الإثنين 13/مايو/2024

أطراف فلسطينية تنفذ مؤامرة أمريكية إسرائيلية لإسقاط حكومة الوحدة

عمر نجيب

عاد الوضع ليتأزم على الساحة الفلسطينية الداخلية واستشرى الانفلات الأمني خاصة في قطاع غزة الذي يشهد منذ أيام مواجهات مسلحة وفوضى أمنية أسفرت عن سقوط  قتلى وجرحى خاصة في صفوف المدنيين، ورغم محاولات إعادة الاستقرار وتوسط وفد أمني مصري بين حركتي فتح وحماس وتوقيع عدة اتفاقات يستمر الوضع في التدهور بعد فترات متقطعة من التهدئة.

هذا الوضع جعل العديد من الأوساط خاصة في الداخل الفلسطيني تخشى من انهيار حكومة الوحدة الفلسطينية والعودة الى اجواء الأزمة التي وضع اتفاق مكة المكرمة الموقع يوم الخميس 8 فبراير 2007 حدا لها وحال دون تصاعد الاقتتال الداخلي الفلسطيني الذي ذهب البعض الى القول انه كان على وشك التحول إلى حرب أهلية.

الأزمة الجديدة أعادت تسليط الأضواء على التحركات والمؤامرات التي تحاك أساسا في تل أبيب وواشنطن ضد الشعب الفلسطيني والتي تستهدف إسقاط حكومته الشرعية والمنتخبة ديمقراطيا وشغل الفلسطينيين بالصراع فيما بينهم خاصة عن طريق تحريك بعض العناصر والقوى المقربة من حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة والتي قبلت لعب دور الطابور الخامس، وهو ما يسمح للصهاينة بمواصلة تطبيق خططهم الإستيطانية خاصة في الضفة وعملية تهويد القدس.

أمام هذا الوضع قدم وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية هاني القواسمي كتاب استقالته من منصبه، بعد أقل من شهرين من توليه مهامه، وأكد ان ذلك وقع بسبب عدم منحه الصلاحيات الحقيقية لإدارة الوزارة وتطبيق الخطة الأمنية لإنهاء حالة الفلتان. وذكر القواسمي، في مؤتمر صحفي عقده ظهر يوم الاثنين 14 مايو،، إنه واجه معوقات في عمله كوزير للداخلية “أفرغت وزارة الداخلية من مضمونها”، مشددا على أنه لا يقبل بأن يكون وزيرا شكلاً بلا مضمون.

وأضاف يقول: “يجب أن تكون كل الصلاحيات بيدي على مختلف الأجهزة الأمنية، وأن تطلق يداي بحرية، حتى أحاسب وحتى أُسأل واستجوب عن تنفيذ الخطة الأمنية، التي فعلا لو توافرت النوايا الصادقة والجدية فإن نجاح هذا الخطة أمر سهل”، حسب تأكيده.

وأشار وزير الداخلية، الذي قَبل رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية استقالته رسميا يوم الاثنين، إنه طالب أكثر من مرة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والحكومة دعماً ماديا ولوجستيا ملموسا على الأرض حتى يتمكن من البدء في تنفيذ الخطة الأمنية والقيام بواجبه كوزير للداخلية”.

وتابع القواسمي يقول إنه أكد لرئيس السلطة والحكومة، ومازال، على أن “الوضع على الأرض خطير للغاية وقد يعود بنا إلى المربع الأول من الاقتتال”، مشيرا إلى أن هناك محاولات تجييش حثيثة تجري على الأرض وهناك إعداد وتحريض إعلامي، قد تنفجر الأوضاع خلال أيام، وهو ما يحصل.

وشدد، في مؤتمره الصحفي، على أن خطورة الوضع على الأرض لا تحتمل الوعود المؤجلة، محملا المسؤولية للجميع، مؤكدا أنه على الجميع أن يتدارك هذا الموضوع وأن يخطو خطوات جدية على الأرض.

ونفى القواسمي أن تكون الأحداث التي جرت يومي الأحد والاثنين هي التي تقف وراء استقالته من منصبه، وقال: “الأحداث الأخيرة ليس لها علاقة باستقالتي أنا أعلنت عن الاستقالة منذ حوالي 25 يوما، وطالبت مرارا بالاستقالة، لأن الأمر لا يحتمل التأجيل ولا النفس الطويل، كما أن هناك تداعيات تحصل في كل دقيقة”.

 واستنادا إلى القانون؛ فإن رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية يتولى حقيبة الداخلية إلى حين تعيين وزير داخلية جديد، والذي تختاره حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بحسب ما جرى التوافق عليه في اتفاق مكة المكرمة.

محاولات التهرب من تطبيق اتفاق مكة وخطة واشنطن الأمنية

التدهور الفلسطيني الداخلي جاء بعد سلسلة تحركات وتطورات تعاكس مصلحة الشعب الفلسطيني، فمن جهة ورغم اتفاق مكة حرصت بعض الأطراف داخل حركة فتح على وضع العراقيل أمام تنفيذ العديد من بنوده، وخاصة ما يتعلق بالشق الأمني، حيث حرم وزير الداخلية من ممارسة صلاحياته وعطل تنفيذ كل الخطط الأمنية التي وضعها، وفرض محمد دحلان مستشارا للرئيس عباس في مجلس الأمن القومي رغم اعتراض حركة المقاومة الإسلامية، وشجعت قوى محلية وخارجية على اتساع نطاق التشرذم والقبلية على الساحة الفلسطينية مستغلة الأزمة الاقتصادية التي ولدها الحصار الغربي المستمر منذ أكثر من ستة.

بموازاة مع تكاثف عناصر مؤامرة التفجير من الداخل دخلت الإدارة الأمريكية بثقل كبير لنسف حكومة الوحدة الوطنية فزيادة على إصرارها على إبقاء الحصار الغربي ومنع البنوك من نقل الأموال الى السلطة الفلسطينية، قدمت مساعدات مالية وأسلحة للقوات التابعة للرئاسة الفلسطينية والهيئات الأمنية الخاضعة لسلطة محمد دحلان.

ولما استمرت المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها في الرد بالسلاح على الهجمات والاعتداءات الصهيونية خاصة عن طريق اطلاق الصواريخ وبعد ان عجزت القوات الصهيونية عن وقف هذه العمليات وخشيت من ركوب مقامرة الهجوم على غزة جاء البيت الأبيض بما سماه الخطة الأمنية تحت غطاء ما سمته وزيرة الخارجية رايس عملية لبناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وذلك في الثلث الأول من شهر مايو 2007، منذ البداية كان من الواضح أن الخطة هي مشروع مؤامرة جديدة ضد الفلسطينيين.

تنص الخطة على تخفيف الضغط الإسرائيلي المنهجي على حركة الفلسطينيين عن طريق رفع بعض الحواجز الأمنية التي تضبط التحرك من مكان إلى آخر في الأراضي الفلسطينية، وفي المقابل تتعهد رئاسة السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات مكثفة للتضييق على أي نشاط لمنظمات المقاومة الوطنية ضد الاحتلال.

ومن المثير للدهشة وكما قال العديد من المراقبين أنه بينما رفضت قيادات فصائل المقاومة هذه الخطة فإن قيادة السلطة الفلسطينية رحبت بها وقبلتها على الفور. في الأيام التالية تم إنزال مئات من قوات الأمن الفلسطينية إلى الشوارع وفي نفس الوقت جرت محاولات لتمركزها على المناطق الحدودية لغزة من حيث تطلق الصواريخ على المستوطنات الصهيونية، بعد ذلك جاء التصعيد في الانفلات الأمني.

الواضح ان مخططي السياسية الأمريكية وضعوا انفسهم عندما طرحوا خطتهم أمام افتراضين، هما أنه اذا أصر كلا الطرفين الفلسطينيين، السلطة من ناحية وجماعات المقاومة من الناحية الأخرى على موقفه، فإنه قد ينشأ صدام بين القوات الأمنية الرسمية وقوات المقاومة، وقد يتصاعد هذا الصدام إلى مستوى ما يقترب من حرب أهلية. لكن ماذا لو أصر كل من الطرفين الفلسطينيين على موقفه دون أن يبلغ الاحتكاك بينهما مستوى صدام عنيف.

في هذه الحالة أيضا سيكون الثنائي الأمريكي الإسرائيلي هو الجانب المستفيد. فالخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني سيتخذ شأن مجادلات ومناقشات كلامية قد تتواصل لمدى عامين أو أكثر مما يتيح لإسرائيل المزيد من الوقت لمواصلة استكمال مشروعات التوسع الاستيطاني وبناء الجدار العازل في مناخ هادئ، كما سيتمكن رئيس الوزراء اولمرت من مداواة جراحه من تقرير لجنة التحقيق في إخفاقات حرب ال34 يوما في لبنان.

وربما يكون هذا هو أحد أهداف الإدارة الأمريكية من خلال اقتراح الخطة. والفتور الذي استقبلت به الحكومة الإسرائيلية هذه الخطة لا يعتد به، فقد يكون جزءا من سيناريو متفق عليه أصلا مع واشنطن.

ولا بد من التذكير كذلك ان الخطة الأمريكية تنص على قيام قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بفرض النظام والقانون ومحاربة من يخرق وقف إطلاق النار. ويدخل في هذا الصدد تقوية جهود السلطة الموجهة ضد تهريب المواد والأسلحة والأموال المستخدمة لما تصفه واشنطن بالإرهاب، وبناء على الخطة فإن هذه التقوية تتعهد بها الإدارة الأمريكية، وتتحدث بنود أخرى على تنظيم التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية من ناحية والقوات الإسرائيلية والمكتب الاستخباراتي الأمريكي في الأراضي المحتلة من ناحية أخرى.

ان الأحداث المؤسفة الجارية على الساحة الفلسطينية هي عملية لبلورة مؤامرة جديدة شجع على السير فيها الصمت والضعف العربي وتخلف الحكومات عن الوفاء بالتزاماتها أو بجزء منها حتى بعد اتفاق مكة المكرمة.

وقد حملت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حركة “فتح” المسؤولية الكاملة عن حالة التصعيد في قطاع غزة، “وتركها الحبل على الغارب لمجموعات مسلحة تابعة لأجهزة أمنية ولحركة فتح لتفعل ما تريد دون الأخذ على يدها ووقفها عند حدودها”.

وقالت الحركة : إن ما يجرى الآن يدلل بشكل قاطع أن الجهات التي حاولت نهاية الأسبوع قطع الطريق على تنفيذ الخطة الأمنية، تحاول الآن عبر هذه الأعمال إلى عرقلة تنفيذ الخطة في محاولة للاستقرار والقضاء على حالة التفلت الأمني المنظم”.

وأكدت على أن الحركة لن تسمح “لهذه الشرذمة أن تمعن فسادا وقتلا وخطفا واعتداء جبانا على قياداتنا ورموزنا وأبنائنا، وإن لم تتوقف فورا سيكون لنا موقف يضع حدا لهؤلاء ويقطع دابرهم”، وقالت: “إن صبرنا لن يكون شيكا مفتوحا، وإنما له حدود لن تطول ما لم يتراجع هؤلاء عن غيهم”.

حماس ليست وحدها التي حذرت من التشرذم وتنفيذ خطط المتآمرين، فقد أعرب اللواء برهان حماد، رئيس الوفد الأمني المصري المتواجد في قطاع غزة، عن أسفه وألمه لتجدد الاشتباكات بين حركتي “فتح” و”حماس”، مؤكد أن “سفك دماء أبناء الشعب الفلسطيني هو خط أحمر يجب أن لا يقترب منه أي فصيل”، مناشداً حركتي فتح وحماس بضرورة ضبط النفس وحقن دماء الشعب”.

وقال: “يجب مراعاة مصالح الشعب الفلسطيني العليا والذود عن الثوابت الفلسطينية والتي تأتي في مقدمتها حرمة الاقتتال الداخلي بين أبناء الشعب الواحد الذي يعانى من حصار دولي منذ أكثر من عام”.

ودعا إلى ضرورة “رفع الغطاء الفصائلي والعائلي عن كل من يثبت تورطه في عمليات القتل والاغتيالات وسفك الدماء التي وقعت مؤخرا”.

وأشار اللواء برهان حماد إلى أن الخلافات الداخلية بين أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله “تضخ في صالح أعدائه وتؤثر سلبا على القضية الفلسطينية العادلة وعلى حاضر ومستقبل هذا الشعب المناضل”.

وشدد على ضرورة “حماية حكومة الوحدة الوطنية والعمل على استمرارها، التي كانت نتاج عملية ديمقراطية فريدة عكست رقي الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه السياسية”.

وأكد رئيس الوفد الأمني المصري أهمية التمسك والالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في مكة المكرمة وما سبقه من اتفاقات حرمت الاقتتال الداخلي ووضعت نهاية له.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....