الأحد 12/مايو/2024

ساق الله على أيام حكومة حماس

أيمن دلول

مضى ما يزيد عن الشهرين على تشكيل الحكومة الحادية عشرة للشعب الفلسطيني “حكومة الوحدة الوطنية” بقيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وهي أول حكومة وحدة وطنية في تاريخ الشعب الفلسطيني شاء من شاء وأبى من أبى، فكل عاقل يدرك هذا الأمر، ومن يريد غير هذا ” كعادته” فسيحاول بكل ما أوتي من قوة أن يثبت غير ذلك، ولكنني في هذا الوقت القليل لست بصدد الحديث عن هذه القضية، فقد تحدث عنها الكثير من المثقفين والعقلاء وأنا لا أصل إلى مرتبة كبار السياسيين الذين أقروا بهذا الأمر.

المهم لقد كان الهدف من حكومة الوحدة كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني، وكان الكثيرون قبل تشكيلها قد أكدوا أن هذه الحكومة ستكون بلا فائدة إن لم تعمل أو تكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني ولكانت بقيت الحكومة العاشرة على حالها أفضل؛ وذلك لهدف واحد يتعلق بالحفاظ على التناسق في العمل بين أركان الوزارات المختلفة وضمان سير العمل فيها بعد تعرف الوزراء على الإدارات المختلفة لتلك الوزارات.

ومضت الأيام تباعا وكانت هذه الأيام تمضي مسرعة لا أدري لماذا؟ ولكن ينبغي علينا أن نضع النقاط على الحروف بعد مرور أكثر من شهرين على تشكيل هذه الحكومة، فالحصار كما هو، والانفلات الأمني ارتفعت وتيرته، والتهديد باستقالة وزير الداخلية هاني القواسمي واحتجاجات العاملين في وزارة الصحة الفلسطينية… والقائمة لا تتسع للحديث عن المشاكل المختلفة لحكومة الوحدة الوطنية.

لكنني ولأنها كلمة الحق التي لا بد منها لاحظت شيئا دفعني بقوة للحديث عنه كون الإعلامي مرآة المجتمع، ولأنني أدرك أن الإعلامي ينبغي أن يكون حارس الحقيقة مهما كلفه ذلك من ثمن، وإن كان هذا الثمن اختطافه والمساومة عليه لإطلاق سراح الفلسطينيين في بريطانيا!! أو أفغانستان!! أو ربما في المريخ حيث ستكون المطالب القادمة لخاطفي الصحفيين في غزة!!!.

كنت في الماضي أقصد في عهد “حكومة حماس” كما أسماها البعض من أبناء الشعب الفلسطيني وصدقهم آخرون، كنت أرى المظاهرات تملأ الشوارع… والأجهزة الأمنية تغلق الطرق وتطلق الرصاص في الهواء… وتغلق المدارس… وتعطل المستشفيات… ويحرق مقر التشريعي وكذلك مجلس الوزراء… والكثير الكثير من المظاهر التي كانت تحمل مطلبا واحدا فقط: نريد الرواتب، وكنا ساعتها عندما يقال إنها محاولات لإسقاط الحكومة التي شكلتها حماس لإثبات فشلها أمام جماهيرها، كان البعض ينعت من يقول ذلك بأنه ضد حرية الرأي والتعبير، ولكني أقول شهد عهد الحكومة الحالية” الوحدة الوطنية” توفير الرواتب بشكل منتظم!! إذا لماذا لا يتظاهرون الآن؟؟ لماذا لا يتحركون الآن؟

وأنا أؤكد بأنهم لن يجرؤوا على فعل ذلك، وإلا فهل يستطيعون أن يجلدوا أنفسهم وهم داخل الحكومة؟.

الفرق كبير بين الحكومة الحالية والماضية التي نعتت بأنها كانت تخص حركة حماس وفقط، ونعت وزراؤها بالمهربين وحجزوا على المعابر بينما كانوا يحاولون تمرير الأموال لأبناء شعبهم، ووصفوا باللصوص وغيرها من القضايا التي لا يتسع المجال لذكرها.

إن من الحكمة أن يعترف الإنسان بخطئه ولا يبقى مستمرا في مكابرته وجبروته، وكما يقولون:” الاعتراف بالذنب فضيلة”، اعترفوا أيها الناس ولا تبقوا صامتين، يجب أن تخرجوا عن صمتكم وتقولوا كلمتكم في الحكومة العاشرة.

لقد أعجبني أحد الضباط في الأجهزة الأمنية قبل عدة أيام وقد صادف وجوده وأنا متجه إلى عملي صباحا في ذات السيارة، وكنا نتناقش في موضوع الحكومة الفلسطينية الحالية وأبرز ما قامت به، فقال:” ساق الله على أيام حكومة حماس، على الأقل كنا نأخذ سلفا، ولكن بشكل شبه شهري، لكن في الوقت الحاضر( يقصد حكومة الوحدة) لم نأخذ إلا الفتات، ويتابع قائلا: لقد كان في الماضي الزهار وغيره يجلبون الأموال في الشنط وكنا نقبض، ولكن الآن فلا يوجد شنط تدخل المعبر”، لقد تنفست الصعداء عندما تكلم بهذه الكلمات؛ لا لشيء إلا لأنه اعترف بالذنب في وقت من الأوقات، لقد أدرك، ولكن… في وقت متأخر مدى الجهود التي بذلتها حكومة حماس ليعيش أبناء شعبها بعزة وكرامة، لقد أدرك التعب الذي تعبوه على المعابر ليأكل أبناء شعبهم لقمتهم غير مدنسة بالذل والعار.

وبعد هذا السرد، أدرك جيدا أنني سأجد انتقادات من البعض وخاصة الذي لا يزال حتى اللحظة يكابر على الخطأ، ولكنني أنصح الجميع بضرورة أن نتكلم كلمة الحق، فإن أدركنا جهود وزراء حكومة حماس السابقة وماذا فعلوا لنعيش بعزة وكرامة، فليس عيبا أن نخرج ونقر بهذا الأمر، وساق الله على أيام حكومة حماس، عندما وفرت ما يزيد عن 60% من رواتب الموظفين دون أن يُسجل دولار واحد على كاهل الشعب الفلسطيني ضمن ديونه المتراكمة من السلطة السابقة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات