الإثنين 13/مايو/2024

انتبهوا لماذا تستبعدون إسرائيل

أ. حسن القطراوي

قد يستغرب الكثيرون من السرعة التي أدت إلى اشتعال نار الفتنة بعد اتفاق مكة الأخير الذي أسس لأرضية مناسبة ومناخ جيد لوحدة فلسطينية حقيقية تكون أساساً لممارسة سياسية فعالة تأخذ في الاعتبار المصالح الفلسطينية العليا ، ومن ثم ذلك الاستبعاد غير المتعمد على ما يبدو من قبل الماكنة الإعلامية والسياسية الفلسطينية والفصائل المتناحرة للممارسات الإسرائيلية التي ما انفكت تعمل بكل قوة لتوتير الساحة الفلسطينية الداخلية وبالتالي هنا الأساس .

حيث من غير الممكن أن يتم تجاهل اليد الإسرائيلية الطولى وهي الحاضر الغائب بلا شك عن كل ما يدور من أحداث على ساحتنا الداخلية والقارئ للأحداث الفلسطينية والمستجدات السياسية والأمنية على الساحة الفلسطينية يستطيع وبدون الكثير من الجهد استنتاج أن كل ما دار ولا يزال إنما هو خطة إسرائيلية مدروسة للفت الأنظار الفلسطينية و العربية الرسمية والشعبية وحتى الدولية عن تلك الإجراءات الخطيرة التي ستقوم بها الحكومة الإسرائيلية كهدم سور مدينة القدس قريباً وبناء مكاتب لشركات إسرائيلية فيها وهدم أجزاء من الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل والتي ستنجز ليلاً ربما، وهي الإجراءات التي حذر منها قادة الحركة الإسلامية في أرضنا المحتلة عام 1948م  لذلك وعت إسرائيل أن ذلك لا يمكن القيام به من دون أن تلتفت الأنظار عنها كما وسبق وأن حدث بإجراءات هدم جسر باب المغاربة، لذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن نعيش بمنأى عن تلك التدخلات الإسرائيلية بالحياة الاجتماعية الفلسطينية وهي التي تدخلت وحلفاؤها في الحياة السياسية والاقتصادية الفلسطينية وقامت بفرض حصار لم يشهد العالم له مثيلاً على شعب مارس الديمقراطية كما يجب أن تكون وعلى الوجه الذي لا يمكن أن تشوبه شائبة ، ولكن عندما تنتج الديمقراطية من ليسوا على أهوائهم ولا يتماشون مع الكثير من مصالحهم بالمنطقة لا يمكن أن يترك المجال لهم كما قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها بأن الديمقراطية ليست ماكينة غسيل يمكن لها تنظيف الإرهابيين من وجهه نظرها وبالتالي فإن الأمور باتت مكشوفة، لذلك فإنه لا يوجد مبرر نهائيا لأولئك الذين يستثنون إسرائيل من ربط تلك الأحداث الدامية فيها، لأنه بدون أدنى شك بأن المستفيد الأكبر هي إسرائيل .

أما على الصعيد الفلسطيني الفلسطيني فإن ما يجمع حركتي حماس وفتح خصوصا أكثر بكثير من تلك الأمور التي تفرقهما، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار القضية الفلسطينية من كل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأخلاقية، لذلك فإن الفصائل الفلسطينية مجتمعة باتت اليوم على مفترق طرق فإما أن تنهض وتعيد التفكير بحالة الانفلات التنظيمي التي تمارس على أيدي أعضاء كثر داخل التنظيمات الفلسطينية ورفع الغطاء الذي يوفر لأولئك الذين باتوا يعشقون الانفلات الأمني بل والانفلات الأخلاقي لأن الكثير من تلك الممارسات التي تقوم بها تلك المجموعات اللافلسطينية لا تمس لا من قريب ولا من بعيد بتلك الأخلاقيات التي تربى عليها الشعب الفلسطيني .

وحتى لا تأخذ الأمور الأمنية المنحى السلبي الذي يمكن أن يعود على القضية الفلسطينية من جراء عدم التعامل الجاد مع حاله الفلتان التي تجتاح غزة يجب أن يعمل الجميع انطلاقا من قاعدة المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، وأن الوطن هو ملك للجميع ثم إنه ليس عيبا أن نتعلم من الاختلاف الحاصل في لبنان وكيف يتم التعامل معه مع أن ما يحصل في لبنان لربما اخطر بمئات المرات من تلك الخطورة التي ربما يشكلها حصار اقتصادي ولكن ما قد يختلف في لبنان هو أن الفرقاء اللبنانيين لربما أكثر وعيا بمدى خطورة الاقتتال الداخلي لأنهم على دراية تامة بما قد يخلفه الاقتتال بهم ، سيما وأنهم أكثر خبرة نتيجة الاقتتال اللبناني اللبناني الذي حصل بالثمانينات والذي أنهك بلا شك الحياة الاجتماعية اللبنانية وأنهم دفعوا الكثير من دمائهم لكي يصلوا إلى الحالة الديمقراطية الحاصلة بلبنان اليوم .

لذلك فإن جُل ما نخشاه اليوم هو الوقوع في تلك الأوحال الذي يمكن أن يسببها اقتتال داخلي من شأنه أن يمزق النسيج الاجتماعي الفلسطيني ويقضي بتاتا على الحالة الديمقراطية الفريدة الذي أسسها الشعب الفلسطيني سيما وان المنتصر من تلك الأحداث مهزوم بدون أدنى شك ، ومع ذلك فإن الشعب الفلسطيني على درجة عالية من الوعي ومن الثقافة وهي بالقدر التي تمكن شعبنا من تشكيل شبكة أمان لمنع كل من تسول له نفسه العبث بالأمن الفلسطيني والأمان الاجتماعي كائناً من كان .

ولكن إذا ما ارتأينا أن ثمة مشكلة تواجه الفلسطينيين جميعا فإنها تتمثل في عدم التنفيذ الكامل لبنود اتفاق مكة والتي تتلخص في إنشاء لجان المصالحة التي انبثقت عن الاتفاق لمعالجة الأوضاع الدامية التي سبقت هذا الاتفاق ثم عدم البدء بتلك الخطوات العملية التي من شأنها أن تعيد لمنظمة التحرير اعتبارها لتكون الحاضن للشعب الفلسطيني والمرجعية الأساس لكل ما يمكن أن يعترض عمل المؤسسات الفلسطينية .

لذلك فإن على الرئاسة الفلسطينية والحكومة وبالتوافق مع الفصائل الفلسطينية ككل البدء الفوري في إعادة التوازن والهدوء إلى الشارع الفلسطيني قبل فوات الأوان وإنشاء لجان المصالحة التي انبثقت عن اتفاق مكة بأسرع ما يمكن والتوافق على جدول زمني محدد للانتهاء من الإجراءات التي يجب أن تتخذ لأجل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون المرجعية الوحيدة للشعب الفلسطيني بكافة أطياف العمل الوطني والإسلامي على الأرض وعلى الجميع أن يدرك أن الشعب بحاجة إلى أن يشعر بالأمن والأمان خصوصا بعد تلك السنوات المريرة التي عاشها في ظل الاحتلال خصوصا في غزة وهي الأكثر تدهورا من حيث الحالة الأمنية وان على القيادة الفلسطينية الانتباه بكل الحواس إلى المخططات الإسرائيلية المتربصة بشعبنا وبآماله وتطلعاته.
 
* كاتب وإعلامي فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....