الإثنين 13/مايو/2024

الشراكة السياسية إلى أين

سراج الدين المقدسي

لم يعد غريبا ما تحياه وتشهده الساحة الفلسطينية من تجاذبات سياسية بين الفينة والأخرى بين الأقطاب السياسية على هذه الساحة وخاصة المشهد السياسي بين فتح وحماس للخروج من المأزق السياسي والأجواء المشحونة دوما بين الطرفين ، فمنذ فوز حماس في الانتخابات وتشكيلها الحكومة العاشرة والمشهد السياسي الفلسطيني متقلب المزاج ويراد له أن يبقى كذلك ليخدم أجندة ومصالح البعض من أصحاب القنوات السرية المفتوحة مع الاحتلال ليكون أمرا واقعا لا بد منه للتعاطي والخروج من هذه الأزمة وفق منهجهم ورؤيتهم مدعومة بتصورات أمريكية صهيونية بدءاً من التعاطي مع حالة الانفلات الأمني والقبول بالخطة الأمنية الأمريكية وطرح المشاريع الخاصة وانتهاءً بالشراكة السياسية المزيفة التي افتضح أمرها بعد أقل من شهرين من عمر حكومة الوحدة الوطنية ويسعى البعض لتوظيفها واستغلالها  لتمرير مخططاته بعيدا عن الشراكة الحقيقية التي يجب أن تتجسد واقعا ملموسا يعيشه ويحياه المواطن الفلسطيني بشتى انتماءاته  وأطيافه السياسية على حد سواء وفي شتى ميادين الحياة لينعم بيوم كريم بدون قلق وخوف بعد ما مر به خلال سنوات عجاف مازال يعيش ذكرياتها وماسيها بذكرى النكبة.

 ولكن ما نراه وما تجسد على ارض الواقع كان خلاف ذلك إذ تبين عدم وجود أي اثر لهذه الشراكة حقيقة على ارض الواقع، والموجود حقيقة بين جنبات وزوايا وزاراتنا ومؤسساتنا الوطنية هو ضرب لكل معاني الشراكة والانسجام  و الوحدة الوطنية وما يدعو إليهمابعرض الحائط، ووزارة الصحة خير شاهد على هذه الشراكة المزيفة إذ جسد  فيها وزيرها  كل معاني التفرد والفئوية الحزبية الضيقة حتى  تعدى حدود الإقصاء إلى النفي الكلي ، فأين الشراكة إذا ؟؟

إن طرح مبدأ الشراكة السياسية في الواقع الفلسطيني ليس وليد اليوم واللحظة بل كان سابقا لاتفاق مكة ومتقدما بسنة على الأقل على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من خلال وجود هذا التصور لدى  حماس منذ ظهور نتائج الانتخابات وفوزها الساحق فيها من خلال رؤية حماس للمشهد السياسي الفلسطيني ورغبتها في تجسيد هذه الشراكة السياسية في واقع وحياة الشعب الفلسطيني كما جسدته  شراكة البندقية وشراكة التضحيات والشهداء والأسرى والمعتقلين طوال سنوات الاحتلال وأرادت لهذا التجسيد أن يكون وفق  مبدأ شركاء في المقاومة والدم والتضحيات شركاء في السياسة وتقرير المصير، ورغم أن حماس قدمت الكثير و بنية صادقة من اجل تحقيق ذلك إلا أنها واجهت صدودا وعزوفا و رغبة عارمة لبعض الأطراف في حركة فتح في عدم التعاطي والتعامل بصدق وبجدية مع  هذه الشراكة ومع حكومة الوحدة الوطنية التي رأت النور بعد اتفاق مكة الذي ينظرون إليه وفق تصورهم على انه مولود لزواج إكراه ولد قبل استيفاء مدته الكاملة وكأن هذا الاتفاق صاغته حماس وحدها وجاء ليخدمها ويحافظ على مصالحها دون النظر إلى مصالح الآخرين ودون النظر لمصالح الشعب الفلسطيني الذي انتظر هذا الاتفاق بشغف وبترقب بعد أن مل من الأجواء المشحونة والمتوترة دوما ومل من الاقتتال والحصار والظلم ولم يعد بمقدوره أن يتحمل المزيد من الحبوب والإبر المسكنة .

إن وجود الرغبة العارمة والجارفة لبعض قيادات حركة فتح واستعدادها لطي صفحة اتفاق مكة وما نتج عنه من شراكة سياسية والتحلل منه استجابة للتصورات الأمريكية والصهيونية من خلال تصور وطرح مشاريع وهمية كحل السلطة وإجراء انتخابات مبكرة واستقالة الرئيس أبو مازن إضافة للعمل الجاد والدءوب على أن تفقد هذه الحكومة سيادتها وهيبتها من خلال التعامل مع ما نتج عنها من قرارات بانتقائية وتفرد و العمل على تعطيل هذه القرارات والسعي لخلق بلبلة وفوضى داخل المجتمع الفلسطيني و تهيئة الظروف المواتية للعودة للمربع الأول أي ما قبل اتفاق مكة حيث تقبع مصالحهم وأجندتهم الخاصة بات أمرا مكشوفا وظاهرا للعيان ، وهذا ما بدا واضحا من استباق التوافق على تفعيل الخطة الأمنية التي أعلنتها وزارة الداخلية وتفرد وارتجال بعض القيادات في الأجهزة الأمنية بناءً على أوامر من جهات عليا في حركة فتح لتفعيل الخطة الأمنية على الأرض دون مشاورة الحكومة والعودة لوزير الداخلية ودون التنسيق مع الفصائل الفاعلة على الأرض وهذا ما خلق توترا وأجواء مشحونة في الأيام السابقة كادت أن تعيدنا إلى مربع المواجهة والاقتتال نتيجة هذا الارتجال وهذا التفرد الذي يخدم مصالح وأجندة خاصة  فأين الشراكة السياسية التي لا نسمع عنها إلا في وسائل الإعلام وصفحات الجرائد  ؟؟

 إن الشراكة السياسية تعني إدارة شئوننا السياسية بالتوافق والانسجام بين الأطياف السياسية في المشهد السياسي الفلسطيني والعمل على تهيئة الأجواء والنفوس لنسيان الماضي من الأيام الخوالي التي امتلأت بريح البارود والدم والدخان الأسود والعمل على تفعيل المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب الفلسطيني من خلال العمل على إرساء القانون واحترامه وفرض هيبته التي فقدها من خلال هذا التوافق والانسجام والعمل على الخروج من الأزمة الحالية ومواجهة الحصار بشكل جماعي يجسد هذه الشراكة لتكون حقيقة على ارض الواقع ينعم ويحصد ثمارها الشعب أولا ثم الفصائل ثانيا وليس في توقيع وريقات أمام وسائل الإعلام لنواجه عدوا مشتركا يحشد لنا ويهدننا ويتوعدنا صباح مساء فهلا عمل الجميع وبقلب واحد على إنجاح هذه الشراكة لنتوحد في وجه محتل أرضنا وخاصة ونحن نعيش ذكرى النكبة أم أننا سنبقى نكابر ونمنى أنفسنا بشراكة سياسية هي ابعد ما تكون عن ارض الواقع وان وجدت فهي في حقيقة الحال كجبل من جليد  سرعان ما يذوب وينتهي . وحينها ؟؟؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....