الأحد 11/مايو/2025

هكذا أُعدم تنيرة وجُرح كُلاّب وتم إحراق المصاحف وسبّ الذات الإلهية

هكذا أُعدم تنيرة وجُرح كُلاّب وتم إحراق المصاحف وسبّ الذات الإلهية

يبدو أنّ ثقافة القتل والإعدام على الهوية انتقلت من المربع الأمني التابع للأجهزة الأمنية غربي مدينة غزة، إلى نظيره في خان يونس، بعد إعدام شاب وإصابة آخر من عناصر حركة “حماس”، في محاولة لمن يقف وراء فرق الإعدام لنقل الاقتتال إلى خان يونس، التي كانت هادئة طوال الأسبوع الماضي.  

الشاب الفلسطيني محمد جمال كُلاّب (22 عاماً)، الذي أُصيب بجراح حينما أقدمت مجموعة مسلّحة محسوبة على الأجهزة الأمنية وما تسمي بـ”تنفيذية فتح”، يوم الاثنين الماضي، على إطلاق النار عليه وزميله منير تنيرة الذي تُوفّي، يروي تفاصيل ما تعرضا له من عملية إعدام على الهوية على أيدي هذه الفرق، التي نشرت الموت غربي غزة فأعدمت خلال أيام قليلة أكثر من 20 مواطناً بطرق بشعة.

تفاصيل الجريمة

خان يونس، والتي لم تصلها أحداث الاقتتال الأخير، أصابها عقب اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية الذهول مع توارد الأنباء باستشهاد أحد أبنائها وإصابة آخر غدراً، على أيدي مسلّحين، خرجوا كما أفاد محمد من مقر جهاز المخابرات و”تنفيذية فتح”، ليفرِّغوا إجرامهم في جسد منير تنيرة، لتصعد روحه إلى بارئها، وفي سيقان محمد كلاب، فيرقد في المستشفى منكوباً بفعلتهم.

ويروي الجريح محمد كُلاّب، قصة الإعدام التي استهدفت صديقه منير تنيرة، والتي أفلت هو منها بقدر الله، حاملاً معه أربع رصاصات استقرّت في ساقيه.

ويقول محمد، بعد أن عاد بذاكرته إلى المشهد المؤلم؛ “دخلت مكتبة سلطان التي تجاور كلية العلوم والتكنولوجيا التي أدرس بها، وطلبت من صاحب المكتبة دفتراً للرسم المعماري لتدوين بعض الأمور في المحاضرة التي كانت ستبدأ بعد دقائق من الحادث، ودخل بعدي إلى المكتبة زميلي منير تنيرة، وتبادلنا عبارات الترحيب”.

وأضاف الشاب الراقد في المستشفى “أبلغني منير أنّ أربعة من “تنفيذية فتح” مكشوفي الوجه مجهّزين بسلاحهم وجعبهم، يقفون بالقرب من باب المكتبة، ويدققون في كل من يتحرك بالمكان، فما كان منِّي إلاّ أن طلبت منه مغادرة المكان خوفاً على حياته، خاصة وأنه يعمل ضمن صفوف القوة التنفيذية”.

القتل على الهوية

ويواصل كُلاّب سرد فصول الجريمة فيقول “رفض منير المغادرة، قائلا: اللي ربك كاتبه بصير، ليقتحم بعدها المكتبة ثلاثة مسلحين ملثمين، خرجوا من مبنى المخابرات المجاور لنا، آمرين طالبتين كانتا بجوارنا بالمغادرة فوراً”.  

ويقول الجريح “حينها أخذت الدفتر وهممت بالخروج من المكتبة لمتابعة محاضرتي، إلاّ أنّ أحد المسلحين استوقفني ومنعني من المغادرة قائلا: ما تروح خليك بدنا ياك، طالباً من كليْنا البطاقة الشخصية، والتي دقق طويلاً في بياناتها”.

ويمضي الطالب الفلسطيني الجامعي بقوله “طلب المسلّحون بعدها من صاحب المكتبة الخروج بعد أن لكمه أحدهم على وجهه، وسألوني عن سبب إطلاقي اللحية، فقلت لهم: مع الفلس .. أنا ما إلي بحد، قالوا: لا إنت “حماس”، فنفيت مرة أخرى أن يكون لي علاقة بأي تنظيم”.

ويواصل حديثه “بعدها أخذوا مني ومن منير هواتفنا المحمولة، وقاموا بربط أيدينا بالحبال، ومن ثم إلقائنا على وجوهنا على الأرض ليباشروا سكب الجاز الذي جلبوه معهم على المصاحف والكتب الإسلامية التي تعمر بها المكتبة”.

إحراق المصاحف

ويتابع محمد حديثه بعد أن دعا عليهم بالهلاك “أخرج أحدهم قنبلة وألقى بها داخل المكتبة لتشتعل بكاملها، ثم فتحوا بعدها أسلحتهم وفرّغوا بأجسادنا مشطاً كاملاً من الرصاصات، أصابت عشر منها صديقي منير بعضها في بطنه، وأصابتني أربعة أخرى في كلتى ساقي”.

ويقول محمد وقد اتّشحت كلماته بالصبر “أخذنا نستغيث ونطلب الإسعاف، وهم يسبّون الذات الإلهية، وعندما أيقنوا أننا لن نعيش وأنهم قد أصابونا في مقتل من شدّة صراخنا؛ رجعوا مشياً على الأقدام إلى مبنى المخابرات الذي خرجوا منه، وذهب آخرون منهم إلى مقرّ “تنفيذية فتح”، وخرج بعدها شباب الجامعة على صوت الرصاص، وأوقفوا سيارة ونقلونا إلى المستشفى”.

كانت حالة منير تنيرة خطيرة، إذ أصابته أربع رصاصات في بطنه، وقد فارق الحياة مساء الاثنين، فيما يرقد كُلاّب في المشفى.

هذه هي فصول الجريمة التي غطت وجه خان يونس بالسواد، لتنطق بعدها دماء “منير الشهيد”، ودماء “محمد الجريح”، ويبقى لسان حال المواطنين يتساءلون: إلى متى يبقى الحال هكذا، ومن يأخذ على يد الظالم؟ وهل ستكون عملية إعدام تنيرة التي تُضاف إلى قائمة طويلة بدأت بشهيدي جريدة “فلسطين” سليمان العشي، ومحمد عبدو، في غزة مروراً بالشهيد ناهض النمر ومحمود البايض وغيرهم هي آخر حالة إعدام بدم بارد، رغم وقف إطلاق النار، أم أنّ عمليات الإعدام هذه ستستمر؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل المغموس بالدم والمتشح بالسواد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات