الجمعة 31/مايو/2024

وفود فلسطينية من أنحاء أوروبا تختتم بنجاح مؤتمرها الكبير في هولندا

وفود فلسطينية من أنحاء أوروبا تختتم بنجاح مؤتمرها الكبير في هولندا

حمل أطفال فلسطينيون مولودون في دول أوروبية عدة، مفاتيح كبيرة الحجم، تعبيراً عن إصرارهم على تفعيل حقهم في العودة إلى وطنهم فلسطين، رغم الاحتلال الذي قارب ستة عقود، منذ وقوع النكبة الفلسطينية سنة 1948. كانت تلك إحدى اللوحات التي تخللها المؤتمر السنوي الخامس لفلسطينيي أوروبا، الذي افتتح يوم السبت الخامس من أيار (مايو) في مدينة روتردام الهولندية، وتكللت أعماله بالنجاح بمشاركة فلسطينية حاشدة من شتى أرجاء القارة الأوروبية.

ونظّمت المؤتمر، الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، ومركز العودة الفلسطيني، والمنتدى الفلسطيني في هولندا، وبالاشتراك مع الجالية الفلسطينية والتجمع الفلسطيني وشبكة حق العودة في هولندا.

وقد تميّز المؤتمر الخامس الذي بلغ عدد الحاضرين فيه خمسة آلاف مشارك ومشاركة من شتى الأطياف، بتفاعل ملموس للمرأة الفلسطينية، علاوة على الشباب الفلسطيني من أنحاء أوروبا، وتضمن برنامجه كلمات الوفود ومداخلات الضيوف وندوة موسعة، ومداولات ومشاورات، وتخللت أعماله حلقات نقاش وحوارات تنسيقية بين المؤسسات والاتحادات والروابط، وورش عمل نسائية وشبابية وأخرى عامة وبلغات عدة.

شخصيات بارزة ووفود محتشدة

وقد استضاف مؤتمر فلسطينيي أوروبا الخامس، شخصيات فلسطينية بارزة، من داخل أوروبا وخارجها، من بينها قيادات من داخل فلسطين، علاوة على مثقفين وكتاب وإعلاميين وفنانين وقادة رأي ومشاركون من شتى مواقع الشتات الفلسطيني. كما شاركت في أعمال المؤتمر، الكثير من المؤسسات والجمعيات والاتحادات والروابط الفلسطينية من شتى أنحاء القارة الأوروبية، وواكب ذلك حضور واسع لوسائل إعلامية هولندية وأوروبية وعربية، وبمشاركة شخصيات هولندية بارزة.

وتقدم الشخصيات المشاركة في أعمال مؤتمر روتردام، القيادي الديني الفلسطيني البارز أسقف سبسطية المطران عطا الله حنا، والنائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور حسن خريشة، والوزير الفلسطيني السابق جودة مرقص، ورئيس المبادرة الإسلامية ببريطانيا محمد صوالحة، والناشط الحقوقي والخبير في شؤون الأسرى غسان صالح، ومدير مركز يافا للدراسات تيسير نصر الله، كما استضاف المؤتمر الأكاديمي والبرلماني المغربي الدكتور المقرئ الإدريسي.

وقد منعت سلطات الاحتلال رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري من السفر للمشاركة في أعمال مؤتمر فلسطينيي أوروبا، وهو ما لاقى تنديداً واسعاً من جانب الوفود المشاركة.

هنية يتحدث في المؤتمر

وكان من المقرّر أن يكون رئيس الوزراء الفلسطيني أبرز ضيوف المؤتمر السنوي الخامس لفلسطينيي أوروبا، الذي تم عقده بالتزامن مع حلول ذكرى النكبة الفلسطينية، ولكنّ الحصار المفروض على الحكومة الفلسطينية المنتخبة حال دون وصوله إلى المؤتمر. ومع ذلك فقد ألقى هنية كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر عبر الربط التلفزيوني (فيديو كونفرنس)، وسط تصفيق حار من الجمهور ناهز عدة آلاف ممن وقفوا تحية لخطابه.

ونوّه هنية في خطابه الذي قوبل باهتمام إعلامي وسياسي كبير في هولندا، ونقلته محطات تلفزة هولندية، بأنّ هذا المؤتمر ينعقد تحت شعار “برغم البعد والآلام .. شعب واحد وحق ثابت”، قائلاً إنّ “هذا الشعار يختزل الموقف الفلسطيني أينما وُجد”.

وقال هنية “ها هو الفلسطيني لا يزال يرفع الراية ويعيش على أحلام العودة التي هي حقيقة راسخة وهي آتية لا ريب فيها”، وأضاف “كنت أرغب شخصياً في الحضور لنكون على مقربة من إخواننا الذين لا زالوا يعيشون حب فلسطين رغم الغربة والبعد”. وتابع هنية قوله “كنت أود المشاركة حاملاً كلّ الحب والالتزام لفلسطين وأهلها حيثما تواجدوا”.

وسجّل رئيس الوزراء الفلسطيني شكره لأعضاء الحكومة الهولندية الذين طالبوا بتمكينه من الحضور إلى المؤتمر، وقال إنّ هذا “يدلّ على أنّ صوت العقل والضمير والتضامن معنا في ظل الحصار المفروض؛ لا يزال عالياً”، مكرِّراً شكره لأعضاء الحكومة والبرلمان الهولندي الذين وقفوا إلى جانبه.

ولفت إسماعيل هنية الانتباه إلى أنّ هذا المؤتمر “ينعقد في ظل ظروف صعبة وحصار ظالم امتد لأكثر من عام” على الشعب الفلسطيني، موضحاً أنّ “هذا الحصار يهدف إلى دفع الحكومة المنتخبة لتقديم تنازلات سياسية”. وتابع هنية قوله إنّ هذه المحاولات لم تنجح بعد أن تحمّلت الحكومة المنتخبة ومعها الشعب الفلسطيني الكثير، حتى وصلنا إلى محطة اتفاق مكة لنشكل حكومة وحدة وطنية تتمسك بالحقوق والثوابت وتحمي الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني”، وفق شرحه.

واستحضر رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، في نهاية الكلمة التي وقف لها الحاضرون مراراً للترحيب بها، أنه “في مثل هذا اليوم كان تحرير هولندا من الاحتلال النازي، لشعب رفض القيد”، مشيراً إلى أنّ “روتردام التي تحتفل باستقلالها من النازية تمنحنا القوة في العمل من أجل السير نحو استقلالنا، ونحن نعيش ذكرى النكبة”.

رئيس الوزراء الهولندي الأسبق يهاجم الحصار

وقد شارك رئيس الوزراء الهولندي الأسبق إدريس فان آخت، بقوة، في أعمال مؤتمر فلسطينيي أوروبا، وألقى خطاباً صريحاً، فنّد فيه الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية، وبررت بها فرض الحصار على الشعب الفلسطيني والحكومة الفلسطينية منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت في فلسطين في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2006.

وفي الخطاب الذي ألقاه؛ ندّد رئيس الوزراء الأسبق إدريس فان آخت بالحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وحكومته، مفنداً المرتكزات التي جرى تبرير ذلك الحصار بها، من جانب اللجنة “الرباعية”. وتصدّى فان آخت لكل من تلك الاشتراطات الثلاثة، مشدداً على أنها تقوم على معايير مزدوجة وتتنافى مع مبادئ التوازن والحياد والعدل، وتمثل انحيازاً سافراً لصالح حكومة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني والحكومة التي اختارها بطريقة ديمقراطية.

وحذّر إدريس فان آخت من أنه “بينما كل عنف فلسطيني يتم وصفه بأنه عمل إرهابي؛ فإنّه لا يجري بالمقابل نعت الأعمال الإسرائيلية العنيفة بحق الفلسطينيين بالإرهاب، فهي مهما كان عدد ضحاياها ليست إرهاباً”. وعلّق على ذلك بالقول إنّ المعادلة القائمة بموجب ذلك تتمثل في أنّ “العنف بالأسلحة البدائية هو إرهاب، أما العنف بالأسلحة الحديثة المتطورة فليست إرهاباً” مهما بلغ عدد الضحايا المدنيين التي يسقطون جراءها، مبدياً استهجانه الشديد لهذا المنطق.

وفي ما يتعلق بالموقف الغربي من التعامل مع حركة “حماس” التي تقود الحكومة الفلسطينية وفازت بالأغلببة في الانتخابات التشريعية؛ أكد إدريس فان آخت أنه “دون الدخول في مفاوضات مع من انتخبهم الشعب الفلسطيني لا يمكن الوصول إلى اتفاق سلمي”، معيداً إلى الأذهان بعض المواقف التي دعا أصحابها إلى ضرورة الاتصال مع “حماس”، مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وحتى وزير خارجية حكومة الاحتلال الأسبق شلومو بن عامي.

وشدّد فان آخت تنديده بالحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، ذاهباً إلى حد القول إنّ “الفلسطينيين البريئين يتعرضون للمعاملة كالحيوانات على أساس أنهم مجرمون لأنهم صوّتوا لحماس”، وعقّب على استنتاجه هذا بالقول “بالفعل إنّ زعماء الغرب مجانين، فهم يتصرّفون بجنون”.

وفي ما يتعلق بمؤتمر فلسطينيي أوروبا الخامس، الذي ينعقد في مدينة روتردام، فقد أشار رئيس الحكومة الأسبق في خطابه إلى أنّه “منذ العام 2003 يقيم الفلسطينيون الذين يعيشون في أوروبا مؤتمرات لبحث مستقبل شعبهم وبلادهم”.

وفي ذكرى تحرير هولندا من الاحتلال النازي؛ اختتم رئيس الوزراء الهولندي الأسبق خطابه بعبارات ساقها بعاطفة جياشة، أعرب فيها عن “مناشدة كل من لديه استعداد لأن يسمع، كي يبذل الجهود حتى يكون ذلك اليوم هو بداية لتحرير الشعب الفلسطيني”.

المطران حنا: بالوحدة نقاوم الاحتلال

أما القيادي الديني الفلسطيني البارز، المطران عطا الله حنا، فقد شدّد على ضرورة إنصاف الشعب الفلسطيني وأهمية الوقوف إلى جانب حقوقه الثابتة، مؤكداً أنه جاء إلى مؤتمر فلسطينيي أوروبا المنعقد في مدينة روتردام الهولندية، كي يقول ” للقاصي والداني: لا تنازل، لا تنازل، لا تنازل”.

وخاطب المطران حنا حشوداً فلسطينية قادمة من أنحاء القارة الأوروبية بلغت خمسة آلاف مشارك ومشاركة من ثلاثة أجيال “يسعدني جداً أن أكون معكم في هذا العرس الفلسطيني، لكي نؤكد معاً وسوياً أننا متمسكون بعدالة قضيتنا، متمسكون بثوابتنا الوطنية، متمسكون بالقدس عاصمة لدولتنا الوطنية المستقلة، ومتمسكون أيضاً بحق العودة الذي لا يقل قدسية عن حقنا في القدس”.

وتابع المطران حنا كلمته فقال “إنني أشكر كل الأخوة القائمين على إعداد هذا المؤتمر، على حسن التنظيم وعلى الضيافة المتميزة، وعلى هذه الأصالة التي تعبِّر عن شعبنا وحضارته وثقافته وتمسكه بمقدساته”.

وتحدث حنا إلى آلاف المحتشدين في مركز المؤتمرات الكبير بروتردام، وقال “أحييكم جميعاً باسم مدينة القدس، باسم الأقصى والقيامة، باسم وحدتنا الوطنية في أرضنا الوطنية، وبها نقاوم الاحتلال ونقول لا وألف لا للاحتلال والاستعمار في أرضنا وقدسنا ومقدساتنا”.

وأكد المطران عطا الله حنا، “أنّ التضامن مع الشعب الفلسطيني هو واجب أخلاقي وواجب إنساني. وإنّ كلّ من يتضامن مع الشعب الفلسطيني إنما يعبِّر عن إنسانيته وأخلاقيته. وإنّ كل من لا يتضامن مع شعبنا الفلسطيني، بل والأسوأ من هذا يتضامن مع الاحتلال؛ هو فاقد للحضارة، فاقد للقيم، فاقد للأخلاق”. وقال “أعداؤنا يريدون الموت للشعب الفلسطيني، يريدون تصفية القضية الفلسطينية، وقد جئت لأقول للقاصي والداني: لا تنازل، لا تنازل، لا تنازل”.

وفي ما يتعلق بموضوع الوحدة العضوية للشعب الفلسطيني في شتى مواقع انتشاره، قال القيادي الديني “نحن هنا لكي نعلن باسم هذا الشعب، بأنّ شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج؛ هو شعب واحد”.

ولفت المطران حنا الانتباه إلى أنّ “تاريخ الشعوب لا يقاس بعشرات السنين، فلسنا على عجلة من أمرنا لكي نقبل بحلول استسلامية، بحلول غير منصفة”. وقال حنا في هذا الشأن مضيفاً “لا نريد اتفاقيات أو معاهدات لا تعيد الحق كاملاً إلى أصحابه”.

وطمأن المطران حنا الجماهير الفلسطينية في القارة الأوروبية وقال “لا تخافوا؛ فنحن أصحاب قضية عادلة، حتى ولو اتهمونا بأننا إرهابيين”، مستدركاً بالقول إنّ الإرهابي الحقيقي هو من يمارس الاحتلال والعدوان والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ويعتدي على المقدسات.

وخلص المطران عطا الله حنا إلى الإعراب عن ثقته بأنّ الشعب الفلسطيني سيتمكن من تحقيق النصر والحرية، وقال “إ

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات