الشراكة السياسية إلى أين

لم يعد غريبا ما تحياه وتشهده الساحة الفلسطينية من تجاذبات سياسية بين الفينة والأخرى بين الأقطاب السياسية على هذه الساحة وخاصة المشهد السياسي بين فتح وحماس للخروج من المأزق السياسي والأجواء المشحونة دوما بين الطرفين ، فمنذ فوز حماس في الانتخابات وتشكيلها الحكومة العاشرة والمشهد السياسي الفلسطيني متقلب المزاج ويراد له أن يبقى كذلك ليخدم أجندة ومصالح البعض من أصحاب القنوات السرية المفتوحة مع الاحتلال ليكون أمرا واقعا لا بد منه للتعاطي والخروج من هذه الأزمة وفق منهجهم ورؤيتهم مدعومة بتصورات أمريكية صهيونية بدءاً من التعاطي مع حالة الانفلات الأمني والقبول بالخطة الأمنية الأمريكية وطرح المشاريع الخاصة وانتهاءً بالشراكة السياسية المزيفة التي افتضح أمرها بعد أقل من شهرين من عمر حكومة الوحدة الوطنية ويسعى البعض لتوظيفها واستغلالها لتمرير مخططاته بعيدا عن الشراكة الحقيقية التي يجب أن تتجسد واقعا ملموسا يعيشه ويحياه المواطن الفلسطيني بشتى انتماءاته وأطيافه السياسية على حد سواء وفي شتى ميادين الحياة لينعم بيوم كريم بدون قلق وخوف بعد ما مر به خلال سنوات عجاف مازال يعيش ذكرياتها وماسيها بذكرى النكبة.
ولكن ما نراه وما تجسد على ارض الواقع كان خلاف ذلك إذ تبين عدم وجود أي اثر لهذه الشراكة حقيقة على ارض الواقع، والموجود حقيقة بين جنبات وزوايا وزاراتنا ومؤسساتنا الوطنية هو ضرب لكل معاني الشراكة والانسجام و الوحدة الوطنية وما يدعو إليهمابعرض الحائط، ووزارة الصحة خير شاهد على هذه الشراكة المزيفة إذ جسد فيها وزيرها كل معاني التفرد والفئوية الحزبية الضيقة حتى تعدى حدود الإقصاء إلى النفي الكلي ، فأين الشراكة إذا ؟؟
إن طرح مبدأ الشراكة السياسية في الواقع الفلسطيني ليس وليد اليوم واللحظة بل كان سابقا لاتفاق مكة ومتقدما بسنة على الأقل على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من خلال وجود هذا التصور لدى حماس منذ ظهور نتائج الانتخابات وفوزها الساحق فيها من خلال رؤية حماس للمشهد السياسي الفلسطيني ورغبتها في تجسيد هذه الشراكة السياسية في واقع وحياة الشعب الفلسطيني كما جسدته شراكة البندقية وشراكة التضحيات والشهداء والأسرى والمعتقلين طوال سنوات الاحتلال وأرادت لهذا التجسيد أن يكون وفق مبدأ شركاء في المقاومة والدم والتضحيات شركاء في السياسة وتقرير المصير، ورغم أن حماس قدمت الكثير و بنية صادقة من اجل تحقيق ذلك إلا أنها واجهت صدودا وعزوفا و رغبة عارمة لبعض الأطراف في حركة فتح في عدم التعاطي والتعامل بصدق وبجدية مع هذه الشراكة ومع حكومة الوحدة الوطنية التي رأت النور بعد اتفاق مكة الذي ينظرون إليه وفق تصورهم على انه مولود لزواج إكراه ولد قبل استيفاء مدته الكاملة وكأن هذا الاتفاق صاغته حماس وحدها وجاء ليخدمها ويحافظ على مصالحها دون النظر إلى مصالح الآخرين ودون النظر لمصالح الشعب الفلسطيني الذي انتظر هذا الاتفاق بشغف وبترقب بعد أن مل من الأجواء المشحونة والمتوترة دوما ومل من الاقتتال والحصار والظلم ولم يعد بمقدوره أن يتحمل المزيد من الحبوب والإبر المسكنة .
إن وجود الرغبة العارمة والجارفة لبعض قيادات حركة فتح واستعدادها لطي صفحة اتفاق مكة وما نتج عنه من شراكة سياسية والتحلل منه استجابة للتصورات الأمريكية والصهيونية من خلال تصور وطرح مشاريع وهمية كحل السلطة وإجراء انتخابات مبكرة واستقالة الرئيس أبو مازن إضافة للعمل الجاد والدءوب على أن تفقد هذه الحكومة سيادتها وهيبتها من خلال التعامل مع ما نتج عنها من قرارات بانتقائية وتفرد و العمل على تعطيل هذه القرارات والسعي لخلق بلبلة وفوضى داخل المجتمع الفلسطيني و تهيئة الظروف المواتية للعودة للمربع الأول أي ما قبل اتفاق مكة حيث تقبع مصالحهم وأجندتهم الخاصة بات أمرا مكشوفا وظاهرا للعيان ، وهذا ما بدا واضحا من استباق التوافق على تفعيل الخطة الأمنية التي أعلنتها وزارة الداخلية وتفرد وارتجال بعض القيادات في الأجهزة الأمنية بناءً على أوامر من جهات عليا في حركة فتح لتفعيل الخطة الأمنية على الأرض دون مشاورة الحكومة والعودة لوزير الداخلية ودون التنسيق مع الفصائل الفاعلة على الأرض وهذا ما خلق توترا وأجواء مشحونة في الأيام السابقة كادت أن تعيدنا إلى مربع المواجهة والاقتتال نتيجة هذا الارتجال وهذا التفرد الذي يخدم مصالح وأجندة خاصة فأين الشراكة السياسية التي لا نسمع عنها إلا في وسائل الإعلام وصفحات الجرائد ؟؟
إن الشراكة السياسية تعني إدارة شئوننا السياسية بالتوافق والانسجام بين الأطياف السياسية في المشهد السياسي الفلسطيني والعمل على تهيئة الأجواء والنفوس لنسيان الماضي من الأيام الخوالي التي امتلأت بريح البارود والدم والدخان الأسود والعمل على تفعيل المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب الفلسطيني من خلال العمل على إرساء القانون واحترامه وفرض هيبته التي فقدها من خلال هذا التوافق والانسجام والعمل على الخروج من الأزمة الحالية ومواجهة الحصار بشكل جماعي يجسد هذه الشراكة لتكون حقيقة على ارض الواقع ينعم ويحصد ثمارها الشعب أولا ثم الفصائل ثانيا وليس في توقيع وريقات أمام وسائل الإعلام لنواجه عدوا مشتركا يحشد لنا ويهدننا ويتوعدنا صباح مساء فهلا عمل الجميع وبقلب واحد على إنجاح هذه الشراكة لنتوحد في وجه محتل أرضنا وخاصة ونحن نعيش ذكرى النكبة أم أننا سنبقى نكابر ونمنى أنفسنا بشراكة سياسية هي ابعد ما تكون عن ارض الواقع وان وجدت فهي في حقيقة الحال كجبل من جليد سرعان ما يذوب وينتهي . وحينها ؟؟؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...