الجمعة 31/مايو/2024

التيار الانقلابي في فتح يجدد مساعيه لإسقاط الحكومة وإقصاء حماس عن قيادتها

التيار الانقلابي في فتح يجدد مساعيه لإسقاط الحكومة وإقصاء حماس عن قيادتها
اعتبر مراقبون وناشطون وقياديون فلسطينيون أن التيار الانقلابي داخل حركة “فتح” وبعض الجهات المتحالفة معه، التي وصفها قيادي فتحاوي بالطابور الخامس المتعاون مع الاحتلال، باتت تهيء الأجواء للتمرد على حكومة الوحدة الوطنية، وتعمل على إسقاطها، خلال أيام.

ورأى هؤلاء أن هذا التيار داخل حركة “فتح” لم يتمكن بعد من استيعاب حقيقة فوز حركة “حماس”، وقيادتها للحكومة الفلسطينية، ويحن لأيام التفرد بالسلطة، والعبث بأرواحهم الناس وأقواتهم وأمنهم.

وأدى الفلتان الأمني ورفض الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس وضع المؤسسة الأمنية تحت سلطة وزير الداخلية، إلى إعلان الوزير هاني القواسمة تقديم استقالته لرئيس الحكومة إسماعيل هنية، الذي قبل الاستقالة، بعد رفضها أكثر من مرة.

 

                                 قادة أجهزة أمنية متمردون

وأعلن الوزير القواسمة الاثنين (14/05) في مؤتمر صحفي أنه لم يتمتع بأي صلاحية، خلال فترة وجوده في الوزارة، تمكنه من السيطرة على الأجهزة الأمنية، الأمر الذي اضطره لتقديم استقالته. وشدد الوزير المستقيل على رفضه أن يكون وجوده في الوزارة مجرد وجود شكلي وشرفي، مؤكدا أن رئيس الحكومة يوافقه على مضمون استقالته، وإن رفض في السابق تلك الاستقالة شكلا.

من ناحيته حمّل القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الدكتور صلاح البردويل، مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية، التي أدت إلى استقالة وزير الداخلية، إلى حرس الرئاسة وأجهزة الأمن الخاضعة لإمرة رئيس السلطة، والتي يقودها رشيد أبو شباك.

وقال البردويل في تصريحات لوكالة “قدس برس” لقد “وعد الرئيس محمود عباس وزير الداخلية بأن تكون الأجهزة الأمنية تحت إمرته، لتنفيذ الخطة الأمنية، وكلف شخصاً من حرس الرئاسة للتنسيق معه، لكن ما إن اتصل وزير الداخلية بضابط الأمن، حتى رفض الاستجابة لأوامره”، في تمرد واضح على جهة القرار السياسي، التي يفترض أن يخضع لها المسؤولون الأمنيون، كما هو حاصل في جميع دول العالم.

 

                       فلتان فتحاوي يمهد لإسقاط حكومة الوحدة

ووصف القيادي في “حماس” ما يجري على الساحة الفلسطينية، بأنه “تمرد عسكري”، هدفه حل حكومة الوحدة الوطنية. وأضاف: “ما يؤكد هذا التحليل أن ياسر عبد ربه دعا إلى عصيان مدني، للمطالبة بحل القوة التنفيذية، وهو في الحقيقة يريد حل الحكومة، وتنفيذ الخطة الأمنية الأمريكية”، التي تقوم على محاربة فصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة “حماس”، لصالح الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدور الشعب الفلسطيني.

ويتطابق رأي الدكتور مصطفى البرغوثي وزير الإعلام في حكومة الوحدة الوطنية مع رأي الدكتور البردويل، حين اعتبر أن الفوضى والفلتان الأمني حركة مقصودة هدفها إسقاط الحكومة الحالية.

وفي رد الدكتور البرغوثي على سؤال لوكالة “فرانس برس” إن كانت الحكومة الفلسطينية ستقدم استقالتها، مثلما فعل وزير الداخلية، إذا لم تنجح في عملها قال الوزير “الذين ينشرون الفلتان الأمني يحلمون بأن نتخلى عن واجبنا في الحكومة، ونحن مصممون على النجاح، وعلى كسر الحصار، ومصممون على ضبط الفلتان الأمني، ولن نتخلى عن مسؤولياتنا”.

وبخلاف رأي الدكتور البرغوثي تروج الجهات الانقلابية داخل حركة فتح إلى اتخاذ حالة الفلتان الأمني ذريعة لإعلان إسقاط الحكومة، أو التعلل بزعم انهيارها من تلقاء ذاتها. وفي هذا السياق نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين في حركة فتح أن التوتر الناجم عن تجدد العنف، بعد إعلان وقف اطلاق النار في وقت متأخر من مساء الأحد (13/05) قد يؤدي إلى انهيار حكومة الوحدة الوطنية خلال أيام.

 

                        رفضوا اتفاق مكة ويريدون الانقلاب عليه الآن

ويرى مراقبون أن الجناح الانقلابي في حركة فتح لم يقبل منذ البداية بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تقودها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. ويذهب هؤلاء إلى أن هذا الجناح عمل لآخر لحظة على إفشال لقاء مكة المكرمة، إذ استمر المنفلتون من عقالهم من التيار الانقلابي يغتالون قيادات ووجوها جهادية في حركة “حماس”، فأثناء مفاوضات مكة المكرمة، قام الجناح الانقلابي في فتح بإعدام الشهيد القائد محمد أبو كرش من كتائب القسام ميدانياً، وقد صبرت حماس ولم ترد على اغتياله، من أجل إنجاح القاءات للتوصل إلى اتفاق مكة.

ويذهب المراقبون إلى أن مساعي التيار الانقلابي لم تتوقف عند ذلك الحد. فقد ضغط الانقلابيون على رئيس السلطة محمود عباس، فقام بتعيين شخصين معارضين بقوة لأي لقاء مع حركة حماس في مواقع حساسة جدا، هما محمد دحلان، الذي تم اختياره مستشارا للأمن القومي الفلسطيني، رغم كونه مسؤولا عن كثير من أعمال الفلتان الأمني والاغتيالات. كما تم اختيار عزام الأحمد نائبا لرئيس الوزراء، رغم كونه يعتبر واحدا من قادة التيار الانقلابي، وأحد الذين لا يرحبون، لا من قريب ولا من بعيد، بالعمل في إطار وحدة وطنية، ويحرص كل الحرص على استفراد حركة فتح بالسلطة بشكل تام.

 

                       انقلابيون في خدمة مخططات واشنطن والاحتلال

ويرى أستاذ العلوم السياسية والقيادي الفتحاوي الدكتور عبد الرحمن الترك أن ما يحدث من انفلات أمني في قطاع غزة هو ثمرة جهد ما وصفه بالطابور الخامس الموالي للاحتلال. وعما يقصده بالطابور الخامس، قال أستاذ العلوم السياسية في رام الله “القوى المحتلة لها جواسيسها وأعوانها، وهناك بعض العمليات التي جرت في غزة مؤخراً، لا يمكن أن يقوم بها إلا عدو”.

ومضى قائلا “الاحتلال يريد غزة على طريقته، فالطابور الخامس، الذي أعنيه هو حفنة من المأجورين، الذين قبلوا على أنفسهم أن يسهموا في تفجير الوضع بين حماس وفتح، وهؤلاء أصبحوا مكشوفين للعالم كله، وأنا لا أقصد رموزا سياسية بعينها، وإنما أتحدث عن عملاء مأجورين، يقومون بعمليات تخريبية، يضربون بها مؤسسات السلطة وقوات الأمن أو القوات التنفيذية، لهدف ضرب الوحدة الفلسطينية”.

أما الدكتور محمود الزهار وزير الخارجية الفلسطيني السابق فيرى أن ما يجري في غزة هو بالضبط ما طالبت به الخارجية الأمريكية. وقال الدكتور الزهار في تصريحات لوكالة “قدس برس” إن “ما يجري في غزة هو الفوضى الخلاقة، التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس، والتي اضطرت وزير الداخلية إلى الاستقالة، وهذا تنفيذ حرفي للخطة الأمنية، التي زودت حرس الرئاسة بالأموال اللازمة، بشكل علني، لتنفيذ هذه الخطة”.

وأشار الوزير السابق إلى أن “حماس” و”فتح” اتفقتا على وقف الاقتتال، “ولكن جهة معينة في فتح لها أجندة خاصة، عادت وأججت المسألة الأمنية”. ورفض الزهار الإشارة إلى أسماء بعينها، وقال: “الأسماء معروفة، وأنا لا أذكرها”. وأشار إلى أن كل المسألة الأمنية لم تكن تشترط إلا ثلاثة شروط رئيسية هي التنظيم والإدارة، والدعم المالي، وإعفاء بعض الأشخاص، الذين يعرقلون سير العملية الأمنية، لكن هذه الشروط لم تتحقق.

وعما إذا كان بإمكان رئيس الوزراء الذي تولى مسؤولية الداخلية مؤقتاً أن يذلل هذه الصعاب؛ قال وزير الخارجية السابق: “لا شك أن الأسباب المؤدية إلى المشكلة قائمة، ولذلك فإن الفترة المقبلة ستكون فترة جمود سياسي وأمني، إلى حد تعيين وزير جديد للداخلية”.

ويقول المراقبون إن وجود أشخاص معروفين في الأجهزة الأمنية، يعمدون إلى توتير الأوضاع في غزة، لا يتم لمصلحة وطنية، وأن هؤلاء الأشخاص ملتزمون مع الكيان الصهيوني، ومع الولايات المتحدة، التي توفر لهم الأموال والسلاح والغطاء السياسي، لإشعال حرب أهلية فلسطينية، ثم حمايتهم من قبل رئاسة السلطة ومن قبل حركة فتح.

ويشدد المراقبون على أنه طالما بقي هؤلاء الأشخاص على رأس الأجهزة الأمنية، فلن تستقر الأوضاع في قطاع غزة، ولن يهنأ الفلسطينيون بحكومة الوحدة الوطنية، التي تواجه تمرد الأجهزة الأمنية في الداخل، وتتعرض لضغوط خارجية عاتية، أمريكية وصهيونية خاصة، وحصارا اقتصاديا وماليا، وذلك عقابا للشعب الفلسطيني، الذي اختار حركة المقاومة الإسلامية “حماس” لقيادته، وللحفاظ على ثوابته الوطنية والإسلامية.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات