الجمعة 31/مايو/2024

العصابات الصهيونية ..إرهاب ومجازر لفرض قرار التقسيم بالقوة عام 1948

العصابات الصهيونية ..إرهاب ومجازر لفرض قرار التقسيم بالقوة عام 1948
ازدادت وتيرة الأعمال الإجرامية للعصابات الصهيونية مع قرب انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، ولوحظ أنها منذ شهر نيسان (إبريل) عام 1948 لم تعد مجرد مناوشات كما كانت في الشهور التي سبقته، بل اتخذت طابعاً يتسم باحتلال الأراضي وإخلائها من سكانها الفلسطينيين.

وقد تم ذلك تنفيذاً لسياسة تلك العصابات العدوانية، القاضية بفرض الأمر الواقع فيما يخص قرار التقسيم المشؤوم، على الأمم المتحدة ودول أخرى، وتزامن ذلك مع قيامها بعدد من المجازر الوحشية، ومن أبرزها مجزرة دير ياسين، لترويع السكان الآمنين، وإجبارهم على ترك أراضيهم والرحيل عنها.

وفيما يلي استعراض لأهم الأفعال الإجرامية للعصابات اليهودية، التي نفذتها في الشهور الأخيرة التي سبقت انتهاء حقبة الانتداب البريطاني وصولاً إلى وقوع النكبة، التي أرّخت لاحتلال الصهاينة أجزاء مهمة من فلسطين التاريخية يوم 15/5/1948.

                             مجابهة الخارج وترويع الداخل

يبدو مُلاحَظاً أنّ الاعتداءات والمجازر الصهيونية ازدادت ضراوة بشكل يوحي بمدى خطورة الوضع، عندما بدّلت حكومة الولايات المتحدة رأيها في مشروع التقسيم، وأصبحت تفضل دعم اتفاق الوصايا الذي توضع فيه فلسطين بموجبه تحت انتدابها المباشر، وذلك بسبب الاضطرابات الدامية، التي أثارتها توصية التقسيم، وقد أيد هذا البيان الكثير من الدول.

وتبعاً لهذه التطوّرات؛ صمّم الصهاينة على إحباط أية محاولة يمكن أن يقوم بها مجلس الأمن الدولي، والتي من شأنها أن تبطل أو ترجئ مفعول قرار التقسيم، وقرّروا مجابهة الأمم المتحدة بالأمر الواقع اعتباراً من مطلع شهر نيسان (إبريل). حيث بدأ الصهاينة هجوماً عاماً يتمثل في ما يسمى “عملية نخشون” (من مخطط داليت)، وذلك بحركتين: الأولى من تل الربيع (تل أبيب)، والثانية من القدس. واستخدم الصهاينة في هذه العمليات ولأول مرة قوات بحجم لواء، هدفها الالتقاء في سهل اللطرون، وشطر فلسطين إلى شطرين، مع فتح الطريق من تل الربيع إلى القدس، واكتساح العشرات من القرى العربية.

ويوضح القائد الصهيوني ديفيد بن غوريون، الذي رأس أول حكومة للكيان، ما أسفر عنه الهجوم الصهيوني بقوله: “في عملية نخشون نُظِّفت الطريق المؤدية إلى القدس في مطلع نيسان (أبريل)، وتم احتلال القدس الجديدة (الغربية) كلّها تقريباً، وتم وطرد الثوار من حيفا ويافا وطبريا وصفد، بينما كان الانتداب لا يزال قائماً في البلاد، حيث قامت الهاغاناه بواجبها”.
 
وبهذا؛ قصد الصهاينة من هجومهم العام أن يُثبتوا للأمم المتحدة أنّ في مقدورهم تنفيذ التقسيم بالقوة، ولذلك تصاعدت عملياتهم الإرهابية، ونجم عنها الاستيلاء على قرية القسطل العربية.

                                مذبحة قرية دير ياسين

في الوقت نفسه وكجزء من خطة الهجوم العام؛ بادر الصهاينة إلى تدبير مذبحة قرية دير ياسين العربية المسالمة، الواقعة في ضواحي القدس الغربية، والتي وقعت في التاسع من نيسان (أبريل) 1948.

وتندرج المذابح التي نفذتها العصابات الصهيونية ضمن مخطط الوكالة اليهودية الذي وضعته قبل تنفيذها لمذبحة دير ياسين بزمن طويل، وحدّدت شهر نيسان (أبريل) موعداً للبدء في تنفيذها، أي قبل انتهاء الانتداب بشهر واحد، وذلك ضمن سياستها البشعة الرامية إلى ترويع السكان الآمنين من الفلسطينيين، وبحيث تجبرهم على الرحيل عن أراضيهم وبيوتهم خوفاً على حياتهم.

                                       وصمة عار

وإذا كان من بين اليهود من اعتبر مجزرة دير ياسين” أبشع وصمة عار” في تاريخهم، كالكاتب جون كيمحي؛ فإنّ قادتهم الدمويين عدّوها نصراً مهّد لإقامة الكيان الصهيوني. فقد قال الإرهابي مناحيم بيغن، الذي تزعم الهجوم “لولا النصر في دير ياسين لما كانت هناك دولة (الكيان)”، فيما اعتبرتها المنظمات الإنسانية والحقوقية في حينها مذبحة متعمدة، إذ وصف ممثل الصليب الأحمر مجزرة دير ياسين عندما زار القرية بعد المجزرة بيومين، وذلك بفعل إعاقة الصهاينة له “بأنها مذبحة متعمدة لا مبرر لها مطلقاً سوى الزهو بالقتل والتنكيل بالعرب الآمنين”. 

                                الاحتلال الصهيوني والنكبة

ولم تكن مجزرة دير ياسين وحدها التي أرهبت الشعب الفلسطيني، ودفعته إلى الفرار من وطنه، بل تلتها مذبحتان أخريتان، في العاشر من نيسان (أبريل) في شمال فلسطين. إذ وقع اختيار الصهاينة الإرهابيين على قريتي بيت الخوري ونصر الدين، الواقعتين قرب طبريا، لتؤديا الضريبة ذاتها. ورغم أنّ عدد الضحايا كان أقل مما وقع في دير ياسين؛ إلاّ أنه تم ذبح 60 في المائة من أهل القريتين.

وكنتيجة لهجمات العدو الصهيوني على الفلسطينيين، التي استهدفت السيطرة على أراضيهم وطرد سكانها منها ابتداء من شهر نيسان (إبريل) وحتى منتصف أيار (مايو) من عام 1948؛ فقد تم له احتلال سمخ وطبريا، وأخليتا في التاسع عشر من نيسان (إبريل)، وحيفا في الثامن والعشرين منه، ويافا في الثامن والعشرين منه أيضاً، والقطمون في القدس في الثلاثين منه، وصفد في 12 أيار (مايو)، وبيسان في الحادي منه، وعكا في السادس عشر منه.

ومثلما احتُلّت الأراضي الفلسطينية بالقوة على أيدي العصابات اليهودية قبل تسع وخمسين سنة، في ظل تواطؤ بريطاني فاضح، وتقصير أممي غير خاف؛ فإنّ استرجاعها لن يكون إلاّ بالأسلوب نفسه، على يد المقاومة الباسلة، دون الركون للتسويات الهزيلة التي تريد الاعتراف بالاحتلال، والخنوع للأمر الواقع، على حساب الحقوق والثوابت.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات