الإثنين 12/مايو/2025

عدسات المصورين الفلسطينيين.. والعمل تحت المخاطر لنقل الحقائق إلى العالم

عدسات المصورين الفلسطينيين.. والعمل تحت المخاطر لنقل الحقائق إلى العالم
إذا كان عمل المصورين الصحفيين على امتداد الأراضي المحتلة تكتنفه الصعوبات، وتحفه المخاطر؛ فإنه أشد صعوبة وخطراً في مدينة الخليل، وخصوصاً بلدتها القديمة، حيث يكون المصورون عرضة للشتم وللاعتداءات المتكررة من قبل المستعمرين وجنود الاحتلال الذين يتواطؤون معهم، وتكون كاميراتهم ومعدات التصوير الأخرى عرضة للسحب وللتكسير، دون أن تحميهم رخصهم أو بطاقاتهم الصحفية، وهو ما يؤثر سلباً على قيامهم بواجبهم المهني.

وعادة ما يقوم المصورون الصحفيون بدور مهم في كشف حقيقة الأوضاع الماسأوية، للفلسطينيين وحجم معاناتهم اليومية، في هذه البقعة المحاطة بالمغتصبات من كل حدب وصوب، ونقلها للعالم من خلال الصورة التي كثيراً ما تكون لقطاتها أوقع تأثيراً من ألف خبر أو مقال، لذا فلا غرابة أن يكونوا هدفاً مقصوداً للاحتلال، كي يحول بينهم وانكشاف المستور من ممارساته العدوانية.

                                           ممنوع الدخول

وللوقوف على بعض ما يتعرض له المصورون الفلسطينيون؛ يقول المصور حازم بدر إنّ للخليل وضعاً يختلف عن المدن الفلسطينية الأخرى في الضفة. فالمعروف أنّ جميع مدن الضفة إما تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة، أو تحت السيطرة الصهيونية الجزئية، مما يتيح للمصورين الصحفيين التحرك بحرية فيها، باستثناء ساعات عمليات الاقتحام، أما في الخليل فهي محتلة وجيش الاحتلال متواجد فيها في جميع المناطق.

وأضاف بدر أنّ المصور الصحفي الفلسطيني في بلدة الخليل القديمة موضوع في قفص الاتهام بالنظر إلى الموقف الصهيوني منه، لانحيازه للوضع الفلسطيني، مما يصعب العمل فيها.

وأوضح بدر أنّ وصوله وزملاءه إلى مكان الحدث، صار غاية في الصعوبة، ويشبه المشي وسط حقل من الألغام، خصوصاً بعد انطلاق انتفاضة الأقصى، بسبب زيادة عدد الحواجز والعنف الصادر من المستعمرين وزيادة عدد الجنود الذين يحرسونهم وازدياد عدد المغتصبات. وأشار بدر أنّ عمل المصورين صار يشبه إلى حد كبير العمل في منطقة محفوفة بالمخاطر، منوهاً بإغلاق بعض الشوارع بصورة كاملة أمام الفلسطينيين، مثل شارعي الشهداء والسهلة، الأمر الذي جعله وأمثاله يشعرون بالتمييز العنصري.

ويقترب بدر أكثر فأكثر من حجم معاناة المصورين الصحفيين بقوله إنه كثيراً ما يصطدم عند الحواجز العسكرية المنصوبة أمام مثل هذه الشوارع المغلقة؛ بقول أحد الجنود المتمركزين فيها له “أنت فلسطيني وهذه مناطق عسكرية يحظر عليك دخولها”.

                               دعم إعلامي للقابضين على الجمر

ويتحدث المصور بدر عن اعتداءات المستعمرين الدائمة عليهم قائلاً “إنّ اعتداءاتهم صارت عرفاً وتقليداً يومياً، وأقلها البصق والسب والشتم وسحب الكاميرا”، حسب شرحه.

لكنه رغم كل معاناته؛ يشعر كصحفي فلسطيني بالفخر، لأنه يسهم في كشف الحقيقة المتصلة بممارسات وحقائق الاحتلال على الأرض، ويفضحها حتى وهو يعمل مع وكالات أنباء أجنبية، على حد تعبيره، فضلاً عن قيامه بتغطية جوانب الحياة اليومية والاجتماعية للشعب الفلسطيني وتسليط الضوء عليها.

وبيّن المصور الصحفي بدر أنّ البلدة القديمة في الخليل هي المنطقة المفضلة للمصورين الصحفيين، وهم دائماً متواجدون فيها، رغبة في عمل شيء إزاء القابضين على الجمر جراء ممارسات المستعمرين، وهو باختصار دعمهم إعلامياً، وقال “أعتبر وجودي هنا سنداً وعوناً للمعزولين جبراً عن باقي مدينتهم، فالاحتلال يستفرد بهم”.

وأشار بدر إلى أنه فكّر غير مرة بإيجاد عمل بديل له، يكون أقل خطورة من عمله الحالي، إلاّ أنّ عشقه لمهنة التصوير، وإيمانه بأهمية العمل الإعلامي جعلاه يتراجع عن قراره في آخر لحظة، مع الإصرار على البقاء في منطقة حساسة جدا وأحداثها متواصلة.

                                 سياسات التضييق على الصحفيين

وفي السياق نفسه؛ يبيِّن الصحفي هشام الشرباتي عدم ترحيب الاحتلال بالإعلاميين الفلسطينيين، لاسيما في البلدة القديمة بقوله “باختصار وجود الصحفي الفلسطيني غير مرغوب فيه من قبل الاحتلال، بسبب خبرته في البلدة القديمة ومعرفته بأدق التفاصيل فيها، ولذا يعمل على منعه دخولها والعمل فيها”.

ويعرض الشرباتي الذي عمل مع عدة طواقم صحفية لسياسات التضييق التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين، لتحول دون ممارساتهم لعملهم، من قبيل ما جرى معه مثلاً عندما رافق القناة الرابعة للتلفزيون البريطاني بالقول “عندما أرادت القناة التلفزيونية البريطانية تصوير عائلة الوزير سمير أبو عيشة في تل الرميدة، وطبيعة حياتهم اليومية في تلك المنطقة المعرضة لاعتداءات المستعمرين؛ طلب المخرج الأجنبي من الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال السماح لي بالدخول إلى بيت “أبو عيشة”، ولكن بعد ثلاثة أيام من الاتصالات التي لم تثمر شيئاً، كان القرار بترجمة اللقاء والحوارات عبر الهاتف لمدة تزيد عن أربع ساعات”. 

وأضاف الشرباتي أنه في اليوم الثاني اضطر الطاقم التلفزيوني للاستعانة بمترجم من فلسطينيي الداخل (الأراضي المحتلة سنة 1948)، ممن يحملون بطاقة صحافة من مكتب الصحافة الحكومي، وهي التي أوقف حكومة الاحتلال منحها للصحفيين الفلسطينين.

وإذا كانت الصحافة كما اشتهرت به عموماً مهنة المتاعب؛ فهي بالنسبة للصحفيين الفلسطينيين الذين يعملون في مدينة كالخليل يجب أن تُسمى بمهنة المخاطر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....