار الفلسطيني

اولمرت ممزق بين المسارات المختلفة وبين التوجهات المتعارضة، ثار في جهاز الأمن جدل شديد هل مات المسار الفلسطيني، وهل خسرت حركة فتح المعركة في غزة، وهل حُسمت المعركة المضادة لحماس، ويجب جعل جميع المبادرات السياسية كلها عدماً وحصر الهمة في الجبهة الشمالية.

على هذه الخلفية، يسخن جدا الجدل المتصل بالمساعدة التي يجب أن تُمنح للفلسطينيين أو لا تُمنح لهم، يقول أحد التوجهات في الجهاز، ويؤيدها نائب وزير الجيش افرايم سنيه وعضو الكنيست حاييم رامون إن حركة فتح حية قائمة، وفي غزة أيضا، وحسب هذا التوجه، الذي يشارك فيه أيضا مسئولون كبار في جهاز الأمن، يجب الاستمرار في تعزيز أبو مازن في غزة على حسب مخطط “خطة دايتون”، ويجب تمكين أجهزة الأمن التابعة له من الحصول على شحنة كبيرة من الرشاشات الثقيلة ذات قطر 0.5 ملم بل أكثر، من جهة ثالثة، وبعضها مُركب على مركبات، ويجب تزويدهم بالدروع.

يعارض قائد المنطقة الجنوبية يوآف غالينت ورئيس “الشاباك” يوفال ديسكن اجراءا كهذا بحزم، لأنه في النهاية سيصل لأيدي حماس وستطلق هذه الرشاشات النار علينا، وكتب غالينت في المدة الأخيرة في وثيقة أُعدت في قيادة الجنوب، أما ديسكن فهو أكثر حزما، ويزعم مؤيدو التوجه من الفلسطينيين أن تل أبيب تحتجز نصف مليار دولار من أموالهم، كانت ستُمكن أبو مازن من دفع الرواتب لأفراد قوات الأمن عنده وأن يرفع روحهم المعنوية ودافعيتهم، ويقولون: على هذه الحال، نتائج فتح في غزة، في المعركة مع حماس، أفضل كثيرا مما ينشر في الإعلام، نسبة القتلى 3: 4 رغم الضآلة الكبيرة للوسائل القتالية والتدريبات.

ثانيا: المسار السوري

في الصعيد السوري يغلي التوتر، لا أدلة واضحة على الحرب، لكن يوجد قلق، يجب على الجيش أن يُصرف الأمور بحذر بالغ، لمنع عدم الفهم، فمن جهة يُمنع تجنيد قوات الاحتياط، على رغم الخوف الشديد من أن سوريا تخطط لشيء ما، ومن جهة ثانية تركَز اليوم في الجولان قوات نظامية للجيش الإسرائيلي بقدر لم يكن في الماضي، طورت جميع الأجهزة تقريبا، وفي ضمنها الوسائل الاستخبارية، وإطلاق النار وما شابه، ويشتمل ذلك على تعزيز قوات في أماكن إستراتيجية، يجب إعداد كل شيء لئلا نفاجأ.

يقول رئيس الأركان غابي اشكنازي، في مباحثات داخلية إن “الجيش سيعرف كيف ينتصر في الحرب مع سوريا، حتى لو تدخل حزب الله، لكن يجب فعل كل شيء لمنعها”، المشكلة هي أن تعريف النصر في الحرب قد تغير، لن يكون كافيا اجتثاث الغزو السوري للجولان، بل ستوجد حاجة لوقف إطلاق الصواريخ السورية على تل أبيب، وليس من المؤكد أن يكون في الإمكان فعل ذلك من غير الوقوف على أبواب دمشق.

هذا السيناريو يقلق جدا رؤساء الجهاز الأمني، أثمانه واضحة، الحديث عن وضع قابل للانفجار، يقولون في قيادة الجيش، لكنه وضع “يوجد فيه أيضا فرصة عظيمة”، في حرب لبنان الثانية، تقول الجهات نفسها، لم توجد مشكلة في عمل وحدات الجيش، بل في طريقة استعمالها، لم يكن حزب الله هو الذي أوقف أكثر القوات والفرق في الجيش، بل نحن، ويأملون ألا يتكرر هذا السيناريو، ويدعون الله ألا تكون له حاجة.

درب الجيش في المدة الأخيرة، في أكبر تدريب قيادات له، كل نظام السيطرة والقيادة، وفي ضمن ذلك المستوى السياسي، كانت النتائج جيدة، ومن جهة ثانية أجرى السوريون في المدة الأخيرة تدريب قيادات كبيرا يخصهم، بدأ بمدافعة هجوم إسرائيلي، لكنه انتهى إلى “هجوم مضاد”، وقد استكملوا سريعا الرسم البياني لخطة تدريبهم وقصروا الجداول الزمنية، لكي يكونوا “مستعدين في الصيف”، ينظر الجانبان بعصبية بعضهما إلى بعض ويأملان ألا يفهم الآخر نيته فهما غير صحيح، هذا وضع قابل للانفجار، وخطر، لكنه يثير الأمل أيضا.

ماذا نفعل إذن؟ حول اولمرت يبحثون الإمكانات المختلفة، الفحص الذي أتمه رئيس الحكومة إزاء السوريين لم يثمر نتائج قاطعة، وُجد من اقترحوا عليه أن يدعو الأسد، علنا، إلى لقاء قمة، وأن يعلن بأنه عالِم بالثمن السوري للتسوية، وأن يفصل الثمن الإسرائيلي تبريد المحور مع إيران، ووقف مساعدة حزب الله، وإبعاد قيادات المنظمات الفلسطينية، وأن يعلن بأنه إذا وجد استعداد سوري، فانه يدعو الأسد إلى تل أبيب، ويدعو نفسه إلى دمشق، أو أن يتم لقاء قمة في مكان محايد، اولمرت متردد.

في هذه الأثناء يستمر إطلاق صواريخ القسام على سديروت وغربي النقب، نقلت جهات في المكتب السياسي لحماس قبل عدة أشهر اقتراحات لا شبيه لها في الماضي لوسيط أوروبي، نقلها لتل أبيب، اشتملت الاقتراحات على ثلاث رزم مستقلة يمكن توحيدها: رزمة شاليت، تطبيع ووقف إطلاق النار، إطار تعايش طويل الأمد مشتمل على إنهاء النزاع المسلح، اعتمدت الاقتراحات على إجماع داخلي في حماس، وفي هذه الأثناء تلاشت لصالح زيادة تطرف حماس التي تسيطر عليها الآن الذراع العسكرية من جهة، والمستوى السياسي المتطرف من جهة ثانية.

إسرائيل ممزقة هنا بين استمرار المصلحة في عزل حكومة حماس، وبين إغراء تمكين حماس من الحكم، وتبني إحدى الرزم التي اقتُرحت عليها، إن الاستمرار في عزل حماس يدفع المنظمة أكثر إلى ذراعي إيران، لا يوجد في تل أبيب نضج لقرار حاسم يُمكن حماس من الحكم ويتبنى واحدة أو أكثر من رزم التسوية التي اقترحتها، يوجد غير قليل من الاقتراحات على الطاولة في هذا المجال، بعضها متصل بالمبادرة السعودية، وبعضها متصل بالتأليف بينها وبين أفكار جديدة، ليس من الممتنع أن يبني اولمرت، حتى زيارة واشنطن، مبادرة إسرائيلية جديدة، ستضطر لأن تكون كما قيل آنفا، مُغرية، وجريئة وجذابة بقدر كافٍ للسيطرة على جدول العمل السياسي، ومن الصحيح إلى الآن أن الجدل في تل أبيب مستمر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

جنين- المركز الفلسطيني للإعلامتصدّت المقاومة لقوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، بعد اقتحامها جنين وحصارها منزلا في بلدة جبع جنوبًا، شمال...