الأحد 11/مايو/2025

سائق فلسطيني يروي معاناته لدى مروره عند حاجز غير مرغوب في غزة

سائق فلسطيني يروي معاناته لدى مروره عند حاجز غير مرغوب في غزة

“أنا فتحاوي، وانظر إلى البطاقة تثبت لك ذلك” .. هذه الكلمات التي قالها الشاب منذر المصري، البالغ من العمر 31 عاماً، والذي يعمل سائقاً في مدينة غزة، ويدرس في جامعة القدس المفتوحة، لم تفلح من إنقاذه من أيدي ميليشيات الأجهزة الأمنية التي تتبع لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. فالأمر يتعلق أساساً بهوية تعريفية أخرى هي لحيته، حيث أُطلق عليه الرصاص بعد ضربه وتعذيبه، وهو يرقد منذ ذلك الحين على سرير المرض بمستشفى الشفاء بمدينة غزة.

اللحية هي السبب

ولدى سؤاله عن سبب إصابته؛ يجيب منذر المصري بالقول “سأروي الحكاية من بدايتها، فأنا طالب بجامعة القدس المفتوحة، وأعمل سائقاً، وخرجت يوم الثلاثاء (15/5) لتقديم الامتحان، وبعدما انتهيت من الاختبار توجهت إلى مستشفى النصر للأطفال لنقل شقيقتي إلى منزلها في منطقة تل الإسلام، وهناك طلبت مني امرأتان إيصالهما إلى مستشفى الشفاء لوجود حالة وفاة هناك، ونظراً لسوء الوضع رفضت ابتداءً، إلاّ أنني قبلت استجابة لطلب والدي بمساعدتهم وإيصالهم”.

وأوضح المصري أنه سلك طريقاً التفافية بعيدة عن ميليشيات الأمن الوقائي وحواجزها “تفادياً للمشكلات”، فوجد شابين متوجهين كذلك إلى المكان نفسه، “وأخذتهم بعدما طلب النساء ذلك، حيث أنني كنت متردداً في أن يركبا معي، وسِرنا على بركة الله”.

ولكنّ منذر لم يكن يعلم أنه سيجد حاجزاً جديداً يقف عنده ملثمون من “قوات الـ17″، التي تقطن في أحد مباني ذلك الطريق. ويقول الشاب الفلسطيني متابعاً “ما إن وصلنا إلى تلك العمارة التي يستأجرونها؛ حتى كان إطلاق النار والصراخ بالتوقف، فكان لهم ذلك وتوقفت، وطلبوا هويتي وهويتي الشابين اللذين برفقتي، حيث أننا جميعاً نعفي لحانا، وباشروني بالسؤال: أنت حماس؟ فأجبتهم بأنه ليس لي علاقة بحماس نهائياً، وأنني سائق تاكسي، وهذا ما أكدته السيدتان، فإذا بأحدهم يقول/ إنه كاذب فهو من حماس، حينها لم أرَ سوى الضرب ينهال عليّ وعلى جميع أنحاء جسدي”.

ولم يكتف عناصر تلك الميليشيات بذلك، فأحدهم أخذ يطلق ما يقارب من ثمان رصاصات على قدم منذر دون شفقة أو رحمة، لتبقى قدمه معلقة ويزيدوها تعذيباً، “فقد أخذت بالصراخ من شدة الألم ورجوتهم أن يتركوني، فإذا بأحدهم يقول: تؤلمك؟ سأقطعها لك، ليأتي آخر ويشتمني ويقول: أنت حماس يا خائن، وداس بقدمه على قدمي وتركني ليزداد الألم شدة”.

متعطشون للدماء

وأوضح الشاب الفلسطيني المنكوب بجراحه أنه جاء إليه عدة عناصر من تلك المليشيات، ومضى كل واحد منهم يأخذ شيئاً من متعلقاته الشخصية، كالجوّال والأموال وكل ما يملك، حتى أوراقه الخاصة لم تسلم منهم، وعندما أخذوا محفظته قال لهم: “معي بطاقة العضوية التي تثبت أنني من فتح”، إلا أنهم لم يُلقوا بالاً لتلك البطاقة، ولا لأي شيء سوى الضرب وإطلاق الشتائم وأفظع العبارات، وفق روايته.

أما لماذا استمروا في ضربه رغم تأكيداته لهم بأنك من تنظيم فتح؟ فأجاب قائلاً “إنهم متعطشون للدماء، ويبدو أنهم لم يجدوا أحداً قبلنا، فكنّا الصيد الثمين بالنسبة لهم”، حسب استنتاجه.

وبيّن المصري أنّ أولئك المهاجمين وبعدما أخذوا منه كل شيء قالوا لعناصر آخرين أن يأتوا بسيارة لتنقل المجموعة المُصابة إلى المستشفى، ليرد آخر: اتركوهم ينزفون حتى الموت، وتابع منذر قائلاً “عندما وجد الضابط قدمي معلّقة قال لهم: اربطوها، فكانت الإجابة الكاذبة بأنهم ربطوها ليستمر نزف الرجل وتشتد الآلام، حتى جاءت سيارة وأمروا سائقها بنقلي والشاب الآخر إلى المستشفى بعد تفتيشها”.

وتابع السائق المصري حديثه قائلاً، لم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فقد سلك السائق الجديد طرقاً التفافية خوفاً من أن يجدنا مسلحون آخرون فيقبضوا علينا، إلى أن وصلنا المستشفى، حيث أخذت أنزف لعدة ساعات قبل إدخالي إلى غرفة العمليات. وأثبتت التقارير الطبية في ما بعد وجود كسر في عظمتي القدم اليسرى وتهشم وفتح عميق فيها أيضاً.

وفيما يتعلق بالشابين اللذين كانا معه؛ أوضح منذر المصري أنّ أحدهما تم تعذيبه معه وإطلاق الرصاص على قدميه ونُقل برفقته إلى المستشفى، أما الآخر فقد أخذوه إلى داخل المبنى ليلاقي ألوان التعذيب ويسمع أفظع الشتائم بالتأكيد، فضلاً عن التطاول على الذات الإلهية المعروفة عنهم، ليتم بعد ذلك إلقائه وإطلاق ما يقارب من تسع رصاصات على قدميه.

وبيّن منذر أنه بقي في غرفة العناية المركزة لعدة أيام، ثم تم نقله لمستشفى صهيوني، كون والده يعمل في الأمن الوقائي، وهو امتياز من نوع خاص في مفارقات الساحة الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات