عاجل

الإثنين 06/مايو/2024

تسيبي ليفني.. والسباق على خلافة أولمرت في قيادة إسرائيل

تسيبي ليفني.. والسباق على خلافة أولمرت في قيادة إسرائيل

لايزال السباق على أوجه بين المتنافسين على خلافة رئيس الوزراء الإسرائيلي «إيهود أولمرت«، الذي أوشك – بحسب المراقبين – على مغادرة منصبه، بفعل أصداء تقرير لجنة «فينوجراد« المرحلي الذي اتهمه بارتكاب أخطاء جسيمة أثناء الحرب على لبنان في صيف عام 2006، أدت بدورها إلى إخفاق الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه من وراء هذه الحرب، بل كلفته خسائر بشرية ومادية لم يعهدها من قبل، فضلاً عن هز صورته أمام الرأي العام الداخلي حول قدرته على حماية أمن إسرائيل.

كل ما سبق أدى إلى هبوط شعبية «أولمرت«، وتصاعد المطالبات بإجراء انتخابات مبكرة، ولاسيما أن 68% بحسب استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرًا بجامعة تل أبيب يطالبونه بالاستقالة، في حين طالب 23% ببقائه في السلطة أملاً في أن يصلح أخطاءه، أما بالنسبة إلى أعضاء «كاديما« فقد طالب 58% بإقالته، وقد كانت في مقدمتهم «ليفني«، التي آثرت أن تطالبه بالاستقالة، وأن تعلن عزمها خوض الانتخابات القادمة، رغبة في ألا يؤدي ذلك إلى تقليص سلطة حزبها في الكنيست، ولاسيما إثر الانفراط المتوقع لعقد الائتلاف الحكومي بينه وبين حزب «العمل« في حالة خروج «أولمرت« من السلطة.

وتعد وزيرة الخارجية «تسيبي ليفني« أحد أبرز المرشحين لهذا المنصب.. ولعل ذلك يعود في جانب منه إلى سماتها الشخصية التي تؤهلها لذلك، وكذلك أيضًا الدعم السياسي الذي تتمتع به على الصعيدين الداخلي والخارجي. فبداية.. عملت «ليفني« ضابطة في الجيش، ثم انتقلت بعد ذلك للعمل في جهاز «الموساد« فيما بين عامي 1980-1984، واشتركت في تنفيذ مخطط تدمير المفاعل النووي العراقي «أوزيراق« عام 1981، وانضمت لحزب «الليكود« بالتبعية لوالدها «إتان ليفني« الذي تولى منصب نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «مناحيم بيغن«، ورئيس العمليات الإرهابية في «الأرجون« (جماعة إرهابية ظهرت في الأربعينيات)، الأمر الذي عزز من ترشيحها لعضوية «الكنيست« عام 1999، ولم تلبث أن انضمت لحزب «كاديما« المعتدل، الذي تم تشكيله عام 2005، ثم تولت حقيبة الخارجية، وهو ما أضاف إلى رصيدها العديد من العلاقات الوطيدة مع عدد من الدبلوماسيين والسياسيين على مستوى العالم، وتأتي في مقدمتهم وزيرة الخارجية الأمريكية «كونداليزا رايس«.
 
ووسط خضم الأحداث السياسية الداخلية والخارجية التي تلقي بظلالها على الشأن الإسرائيلي، أجادت «ليفني« استثمار تلك الأحداث، من خلال الاستراتيجيات التي ضمنتها في أجندتها الجيوسياسية منذ تقلدها منصب وزيرة الخارجية في ظل حكومة «أولمرت«، الأمر الذي دعم موقفها السياسي، وضاعف من شعبيتها، ولا أدل على ذلك من تبرئة تقرير «فينوجراد« لساحتها، حيث اعترف بميلها – منذ اليوم الثاني لاندلاع الحرب – نحو الحل الدبلوماسي لإنهاء الأزمة، وقد كان ذلك عقب اجتماعها السري برئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية للجيش «يوسي بايداتز«.

وبالانتقال إلى الملف الفلسطيني، وفي ظل فوز حركة المقاومة الإسلامية «حماس« في انتخابات 27 /1/ 2006، ووصولها إلى السلطة، شنت «ليفني« حملة تحريضية عالمية ضدها، حيث أقنعت الولايات المتحدة بضرورة مقاطعتها، واستمرار تطويقها من خلال إحكام الحصار السياسي والاقتصادي المفروض عليها، تحت ذريعة عدم نبذها العنف ضد إسرائيل، كما اتهمت الاتحاد الأوروبي بممارسة نشاطات مخالفة للقانون الدولي، لعزمه إجراء اتصالات مع «حماس«، الأمر الذي دفع مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد «بنيتا بيررو فلدنر«، للتصريح بأن الاتصال مع «حماس« سيقتصر على الموضوعات الانتخابية.
 
وإثر تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية في مارس عام 2007، وجهت «ليفني« ضدها جملة من التصريحات العدائية، التي ناشدت خلالها المجتمع الدولي التصدي لهذه الحكومة التي تضم بين أروقتها وزراء من «حماس«، زاعمة استمرار رغبتهم في استهداف الدولة العبرية ومصالحها أينما وجدت، الأمر الذي أدى بدوره ليتبنى كل من أمريكا والدول الأوروبية سياسة مفضية إلى مقاطعة وزراء «حماس« في هذه الحكومة، ورفض السماح لرئيس الحكومة بدخول أراضيها، إلى جانب النهج الانتقائي في تعاملها مع أعضائها.
 
وفيما يتعلق بمبادرة السلام العربية المطروحة من الجانب السعودي، التي دعمتها القمة العربية الأخيرة في مارس 2007، عقدت «ليفني« اجتماعًا بالقاهرة في 10/5/2007، مع مبعوثي الجامعة العربية، بعد مباحثاتها مع نظيريها المصري «أحمد أبوالغيط« والأردني «عبدالإله الخطيب«، شجعت فيه فتح باب الحوار بين العالم العربي وبلادها، من خلال توجيه دعوة لزيارة بلادها وإجراء مزيد من المباحثات، بهدف بث الحياة في عملية السلام الراكدة. ولأن إيران باتت تلعب دورًا محوريًا في زعزعة أمن إسرائيل من خلال ملفها النووي، كان من الطبيعي أن تتخذ «ليفني« منها موقفًا عدائيًا تمثل في محاولاتها تعبئة الرأي العام الدولي والإقليمي ضدها، حيث أكدت في تصريحاتها أن طهران أضحت التهديد الحقيقي الذي يواجه العالم العربي وإسرائيل، لذا اقترحت ضرورة التصدي المشترك لطهران ولملفها النووي.
 
أما عن الدعم الخارجي الذي يميز «ليفني« عن غيرها من المرشحين لهذا المنصب فيكمن في علاقتها الوطيدة ببعض الساسة المؤثرين في مجريات الأحداث الإقليمية والدولية، ولاسيما علاقتها بـ «رايس«، وبناءً على ذلك قام بينهما نوع من الشراكة الضمنية، لم تقتصر على إعداد السيناريوهات الخاصة بالقضايا الخارجية، بل امتدت إلى بعض القضايا الداخلية الخاصة ببلديهما، فعلى سبيل المثال: تقوم «ليفني« بالتحركات اللازمة، بما يوفر مساندة اللوبي الإسرائيلي لـ «رايس« في واشنطن عند مواجهتها أي أزمة، وبالمثل تقوم «رايس« بإجراء اللازم والضغط على الأوتار الشديدة الحساسية في ملف العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، بما يضمن دعم «ليفني« في الكنيست.

وتذكر بعض الأطروحات على الساحة السياسية أن «رايس« مهدت للإسهام في تكوين حملة لتوسيع شعبية «ليفني« داخل الشارع الإسرائيلي، وذلك من جراء الترتيبات التي كانت تقوم بإعدادها في واشنطن، بحيث كانت «ليفني« تلتقي كل أسبوع أو أسبوعين مسؤولاً أمريكيًا كبيرًا، من أمثال: الرئيس الأمريكي «بوش«، ونائبه «ديك تشيني«، الأمر الذي جعل من تعاظم كاريزميتها في «تل أبيب« رمزًا لمتانة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.
 
وبالرجوع إلى ما سبق من الاستراتيجيات التي لاتزال تتبعها «ليفني« سواءً على الصعيد الداخلي أو الخارجي لدعم نفوذها، نجد أنها نجحت في أن تزيد من شعبيتها في الشارع الإسرائيلي، الأمر الذي من شأنه تعزيز موقفها الانتخابي، خاصة أن التوقعات تكشف النقاب عن كونها أفضل مرشحة لرئاسة حزب «كاديما«، وأن الحزب برئاستها سيحصل على 27 مقعدًا، وسيغدو الكتلة الكبرى في الكنيست، غير أنه يجب الوضع في الاعتبار أن ذلك النجاح جزئي، حيث لم تتوصل بعد لتكوين قاعدة شعبية عريضة تمثل ظهيرًا سياسيًا قويًا لحملتها الانتخابية، خاصة أنها لاتزال تواجه سيلاً من الانتقادات داخل حكومة «أولمرت« مرتبطة بمطالبتها باستقالته وعزمها دخول السباق الانتخابي للفوز برئاسة الوزراء، إضافة إلى غضها الطرف عن قائمة استطلاعات الرأي التي لايزال يتصدرها حزب «الليكود«. علاوة على ضراوة المنافسة التي تواجهها من قبل «نتنياهو«، الذي أظهرت الاستطلاعات أنه المرشح الأفضل لدى الجمهور في الانتخابات المقبلة بنسبة 26%، بينما جاء «بيريز« في المركز الثاني، و«ليفني« في المرتبة الثالثة، بما يحتم عليها إصلاح الخلل في الاستراتيجية التي تتبعها في حملتها، ومحاولة سد الفجوة بينها وبين أعضاء الحكومة الحاليين بما يضمن جدولة استراتيجيات جديدة أكثر فاعلية في تعزيز موقفها داخليًا وخارجيًا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات