الإثنين 13/مايو/2024

وافلسطيناه.. وانكبتاه.. واتغريبتاه!!!

سري سمور

لا تصالحْ !
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما – فجأةً – بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ – مبتسمين – لتأنيب أمكما..
وكأنكما …ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي – بين عينيك – ماءً ؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس – فوق دمائي – ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب ؟
إنها الحربُ !
قد تثقل القلبَ ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ ..
ولا تتوخَّ الهرب !

(من قصيدة لابن صعيد مصر الشاعر الحر أمل دنقل)

الخامس عشر من أيار من عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف محفور في الذاكرة المليئة بمشاهد المذبحة تلو المذبحة والمآسي و الكوارث؛إنها النكبة،هي التغريبة التي امتدت تسعا وخمسين سنة ،هي ذكرى دامية مؤلمة،ولا زال من تبقى على قيد الحياة من الأجداد والآباء يحمل مفاتيح البيوت المنسية في قاعات التنازل داخل فنادق المساومة الخسيسة، ولكننا لم ننس، والأجداد والآباء يعطون المفاتيح للأبناء والأحفاد ، ولا زالت حكايات الينابيع والمحاصيل تتناقلها الألسن ، والقلوب معلقة بالوطن المغتصب المسلوب، فبعد كل المؤامرات وبعد المجازر وبعد غدر القريب والبعيد؛ صوت المؤذن فوق سطح المسجد في آذاننا،وما زالت رائحة الورود والأزهار والزعتر البري وخبز الطابون في أنوفنا… ومنظر الراعي في السفوح والوديان ماثل في أذهاننا رغم بعد الزمان والمكان ، لم ولن نقبل أبدا بوطن بديل أينما كان ………

إذا أنا نسيت بيت جدي

فلتنسني يميني ،

 فلينكتب ذلي على جبيني ،على جبيني ،

يا أرضنا أنت لنا… وبغيرك لن نرضى ولو بالشمس موطنا

فلسطين مكان يسكننا ولا نسكنه ،يحيا معنا في حلّنا وترحالنا ونغرس حبه في البنات والبنين ،هناك شواذ ،نعم ، ولكن الشاذ لا يحكم في سلوكه وتصوره على القاعدة .

إن هذه الأرض إسلامية لا تلمودية، عربية لا عبرية ، باركها الله وقدسها في كتابه العزيز ، تعاقبت الأجيال عليها ثم جاء اللصوص إليها من وراء البحار وسلبوها من أهلها، لكن أهلها لم ينسوا،ولم “يكوَ وعيهم” ، فالوعي متنام والحق لا يضيع بالتقادم ……..في مخيم العين قرب نابلس قتلوا جنينا في بطن أمه قبل أيام، إن اللاجئ حتى وهو جنين يؤرقهم ، يرعبهم، يثير حقدهم ، يكشف زيف أساطيرهم وخرافاتهم، وقبلها في نيسان 2002 هدموا بيوت أهالي مخيم جنين وقامت جرافاتهم بعمل “ملعب كرة قدم” مكان البيوت المهدومة كما صرح أحد سائقي الجرافات المجرمين ، ومجزرة صبرا وشاتيلا لازالت في الذاكرة، إنهم يلاحقون اللاجئين أينما كانوا كي يجبروهم على النسيان ولأن المخيمات وجموع اللاجئين تجسد الكارثة وتذكر كل لحظة بحجم الجريمة ……..

الكل في خضم الأحداث والمتغيرات المتلاحقة الهادفة إلى شطب حق المسروق من السارق القاتل ، الكل تقريبا ينسى أساس المشكلة وجذور وطبيعة الصراع ، إن المشكلة باختصار أن هناك أرضا اسمها فلسطين جاء أناس لصوص قتلة لا ينتمون إليها لا بعقيدتهم ولا بعاداتهم ولا بلغتهم من أصقاع الأرض فشردوا معظم أرضها وقتلوا ومازالوا يقتلون الكثير من أبنائها، ثم ظهرت فئات مرتزقة محسوبة على الشعب الفلسطيني وأخرى عربية ، تريد للمسروق أن يعترف للسارق بحقه فيما سرقه أو بالجزء الأكبر من السرقة أو بوجبة السرقة الأولى الكبرى أي بما سلبه عام 1948م وأن يطالب ويتوسل بما يتيسر أو بما يجود به اللص القاتل مما سرق عام 1967م، يا سبحان الله! والحجج جاهزة والتبريرات التي تصم الآذان حاضرة:الواقعية ،وعدم القدرة على تحدي الأوضاع الدولية، وليس بالإمكان أبدع مما كان!

ولكن اللص القاتل لا يريد أن يتنازل عن شيء ولا يريد أن يعترف لضحيته بأي حق، رغم اللهاث من بعض المرتزقة ورغم استسلام الساسة هنا وهناك، فاللص المجرم مصر على مواصلة إجرامه، وهدفه واضح لكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور؛ يريد منا بوقاحة وسفالة أن ننسى حقنا وأن يغادر من بقي منا أرضه إلى منفى يختاره هو ، وليس هذا فحسب بل أن نعتذر للص على

أننا أقمنا كل هذه السنين على هذه الأرض وشربنا من مائها وتنفسنا من هوائها وأكلنا من زيتونها المبارك ، وأن نقول له:هذه الأرض لك “يا سيدنا” وهي من حقك وليس لنا بها لا علاقة دين ولا دنيا….!!

وبعد ذلك ربما ينظر اللص في أمرنا و “يخفف” من ملاحقته للبعض منا… هذه هي الحكاية باختصار شديد، دون فذلكات كلامية وبلا فلسفات فارغة، ولكن هيهات هيهات فبقاء الحال من المحال ولابد للحق أن يعود لأصحابه ولو بعد حين، وهذا ليس كلاما عاطفيا أو كلاما حماسيا متشنجا… إنها سنة الله في أرضه وخلقة، فالتاريخ لا يقف عند أي كان…

إن النكبة والتغريبة تحيا في الذاكرة طالما لم يعد الحق لأصحابه ولم ترجع فلسطين إلى أهلها ،وذكرى النكبة ليست مجرد يوم نبكي فيه ونخطب ونهتف بالشعارات الوطنية ونرفع الأعلام الوطنية ثم نعود لحياتنا كأن شيئا لم يكن ، لا ، فالأرض تجذبنا وجيناتنا تأبى أن تتخلى عن ذرة تراب واحدة…..

يافا وحيفا وعكا وقيسارية واللد والرملة وبئر السبع والمجدل ودرة التاج وأولى القبلتين وثالث الحرمين بيت المقدس وكل قرية أو عزبة أو خربة من الماء إلى الماء هي حق لأصحابها الذين مضى على تشريدهم 59 سنة،إذا نحن لم نسترجع هذه الضالة من الأمة الضالة ، فأبناؤنا أو أحفادنا أو أحفاد الأحفاد ولكن لا تنازل عن هذا الحق …أبدا أبدا…لا وربك لن يكون…

وإلى الذين باعوا ويبيعون وساوموا ويساومون ، وتنازلوا ويتنازلون وقامروا ويقامرون:لن أقول لكم حرام عليكم فأنتم لا تقيمون وزنا لحلال أو حرام ، ولن أقول لكم ليس معكم تفويض، ولكن سأفترض أننا جميعا –لا سمح الله- فوضناكم؛ ماذا عن أبنائنا؟ وماذا عن أحفادنا؟ وماذا عن أمة بأسرها لم تخضع في تاريخها لا لفرنجة أو مغول وبالطبع لصهاينة ،أنصحكم بقراءة تاريخ الأمة جيدا بعيون عربية لاعبرية وقلوب ونفوس تحب عمر بن الخطاب وصلاح الدين والعز بن عبد السلام وبيبرس وقطز لا ذليلة لبوش وبلير وأولمرت ومن سبقهم أو من سيأتي بعدهم..

فكروا وعودوا إلى رشدكم واعلموا أن اللص القاتل لا يحترمكم ولا يقيم لكم وزنا فهل تريدون خسارة الدين والدنيا ؟

* سري سمور

(قرية أم الشوف المدمرة قضاء حيفا المغتصبة)

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....