الثلاثاء 07/مايو/2024

مستقبل حزب العمل

مستقبل حزب العمل

معضلة محيرة تواجه عامي أيلون الآن، وهو يجد نفسه معانقا من عمير بيرتس، بعد أن أعلن عنه كرئيس لقيادة فارغة وأسهم في إسقاطه، ها هو يُقدم على عقد صفقة معه كان قد تعهد بأن لا يفعلها أبدا، والآن يواجه معضلة أخرى، فهو رجل نزيه مستقيم، فكيف سيتواجد مع بيرتس في حكومة تعهد بأن لا يخدم فيها أبدا طالما بقي ايهود اولمرت على رأسها؟ وكيف سيصل محور أيلون – بيرتس إلى الحكم بدلا من اولمرت؟

أيلون يظهر منذ سنوات كرجل نزيه ذو شخصية ونقاء، قوي وطني يحمل وسام شرف، مرددا لحن “ليس لي وطن آخر”، حيث لا يوجد لديه جواب لأسئلة الصحفيين المحرجة، قائد سلاح البحرية الذي قام بترميم “الشباك” هو إنسان مستقيم قبل كل شيء – هذا كان ظننا به على الأقل، منذ عدة سنوات وهو يحاول الوصول لقيادة حزب العمل على أساس “استقامته” التي تعتبر ميزة نادرة في عالم السياسة، إلا أن الأمر لم ينجح، ربما لأن الاستقامة تفسر عندنا كشخصية مربعة غير مرنة.

أكثروا من الحديث عن مزاياه، إلا أن الجهاز السياسي لم يستوعب ذلك، من يعرفه عن كثب من أيام الجيش، على قناعة انه ليس مجبولا مع فتيله القصير من الطينة المطلوبة لقيادة الأمة في هذه الساعات الحرجة، وخصوصا ما ينتظرنا في القريب العاجل، هناك أشخاص يعتبرونه بلغة غير مؤدبة رجلا غريب الأطوار، بليدا، عصبيا وعديم الصبر، هذا خلافا لاولمرت، صاحب القدرة على البقاء بفضل كونه داهية سياسية حاذقا وصاحب نفس طويل، أيالون يريد الوصول إلى القمة في أسرع وقت، وفي هذه المرة غاص في المياه الباردة مُقدرا أن اهود براك ليس اهود، بينما فشل عمير بيرتس وأُزيح عن قيادة الحزب بجدارة.

هذه صورة الانتخابات التمهيدية في حزب العمل تقريبا بعد فشل قيادة بيرتس، أيلون يتمتع بتعاطف عام لكونه رجل أمن نقي من السياسة الصغيرة، كان حتى الثامن والعشرين من أيار رمزا للتجدد خصوصا في نظر جزء من الجمهور غير الضالع في السياسة، وكان بالنسبة لهم انعطافة نحو نقاء الجهاز السياسي.

بيرتس فقد في الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية قيادة حزب العمل، حسب كل الأصول الديمقراطية كان عليه أن يقبل حكم الناخب ويستقيل، ولولا كونه عديم الخجل وطامعا في الحكم، لكان عليه أن يستقيل من الحكومة ومن رئاسة الحزب وترك الساحة لأيالون وبراك في الجولة الثانية على قيادة الحزب ووزارة الدفاع.

ولكن بينما ما زالت “دولة الكيان” تلعق جراحها من فشل حرب لبنان الثانية، قرر بيرتس حشد أنصاره للامساك بمقاليد الحكم من البوابة الخلفية من خلال امتطاء ظهر مكانة أيلون الاعتبارية الذي يفتقد إلى التجربة، وعرض عليه صفقة محبوكة جيدا على طراز سوق الكرمل: أنا وجنودي سنؤيدك لرئاسة الحزب، فتعطيني أنت وزارة المالية، صاحب الأجندة الاجتماعية – الذي أصيب بالدوار من حقيبة الدفاع لم يُهزم في الحرب فقط، وإنما يريد تدمير انجازات الدولة الاقتصادية الآن.

الأمر المفاجئ ليس بيرتس صاحب الصفقات منذ أيام الهستدروت الذي يتطلع للوصول إلى رئاسة الوزراء، إن لم يكن قيصرا للدولة، وإنما المفاجئ هو استعدادية الرجل النزيه المهني أيلون للانضمام الى هذه الصفقة القبيحة مع الخاسر أيلون الذي يتحدث عن السياسة النقية السامية مستعدا للتحالف مع من نعت قيادته بالخاوية، وإعادة الدولة من خلال ذلك إلى أسلوب الصفقات النتنة من أيام حزب المابام سيئة السمعة والصيت.

أيلون لم يصل إلى الحكومة بعد، ومع ذلك وعد بيرتس بحقيبة هامة، ولا تستغربوا – لقد حذرناكم – اذا وجد نفسه سريعا أسيرا بيد بيرتس، خسارة أن لا يكون حزب العمل في هذه الأيام العصيبة قادرا على خوض لعبة ديمقراطية نزيهة ويحتاج الى الألاعيب النتنة، وعلى الرغم من ذلك يهمس شخص ما من داخل هذه البيضة في أذني: اذا كان بيرتس بحاجة إلى أيلون، وأيلون بحاجة إلى بيرتس، وكلاهما لا يستطيعان من دون بعضهما البعض – من اجل ذلك فقط يجدر دعم باراك.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات